قالوا اعتذِرْ لبنانُ ليس مِنَصَّةً
للشامخينَ محبَّةً وعطاءَ
فاخفضْ جَبينكَ للذينَ تبوَّأوا
عرشَ البلادِ وسَبِّحِ الزُّعماءَ
وأنا الذي شربَ الحليبَ على الهوى
والزنبقَ البَريَّ والأنداءَ
إنِّي ابنُ أمٍّ أرضعَتْني عهدَها
أن لا أخونَ القِمَّةَ البيضاءَ
يا من نسبتَ إلى الغرورِ مواقفي
هيَ كبرياءٌ كالغرورِ تراءَى
أهلي كرامُ الضادِ مَن بفِعالهم
جعلوا السماءَ من السموِّ سماءَ
أنا أمَّةٌ من نسلِ آدمَ حُرَّةٌ
قامتْ تعلِّمُ بعدَهُ الأسماءَ
من معشرٍ جبَلوا الترابَ بدمعهم
خَضَبوهُ فوق رؤسهم حنَّاءَ
إن جعتُ أسلخُ لقمتي من صخرةٍ
ومن الجذوعِ اليابساتِ الماءَ
وإذا شكوتُ من الهمومِ فنظرةٌ
في سهلِ عشبٍ تكشفُ البأساءَ
وإذا مرضتُ فقطرةٌ من نرجسٍ
تشفي الأسى ومن العبيرِ دواءَ
يا صاحِ دعْ عنكَ التملُّقَ وابتسِمْ
ليس المُكرَّمُ والذليلُ سواءَ
جبلٌ كجَدِّي ما وقفتُ أمامَهُ
إلَّا انحَنيتُ مهابةً وحَياءَ
مَن نحنُ ؟ نحنُ السائرونَ بِنُورهِ
ويرى الأنامُ بِنُورنا الأشياءَ
لم يبرأ الرحمنُ كونًا غاويًا
إلَّا وزدنا كونَهُ إغواءَ
نَهَبُ الغنى من روحِنا وخيالِنا
ونظلُّ رغمَ ثرائنا فقراءَ
فارفعْ يديكَ إلى السماءِ تضرُّعًا
ربَّاهُ عفوكَ بَاركِ الشعراءَ
#(الشاعر د. محمود عثمان / طرابلس / لبنان )