بقلم الكاتبة والأديبة الفلسطينية زهيرة زقطان :
1-
على شاطيء سورية القديمة رست سفن الإغريق
في صيف 1982
المرأة التي تنتظر السفينة على شاطيء طرطوس
تعرف أن الفتى لم يركب السفينة ،
المرأة ،
كانت تنتظر عائدا يحمل أمانته إليها ،
حصته من أرز النساء على شعر الخارجين من
الحصار.
وماتبقى من
كف ثقيلة مرقومة بالسجائر
والشظايا
ورغبة حصان
لنوم عميق.
2-
امرأة بلا كتف آمن ، وبلا منسأة نبي تتكىء اليها
امرأة تائهة لا تنام ،
أين ستحط رأسها الأبيض؟
امرأة بلا وسائد، وشعرها أبيض،
وحبيبها ميت،
أضاعها الحب،
ثم أضاعتها الحرب،
ثم أضاعتها الهزيمة في الحرب،
امرأة لم تنتصر،
رأيتها في الجنازة
تتقلب في نص قلق عن الموت،
كي لا تنام.
3-
ل- لا أحد يقف بقدم ثابتة على شاطيء سورية القديمة-
الباعة الذين تدفقوا على ساحل سورية القديمة ؛
أخذوا معهم (هيافي الأوغاريتية)؛
أختي التي تكبرني ؛
كانت نائمة بقميص نومها حين وصل الباعة باب غرفتها ؛
ومطمئنة أن المركبات تحت نافذتها جاهز زيتها ؛
ذهبت بقميص نومها أختي ؛
وحيدة مشت خلف باعة جاؤوا من الأناضول ؛ تاركة حذاءها
على درج الفضة ؛
فارغة أصابعها من خواتم النحاس ؛
تاركة أيضا تحت وسادتها ورقة قديمة بختم الملك ؛
إنها هيافي ابنة الساحل العربي
( حرة ونقية كالشمس ).
كانت مطمئنة ووحيدة ونائمة ؛
وهواء أبيض يعبر من النافذة إلى مخدَّتها
هواء كثيف ؛
كلما مدَّت يديها تقطف البياض، يتدفق الهواء بكثافة أكثر
ويفيض في يديها ،
كانت تحلم؛
بما كانت تحلم أختي وهي تنام وحيدة؟
ولا أحد في البيت يحرس أحلام البنات بقدم ثابتة؟
ومركبات الملك نائمة لم تكن جاهزة تحت نافذتها ،
الغرباء الذين تدفقوا على ساحل سورية القديمة وصلوا إلى غرفتها ،
إلى بابها المفتوح ، إلى الشاطىء الفارغ من البحارة والحراس
والمعبد مغلق في أعلى الجبل ،
مشت أختي بقميص نومها خلف باعة جاؤوا من الأناضول،
دون أن تلتفت خلفها،
لم تر أختها الخائفة التي لا تلوّح لها باليدين
لم تر أمنا – الآدومية – تتكئ على باب معبد مغلق
بلا هدأة بال،
لن ترى صمت ميتتين يتكئن على أدعية ميتة
بلا هدأة بال.