-1-
كوني من تكوني….
ستذكُرينَ يوماً …
يا عَزيزَتي….وسَتَعودين…
فَغَادِري…..إلى ما شِئتِ مِنَ الأماكِن…..
وهاجِري…إلى حَيثُ طابَ لكِ …
فَلَن تَنفَعُكِ الأسفارْ……
أحِبِّي….ما شِئتِ.. كَما تَشَائين…
ومَن تَشائين….إحتَرِقي…..اعصِفي….
زَمجِري كَما الإِعصارْ…..
إفتَحي الأبوابَ…
واقتَحِمي قُلوبَ مَن رَغِبتِ….
نامي في الحدائقِ….
إختالي كَفَرَاشةٍ بَينَ الأزهارْ….
أسكُني القُصورَ ما أحبَبتِ….
زَيِّني تيجَانَ المُلوكِ ما مَلَكتِ….
إجعَلي عَينيكِ مُتَّسَعاً للظِلال..
وغاباتِ الأشجارْ…..
أسكِنيها ماءَ البحرِ الأزرَق….
والسُّفُنُ الغارِقَةُ….
وبَقايا مُهاجِرينَ مِثلكِ ماتوا….
أو صُلِبوا وما عَنهُم أخبارْ…..
عيناكِ…تَجاوزتا قِبابَ الكونِ…
سَكَبَت كُؤوساً للسِّحرِ….
وَنوراً للأقمارْ…..
كوني مَن تكوني..
واهزِمي كُلَّ جُيوشِ العالمِ….
أهرُبي…واختَبِئي ألفَ عام…
فلَن تَجِدي نَفسَكِ إلاَّ بَينَ يَدَيَّ…..
وبَينَ أصَابِعي….
تَلقِينَ ما خَبَّأتهُ لكِ الأقدارْ…
-2-
أنتِ لستِ البحرَ…..
أنتِ…. لستِ البحر…..
وانا….لا أعرفُ معنى البحار….
أنا…….سِرٌّ صغيرٌ…
وانتِ…مَنبَعُ كلَّ الأسرار….
كنتُ…….مَوقداً صغيراً….
وكنتِ…..أنتِ فيهِ النار….
كنتُ…….كحديقةِ اطفالٍ…
وكنتِ……كلَّ الفراشات….وكلَّ الزوَّار…..
يا كثيرةَ الحَيرَةِ والسؤال….
يا نَجمَةً تائهةً في كلِّ مَدار…..
أنتِ.. الصخرةَ والجلمودَ….
والكتلَ الصَّلبَةَ…
وانتِ الإنصهار….
انتِ…… متمرِّدةٌ بغيرِ تَمَرُّد….
أنتِ …..قَدَري والمِقدار….
أنتِ……. العطاءُ … وأنت الظُّلمُ….
وأنتِ….. الغُفرانُ…وكَرَم الإستغفار….
أنتِ…..العاصفةُ والرِّيحُ…..
وأنتِ…. سكونُ اللَّيلِ….
وأنتِ….. هدأَةُ الإعصار….
أنتِ…..عَدَمٌ…. ووجودٌ….
أنت….الفَراغُ… وأنتِ…
إبداعُ الله…
حينَ وضعَ الشمسَ…
وحينَ حدَّدَ المسار…
-3-
أَعُودُ إليها…..
لا حُلُمَ لي….
سِوى الحُصُولِ …على طَريقٍ…
للحَجِّ إلى عينيها….
رُبَما….تَتَحَقَّقُ بعضَ أحلامي….
فَأَحلُمُ بالنَظَرِ…لِمَن قَتَلَني….
لِمَن ماتَ…سَرِقَةً وَغَدراً…..
لِمَن…كانَ يَخَافُ بأن يَحلَم….
كانَ بَعضُ الشيءِ يُشبِهَني…
عِندَما….يَلعَن…وَيَبكي….
عِندَما….يَسكَر… ويُغَنِّي…..
فَيَرقُصُ…حُزناً كاللّيلِ….
كما لم يرقُص أَحَدٌ مِن قَبل….
أحلُمُ …. لِمَن كانَ خُرَافِياً….
لِمَن لَم يُوجَد ابَداً….
خُرَافياً….كآلِهَةِ الإغريق….
يَتَحَدَى بِجُنونٍ….عَبَثِيَّة الحياة…..
فهَل يَغِيبُ اللّْيلَةَ عن حُلُمي….؟؟؟
كَما يَتَغَيَّبُ دَوماً….!!!
وَيَترُكَ لي….لا شَيئاً….
سِوى قَحطَ الذاكِرَةِ..
سِوَى رَماد المكان…..!!!!!
فَما هُوَ اسمُ المَوتَ
عِندَما يَكُونُ بيَدَيها….؟؟؟
لا أَدري…..
رُبَّما…لَم أنَم قَطُّ….ولَم أحلُمَ بها…..
رُبَّما…أبحَثُ بِفُضُولٍ عَن امرَأةٍ
تَبتَسِمُ لِسُؤالي….
وتشعُرُ ..بالرَّغبَةِ بالإجابَه….
فَلا يَعودُ هُناكَ مِن رَغبَةٍ للحَنينِ…
وَأعُودُ إلَيها….
-4-
وأنا أُبالِغُ بالتَنَاسي……
وأنا أُبالِغُ بالتَنَاسي ….
كي أرَاكَ….بكلِّ وَقتٍ…..
في الوُجُوهِ العَابِرَه….
إنَّ التَنَاسي….
ليسَ غَير…..
تَحَرُّشٍ بالذاكِرَه……
نَبشٌ مِنَ الأعماقِ…
كَي تَبقى…
أمَامي حاضِرَه…..
في كلِّ سَعيٍ….
نَحوَ تَقبيحَ اللِّقاءِ….
هُنَاكَ….
حُلُمٌ باللِّقاءِ ….مُبَطَّن….
وهُنَاكَ…..
تارِيخٌ طَويلٌ ….
مِنْ حَنينٍ….مِن شُموعٍ….
مِن…دُموعٍ حائِرَه….
وكَأَنَّ كلَّ مُحَاولاتي…
مِنْكَ…..فِيكَ….إلَيكَ…
تَأخذُني…
لِنَفسِ الدَائِره…..
وَمَشَاعِرِي…
هَلْ تَعرِفِينَ
مُعَذَّباً مِثلي….
أَضَاعَ مَشَاعِرَه….؟؟؟؟
-5-
يا صاحبي قُلْ لَهُم…..
يا صاحِبي….
الّذي لا يُرِيدُ مِنِّي شَيئاً….
تعالى…..
وانظُرْ رَقَبَتي…..
لقَدْ آذاني الرِفاقُ….
مِنهُم….. مَن يَجذِبَني مِن يَمِين….
ومنهم… مَن يَجذِبَني من شمال…..
ومِنهُم….مَن يجذِبَني مِن وَرَاء …..
ومِنهُم….مَن يَجذِبَني مِن تحت….
وأنا بَشَرٌ ضَعيف…..
لا أَملِكُ لنفسي…
نَفعاً ولا ضَرَّا…..
قُلْ لَهُم….
لِيَفلِتوا رَقَبَتي….
قُل لَهُم…
ألاَّ يُطفِئوا شَمعَتي….
-6-
كان موعِدنا….
في مثلِ يومٍ كهذا….
كانَ موعِدُنا…..
في مثلِ ذاكَ الفراق…
كان موعِدُنا……
في آخرِ مرةٍ إستوقَفَتني …
فيها عيناك….
هُنا….
كانَت صورتُكِ…
تُلاحٍقَني….تُفاجِأَني…..
تُسَمِّرَني….أمامَ إطارٍ….
ضَمَّ صُورَتكِ….
لأقرأَ صامتاً شَفَتَيكِ….
مُرتَبِكاً….أقرأُ عينيكِ…..
كأَنِّي أتَحَدَّثُ إليكِ….
أو رُبَّما…صورتُكِ تُكُلِّمني …..
أيُّ صُدفَةٍ غريبَةٍ هذه…. !!
وبعدَ تلكَ السنين….
أن أَجِدَ صورَتَكِ أمامي….
تَحجِزُ لي مَوعِداً …
في دفترٍ لا أُجِيدُ قراءَتَهُ…..
أيُّ حَمَاقَةٍ أرتَكِبُها…..
أن اقِفَ مَذهولاً….
أمامَ مُجَرَّد إطارٍ….
مُجَرَّدَ صورة…..!!!!
.أيَّةُ حَماقةٍ….تَجتاحُني…؟
رأساً على عقبٍ تَقلِبَني….
لا بُدَّ أن ارتَبِكَ….
ولا عَجَبَ إن اعتَرَت
تِلكَ الرعشةُ ثانيةً جَسَدي….
شيءٌ ما….
يُحاولُ الهروبَ مِن جَسَدي….!!!!
أن يُسَافرَ إليكِ ليقولَ لي..:
أنَّهُ كانَ أنتِ…..لا صورَتَكِ….
-7
بائعُ الحُبّ….
أبيعُ الحُبَّ….
أبيعُ السعادةَ….
وهذهِ….
مِهنَتي في الهوى….
أقراُ الفرحَ..
في عيونِ العاشقين…
وأُلَمّلِمَ …
احزانَ الهائمين….
أعجِنُها بِدَمي…
وأنثُرَها…
ورداً ورياحين….
كلُّ وردةٍ لعاشقٍ….
اسمعُ همساتِ المُحِبّين….
من سُطُورِ رَفَّاتِ العيون….
والهدبَ الجريحَ أُنادي…
يا مَعشرَ العُشَّاق…..
واللهِ إنَّ العِشقَ…
لأَجمَلَ لحَظاتِ
الزمَنِ المَرِير….
ما فاضَ من قلبي مِن عَبَثٍ…
إنَما…..
أضناهُ عِشقُ المُحِبِّين……
-8-
إنِّي لَطَيِّبُ القلبِ……
إني لطيبُ القلبِ….
افرحُ لو تُلقي…على القلبِ نظره….
كما يلقي الندى…
على الزهر التحيَّه…..
أزهو….لو رميتي …
على اعتابي قبله…..
كما يُوَفِّي…
صاحبُ العهدِ بالعهدِ…..
خذي مني ضِيَاءَ القمر…
اعبري بي….مسافاتِ العُمُر…
سابقي شمسي …
قبلَ بلوغِ الفَجر….
خذي صَفوَةَ أيامي….
لكن…لا تقتلي أحلامي….
لا تزرعي الأشواكَ في دربي…
واتركي لعيني… باقةَ الوردِ…..
أنت ادرى بالّذي يجري….
وأنّكِ صاحبَةُ القلبِ في صدري….
حبستُكَ دماً في نَحري….
فأنا برغمِ الألمِ…
لم يَزَل اسمُكِ غِناءَ ثغري…..
-9-
التوقيع…….
حينَ أفرغُ من كلِّ شيء….
ثُمَّ أَقَعُ مَيّتاً …….
إغراقاً…وشهوةً….
أُريد ُ أن أرسُمَ….
جُسُوراً…. وقِبَاباً هذه المَرَّة…
رُبّما….نساءاً بملاآتٍ سوداء….
رُبَّما….مُثَلّثاتاً بيضاء…
ربما….عيوناً لامِعَات….
كاذِبات…واعِدات….
فاللونُ الأسودُ …… كاذبٌ….
واللونُ الابيضُ……..كاذبٌ…
وقد لا أرسُمُ….إطلاقاً…..
وأموت …. هكذا…واقفاً….
عارياً من الرسمِ…
عاجِزاً أمامَ لوحةً بيضاء…
فهل هُناكَ أرقى من التوقيعِ
على مساحةٍ بيضاء…؟
ثُمَّ اتسلَّلُ على اطرافِ الأصَابعِ….
دونَ أن أفعَلَ شيئاً…..
دونَ أن أُوَقِّعَ …..
وحدَها الأقدارُ…..
تُوَقِّعُ حياتَنا…..
وَتَفعَلُ بنا ما تشَاء……
-10-
عندما كنتُ أنتظرُك…..
للبيوتِ أرواح….
وللطرقاتِ أرواح….
للأشجار أرواح….
لأشياءكَ اللّصيقةَ بكَ ارواح….
للأزمانِ أرواح….
وللذكرياتِ أرواح….
أمّا الناس….
فسبحانَ مَن خلَقَهُم على شِدَّةٍ
في تفاوتِ الروح….
فمنهُم المُنطَفيء…..
ومِنهُم….المُتَّقِد كقنديل….
ومنهم العابرُ الخفيف….
ومنهم مَن تعلقُ روحكَ بروحِهِ….
فيكبرُ الحنين…..
إلى هُنَاكَ حيثُ لا أحَد…..
لا شيءَ….سوى بقيةُ احلامٌ غابره….
إلى هناك….
تحملُني ..الآنَ الريحُ العاتيه…
وأظلُّ وحيداً…
كنَخلَةٍ في اليبَاب….
لا أُزهرُ سوى الخيبه….
إلى هُناك….حيثُ لا أحَد….
وأنا المُتعَبُ….مثلُ زورقٍ على يَبَس…
ولا نهرٌ….ولا ماء….
إلى هُناك….حيثُ لا أحَد….
وأنا….حزينٌ لأجلك….
لأنَني …عندما أرحل….
سيكونُ حُزنَكِ مثلَ حزني….
عندما كنتُ ….
أنتظرك ولم تأتِ……
# الشاعر أنور مغنية / طيردبا / جنوب لبنان
” وهُنَاكَ…..
تارِيخٌ طَويلٌ ….
مِنْ حَنينٍ….مِن شُموعٍ….
مِن…دُموعٍ حائِرَه….
وكَأَنَّ كلَّ مُحَاولاتي…
مِنْكَ…..فِيكَ….إلَيكَ…
تَأخذُني…
لِنَفسِ الدَائِره “…..
ما أبلغ هذه السطور الغنية، على قصرها، بالمشاهد .
هي تلخيص بديع لحكاية طويلة فيها البداية والنهاية، ولم يبق إلا (السِّتار) .!
تحياتي 🌺