ألمْ يبقَ في كلماتِنا سوى النحيبِ والبكاءِ ومطولاتِ الرثاءِ والتحسُّرِ على ما تهدَّمَ من عمرِنا وبيوتِنا وأحلامِنا المصدعةِ منذ عقودٍ مِن الزمنِ ونحن نتفرَّجُ مذهولين صامتين ومشاركين في الجريمةِ بشكلٍ أو بآخر…
ألمْ يبقَ في عيونِنا سوى دمعٍ يابسٍ تعوَّدْنا أن نذرفَه نن على منابرَ استعراضيةٍ نرَوِّي به غبارَ ودماءَ المحطاتِ المُوجِعةِ التي مرَّتْ بها قطاراتُنا المُحمَّلةُ بالقلقِ والخوفِ والهزيمةِ دون أن تستطيعَ دموعُنا تلك غسلَ حائطٍ واحدٍ مِن مساحةٍ ولو صغيرةً مِن تلك المحطات…
ألمْ يبقَ في أصواتِنا سوى الهمسِ الخجولِ في الأقبيةِ والجلساتِ الضيقةِ حائرًا مرتبِكًا مُلوَّنًا بالزَّيْفِ والتملُّقِ يحملُ الشيءَ ونقيضَه…
ألمْ يبقَ لخطواتِنا سوى المراوحةِ في دوائرَ ضيقةٍ ومقفلةٍ لا تقودُ دروبُها إلى مكان…
وأيْنُ غارتْ ينابيعُ الغضبِ التي تتفجرُ بين جدرانِ البيوتِ وفي الساحاتِ المُظَلَّلَةِ بالحذرِ والحِيطة…
وكيف يخمدُ هذا الجمرُ الذي نُؤججُه لإشعالِ حرائقَ لا تقودُ إلا إلى التهامِ ما اخضَرَّ مِن عشبٍ وزهرٍ في فسحاتِ يومياتِنا وفوق بعضِ الأكفِّ المبدعةِ المعطاءة…
وأيُّ كرامةٍ بقيَتْ لنا، والأقربون الذين أوليناهم امورَنا وامانيَنا ومفاتيحَ بيوتِنا ينتهكون أغلى ما نملكُه من إنسانيتِنا،
حريتنا …سعادتنا… أحلامنا… مدخراتنا… ورغيف خبزنا…
# الكاتب نصر الظاهر/ صور / لبنان