الجميلة لا تحتضر
..
هذي الجميلةُ أذيال من العثرِ
بيروت قوَّادُهم ناداك فاحتضري
..
وإنْ تكوني بكعب قد علا قَدَماً
والبحر عن كعبك العالي لفي قِصَرِ
..
إن لم تعيشي احتضار الانفجارِ
بمرفإٍ إليكِ
فعند المرفإ انكسري
..
فأنت محظيَّة التاريخ
مملتئاً بسيرة البطلِ الآتي
بلا صورِ
..
البعض يدعوك من فرط الجمالِ
ومن تحرشَّاتٍ من الشذَّاذِ
فانتحري
..
والبعض نادى
جمال الخصر مرفأه البحري
من ردفِهِ المحموم
فانفجري
..
أنا أقول ..
فمجد العرب مُحتضِرٌ
تاريخهم لاختزالاتٍ كمُختَصَرِ
..
توسَّعي
قدرَ حجمِ الانفجار
ومن عدِّ الشظايا
وضمِّ العُرْبِ للخفرِ
..
ما غيرُ بيروتَ
ضُقنا وهي واسعةٌ
وكم خنعنا
ولم تخلعْ إلى الكِبَرِ
..
الانفجارُ الذي قد هزَّ مرفأها
شدَّ الموانئ ..
لا تَبْقَيْ على سفرِ
..
دم الضحايا ..
ينادي البحر
صرتُ أنا مداد ربِّي
وردفي أنتَ في الأثرِ
..
لن تُهجرَ الآن بيروتٌ
ورحلة أهليها لداخلها
جبراً إلى الضررِ
..
وكتلةُ النارِ
إنْ تعلو علامتها إلى السماء
انتهتْ للردم في الحفرِ
**
بيروت ..
يا غيرة الأعراب منكِ
ويا إفلاسهم رغم ما يحوون
من صُرَرِ
..
بيروتُ
أنت الكتاب البكرُ
طبعته قد جُدِّدتْ عن قديمٍ
جاد بالصَّدَرِ
..
ما أنتِ من شارعِ الحمراءِ غانيةٌ
بل أنتِ مكتبةٌ تغفو بلا سُرُرِ
..
توكَّأتك عقولٌ كلَّما سُحِقَتْ
جاءتْ إليكِ لتعلي شأنَ مُحتَقَرِ
..
من بعد مرفأكِ المسكون وَقْدَ لظىً
إنَّ الفساد غدا من أخطرِ الشررِ
..
لابدَّ أن تصبحي للعُربِ عاصمةً
لبنانُ لابد يغدو موطن البشرِ
..
لا ألف مزرعة في الشكل وارفةٍ
عند التحاصُصِ
قالوا: ليس ذا ثَمرِ
..
لبنان بعد انفجار البحر
مشتعلٌ بالماءِ
والنفس الباقي من النُذُرِ
..
والناس ظنَّت رفاه الأمسِ
مشهدها في اليوم
ثمَّ خيالٌ غير مندثرِ
..
لم يعرفوا الفقرَ
بل كانت شياكتَهم في الضدِّ
من شكلِ محرومٍ وَمُفْتَقِرِ
..
بيروت هذي ملاذ الساهرين بها
لم يركب الفقرُ فيها رفقة السهرِ
..
إمَّا تعود لأمس لا يغادرها
أو أن تعيش الغد الآتي بلا حذرِ
..
فتسقط الزعماء الفاسدين ألا
في ليل بيروت شاؤوا مدفن القمرِ
..
# ( الشاعر سلمان عبد الحسين / البحرين )