..ينشر موقع ” ميزان الزمان ” وقائع الحوار الشيٌق مع الشاعر مردوك الشامي ( رئيس ملتقى حبر أبيض ) الذي جرى على صفحة الملتقى بمشاركة عدد كبير من المثقفين والإعلاميين الذين طرحوا أسئلتهم عليه من كل حدب وصوب .
هذا اللقاء الشامل أعدّته ونسقته الكاتبة تنديار جاموس ..وهنا الحوار الكامل :
مردوك الشامي ضيفاً على حبر أبيض:
الوطن الوحيد لكائن مثلي هو القصيدة .
1
إعداد : تنديار جاموس
- بيروت اليوم بكل نقائضها وانكساراتها، لا تزال تكتب، وتقرأ ، وستكون قادرة على كسر الأقفاص.
- في لبنان اليوم شعراء محكية هم الأجمل من كل شعرائها الذين
مروا من قبل. - أصغر شرطي عربي قادر على جرجرة ألف شاعر إلى الزنزانة.
- المطلوب من الكتابة اليوم إعلان الحقيقة ، المطلوب منها ممارسة الصراخ ولو كان ” لا حياة لمن تنادي “
- الشاعر كائن عادي تماما ، وعبقر الشعر وجنيات القصيدة مجرد خرافة لا أكثر .
- الشاعر الحق يكون الفارس والقائد ولا يخشى أن يكون المصلوب.
عن السؤال الخارج على الرحى..عن المنازل المرصوفة في الهوامش..
عن حواجز القصائد، إذ تمني بالهوية وتراود عن..عبور
عن الحبر ” المكر المفر المقبل المدبر”عن الجرح بكامل انحيازه للعناد..
عن المزاج الحر معمدا في نهر المجاز…عن اصطفاف الرؤى والتباس المعنى في فوضى المنافي..عن الكتف المؤثث بالكناية والصهيل..عن الحناجر ..في رجل!! وبالأصالة عن كل هذا الاشتباه
افتحوا قوسين :
( ها يطل الحبر مجردا إلا من بياض)
مردوك الشامي مهووس آخر في برية الشعر/الوطن
هذا السبت نستعير منه الظل ونمنحه ” الميكرو” ليكون الصوت والضوء
أيها الأب الروحي،فلتمسح على رأس فضولنا ولتعطنا من زاد قلبك شعرا وكثير نبض..
الشاعر القادم من كواكبه البيض، المترجل توا عن صهيل الوجع ، الرجل الإشكالي والقصيدة المتمردة: مردوك الشامي
مؤسس حبر أبيض ونوافذ أخر..أهلا وسهلا بك
حنان فرفور
مردوك الشامي:
أطيب حصادٍ لكل هذا العمر أن أحظى بأصدقاء وشركاء يحملون بياض القلب والحبر ، يحملون رسولية القصيدة ونقاء الرؤيا ، كل الشكر حنان فرفور ، تنديار جاموس ، عصمت حسان، مارون أبو شقرا، مارون الماحولي، كل الشكر لكل الأحبة يتشاركون معنا اللقاء بكل ثقة وحب..
مساؤكم أبيض كقلوبكم، وعساي أكون عند ثقتكم ومحبتكم التي لا تقدر بثمن.
Habib Younes- عزيزي مردوك: ثمة منحى في قصائدك إلى تضمينها أساطير، كأني بك بابليًا سومريًا يونانيًا… فرعونيًا. ما وظيفة الاستعارات الأسطورية في قصائدك؟
بداية كل التقدير لك أيها الحبيب وأنت تفتتح بوابات الأسئلة وبسؤالٍ كشّاف يقود إلى شرفات مفتوحة على ما وراء الزمان والأمكنة.
أدري أن والدي زرع بذرتي الأولى في رحمٍ سوري لوالدة منذ عرفتها أدركتُ أكذوبة الانتماءات العابرة..
في كثير من الأحيان ومنذ يفاعتي كنت أشعر أنني أنتمي لأول “جبلة طين” ، ذاك الطين الذي كان الأسطورة الأولى ، ومن خلالها تشكلتُ كائنا بشريا، وعصفورا، وذئبا وشجرة ..
ومن خلالها كنتُ كلَّ ماذكرتَ، بابلياً وفينيقيا وفرعونيا وسومريا ويونانيا ، كنت كل تلك الإنتماءات العابرة ، لأنني على اختلافها إنسان، والإنسان الحقيقي ، في نبضه كوكب وشعوب وكائنات ومجرات بلا حصر.
وحين يتسرب إلى بعض شعري إشارات أسطورية يكون الأمر كصوتٍ وصدى ، ولعل شعراء العربية منذ السياب ، ومنذ جماعة مجلة شعر على اختلافهم تأثّـرا ربما بالأرض الخراب وتوماس ستيرنز إليوت، نحونا إلى مدّ أيدينا إلى واحات الأسطورة الواسعة باختلافها بين الأساطير العربية والعالمية ، وهي في النتيجة نشكل قيمة كبيرة للتراث الإنساني، قد يتقاطع بعضها مع الخرافة، وقد يتسلق بعضها حبال الأعالي والمنزل والذي أراه بمعظمه لا يخرج من عباءة الأساطير.
أنا في المسرح الشعري قدمت الأسطورة من خلال أدونيس وإيزيس وصيدون، وأورنينا ، كنت أحتاج لأبطال ليسو موجودين في الواقع، فاستدعيتهم، وأسقطت حكاياتهم مع كثير من التعديل على واقعنا المعاصر.
خليل حاوي كتب عن أهمية الأسطورة الشعبية والتي تتجلى في تولي الشاعر القدرة على الإشارة السريعة للأحداث دون سرد أو تقرير ، فتستحيل إلى رمز وصورة كلية ، تشيع في مفاصل القصيدة وأجزائها وتضمن لها صفة التماسك الحتمي والوحدة العضوية ، كما تيسّر للقارئ سبيل المشاركة في تجارب الشاعر فتضيف إلى حسّه بالدهشة والغرابة ، حسّه بالألفة حينما يدخل عوالمه. وبالتالي فالأسطورة أداة وليست غاية في حدّ ذاتها، أنا فعلت في كثير من قصائدي ذلك ، سطوت على خزائن الأمس، لأن خزائن الحاضر خاوية ، ودائما يلح عليّ سؤال مقيت : ماذا سنترك للأجيال القادمة من أساطير؟..وأظننا سنعجز عن ذلك.
Samir Khalife- الغزال الابيض! الشاعر العادل المبدع الحرّ الانسان ! مردوك الشامي ! تحيّة لك وإلى كلّ شاعرة وشاعر في مجموعة حبر أبيض ! حيث تتعانق الاقلام والقصايد ! تحت وابل من الحبر ! وطوفان من الافكار والخيال والتأمل!
وأسال : لمن تقرَع أجراس الشِعر ! في هذا الزمن الاسود ! في هذا الشرق المسكون بالحروب والصراعات والشهوات والانتفاضات والانشقاقات والهلوسات !!- وهل بيروت ما زالت الناطق الرسمي للشعر ؟ هل ما زالت تقرأ ؟ وقد كانت المكان الذي يلتقي فيه العشّاق القادمون من كلّ مكان ! والمسافرون على أجنحتها الى كلّ مكان !
- ألا يخيفك هذا الفلتان الشعري ! هذا الضجيج الذي يعلو من محابر وأقلام الشعراء الذين يغتصبون المنابر والساحات بأقلامهم المريضه وقصائدهم الشارده ! وقد كانت بيروت كالشجر لا تغلق شوارعها ونوافذها بوجه زائر أو عصفور !
- وماذا عن القصيده العاميّه ! هذه الناقة البيضاء التي تركض بدون توقّف على أكتافنا وأوراقنا وأحلامنا ! ألَمّ تستهويك نظرتها، إبتسامتها ، أناقة صوتها ونعومَة جسدها ، وتلوينة أظافِرها
وهل ستحظى بموعد منكَ ! بقصيدة غزل منكَ ! بقبلة ، بضمّة ! وهي الساعية دوماً الى إحتضان كل صوّت جميل وكلّ قصيدة واعده ! وكلّ صيّاد بارع يحمل لها سلال الورد والابداع ! وانتَ الصيّاد الشاعر وهي تعرفك جيّدا وتعشق قصائدك ، ولست بحاجة الى بطاقة دخول الى سمائها ! الى أمسياتها وأعراسها الجميلة !!!
أيها الشاعر المحبّ البريء المناضل الشريف المبدع ! أنقذ نفسك وأنقذنا من هذا الرماد ! من هذا الخراب الهائل!
السماء تضاء بالنجوم ! والعالم يضاء بأحزاننا وجروحنا !
فليأخذ الحبر بيدك وليكن أبيض كوجه حبيبتك!!!
الجميل جدا، والمرهف فعلا والشاعر النقي صديقي سمير خليفة ، أنت في كل ما سألت ، لم تطرح أسئلة، أنت تدفع بي إلى انفجارين : انفجار سيودي بي لو كنت مواربا بأجوبتي، وآخر سيودي بي أيضا لو كنت صريحا بها.. وأنا في طبيعتي عشق الانتحار ، لهذا سأكون في منتهى الصراحة مع أسئلتك .
-أنتَ أسميتها أجراس الشعر، والأجراس إما تدعو إلى الصلاة، أو تحث على الصحو ، والشعر لا يصلح مطلقا للجهتين ، فهو في كثير من الأحيان ينافس الأعالي على مملكة الأرض، وهو غير قادر على أن يدفع حتى ببعوضة لتقوم من الكهف.
الشعر صوتٌ فردي، فردي وخاص جدا، وفي حالات نادرة تحول لصوت جمعي،حالات كان لها ظروفها الزمانية والمكانية والتاريخية .
على صعيد العرب المعاصرين ، نحن اليوم في أسوأ عهود الخصاء الفكري ،أسوأ عهود الانكفاء والانحناء والضياع، أحيانا الزواحف ترفع رأسها حين تعبر طريقا ما، أو حين تهم بالنهش دفاعا عن نفسها، نحن اليوم أمة بلا رؤوس ، وفي الرأس تكمن كل فضائل الاستماع، والصوت، والعقل.
-بيروت يا صديقي لم تتغير، تغيّر المسافرون والقادمون والعشاق..
وأيضا تغير الهواء في بيروت، والبحر، والسنديان العتيق.
أنا وصلت بيروت قبل 35 عاما، كانت لا تزال تحتفظ ببقايا جناحين ، قبل ذلك كانت بجناحين يمتدان بلا حدود، عصيين على المقصات، أقول لك : بيروت بما كانت عليه لم تعجب محيطها القريب والبعيد ، كانت الحرية ، يوم كانت العواصم سجونا لمبدعيها، كانت الاتساع والمدى، يوم كان كل العالم العربي مغلق بالصدأ والأقفال ، كانت المنبر والصوت والصدى، يوم كانت الحناجر في كل ما حولها تُجزُّ بالسكاكين…
لم تعجبهم بيروت، فنقلوا لها أمراضهم، وأوبئتهم، وفسادهم، اعتلّ الهواء ، لكنها لم تزل تحتفظ بنقاء الرئتين، توجّعَ القلب، لكم نبضها لا يزال يجيء على إيقاع النسمة ورفرفة الفراشات..
عشت بيروت الثمانينات بكل ما فيها من زخم وضوء، وأقول صادقا : بيروت اليوم بكل نقائضها وانكساراتها، لا تزال تكتب، وتقرأ ، وستكون قادرة على كسر الأقفاص.
-يا صديقي ، في كل الأزمنة كان هناك فلتان وانضباط، أصالة وتزييف،كان هناك شعراء ، وكان هناك أدعياء .
ما يساهم اليوم في رفع منسوب النقيق ، أنّ المجال مفتوح ومجانا لكل راكبي الموجة..
أن الإشارة الخضراء راية الهشاشة، والإشارات الحمر ذهبت إلى الغيبوبة..
وما يحصل كونيّ ، ليس عربياً فقط، ولالبنانيا، وسائل التواصل السهلة التوصيل بلا أي مقابل ، غياب الرادع الأخلاقي والقيمي، انحسار القوانين، تلوث الجمال، ولوثة الشهرة على حساب القصيدة،ثم الإفراط في وباء المجاملات والتسلق والتصفيق المتواصل،أيضا تراجعُ شركات الانتاج الفني التي انوجدت لتفريخ
مغنيات الأرداف ، ومغنيي هز الخصر، وتوقفُ برامج تفريخ النجوم على شاشات العرب ،كل هذا رمى بالنجومية في ساحة لا تحتاج للبذخ في الميزانيات والمصاريف.. ساحة النجومية في الشعر هي أكثر الساحات رخصا وتداولا وانتهاكاً لأنها ساحة بلا جدران، وبلا رقابة وبلا حراس.
أجل يخيفني ما يحصل، لكن ليس إلى درجة اليأس ، مقابل كل هذه الكثافة في استهلاك مفاهيم الشعر والأدب واللغة، هناك شعر حقيقي، وشعراء ستحملهم الأزمة خارج لعبة الفقاعة والهذيان.
-بلا مبالغة ومجاملات، أقول لبنان اليوم يشهد ذروة سطوع القصيدة المحكية ، هي قصيدة بكل مقاييس الشعر، بكل بهاء الصورة الحديثة، والفكرة الخلاقة، وبكل أناقة الحضور.
في لبنان اليوم شعراء محكية هم الأجمل من كل شعرائها الذين مروا من قبل، وهم بما يبتكرون ويقدمون من قصائد مكتملة ينافسون ويوازون ، وقد يتجاوزون شعراء الفصيح.
وأيضا ولكي أكون صادقا ، كما في الفصيح تسلل للقصيدة مزيفون، تسلل للمحكية حكّاؤون ، وأدعياء كذلك، لكن غربال الزمن سيبقى بالمرصاد للجميع.
-قبل وصولي لبيروت في أواخر الثمانييات ، كانت بيروت حاضرة في شعري، وأحلامي، وبعد استقراري فيها، كتبت لها الكثير، سنة 1992غنت الراحلة سحر طه قصيدتي بيروت من ألحان الدكتور الفنان نبيل جعفر، وفي 1994 غنت الفنانة ميشلين خليفة من كلماتي ” صوتي أنا لبنان، ولحنها الجميل فؤاد عواد، وفي المرحلة ذاتها أنشدت الرائعة سمية بعلبكي قصيدتي ” سقف السما، عن الجنوب قبل تحريره وكانت من ألحان الفنان إحسان المنذر.
من يقع في غرام بيروت لا يخرج منها إلا محمولا على نعش الرحيل..
حين سئلت قبل سنوات عن علاقتي ببيروت، قلت بيروت منحتني الألق والقلق.
بيروت قتلتني لمرات، لكنها أحيتني أكثر، لهذا هي تسكنني وأنا فيها أقيم.
Wafaa Fouany- الشعر..ككل قضايا الحياة..كالدين والسياسة…نرى شعرًا للقضايا الإنسانية..وآخر للوجدانيات والعواطف والجمال..وشعرًا للبلاط وللحاكم وللزعيم وأولياء الوظائف…يرتقي الشاعر مرات بشعره..وإلى الآن..لم يرتقِ الشعر بالإنسان كوجود وقوة اجتماعية فاعلة..ماذا ينتظر الشعراء والمثقفون ليقوموا بخطوة جبارة في بناء الوطن والإنسان…متى نراهم قوة جبارة في وجع الظلم الذي نعيشه؟
الصديقة وفاء فوعاني لك التحية ، كان الشاعر قديما كما وصل إلينا لسان القبيلة ، ورسولها والناطق الرسمي باسمها، ذاك اللسان تعرض للقص في الراهن، قصته ظروفُ الحياة، وأقصتهُ عن دوره اختلاطاتُ القيم، وتراجعُ دور اللغة أمام الصورة، وهزيمة المحبرة أمام العدسة، وأيضا ضمور الموقف أمام الرغيف.
الشعر معادل للحرية ، لايكون من دونها، لكننا نعاني من أن الحرية على كافة الأصعدة في غيبوبة ، وانا لست مع أن هناك شعر متنوع للقضايا الإنسانية، وآخر للوجدانيات، اوالعواطف، للثورة والزعيم، أنا أقول هناك شعر أو لا شعر، وهناك شاعر، والشاعر الحق يكون الفارس والقائد ولا يخشى أن يكون المصلوب.
من أجل أن أعيش عملت في الصحافة بكل أنواعها مكتوبة مرئية ومسموعة .لكن ولأكثر من 40 سنة الشاعر في أعماقي سبق الصحفي ، هو الذي كان وما زال يقود خيول الروح وأسراب حمائم الوجدان ، هو الذي يحصّن ما تبقى في داخلي من رغبة في التمرد على آخر السقوط في فخ الحياة الضامرة حتى التلاشي ، وهو ما يبقيني أصحو كلما شعرت أنني على الحافة أقف أمامي المنزلق وخلفي القيعان .
الشاعر مرآة طفولتي الصافية ، في فمه لايزال طعم حليب أمي ، في أذنيه غناؤها الخجول يهدهده لكي ينام .
الصحفي ، في بداياته كان كما الشاعر ، كان هو ذاته ، شعرنت اللغة الصحفية وأدبتها ،ولم أصحفن القصيدة ، لكن في مراحل كثيرة تحول الصحفي الى مرتزق ، يكتب ما لا يقنعه ، ويمارس كما معظم صحافتنا الراهنة دعارة الفكر ويكذب على البياض .
كان هناك صراع شديد بين الشاعر والصحفي ، اذا انتصر الشاعر أموت من الجوع ، واذا انتصر الصحفي أتخم باللقمة الحرام !
كل ما حاربت من أجله كان لانقاذ الشاعر ، اقتلاعه من مستنقع التلفيق والتدجيل الصحفي المعاصر ، لكي أقف أمام مراياي باحترام !
بإمكان الشعراء أن يتحولوا لقوة كبيرة تقوم بالتغيير وبناء الحياة والثورة على الظلم ، هل سيفعلون، حين يخرجون من أناهم المرضية ، حين يدركون حجم المسؤولية ، وأنهم في نظر كثيرين فرسان خلاص ، حين ينتصرون للشعر، سينتصر الشعر للحياة، كل الحياة.
DRmahmoud Ahmad Moghnieh- الشاعر الإنسان مردوك الشامي
عند الإطلاع على سجلك الحافل منذ تخرجك من جامعة حلب العريقة مروراً بمسيرة عامرة بالتجارب والخبرات والنجاحات والخيبات الى وقتنا الحالي وقت القابض على دينه كالقابض على شعره كالقابض على الجمر
فلا أبالغ إذا قلتُ أن الشعر عندك كحرمة تشويه الدين وهذا ما نراه هذه الأيام
السؤال :
إلى أي مدى سيقاوم وسيناضل المقاتل مردوك دفاعاً عن الشعر والأدب والنثر والفن والخيال وكل إبداع وكل موهبة واعدة
وهل سيتعب أمام الصعاب ويرفع الراية البيضاء ليتفرغ لحديقته ووروده وعصافيره وأحزانه
أم تلك المحاولات الصادقة عبر هذه المجموعات الهادفة وبالتعاون مع الخُلّص من المؤسسين سيكون لها الفضل في الغوص اكثر في بحر الأمنيات والأحلام والرجاء
صديقي الدكتور محمد مغنية لك المحبة التي تعرف ، ليس المطلوب من الكتابة إحداث الثورات في العالم ، وليس مطلوبا منها قلب الأنظمة والعمل على نخر الكراسي العربية التي تقاوم الصدأ والأزمنة ، وليس مطلوبا من الكتابة كذلك أن تخرج الى الشوارع العربية حاملة لافتات المعارضة أو الانتحار .
الكتابة موادها بسيطة جدا ،حبر وأقلام وأرواح ولدت لتعشق وترفع من منسوب الفرح في العالم ، أصغر شرطي عربي قادر على جرجرة ألف شاعر الى الزنزانة !
أتفه مسؤول عربي يمتلك من السلطة ما يكيل لأي مثقف أو كاتب عربي حر مليون تهمة ويحوّل حياته الى جحيم لا يطاق !
أعهر راقصة عربية أو نجمة من ذوات الأرداف الرجراجة , تمتلك من الشهرة والثروة والكلمة المسموعة أكثر مما يمتلكه 99 بالمائة من شعراء العرب !
هيفاء وهبي أصبحت يوما أشهر من ادونيس عند تسعين بالمائة من ابناء الجيل الجديد!
المتنبي العظيم اذا سألنا عنه طلاب الجامعات الخاصة وحتى الوطنية في عالم العرب فلن يعرفه سوى القلة القليلة منهم !
نحن في عصر انحطاط الانحطاط ، ولا أظننا خرجنا من هذا المستنقع في كل تاريخنا الا للحظات ، سُمح لنا خلالها بالتنفس ثم أعادونا الى الهاوية !
المطلوب من الكتابة اليوم إعلان الحقيقة ، المطلوب منها ممارسة الصراخ ولو كان ” لا حياة لمن تنادي ” ؟.
المطلوب منها إمّا أن تحترق لتضيء ، أو تحرق الكوكب كله عن بكرة أبيه !
أنا من خلال هذه الرؤية أتعامل مع رسولية الشعر، لا أدعي أنني ثائر، ولا مقاتل ، وأشكر ثقتك بي، أنا مثل كثيرين خنت كثيرا مبادئي، وضعفت أمام الحاجة، وانحنيت وفررت من أمام جبروت الأنظمة، لكنني لم أنكسر، ولم أتحول لبوقٍ أو ماسح جوخ، أعيش اليوم حضيض كل شيء، في رزقي، ولقمتي، وحريتي، لكن رأس قصيدتي سيبقى عاليا عالياً وعصيا على الإنكسار.- نغم نصار مساء الخير للشاعر الكبير مع العلم أنني من أشد معجبينك ، لكن كثيرا ما تدور خلف الكواليس أحاديث تتهمك بالتكبر والفوقية ما رأيك ؟
وهل على الشاعر أن يدخل مجال المداهنات والنفاق الإجتماعي ليكون محبوبا أو متواضعا؟
ما رأيك في الساحة الشعرية اليوم وهل هناك من يضعون بصمات ويجددون في مسيرة الشعر الحديث نثرا أو موزونا ؟
ألا يحتاج الشاعر للثقافة أم أن الشعور يكفي لينجب شاعرا مرموقا؟
صديقتي نغم، أنا على ثقة أنك أنت شخصيا كما كل الذين عرفوني حقا، حين يقال أمامك أنني متكبر وفوقي ستدافعين عني، لأنك خبرت تواضعي ، وتعاملي مع الجميع وبلا استثناء بكل محبة وانصهار.
وربما أكون متكبرا ولا أدري ، وفوقيا أيضا ، وأنا أمتلك آلاف”بيوت” الشعر، ولا أملك شبر أرض، وأنا فرشت بيتي المستأجر بعفش مستعمل، وفي خزانتي من الملابس “طقمان رسميان” أحاول إبقاءهما على قيد الإناقة منذ سنوات..وماذا سأعدد لك يا صديقتي من علامات الفوقية التي تميزني .. هي كثيرة بلا حصر..
أما عن دخول مجال المداهنات للشاعر كي يصبح محبوبا، أعترف أنني خسرت كثيرين لأنني ما كنت أداهن، وأن كثيرين ممن غضبوا مني ذات نص أو مقال فيه صراحة وجرأة وأعلنوا علي خصومتهم، هم اليوم أعز الأصحاب. - المشاعر تصنع شاعرا فطريا ، جميلا ربما، لكن الشاعر يحتاج إلى ثقافة لتكون قصيدته عالية ..
في المشهد الشعري العربي شعراء بلا حصر مفطورون وموهوبون، لكنهم لم يقدموا قصيدة حية ، لأنهم لم يصرفوا وقتهم على القراءة وتثقيف الذات..
القصيدة المثقفة ، أكثر بقاء، شرط أن لا تكون فقط نصا استعراضيا ، ومثل هذا النص نقرأ الكثير في قصائد الكثيرين.
جمال نصاری ١- ما الاقرب الى مخيلتك الرؤيوية؟ العمودية أم التفعيلة أم قصيدة النثر.
٢- انتقلت من جغرافية الى جغرافية أخرى. من سورية الطفولة الى السعودية بأمل الاستقرار وصولا الى لبنان كآخر محطة وكونت فيها حياتك الاجتماعية ايضا. أي مكان شكل حضورا لافتا في قصيدتك؟
٣- شاركت في منتديات وجمعيات لبنانية كثيرة لكن جميع هذه الفعاليات هي محلية المستوى ماعدا قدموس. لماذا بقيت الفعاليات في لبنان
محلية ؟ ماهو دور وزارة الثقافة في نشاطكم؟
تحياتي لك وللجهد الذي تبذله في سورية ولبنان- صديقي الرائع جمال نصارى الأقرب إلى مخيلتي وأحاسيسي ونتاجي هو الشعر، والشعر يكمن في كل ماذكرت، وقد يكون خارج كل ما ذكرته أيضا.
أنا دائماً أرى الشعرية خارج الثوب، وخارج اللغة، وهي مرت في بلادنا بمراحل وتطورات، وأثق أن ما وصلنا إليه في التجربة الشعرية المعاصرة، يقبل المزيد من التطوير ، شرط الابتعاد عن الفكر الإلغائي، وقتل الآخر..
وأثق أن القصيدة العمودية لم تكن الشكل الأوحد للشعر حتى في الجاهلية وأزمنة الملعلقات، لكن سلطة أهل العمود أوصلتها وحدها كحالة مفردة للشعر العربي، وتجاهلت البديعيات، وأن كثيرا مما جاء في القرآن قاربَ القصيدة النثرية في محاولات بكر .
أنا لا أقبل تعريف الشعر كما جاء عند الأولين بأنه “تعبير إنسانيّ يتّسم بأنّه كلام موزون ذو تفعيلة مُحدّدة، ويلتزم بوجود القافية”، هذا تعريف مفرط في الغباء، والتطرف.. تعريف أحادي الرؤيا والتسلط، لكن في الوقت ذاته، وحين أتحدث عن الحداثة التي وصل إليها النص الشعري في التفعيلة أو النثر، أجد الكثير من الهفوات.
فالحداثة التي وصلنا اليها في الشعر واللوحة والرواية والمسرح , حداثة منقوصة !
حداثة في النصوص وليست في النفوس والسلوك الانساني . فنحن مازلنا نفكر بعقلية ابن القبيلة ونصعد منبر الشعر وعلى رؤوسنا قبعة لوركا ؟.
ومازلنا مقصوصي الأجنحة وفي رئاتنا تعشش رائحة الخيمة والبيوت الطين ومع ذلك نركب الكاديلاك وننتعل الأحذية الإيطالية !
ومازلنا نطبق المثل الذي يقول ” أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب ” ونعلق على جدران بيوتنا اللافتات التي تلقننا العولمة . والغريب بكل بساطة يغتالنا واخوتنا وأبناء عمومتنا !
نحن للأسف استعرنا من الحداثة قشورها ، لم نصنعها نحن ، فكانت دخيلة على آدابنا وفنوننا .
أنا مع الشعر الحداثي لغة وصورة شرط أن يستند الى الأصول ، أن لا يمارس عملية الالغاء وقتل الأب ،وفي الشعر الحديث تجارب هامة ومميزة ولا تختلف عن الشعر حتى اذا خلت من الوزن والقافية . الشرط الأساسي ، أن لا يحاول الحداثيون الوقوف في أعالي أبراجهم والصراخ بحيث لا يسمعهم أحد ، او يسمعهم القريبون من أعاليهم ، أقصد النخب ،وأن لا يبقى الأصوليون في مضارب القبيلة ، لايرون أبعد من الكثبان التي لم تخترقها رؤية زرقاء اليمامة .
إذا لم يكن الشاعر بين الناس ، معهم وعلى الأرض ذاتها يغرس قدميه فلن يصل صوته لأبعد من أذنيه .
أنا مع ان نصنع حداثتنا نحن ، حداثة تشبهنا ، لا تكون محاكاة وتقليدا وارتداء لقمصان فضفاضة على أجسادنا .
مع الشعرية في توهجها وجمرتها اللاهبة وعطرها وضوئها بعيدا عن الشكل والانتماءات الايقاعية. - أنا انتقلت من سورية إلى لبنان، السعودية كانت محطة عابرة بين وطنين .
اعترف أن قصيدتي ولدت في لبنان، كل ما كتبته من قبل على جماله ، كان كلاسيكيا لم يغادر عباءة التبعية للقديم، في الشكل والمضمون، في لبنان تعصرنت قصيدتي، نبت لها جناحان، صارت أكثر حرية ، والشعر معادل للحرية، ما صرت أقوله في شعري ، ما كنت أتجرأ على قوله في سورية، هناك كنا نهرب للتورية ، للرمزية والابهام، للنكوص، هنا صارت القصيدة تشبهني أكثر، لأنني هنا استعدت ذاتي.
ولم أشعر مرة بالغربة هنا، الغربة برأيي ليست مصطلحا يدل على الجغرافيا !
هي قد تكون ولادة ثانية ، وقد تكون المقبرة ..
غربتي في بيروت منحتني مكاسب كثيرة ، شهرة وانتشار ومعارف ، وجعلتني أتقن طريقة ارتداء الملابس الحديثة ، والمشي على كورنيش البحر ، وشرب القهوة الأكسبريسو في شارع الحمرا ، وعلمتني أساليب التملق والديبلوماسية ، و اخذتني من العفوية الى الوقاحة أحيانا ، وسهلت علي الكذب ، أعطتني الغربة كل ذلك ، لمّعتْ مردوك الشامي ، لكنها اخذت مني موفق المختار القروي البسيط الطيب ، الذي كان يبكي اذا اصطاد أحدهم عصفورا في مجاهل افريقيا ، او أوقع شخص ما ، بدب قطبي أبيض في الفخ ببلاد الأسكيمو !
أما غربتي في الصحراء ، فتلك لها بوح يجيء في حينه. - قدموس كان مهرجانا شعريا ، وأردناه منذ لحظة التأسيس أن يكون عربيا، وفعلنا في الدورة الأولى، وسجلنا نجاحا لم نكن نتوقعه، وكنا نحضر لدورة ثانية أكثر تأثيرا وأهمية لولا ظروف العالم، وانتشار كورونا.
أما بالنسبة لملتقى حبر أبيض، فهو وليد لم يمض على وجوده عام ، باشرنا به في لقاءات نقدية على أرض الواقع، ثم توقف بسبب الثورة، ثم بسبب كورونا، فانتقلنا به إلى العالم الافتراضي، وخرجنا به من المحلية إلى العالم العربي وإلى خارجه، والدليل أنك كنت ضيفا رائعا في الملتقى ، وأنت ابن عبادان .
وكان بين ضيوفه شعراء ومبدعون من العراق ، والسعودية ومصر وموريتانيا والمغرب العربي وسورية وخلال المرحلة القادمة سيكون بيننا شعراء من كل مكان وصل إليه الشعر.
أما عن دور وزارة الثقافة في نشاطنا، فأقول لك ، نحن نعمل بجهود خاصة، نعمل كمجموعة من المبدعين لا يرتبطون سوى بالشعر ، ولا نتلقى أي دعم سوى من محبرة البياض، وهذا يبقينا خارج التبعية لأي كان - .
- إبراهيم يوسف : ماذا عن القامشلي مسقط رأس القصيدة الأولى؟
صديقي الشاعر ابراهيم اليوسف ، صديق اليفاعة والبدايات،صديق بيوت الطين والفقر والمعاناة ، والهروب من المخبرين ، سعيد لأنك هنا ، وأعرف أنك مثلي تعيش في أكثر من غربة مفروضة عليك ..
سألتَ عن القامشلي في أكثر من سؤال ، وسأجيب عليها دفعة واحدة ، القامشلي كانت وتبقى مسقط الروح والقصيدة، مسقط المكاغاة، والحبو، والخطوة الأولى وتذوق التراب الذي ربما من مرحلة الطفولة استسغنا مرارته الشهد، فصارت الأرض المسقية من عرق ودم الطيبين ، جزءا لا يتجزأ من النبض والمشتهى والكيان.
في لقاء لي قديم جداً على صفحات إحدى الصحف السورية ، أسميت القامشلي أرملة المدن .. أسميتها الأرملة ، لأنها كانت صورة عن المعاناة ، بلدة فيها كل خيرات الأرض من قمح وقطن وشعير ومياه وبترول، وينام أهلها على جوع.
القامشلي اليوم أشدّ معاناة، وتيها وغربة ، والمدائن صورة شخصية عن أبنائها.. هي جغرافياً لا تزال هناك، لكنها مثلنا تعيش غربتها، مثل أبنائها رحلوا عنها تاركين أحلامهم، ومحبوباتهم، وكتبهم، وأسرّة طفولتهم الأولى، تركوا على جدران بيوتهم الطينية التي كانت سقوفها تدلف شتاء، وعيونها تذرف في كل الفصول دموع اللوعة والحرمان ، على تلك الجدران تركوا خربشاتهم الأولى، وصور الأجداد، وفي مقابر المدينة شواهد تحمل أسماء أمهاتهم وإخوتهم والآباء.- ثمة مكونات كثيرة لقصيدتك يظهرها موشور النقد
بم تحدثنا عنها؟
في معظم شعري قمحٌ وعصافير، سواعد معروقة، وفلاحون، نهرٌ يتيمٌ قتله الأتراك وعلقوا في شرايينه مصل الجشع، أمٌّ تركت جبينها على سجادة الصلاة، وفي عينيها ألف صليب، معجنها تلك الأم حوله فراشات وملائكة وقديسون، أرغفة مغمسة بالقهر ، كانت ولا تزال.. - بين قصيدتك الأولى وقصيدة الآن مسافة من ألم وحلم وأمكنة وإناث
بم تعلق على مثل هذا الكلام؟
تلك المسافة الطريق، أدرك أنها تمتد من المهد الأول للحرف، ولن تنتهي في لحدٍ أجهل أين يكون .
والشعر يا صديقي زيته الحزن، الحزن يجعل منه القنديل فيضيء .
أتذكر قبل أكثر من ثلاثين عاما اقتادوني الى أحد الأقبية لأفسر لهم ماعنيت باحدى قصائدي ، كانوا أسخياء بصمتهم ، الكرباج وحده كان يوجه الأسئلة ، وجروحاتي أجابت على كل ما أرادوه !
وقتها كنت أعتبر القصيدة باقة ورد أحمله الى العالم ، منذ تلك الزيارة القسرية وزيارات تلتها ، أدركت أن القصيدة ليست باقة الورد ، هي عبوة ناسفة ، وسكين ، وشاهدة بالحق على مجتمعات الزور !
في بلادنا يعتبرون الشاعر من فصيلة العصفور ، لهذا يفضلون الاستماع اليه وهو في قفص . ولم أكن أحب الأقفاص , لذلك حملت حقيبة كتبي وأوراقي ، وخطفت حبيبتي وطرنا الى بيروت .
الى قفص أكثر اتساعا !- ماذا عن الغموض الرمز في قصيدتك؟ الا ترى أن في الوضوح مقتل النص؟
اللغة الشعرية ، هي لغة الإشارة والرمز والتلميح ، ويمكن القول لا شعر من دون لغة رمزية، ولا يمكن أن يُعد الكلام شعرًا إن لم يكن مستفيدًا من إمكانات اللغة بكل ما فيها من مقدرة على التنويع والتلون ،وتغيير الدلالات من خلال فنونها المختلفة،الوضوح والمباشرة ، يضعان القصيدة في السردية والثرثرة ، في البدايات مع الشعر كنت ألجأ للرمزية لكي لا تسقط قصيدتي وأنا معها في فخ التخوين .. الآن الرمز يأخذ منحى مجازيا، يذهب بالصورة واللغة إلى دلالات أكثر اتساعا وتنويرا . - خمسة وأربعون عاما ويزيد من الشعر
الا ترى نتاجك المطبوع أقل من هذه المسافة الإبداعية الطويلة؟
ما لدي من نتاج شعري ، هو أضعاف مانشرت في كتب، وربما لم أعمد كما يفعل آخرون لنشر كتاب كل سنة، وربما كتابا في الشهر، لم يكن يعنيني كثيرا ذلك ، أعرف كثيرين يمتلكون أكثر من 30 مجموعة شعرية ليس في جميعها بيت شعر واحد . - الاترى أن انشغالك بالمنتديات وامسيات الشعر يجعلك شاعرا غيريا أكثر مما هو الشاعر ابن ذاتيته
اعني أنك كرست قصيدتك جسرا. لتعبرها قصائد الآخرين؟
لهذا أنا مردوك الشامي، لهذا أنا ما أنا عليه ، دائما كان يهمني الآخر ، يهمني الشعر ، أكثر من اهتمامي بتسويق نفسي.
منتهى غبطتي أن أفرح بموهبة شعرية جديدة أكون ساهمت في اكتشافها، أن أشعر بالفرح وأنا أراقب فرحة شاعر أو شاعرة قدمت له أو لها فرصة اعتلاء المنبر ، وكان محروما منها وهو يستحق. - شيء آخرهذه الامسيات هي مواجهة أم فرار؟
يا صديقي ليست لا هذا ولا تلك ، هي مسيرة حياة ، سلوك أحبه ، وان أخدم الشعر أيا يكون صاحبه رسالتي. - ماالقصيدة التي لم يكتبها مردوك بعد؟
أظنني تناولت كل شيء . كل شيء ، كتبت للحب والمرأة والوطن والحياة , ولسنوات طويلة رفضت مديح الأشخاص، رؤساء وزعماء ، ورفضت ان يغني من قصائدي صيصان الغناء ، ثم تنازلت ، كتبت لرؤساء وزعماء ودول ، ولصيصان غناء ، وكتاكيت رقص !
نعم تنازلت كثيرا ، خسرت كرامة قصيدتي أمام الرغيف ، وأمام الاغراء المستبد والدائم ، فلم أعد معصوما عن الخطأ والانبطاح ، حتى أنني كنت أقل من شاعر بلاط أحيانا ، فمن كتبت لهم دون مستوى الأمراء والملوك !
عشت في مسيرتي ذرى وسفوحا ومنحدرات ، لم أصل القيعان بعد ، ودائماً أحاول ان أتطهر ، أن أستعيد نفسي ، أجد في كثير من الناس الطيبين ما يبعث على الأمل ، أكتشف أن الحب لا يزال حاضرا ، وان الله غفور رحيم ، فلماذا لا تغفر لي القصيدة ذلك ، لماذا لا يسامحني الشعر ، طالما أنا أعلن تمردي وتوبتي وأطالب باللجوء الإنساني الى البياض الذي ورغم كل المراحل السود ، كان يعيش في داخلي ، ينتظر عودتي ليرفع راياته اللاهبة الى الأعالي .
يا صديقي كتبت كل شيء ، كل شيء، حتى أنني كتبت مرثية لنفسي بعد انقضاء رحلتي على الأرض والرحيل.
2
إعداد : تنديار جاموس
……
افتحوا قوسين :
( ها يطلُّ الحبر مجردا إلا من بياض)
مردوك الشامي مهووس آخر في برية الشعر/الوطن
هذا السبت نستعير منه الظل ونمنحه ” الميكرو” ليكون الصوت والضوء
أيها الأب الروحي،فلتمسح على رأس فضولنا ولتعطنا من زاد قلبك شعرا وكثير نبض..
الشاعر القادم من كواكبه البيض، المترجل توا عن صهيل الوجع ، الرجل الإشكالي والقصيدة المتمردة: مردوك الشامي
مؤسس حبر أبيض ونوافذ أخر..أهلا وسهلا بك
حنان فرفور
- نعم تنازلت كثيرا ، خسرت كرامة قصيدتي أمام الرغيف.
- في لبنان تعصرنت قصيدتي، نبت لها جناحان، صارت أكثر حرية ، والشعر معادل للحرية.
- أستغرب كيف لا يكون كل مواطن عربي شاعرا بامتياز،والواقع العربي يقدم لجميعنا أهم مسبب للقصيدة ومحرض عليها:المعاناة !
- هناك صفحات تتخصص في اصطياد الشاعرات أو اللواتي يطمحن للحصول على اللقب ، فنجد التكريمات ، وشهادات التقدير تمنح لكل من كتبت كلمتين على بحر الطيش.
- الشاعر كائن عادي تماما ، وأن عبقر الشعر وجنيات القصيدة مجرد خرافة لا أكثر.
- في مجموع كل القصائد التي يكتبها أشعرنا ، اذا حظينا ببيت واحد من الشعر المصفى ، نكون أضفنا الى الشعر والمستقبل الكثير من الألق .
Mona Abdallah- الشاعر مردوك الشامي ، مشاعر كثيرة تتفاعل داخلنا لانتاج القصيدة ما الذي يسهم اكثر بولادة قصيدة أهي مشاعر الحزن ام الفرح او ان الشاعر الحق يستطيع كتابة قصيدة ساعة يشاء وشكرا
الصديقة منى عبد الله ، للقصيدة مخاضاتها، والمحرضات عليها، الفرح يساهم في ولادتها، اللحظات الحميمة التي يعيشها الشاعر، لكني شخصيا أجد الحزن المحرض الأصدق والأكبر .
وأيضا التجربة والمسيرة الطويلة للشاعر مع القلم والمعاناة ، تجعل مقدرته على الكتابة حاضرة بشكل دائم، وبإمكانه أن يكون في قمة الجنون، ويكتب قصيدة للفرح، وأن يفعل العكس كذلك.
أستغرب كيف لا يكون كل مواطن عربي شاعرا بامتياز ، والواقع العربي يقدم لجميعنا أهم مسبب للقصيدة ومحرض عليها : المعاناة !
أظن معاناة الشاعر ككل معاناة أبناء الأمة !
لن أفلسف الشاعر الذي يسكنني ، شاعر مطبوع أنا ومصنوع كذلك ،شاعر ابن الألفية الثالثة بكل ما فيها من تناقضات ونقائض وتضاد !
كانت تكتبني القصيدة ، صرت أكتبها ، وأقولها وقت أشاء ، لن أدعي العفة في منطق البوح ، وأدخل التحليل النفسي ، وقيمة العفوية والتصنع ، قلت منذ سنوات الشعر لعبة ، صناعة ، والمهارة تأتي من التراكم الزمني ومن الخبرة التي تزداد يوما بعد يوم . الصنعة أحيانا تصنع الطبع وتجعله يبدو كما لو أنه ولد للتو من واحات الصفاء والصدق ونورانية القلب والنفس والروح .
قد يعتقد البعض أنني بهكذا بوح أدين نفسي ، هذا صحيح تماما، أنا أدينها حتى الحبر . - آلاء عباس مسلماني بدايةً أتمنى التّوفيق لصفحة حبر أبيض على هذه المبادرة المهمة والتي تفسح المجال لتقريب وجهات النظر وآسَف على ما فاتني مما نشر ولم أستطع متابعته بسبب ضغط الإمتحانات والدراسة..
أمّا بعد وقد ظهر هذا المنشور أمامي، سؤال للشاعر Mardouk Alshamii الّذي أحترم وأقدر..
مع محبتي وتقديري لكوادر الشّعر الّذين يكبروننا عمرًا وتجربة ولكن ألا تعتقد أن بعض الصفحات الأدبية تحتكر منابرها للتّصفيق ولنشر إنتاجات شعرية ونثرية لنفس الوجوه في ظل وجود عدد كبير من الشعراء المبدعين الّذين لا نرى وجوههم على هذه المنصات الأدبية ولا يسلط الضوء على إنتاجاتهم الأدبيّة، وشعراء آخرين لا بأس بهم إنّما لا تشملهم دائرة النقد ليرقوا بأدبهم وكتاباتهم…
وهل تلعب دائرة الصّداقات والمعارف الواسعة دورًا في ما سلف ذكره؟ أم أن بعض الصفحات أنشأت لتستضيف مؤسسيها؟
وهل النقد مرتبط بقدر محبّة الناقد لشخص الشّاعر؟
أسئلة كثيرة ربّما تدور في بال الكثيرين، ننتظر الإجابة عنها🌹
صديقتي آلاء ، أنت محقة في الكثير مما ذهبت إليه ،فليس هناك ضابط للنشر في غالبية الصفحات والمواقع الالكترونية، وأعترف لك ومن خلال التجربة ، أن صفحات كثيرة وعلى امتداد عالمنا العربي وجدت لتخدم مؤسسيها ومريديهم، وأن لعبة التصنيع والتلميع تسود الفضاء الافتراضي..
وأقول أكثر، هناك صفحات تتخصص في اصطياد الشاعرات أو اللواتي يطمحن للحصول على اللقب ، فنجد التكريمات ، وشهادات التقدير تمنح لكل من كتبت كلمتين على بحر الطيش ، وكل من نشرت على صفحتها مجموعة الأعمال الكاملة لصورها الفوتوغرافية من الولادة وحتى العشرين ، وبعدها نتوقف عن العد..
بالمقابل هناك صفحات تؤسسها نساء وتقوم بالأمر ذاته مع شعراء من الذكور.
وهذا نراه أيضا في كثير من المهرجانات العربية الفارغة من المضمون ، والتي يتم إنشاؤها فقط من أجل بناء العلاقات ورمي الشباك حول أي صبية تنشر صورا لها جميلة حتى ولو كان ماتنشره من نصوص يستحق النشر فقط في سلة المهملات.. وهنا لا أعمم ، فهناك صفحات جادة، ومنتديات جادة ، ومهرجانات جادة .. وأينما تنوجد القيم والأخلاق تكون الأمور في مسارها الصحيح.
أما فيما يخص سؤالك عن النقد ، فأنا أتفق معك أيضا وإلى مدى كبير، لسنوات كان معظم النقد المنشور على صفحات المجلات والصحف محابيا ويعمل على مبدأ ” حكّلي تا أحكلّك” ، وانتقل الأمر ذاته لعالم الأنترنت، لكن هناك أصوات نقدية تؤسس فعلا لنقد مغاير ، وهذا ما نسعى إليه من خلال حبر أبيض ، أن نقدم نقادا متخصصين، لنتعلم من خلالهم أولا ثقافة القبول بالرأي الآخر المعارض، وأيضا لنبقى على اطلاع على مدارس النقد نغرف منها المعرفة والفائدة.
Ali Salman- الصديق الذي له في كل قلب قصيدة وفي قلبي مكانة خاصة..
أسألك بعد تجربة واسعة قدمت فيها الكثير للشعر
نسألك ماذا أخذت من الشعر، ماذا تنتظر من الشعر…الى أين ذاهب بالشعر ومع الشعر ..وأخيراً هل أنت شاعر مطمئن..؟!
علي سلمان الصديق والشاعر الذي أحب، سأبدأ من السؤال الأخير هل أنت شاعر مطمئن، أنا يا صديقي مطمئن جداً أن الحياة والشعر وكلنا لسنا بخير ولن نكون.
وسأكون صادقا وأقول لم أنل من الشعر سوى المزيد من الحساسية والتعب، والعزلة، والخسارات التي بلا عدد ، والخيبات القاتلة ، أحيانا حين أخلد لذاتي أتمنى لو أنني لم أقترب من الشعر يوما، لو بقيت مدرس اللغة العربية الذي كان قبل أربعين من السنوات يعلم في ثانويات البلدة ، أمشي الحيط الحيط ، وأحنى رأسي للمسؤولين، وأغض الطرف عن كل انحراف حولي..
كنت وقتها سأبقى هناك في مدينتي البعيدة ، أؤسس عائلة طبيعية، وربما كنت اقتنيت بيتا صغيرا، وارتبطت بزوجة صالحة وقنوعة ، وأقلها كنت عشت كل سنوات عمري وسط أهلي، أقله كنت حضرت جنازة أمي يوم غاردت وأنا لا أقوى على وداعها..
يا صديقي ، الشعر حرمني من كل ذلك، جعلني أغادر باكرا مدينتي ، بعد أن هددوني بقص لساني، جعلني لا أشعر يوما أنني ثابت في المكان والزمان، ومع ذلك لست نادما، اتخذته صديقي الأبر والأوفى ، أشكو إليه وجعي وغربتي، وكلما اقتربت من السقوط في قاع الانهيار تمد لي القصيدة حبلها السري ، أمسك به وأتسلق نحو النور.
وأنا لا أنتظر من الشعر شيئا، لم أفعل كما فعل شعراء كثر من أبناء جيلي بوصولهم إلى جوائز ومهرجانات كبرى، لم أتقن أبدا فن التسويق ، لم أطالب بثروة أو بامتياز ، كنت أطلب ذلك لسواي، ولا يهمني إلى أين سيأخذني الشعر بعد ، يكفيني وأقول بصدق أن الشعر منحني الفرح من خلال صداقات ، ولحظات سعادة تمنحها القصيدة لحظة تغادر المخاض..
الشعر قاتلٌ جميل يا صديقي ، أنا الشاهد فيه وأنا الشهيد.- فاتن عبدالامير الحسيني مساء جميل
أعرف مردوك الشاعر.. وعرفت في وقت ما مردوك الشخص.. وايضا مردوك الغاضب..
الشاعر يكون مرهف الاحساس اضعاف غيره من الناس:
هل يترك مردوك الشاعر أحكامه تنطلق من منطلق كونه شاعراً أم انسانا؟
مسيرة طويلة من الكتابة والنقد والتأليف ..
ماذا جذب مردوك في لبنان ودفعه للاستقرار الادبي والتوسع في دائرة العطاء والعمل فيه؟
بما انك على تواصل كامل مع الكثيرين من مثقفي لبنان/ لماذا لا تعطي رايك الصريح ببعض ما يجري وتراه وتعلم انه غير سليم؟ ولماذا ترى دائرة التملق تتوسع والنفاق يكبر.. وتبتسم؟
صديقتي فاتن الحسيني ، لك التحية وأنا سعيد أنك عرفتني في كل حالاتي ،لا فوارق كثيرة بين الشاعر والإنسان في داخلي ، كلاهما ولد في اللحظة ذاتها ، والشاعر هو الذي قام وعلى مدى ستين عاماً ببناء الإنسان في داخلي وتهذيبه ، وتحويله إلى كائن طبيعي وأبيض وبسيط.
لهذا يتشاركان معا في قراءة الحياة والمواقف والحكم عليها.
أما بالنسبة لبيروت، فللحديث شجون وشؤون، لا أحد يختار الوطن، والمغترب والمستقر، حين كان علي الابتعاد مرغما عن مسقط الرأس ، كانت بيروت البديل الشرعي، فهي كانت ولا تزال الملجأ والملاذ لكل كاتب وشاعر ومبدع عربي ضاقت عليه بلده، واتسعت فيها السجون.
منذ بدايات وصولي عملت في الصحافة المكتوبة ، رئيسا لتحرير أكثر من منبر ثقافي، وقد أجبت في سؤال سابق عن علاقتي ببيروت ، لكنني أضيف أنني كنت أنتهج الجرأة في البدايات وهنا أتحدث عن أواخر الثمانينيات ، كنت أشد في نقدي وقراءتي الآخرين ، وأكثر وقوفا الى جانب الضوء والحقيقة والصواب . كسرني واقع الحال ، كسرني الوسط الثقافي المليء بالزيف في كثير من جوانبه ، انحسار مصداقيات كثيرة أصابني بالخيبة ، رؤية قامات كبيرة في نصوصها قزمة في واقعها جعلني أبتعد ، أصمت كثيرا ، انطفاء بيروت الثقافة في تلك المرحلة مقابل اشتعال بيروت علب الليل ، ضمور بيروت يوسف الخال وأنسي الحاج والسياب والماغوط وسعيد عقل وفيروز مقابل سطوع بيروت هيفاء وهبي ونانسي عجرم ، انتصرت الفقاعة على اللؤلؤة ، الراقصة على الشاعرة ، مجلات ثقافية اغتيلت لتتربع على عرش الصحافة صحافة الابتذال والفضائح والشيف رمزي ومريم نور ، تراجعت بيروت ، ومعها تراجع الألق والعطر والكتاب والكاتب على الصعيد العربي ككل، وأنا وجدت نفسي من أجل أن أطعم عائلتي أعمل في صحافة الفن والنساء وسيدات المجتمع المخملي ، وأبيع قلمي وقصائدي وأخاتل وأناور ، بيروت صنعتني شاعرا وصحفيا ، وبيروت كادت أن تقتل في داخلي الشعر والحبر واليقين !
ومع ذلك أحبها مع أنها تقتلني في اليوم الواحد آلاف المرات ! أحبها لأنها حقيقية في كل شيء، وأراها اليوم وبعد عودتي من الصحراء ورغم كل ما فيها من وجع وآلام ومعاناة، تنتفض على جراحاتها، وتكتب الشعر والرواية ، وترسم ، وتصعد إلى خشبة المسرح، وتصنع السينما، ولأنها تقدم الكثير فلا بد من أن تخطىء أيضا في الكثير..
أما عن التكلف والزيف ، فهذا طبيعي في كل الأزمنة، جربت في مراحل عديدة أن أرفع الصوت والسوط، لكنني اليوم أبتسم أكثر.. ثمة عاصفة صاخبة ، وأنا على يقين أنها ستمر. - حسن حسان مساؤكم أبيض كأنتم
الشاعر المتمرّد مردوك الشامي
يمرّ احدنا بمزاجات سيئة، يكتب إحساسه ويحكي عن ذاته بصورة واقعية، ربما، مع نفحة من خيال.
مردوك الشامي، هل ترى أنّ الكتابة في هذه الحال تريح النفس وتلغي بعض أو كلّ سوء المزاج؟
محبتي لك صديقي الشاعر العميد حسن حسان ، أنا أعتبر الكتابة أهم وسيلة اكتشفتها البشرية كي لا نموت من القهر والصمت.
والقصيدة متنفس حقيقي لصاحبها ، هي تتوهج في أعماقه كالجمر ، إن لم يقلها يحترق.
Gebran Saad – اسعد الله اوقاتك استاذ مردوك ، واوقات كل اعضاء المُنتدى ، وكل عام وكل الناس بخير .
اسئلة عن الموضوع في القصيدة :
1- تقول في احد قصائدك في ديوان اسئلة الغريب الصادر عن سلسلة منتدى شواطئ الأدب – بشامون 2019 – صفحة 45 – 46 :
أمشي عَلى الماءِ دَفَّاقاً كأسلافي قَلبيَ السَّفينُ ، وصَوتُ اللهِ مِجدافي
ودَمعُ أمي على صَدري يُيارِكُهُ دَمعُ السَّماءِ التي تاقَت لإنصافي
يامًريمُ ، الصَّلبُ ناقوسي مدى زَمنٍ في القُدسِ قَلبي وملءَ الكونِ أطرافي
أصحو مَعَ الشَّمسِ حِبري رَحمَتي ، ودَمي خَمرُ المُحبّينَ ، والنُسّاكُ أحلافي .
مِن أينَ لَكَ هذا الآلَم والغُفران ؟ هل يمكن بعض السرد .
مرحبا بك صديقي جبران سعد شاعرا ومثقفا ومتابعا رغم المسافات ، أنا على يقين أن الشعر معادل للغفران، كما هو نتاج ألم، وأعظم حكايات الألم في تاريخ البشر تقترب كثيرا من الشعرية في الموقف والأداء ، من هذا الموقف أرى المسيح إلى جانب رسوليته وألوهيته شاعرا بلا حدود، الفداء والغفران أروع ما تركه من قصائد ، ومن هذا المنطلق أرى دموع مريم العذراء تنهمر من محبرة العفو والرؤيا ، ومن هذا المنطلق أيضا أرى الاستشهاد الكارثي للحسين قصيدة حزن وحرية ، وغفران كذلك.
لهذا الشعر جرار دمع، ولهذا الشعراء الشعراء وهم قلة، يكون الرغيف من أسمائهم السرية.
2 – في نفس الديوان ، تقول في الصفحة 121 في قصيدة ” أريدُهُ رَبّاً لأجلي “
لآ أُصَلّي .. غيرَ أنَّ الشَّمسَ والفِردَوسَ ظِلّي
بَعضُ هَذا الشكّ في قَلبي ولِلإيمانِ كُلّي
لآ أُطيقُ البِئرَ تَمنَعُني ذِئابي خارجَ البِئرِ أنا كَونُ التَجلَي
لآ أرى الله حَبيساً في بُيوتٍ أو سجاجيدَ ، وفي إذلالِ أهلي
كشاعر وكاتب ومهتم بالشأن العام فكراً وشعراً ، هل تؤيّد أن يُعطى للقصيدة بُعداً فكرياً أو روحياً دون أن يطغى الفكر على الشعر ويصير صناعة شعرية ؟
ما قيمة الشعر إن خلا من البعد الفكري والميثيولوجي والجمالي، الشعر ليس فقط رصف كلمات أنيقة وإيقاعات خلابة ، وإلا كان بلا وظيفة وبلا تأثير، والشعر إذا لم يثر الأسئلة الكبرى التي يعجز الآخرون عن ملامستها ، لن يكون كشافا ورؤيويا وقادرا على التغيير والوشم.
استطراداً ، وانت تكتب ، أين يكون وعيكَ ؟ هل تذكر أو تتذكر ؟
صديقي ، لا أرى الشاعر من صنف مغاير للبشر ، هو كما الجميع تماما , الفارق الوحيد أنه يمتلك موهبة البوح بطريقة مختلفة عن الآخرين ، وأنا امتلكتها منذ طفولتي ، ولا أظنني كنت سأكتب القصيدة بالدم والعرق لو جئت الحياة وفي فمي ملعقة من ذهب . لربما كنت تواطأت على الحياة بأكملها الى جانب أعداء الحياة .
بعد آلاف القصائد التي كتبتها ،أدركت أن الشاعر كائن عادي تماما ، وأن عبقر الشعر وجنيات القصيدة مجرد خرافة لا أكثر ، الفارق الوحيد بين الشاعر والآخرين أنه أكثر ضعفا وهشاشة أمام الجمال والحب والألم ، وأن دمه من زمرة الحبر ، وأنه يميل الى الجنون قليلا اعتقادا منه أن الجنون معادل للحكمة ؟.
لهذا أنا لا أعير أي أهمية لما يقوله الكثيرون أن للكتابة طقوسها ، وأنها تبدا في اللاوعي، وأن الشاعر يسقط في الغياب ليضمن الحضور..
أنا أكتب في منتهى الوعي .
3 – في نفس الديوان صفحة 149 قصيدة انبعاث :
أنا العَصافيرُ تَعلو غيرَ آبِهَةٍ بِمَنطقِ القَنصِ ، وقتَ المَوت تنعتقُ
وتِرسمُ الأفقَ تَلويحاً وزَقزَقةً فِلا يعودُ إلى أحوالِهِ الأفُقُ
هذه الفكرة التَموزية في القصيدة / فكرة الفداء دون التفكير بأي ثمن ، والتي اشتغلَ عليها شعرياً كُثر ، خليل حاوي – بدر شاكر السياب … الخ ، لكن هذه هي المرة الأولى حسب اطلاعي ، اقرأ عن نفس الفكرة شعراً لا يكون فيه البطل الشهيد عملاقاً أو قامةً ضخمةً ، عصفورٌ فقط !! طيّب ، هل تعتقد أن الأفكار التموزية الضخمة التي تولّعنا بها لعشرات السنين استنفذَت ذاتها ؟
الانبعاث من الموت، القيامة ، الفينيق، كل هذه القيم وجدت لها في الشعر الكثير ، وكما ذكرتَ الشعراء التموزيون تبنوها بقوة، وكان سبقهم إليوت في الأرض الخراب ، كما ذكرت في إجابتي للحبيب يونس، دعني أقول لك في كل شاعر مسيح ، وإن خلا منه لن يكون شاعرا، وفي كل شاعر شهيد ما، يعبث بدمه وعقله، ثم مما يشكو العصفور ، أليست قامة زقزقته تنشد الحرية أكثر هيبة من أسدٍ وجبال.
اسئلة من ضمن اهتمامك بالشأن العام في بلاد الشام والعالم العربي :
1- في الغالب الأعم ، معظم الدواوين الشعرية الصادرة في لبنان باللغة المحكية العامية ، تُعَنون على الغِلاف ( شعر باللغة اللبنانية ) وليس باللغة المحكية اللبنانية !! عدا طبعاً دواوين الشاعر ميشال طراد منذ العام 1954 مع مقدمة سعيد عقل ، والمجموعة الكاملة للشاعر عصام العبدلله التي عُنوِنَ غلافها ب ( شعر بالمحكية اللبنانية ) أو الأعمال المسرحية الكاملة للأخوني رحباني .. الخ
كيف تنظر إلى عَنونة دواوين الشعر المكتوب باللغة المحكية اللبنانية ب ( شعر باللغة اللبنانية ) ؟ هل تعتقد أنها لغة لبنانية ؟ علما أنها تتقاطع مع لغة بلاد الشام العامية بنسبة كبيرة جدا تصل حد التطابق !! وهل يمكن عندها طباعة دواوين مكتوبة باللغة المحكية السورية وعنونتها على انها ( شعر باللغة السورية ) ؟ أو مثلا تُعَنوَن القصائد التي غَنَّتها ام كلثوم وعبد الحليم بِ ( شعر باللغة المصرية ) ؟
سؤال كبير ، والجواب عليه يحتاج الكثير من الالتفاف وماشابه ، أنا شخصيا لا أتفق مع فكرة أن المحكيات لغات ..
لم يبق من شيء يوحدنا كناطقين بالعربية سوى الفصحى، فكيف لو قررت كل بلدة وقرية اعتبار لهجتها لغة رسمية ..
وهذا لا ينفي الأهمية الكبيرة لكل ما كتب بالمحكية اللبنانية من شعر وقصائد تبز في حداثتها وجمالها الفصيح .
وأنا أقترح أن نحيل هذا السؤال قريبا لى ملتقانا ، نفرد له ملفا ويتشارك في التحاور معه أهل الاختصاص .
2- بعد انحسار ديوك المنابر الثقافية ، الحزبية او غير الحزبية ، بسبب حضور الفيس بوك والتغيرات التي طرأت بعدهُ على كل الحياة ، هل ترى أن الشعراء صاروا اكثر حرية ، وتحرروا من علاقات و مواضيع شعرية اجبروا عليها بغرض النشر ؟ اذا كان الجواب نعم ، هل يمكن بعض الأمثلة .
أنحسر كما قلت ديوك المنابر الحزبية ، وكانت البدائل بكل أسف المزيد من الديكة والدجاجات على منابر التواصل الاجتماعي.
وأمثلة بلا حصر ولن تحتاج لكثير تدقيق.
لكن ما بين الأمس واليوم تبقى هناك شعراء من فصيلة الشعر والعندليب، وهؤلاء لن يكونوا ديكة مهما اختلفت المراحل واختلت الأزمنة.
3 – بعد الحرب السورية ، وتدمير وطن بالكامل ، وتحويله الى حَلَبة تتقاتل عليها قوى اقليمية ودولية عبر وكلاء لها على ارض هذه الحَلبة الدموية ، و صار الناس بلا امل ولا افق ، هل تعتقد أن هناك متَّسعاً بعدُ للشعر والجَمال وكل هذه الأسئلة ؟
هناك متسع للشعر في كل الخراب الذي نشهده، في كل الكوارث التي مرت ليس فقط على سورية بل مدى التاريخ ..
أثقُ سيكون الناتج شعرا كثير البكاء والوجع، ستكون هناك روايات وأدب كثير يغمس ريشته في محابر الدم ..
الشعر يا صديقي هو المنقذ الوحيد للجمال من كل تلك الجمهوريات القبيحة والموحشة.
Mohammad Shaaraniلا شك أن فقرة ضيف حبر أبيض من الفقرات الهامة جداً ونقلة نوعية باتجاه مد جسور التواصل بين الشاعر والمتلقي من جهة وبين الشعراء فيما بينهم من جهة أخرى ولقد كان الأستاذ مردوك ” دينامو ” الحوار والتحفيز على المشاركة والتعريف بالضيف ..( دون اغفال الجهد الكبير لجميع الأساتذة ) واليوم شاعرنا المردوك الجميل هو الضيف ..وكأني به الآن مثل العريس في ليلة زفافه لا يستطيع الحراك وكل حركة محسوبة ( للدعابة بالتأكيد )
سأشارك ببعض الأسئلة في هذا الكرنفال الجميل والإحتفاء المميز :
1- هل القصيدة قلعة الشاعرالتي يحتمي فيها وبها من عواصف الاغتراب والشجن، أم هي نافذة يطل منها على أشيائه السرية والحميمة ..؟ أم هي عصا سحرية للوصول الى القلوب ؟
2- وأنت تكتب هل تُفكر في المتلقي ..؟ يقال أن بعض الشعراء يكتبون قصائدهم و أن البعض الآخر تكتبه القصيدة ..ما رأيك
3- داخل كل شاعر طفل صغير ..هل طفلك الداخلي مشاغب ..؟ ام هادئ مستكين ..؟ وما هي أبعاد طفولة الشاعر وكيف تلتقى بكراسة الشعر ؟
4- تجتمع المرأة والقصيدة بخيط الغواية .. كيف تتجلّى صورة المرأة في قصائدك؟
صديقي الناقد والمسرحي الجميل محمد الشعراني ، لا أخفيك ، كما لا أخفي عن الأحبة في حبر أبيض ، أن حضوري الليلة كضيف جاء بدلا عن ضائع، اعتذر الضيف المقرر، وكان علي تحت إلحاح الأحبة في إدارة المنتدى أن أكون كبش الفداء ههههه
- القصيدة هي كل ما ذكرت ، وهي بالاضافة إلى ذلك مخدع الشاعر، وحديقته، والحبل المتدلي من أعالي الطغيان ، وبرودة المقصلة.
- حين أكتب أفكر أولا وأخيرا بالمتلقي ، كيف سأصل إليه وأدهشه ، وأجعله يحبني ..وكل الشعراء يفعلون ذلك وينكرون. أما بالنسبة هل أكتب القصيدة أم تكتبني ، هي مجرد افتراءات شعرية تضفي على الشاعر قدسية اللحظة، والواقع ليس كذلك.
- الذي يكتب الشعر في داخلي هو ذاك الطفل البعيد ، لو نضج يوماً ، سيصير مثلي أشيب الشعر ، مبتليا بجسد كثير الخيانات ، عندها لن يكتب الشعر، سيكتب ما عليه من ديون، وما يحتاج إليه من أدوية وعقاقير لكي يستمر على قيد البلاء.
Imad Karoutصديقي الغالي مردوك الشامي
الى من نحتاج اكثر لتغيير الواقع الكارثي الى الفيلسوف المنظر ام المثقف الفاعل ام القائد الثائر ام السياسي المحنك الصادق ….
وما دور الشاعر الأثيري بين هؤلاء في تغيير شيء ما ..؟
الغالي الشاعر عماد قاروط ، نحتاج لتغيير واقعنا الكارثي لكل هؤلاء، لكن في مقدمهم نحتاج إلى المواطن العزيز النفس الذي لا يقبل من أي كائن سلبه كرامته والرغيف.لا يقبل من أي زعيم أن يحوله إلى مطية يركبها ، ولا من أي انتماء طائفي ومذهبي ينسيه أن الطين كان وسيبقى انتماءه الأول والأخير.
Werad Khederالأستاذ الشاعر الأديب مردوك الشامي عمود من أعمدة الشعر الكبار الذين بدأنا نفتقد منهم الكثير في سماء الشعر وقد كتبت رثاء للشاعر المحامي ابراهيم منصور رحمه الله وقلت :
فإن رُفعَت سماء دون عمد بفقدك كم سيثقلها انحناءُ
سؤالي :أعمدة الشعر الذين نستند على خبراتهم وتجاربهم منهم من حمل الراية (وأنت أولهم )وحاول صنع التغيير في الجيل الجديد والكتاب الجدد وأضاء لهم طريق الإبداع وأشار إلى موضع الخطأ بهدف التقويم ومنهم من استسلم وفقد الأمل باستمرار رسالة الشعر بالاتقان والجمال والاختلاف والدهشة؟؟
مارؤيتك لمستقبل الشعر خلال السنوات القادمة ؟؟
يُعرف عنك الأدب لغة وحضوراً وخُلقاً
الأدب بالتعريف هو رياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ماينبغي
كيف نستطيع أن نمنع الأدباء والشعراء من الإخلال بهذه الصفة والترفع لفظاً وإيماءً عن مايسيء لصفة الأديب ؟
وأخيراً كم من المحبة والتقدير والإعجاب والأثر الطيب الذي نثرته خلال مسيرة طويلة من العطاء سيبقى ساكناً في قلوبنا إلى مايشاء الشعر
صديقتي الغالية الشاعرة وراد خضر ، أقول بثقة أن الشعر سيبقى ، وأننا سنشهد في المستقبل تطورا أكبر في القصيدة والأشكال الشعرية .
أما بالنسبة للسؤال الثاني عن أدب الشعراء وسلوكهم الأخلاقي،فالأخلاق يتشربها الإنسان مع حليب الأم ، ومع بيئته الأولى ، ومحيطه، وأنا أرفض أن يتحدم الأديب عبارات فيها قلة أدب، عندها تنتفي عنه صفة الأدب وتبقى الصفة الثانية، لكن أمثال هؤلاء عابرون وقلة في المشهد الثقافي.
شكرا لمحبتك وثقتك صديقتي ، ولن أنسى أمسيتك البيروتية مع الحبيب حسن بعيتي وكم تركتما فينا من أثر.
Maroun Abouchacraالشاعر الكبير الصديق مردوك الشامي ، من الشعر الى الصحافة الى النقد الى الكتابة المسرحية ، ما سرّ هذه الغزارة ؟
وماذا تنتظر من الشعر أن يقدّم لك؟؟؟
الغالي مارون ، هذه الغزارة التي أتميز بها ، أعتقد أنها نعمة ونقمة في آن، أنا لا أتقن شيئا في كل حياتي سوى أن أكتب، وكي أكون صادقا أكثر أيضا أتقن الطبخ ، والزراعة، لكنني أنشر ما أكتب ، وأخفي بقية ما أتقن لوقت الضرورة ..
هل تعلم فكرت مرارا في السعي لافتتاح مشروع يهتم بالطعام، فللطعام أهمية أكثر في حياة العرب من الشعر والقراءة والفكر ..
ولم يتحقق المشروع لأنه يحتاج لرأسمال، الكتابة رأس مالها متوفر لدي ، الإحباط ، والخيبات ، والقهر، والوقت الواسع من الفراغ..
أحيانا أشعر أنني مجرد محبرة ، وأن العالم كله من ورق.
أما عما أنتظر من الشعر ومايقدمه لي ، أجبت في سؤال سابق وأجيب أيضا : اجمل ما قدمه لي الشعر أصدقاء وأحبة وأعداء بلا حدود .. أرايت أجمل من ذلك الميراث؟
Mohammad Shaaraniوانا أقرأ قصيدتك المهداة للشاعر مارون الماحولي والتي نشرها على المجموعة اليوم مشكوراً خطر لي سؤال وأنا أتابع هذا الحوار المتناغم العالي المستوى : أين نحن الأن من توثيق الرسائل والخطابات والإهداءات الأدبية بين المبدعين ..؟ لأهميتها الثقافية وقيمتها الإنسانية والأخلاقية ..
مارون الماحولي شاعرُ صدقٍ وصديق شاعري بامتياز ، هو استحق قصيدتي ، لأنه شاعر يطابق نصه سلوكه الحضاري والانساني، أظن عهد الرسائل بين المبدعين انتهى بعد سيطرة الواتس آب وسواه من وسائل التواصل الاجتماعي ، وأحيانا أشعر أنه يليق بها أكثر تسمية وسائل التباعد الاجتماعي ، لوكان جبران وماري هاسكل ، غسان كنفاني وغادة السمان وكثيرون يستخدمون مثلنا الواتس ، لما حظينا بتلك النصوص الجميلة والخالدة، مع تسجيلي التحفظ على بعضها.
Ziad Akikiالغالي مردوك…سؤالي لك متشعب أرجو إليك الجواب بملء وصراحة وجرأة :
المشهد الثقافي اليوم..أهو يحضّر لنهضة أم لانتكاسة؟؟؟ ما له وما عليه؟؟؟ ما الذي يعجبك وما الذي يؤلمك؟؟؟
الحبيب زياد ، أعرف أن كل ما أعرفه تعرفه أنت، وكل ما سأقوله
قلناه كثيرا في لقاءات لنا وإسرارات، ومع ذلك سأحاول أن أكون صادقا وأظنني كذلك دائما، مع أن الصدق معادل في هذا الوقت من عمر البشرية للإنتحار
الفساد اليوم يا صديقي هو ملح الأرض ، وهو في هذا التوقيت العجائبي
الحاكم الفعلي لكل مرافق الحياة ، فساد في السياسة، في القضاء ، في الفن، في الثقافة، والمكرس له فعلا هو فساد القيم .
حين تفسد قيم المجتمعات، أول المتضررين فنونها وثقافاتها، وأنا أتحدث هنا في العموم ، لا أضع لبنان وحده تحت العدسة ، كل عالمنا العربي بلا استثناء قائم على الفساد ، والفساد الذي يستحكم رأس المجتمع، يستوجب تعويم الفساد في كل شيء ، كل شيء، لكي يبقى رأس الفساد الأكبر بعيدا عن مقصلة القصاص.
الثورة الفرنسية قامت على المفكرين والشعراء والفنانين ، ونجحت لأنها كذلك ، ومنذ تلك التجربة هدف الحكومات العربية جميعها تلويث أهل الفكر والفن والأدب وجرهم إلى حظائر التبعية والانحناء ، ومن عصى فله المعتقل أو العصى.
في لبنان يختلف الوضع، ويذهب الفساد الثقافي إلى أبعد من التبعية لحاكم أو نظام ، التبعية هنا أكثر تشعبا ، هي لأشخاص وقبليات، وعشائريات، وزعماء ورجال مذاهب معممين، ودول ومرجعيات خارجية ..
ما حدث في الأشهر الأخيرة منذ قيام الثورة نزع الأقنعة وفرز المثقفين والشعراء ..
وما حدث خطير ، فهو كشف هشاشة كل ما سبق، أسقط منتديات في الفخ الطائفي، وأوقع مثقفين في البئر المذهبي، وصمت كثيرون، ورفع كثيرون أيضا صوت الانتماء القصير المدى ، وفي كل هذا الارتباك الملتبس بقي لبنان كأرض ووطن خارج الانتماء التوحيدي لغالبية من عليه من بشر .
أقول بصدق ، ما يحدث مخاض حقيقي، وأثق فعلا أنه في النهاية سينتصر لبنان الواحد ، ويقوم لنصرته مثقفوه وشعراؤه وعشاقة الأكيدون.
أما في السؤال عما يعجبني وما يؤلمني، فأقول ما يعجبني يؤلمني لأنه قليل.
يعجبني الشعر حين يكون المنبر الواحد، والمنبر حين يكون الوطن الواحد، والوطن الواحد حين يقدم للجميع رغيف المحبة كاملا قبل أن يتناهشه الأدعياء .
Youssef Hassan Aliالشاعر المبدع
كل التحيه والتقدير لكم كشخص وكمبدع وكإنسان يحمل الثقافة عنوانا والأدب منهجا- من كل ما انجزته خلال حياتك ونتمنى لك العمر المديد السعيد. ما هو الذي أتعبك أزعجك امتعك قيدك الى اتجاه محدد
وما الذي سلب منك جزء من حريتك او اعطاك مساحات أكبر للإبداع
كل تقديري لكم
صديقي يوسف أمور كثيرة تتعب وتزعج وتقيد في الحياة ، لعل أكثرها طلب الرزق.
والذي سلب مني جزءا من حريتي هو الظلم العام، وهو في الوقت ذاته دفع بي نحو الحرية لتتسع مساحة الإبداع.
Laudy Chameseddineمساء الشعر والورد
تحايا احترام وتقدير للشاعر المبدع والعزيز استاذ مردوك
برأيك هل قصيدة النثر ليست موازية وسواسية بروحها مع القصيدة الموزونة؟
ومتى يُطلق على الشاعر لقب شاعر؟
صديقتي الجميلة لودي ، أنا أرى اللغة موادا “خام” لا أكثر ، مواد قابلة للتداول نصِفُ بها الجمال والقبح ، يستخدمها العامة والكتاب ، ما يعطيها القيمة ويرفعها من الشارع الى القصر ، موهبة الشاعر واتقانه حرفة تشكيل الصورة والأفق والفضاء والمدى واللانهائي من الصراخ . وما يميز لغة شعرية عن لغة شعرية أخرى ، مقدرة الصائغ على ترصيع العادي من الأبجدية بإيقاع الروح والأعالي , لهذا الشعراء قلة ، وبين من يكتبون القصيدة الموزونة وسواها من أساليب إيقاعية نثريون كثر ، النثرية تنوجد حتى في الشعر .ولا تصير اللغة شعرا إلا في حال حملها الشاعر من المألوف والعادي الى الابهار ، والابهار لا يكمن في البلاغة والعويص من التركيب اللغوي ، ربما في العفوية والشفافية والفطرة بريقٌ عظيم ، هو بكل بساطة جمرة الشعر .
انا شخصيا لي وجهة نظر في الشكل الشعري وفي الثوب الذي ترتديه القصيدة ، بداياتي الشعرية كانت مع القصيدة العمودية المقفاة والموقعة على بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي ، ولا ازال اكتبها ، اذا استدعت القصيدة ذلك ، فيما بعد كتبت قصيدة التفعيلة ، ثم القصيدة النثرية ، لكني عموما أرى الشعر خارج قماشة اللغة وطريقة تفصيلها ، لتكون عباءة ، أو قميصا ، أو فستانا ” مودرن ” . الشعر في عطر الوردة وليس في تويجاتها وشوكها ، في تغريد الكنار وليس في عنقه الضئيل ، في الضوء وليس في لهب القنديل !
أما عن إطلاق لقب شاعر ، دعيني أقرب الموضوع أكثر ، قديما كانت العرب تحتفل كل مائة عام بولادة شاعر، اليوم للأسف تنجب صفحات الفيس بوك كل يوم مائة شاعر.
الشاعر لا يحتاج للقب.. هو شاعر وكفى.
Nariman Alloush- صديقي الغالي
يقولون إن القصيدة تشرب أنفاس شاعرها وتتوقّد من رئتيه حتى يتقاسمان روافد الأوردة ويتوحّدان معا في نبضة المعنى..
سؤالي لك: هل هذا التوحد بين الشاعر وقصيدته يمكن أن يحمي الإثنين من خطر الإنشطار والإنشقاق.. وهل يمكن لأحدهما أن يخون الآخر؟
خالص محبتي وتقديري
الغالية والمرهفة ناريمان، الشاعر وقصيدته دائما في وحدة مسار ومصير، كلاهما يحمل الآخر، يتعكز عليه، يسانده ويسنده، العلاقة بينهما انصهار أكيد، وهذا يجعل القصيدة الحقة تشبه صاحبها، أما عن الخيانة لا أظن القصيدة تخون.. الشاعر يخون قصيدته أحيانا.- رائد المختار: لك مني كل تحيه وسلام الشاعر مردوك الشامي شاعر الحب والكلمه الصادقه .معظم الشعراء يكون لديهم الحب لحبيبه لصديقه .لاحظت من قراءاتي لشعرك ان الحب لديك حبيبه زوجه ام اب اخوه وطن ناس طبيعه سماء.ماهو الحب الاكبر والاعظم لو اخترنا واحدا من هؤلاء.
أخي رائد ، وأنت القريب إلي منذ البدايات مع الحب والشعر، بحكم كوني الشقيق الأكبر لك ، كل حب زائل، مخيب للأمال، وأنا كما تعرف عشت خيبات بلا عدد ، الحب الأعظم هو الأم .. حين تموت لا يبقى حب، ولا سقف بيت ولا عائلة .
Arlette Rouhana Ghanemتحيِّة للشاعر المفعم بالبياض من أعلى شَعْرِه حتى أخمصِ شِعْرِه.. الشاعر مردوك الشامي.
المحابر ملأى بالألوان:أوّلها الأزرق والأحمر والأخضر وغيره….
لِمَ حبرُكَ هو أبيض؟؟؟
هل لترسمَ هالةً حولَ من يمرُّ ببال خاطرك؟؟؟او لحاجتنا لحبر أبيض صادق؟؟
وانت بعينك الثاقبة وأذنك الناقدة، من تضع تحت قصيدته خطًا أزرق، ومن تشطب قصيدته بالحبر الأحمر؟؟
صديقتي ارليت غانم ، شكرا أولا لكلماتك الطيبة ، وثقي أن البياض يعنينا جميعا، وهو حاجة ملحة اليوم في ظل اتساع رقعة السواد اللامحدود.
وأنا اخترت الحبر الأبيض لأنني اثق ببياض قلوب الأنقياء والطيبين والموجوعين ، وأثق أكثر أن القلة من البيضاء تماما كما النور قادرة على مجو السواد والعتم الشديد.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فأنا لست مخولا بإبقاء وشطب، لكن بيني وبينك ، إذا قررت الإجابة على سؤالك فسأحتاج لحبر أحمر كثير.
Ekmal Seifldeenتحية إلى شاعر اشترى الشمس لينسج من خيوطها بيوت القصائد ليهديها أطواق الياسمين وذكريات شجرة النارنج وأحلام الطير المهاجر. ..
سؤالي كيف استطعت ان تكون معا شاعر وناقد؟
وألا تظن ان هناك تنافر بين الشعر والنقد كقطبي مغناطيس رغم الإبداع
فالنقد تشريح للنص عالارض مهما كان النقد بناء ومهم..
وخصوصا إن مفهوم النقد عند الأكثرية فيه نفور وفتور اتجاه الناقد
والشعر لشخص من خيال وجمال ودهشة وغموض ورهافة يحلق بين السماء والأرض بعيدا عن شخصية الناقد
الاتعتقد ان النقد قد يؤثر على شعبية الشاعر وجمهوره التي يحتاجها في مسيرته الشعرية
صديقتي القريبة جدا إكمال وشريكتي في حبر ولون ، شكرا لمحبتك والوفاء ، وأجيب عن سؤالك بأني شاعر فقط ، ما أكتبه من أراء في ما يكتبه الآخرون، أو ما أعلق به على أمسيات وندوات وقضايا ثقافية ، يمكن اعتبارها من باب الآراء الانطباعية لا أكثر.
الناقد الذي في داخلي أحاول توظيفه فقط حارسا على قصيدتي وحياتي.
والناقد الحقيقي الصادق ، قد ينفر منه الذين لا يقبلون بالرأي الآخر حتى ولو كان على حق.
حنان فرفور: الصديق الكثير وشريك الحلم والطموح والمسير، لمن لا يعرفك جيدا أقول إن العناد أحد أهم صفاتك التي أجلها وأقدرها فيك، فلطالما أحرقتك المنافي والقصائد، ولطالما انبعثت من تحت الرماد، سؤالي:
هل كان الأمر يستحق فعلا كل هذا النضال يا صديقي؟ ٢ تلفت صراحتك وتفانيك من أجلها دائما من حولك، لكنك تفاجئهم أحيانا وتفاجئنا بدعمك وحماستك لمواهب متواضعة، فما الفلسفة خلف كل هذا الذي قد يبدو تناقضا؟
٣_ الشك والتمرد والحزن ثيمات واضحة في نصوصك، هل يحق للشاعر أن يحمّل القصيدة دوما هذه الفيوض؟ ثم ألا تخاف أن يهرب الشعر حين يتشابه الشعور ويستنسخ؟
٤_ بعد هذا العمر الزاخر بالنجاح والاخفاق والحفر والتحليق..لا شك وعلى قولة الشاعر محمد علي شمس الدين صرت تجربة فريدة وخاصة جدا، ما نصيحتك التي تجود بها لي/نا؟
الغالية والعالية حنان، وشريكتي في كل القضايا الخاسرات والتعب الجميل ، أظن الأمر كان يستحق ، يكفي أنني حين أقف أحيانا أمام مراياي لا أتلقى منها الصفعات.
يكفي أنني سأحظى ذات يوم باحترام أبنائي حين يقرأون في مكان ما، في يوم ما، أن هذا الرجل حفر قبره بقصيدته ووضعها شاهدة للريح.
أما السؤال الثاني:
قد أكون قاسيا في رأيي ببعض المكرسين نجوماً وهم لا يستحقون، لكني أبحث عن مواهب جديدة ، فيها بذورٌ تبشر ببراعم وثمار وأقف إلى جانبها ، وهذا لايعيب.
ربما أنتقم بذلك من كل الذين لم يقفوا إلى جانبي حين كنت في البدايات.
في السؤال الثالث:
هذه الثيمات ، هذا الثلاثي الذي لاحظتيه كما لاحظه كثيرون في غالبية قصائدي هو ما يحدد لي طقس قصيدتي ، لا أظنني أقترب من الاستنساخ كثيرا ، ولا من التكرار ، أنا أنوّع صوت الأنين كما المواويل .
يا صديقتي أنت تعرفين أن مردوك الشامي رجل بلا حظ وشاعر بلا فرصة أضاع محبرته ليشتري بثمنها كثيرا من الكسل وقليلا من الخبز ! .
في السؤال الرابع:طبعا أوجه التحية للصديق الرائع والشاعر الجميل محمد علي شمس الدين ، وإن كان من حقي توجيه نصيحة ، فأنا أوجهها فقط لأني كبير في السن والتجربة ، وأعترف أنك وكثيرين أكثر شعرية وأهمية من كثيرين من أبناء جيلنا ومني شخصيا ، أقول فقط كوني أنت تصنعين نصك الخاص، لا تسكتي على وجع، ولا تغضي الطرف عن مظلوم، ولا تنحني للظالمين، الشعر موقف، والشاعر الذي بلا موقف لا يقدم شعرا للمستقبل، وأن نعيش الشعر بكل تفاصيله، حينها نكون قادرين على تدوينه على الورق، أنت يا حنان وشهادتي فيك مجروحة ، ومسؤول أنا عن رأيي فيك ، أكثر شعرية من شاعرات وشعراء بلا عدد .
ميار برجاوي ١-قبل أعوام تواصلنا معك من إذاعة البشائر وكانت المناسبة العيد، وللمفارقة اليوم أيضا نحيي العيد. يومها أذكر تعليق زميلتي مقدّمة الفترة: “من وين ناكشة هالشاعر، كتير شعره حزين، بس يا الله شعره قدّي رائع”. منذ ذلك الوقت وأحاول رصد كمّ هذا الحزن الممزوج بالروعة في قصائدك، ولطالما تملّكني الفضول لأسألك: لماذا أحزنت المستمع الذي يبحث عن الفرح ولو المُصطنع في العيد فحتّى مريض القلب يضعون له جهاز تنفس إصطناعي ليحيا وقت الأزمة الصحيَة؟ ألم يكن بوسعك التحايل على الحزن ولو ببيت يبعث الأمل في مثل هذه المناسبة؟ وفي المقلب الآخر لماذا بتقديرك هي كما معظمنا يجذبنا الحزن ونتماهى بوصفه بالرائع رغم بحثنا عن الفرح والبهجة في الأعياد؟
٢-قبل يومين كانت مناسبة اليوم العالمي للصداقة. حضرتك محاط بعدد كبير من الأصدقاء سواء هنا في هذا العالم الإفتراضي أو حياتك المهنية والشخصيّة. ماذا تعني الصداقة في مفهومك وكيف تنتقي أعز أصدقائك الذين تثق بهم؟ كم يبلغ مقدار الثقة الذي تمنحه إذ ثمّة أصدقاء عابرون وأصدقاء يخونون عهد الصداقة بعدما منحناهم كامل الثقة، وأصدقاء يستحيل عبور الضيق والتجارب والخيارات من دون الفضفضة لهم والإستشارة أحيانًا؟ وما يميّز الصديق الشاعر في حياتك تحديدا عن غيره من مروحة الأصدقاء؟
٣- قلت لي مرّة: لولا الكتابة لا شيء في الحياة… يبدأ القلم معنا خيطًا لطائرة من ورق وينتهي عكازًا” وكان ذلك في سياق تعقيب على منشور رائع لك تقول فيه: “الطريق: طفل خربش بقلم التلوين سطرًا لا ينتهي. عجوز يجلس آخر السطر ينتظر قلمه البعيد”. ماذا عن منتصف الطريق، بأي توصيف تشبّهه؟ وكيف تساعد الكتابة في إحياء منتصف الطريق من دروب موت وقهر كثيرة ننزلق فيها؟
٤- في إحدى مقابلاتك قلت: “الثقافة ليست مجرد كتاب يُنشر أو مسرحية تُحضر، هي سلوك إنساني إجتماعي. أنت بحاجة قبل أن تنشر الشعر إلى تثقيف الناس شعريًا. بحاجة قبل أن تكتب نصًا نقديًا إلى أن يكون في الناس ثقافة نقديّة تتقبّل الرأي الآخر”. في تقييمك العام للمشهد الثقافي العربي اليوم سواء من قبل الناس أو حتى الفئات المثقفة هل من السهل إشباع هذه الحاجات شعرًا ونقدًا وتثقيف الناس؟ الملامة والمسؤوليّة الأولى على من تقع بتقديرك في هذا التخابط الثقافي؟ وما هو أبرز مقترح تقدّمه كحل لإشباع هذه الحاجات ومدى إمكانية تطبيقه رغم هذه الظروف المحيطة؟
٥-حضرتك حائز على دكتوراه في التنمية الإعلامية وفي إحدى المقابلات معك ذكرت أن “الإعلام في عصرنا يذهب إلى الهشاشة والسطحية ومرتهن في بلاط المعلن… نحن في زمن لا يحتفي سوى بالفقاعة والمزيف والتافه السطحي، والإعلام يساهم إلى حد كبير بتكريس ذلك”. وأذكر مرة قلت لي “الرسالة محدودة ومسقوفة والإعلام حريّة وتحليق وأنّ مجال العمل بالإعلام بحاجة للإنفتاح على التجارب الجديدة”. لن أطلب توصيف الحال والسبب والنتيجة فهي واضحة في كلماتك وفي الواقع، ما نطلبه منك وإنطلاقا من خبرتك في مجال التنمية الإعلامية تقديم مقترح عملي لتحقيق التنمية وما تحتاجه من عناصر ومقوّمات بالحد الأدنى هي متوفرة وحين تقول تجارب جديدة ماذا تقصد بها مع ربطها بتحقيق التنمية المنشودة؟
٦- “يبرشنا الزمن” توصيف ذكرته ذات نقاش عن موضوع آخر يتعلق بمبرشة الأسئلة. غالبًا عبارة البرش تُفسّر بالمعنى السلبي أكثر من الإيجابي. ولكن يبقى هناك وجه سلبي وآخر إيجابي. ما أكثر ما برشه الزمن فيك شخصيًا ومهنيًا وفي الوجه السلبي كما الإيجابي؟
٧- “محترفو العطاء الإبداعي، مجرّد ضحايا أينما يكونون، مجرّد شهداء ينتظرون الدفن”. مقولة لك. مقولة بليغة لكنّ روحها إحباط وتشاؤم، لما تُحبِط المبدع بالمصير المُنتظر رغم أنّك أكثر الداعمين للإبداع والمبدعين؟ ألا من سبيل لثورة إبداعيّة تنصف المبدع وتعاقب المجرم أم قانون الإبداع يُعدى من قوانين كثيرة غير عادلة حولنا؟
٨- “أفتح السطر وأطوي العمر في بيتين من شعرٍ وأغفو في الكتاب”، مقتطف من شعرٍ لك، فكم تبلغ مدّة غفوتك بين طيّات الكتاب وأي حلمٍ شعري يراودك خلال الغفوة وكيف تحوّله واقعًا؟
٩- عناوين إصداراتك لافتة، ولكن أتوقّف عند إثنتين لفتني ورود مفردة الأسئلة كقاسم مشترك بينها. الأول “أسئلة ساذجة” والثاني “أسئلة الغريب”. هل هو محض مصادفة أم لحضور “الأسئلة” خلفيتها في العنوانين؟ ماذا تعني بسذاجة السؤال وألا ترى مطلق سؤال قد تعتبره أنت ساذجًا يكون عميقًا بنظر غيرك ولو بدا بديهيًا؟ وبصراحة ما هو أكثر سؤال ساذج وُجّه إليك في حياتك حتّى لو كان بيّن أسئلتي هنا؟
١٠-حديقة منزلك غنيّة ومثمرة وطالما شاركتنا بصورٍ حيّة منها وفي إحدى المنشورات ذكرت أنّك حوّلت حديقة منزلك من مساحة تراب إلى جنّة. ومرّة أخبرتني أنها مساهمة بتجميل قباحة الحياة التي نعيش. ماذا عن حصّة الحديقة في إنتاج العمق المثمر والناضج في مسيرة الشاعر مردوك الشامي؟ ولو طلبت منك زراعة حديقة قيمٍ ما هي أهم خمس قيم إنسانيّة تزرعها فيها وبماذا ترويها جميعها لكي نجمّل قباحة الحياة التي نعيش؟
صديقتي ميار برجاوي، أعترف أنني دائما وفي كل سبت أنتظر أسئلتك ، لأنك تضعين فيها فكرك وبحثك وسعيك لاكتناه كل ما هو جميل ويضيف للقاء.. وأعترف الآن أن أسئلتك ستحملني المزيد من التعب وأنا أحاول أن أعطيها حقها من الإجابات.
هل تعتقدين أنها مصادفة ، أن يكون لقاؤنا اليوم في العيد ، كما اللقاء السابق ، ألا يدل هذا على أكذوبة الأعياد، وأن الفرح قليل، ربما لو أن غيري كان في هذا الموقف لاحتال على الوجع وقرأ للعيد الفرح والآمال، مشكلتي الكبرى وقاحتي أحيانا، عمليات التجميل يا صديقتي أشنع أكذوبة عرفها التاريخ.
في سؤالك الثاني عن الصداقة : يا صديقتي ، ما أكثر الأصحاب والمعارف، وما أندر الأصدقاء ، الصديق الحقيقي عملة نادرة فعلا، هناك علاقات مصلحة، صحبة بحكم الواقع الجغرافي، وما يأتي من علاقات في العالم الافتراضي ، القليل القليل منه يتحول لصداقة فعلية.
لدي أصدقاء وصديقات بين الشعراء ، نتسارر، ونمارس النميمة البيضاء أحيانا، وأنا سعيد بوجودهم .
في السؤال الثالث: حين قلت لك في حديثنا “يبدأ القلم معنا خيطًا لطائرة من ورق وينتهي عكازًا” كنت على صواب، الإنسان بشكل عام يعيش إنسانا في مطرحين : الرحم والقبر، ما بينهما ، ما يسمى رحلة العمر، مسافة قابلة لكل شيء، للسعادة والقهر، للمطبات والأعالي، للإستقامة والانكسارات، أنا أرى تلك الرحلة من خلال تجربتي الشخصية مساحة للكتابة ، أحاول من خلالها أن أعكس مسيرة الحياة، لأقول إن الرحلة تبدأ من القمة، ثم تنتهي في المحطة الأخيرة ،، أنا أنظر للزمن ، للعمر بطريقة مقلوبة ، ارى الإنسان في لحظة ولادته يكون في قمة عمره ، ثم يخسر سنواته ، كلما تقدم على السطر ، إلى أن يصل في الختام لمرحلة الصفر.
وإذا صدقت الحكايات والأساطير وكان هناك حياة بعد الموت، يكون القبر ، بمثابة الرحم للانطلاق لولادات جديدة.
في السؤال الرابع : أقول بكل صراحة ، نحتاج معجزة لنستعيد الحياة ، نحن اليوم ما عدنا نفكر في اشباع العقل بالثقافة ، الناس تحتاج أن تشبع من الرغيف، من الأمان، من الحرية ، تحتاج لتشعر أنها في وطن بلا قضبان، أنها تحظى بحكومات غير مخصية، بأحزاب غير مأجورة.
أنا أضع التغيير على عاتق الجيل الشاب من الشعراء والمثقفين، هؤلاء ما زالوا خارج التبعية ، وبإمكانهم التغيير وصناعة الفارق الاجتماعي والثقافي والحضاري.
السؤال الخامس: ما يفتقد إليه معظم الإعلام العربي سواء أكان مكتوبا أو مسموعا أومرئيا هو اهل الاختصاص، التخصص رائع وجميل وضروري لكن بلادنا ضد التخصص للأسف ؟.
تسعون بالمائة من المذيعات ومقدمات البرامج على غالبية فضائيات العرب متخصصات في عروض الأزياء ؟.
المطلوب دجاجات جميلات وبيّاضات وكريمات وممشوقات القوام لكي تتزين بهن الشاشة العربية وتتدفأ بهن غرف نوم أصحاب المحطات والمدراء العامون !
عبارات قاسية , لكنها تنطبق على تسعين بالمائة من العاملات في المرئي والمسموع والمكتوب قريبا !
غالبية أصحاب المجلات والصحف العربية ليسوا اعلاميين ولا صحفيين ، هم أشخاص يمتلكون الثروات وقرروا فجأة أن تجارة الحكي والصورة رائجة ، فاستأجروا أقلاما تخط لهم الافتتاحيات العصماء ، وتشتري لهم المواقف ، واستعبدوا عددا من المحتاجين للعمل صدف انهم صحفيون خارج الوظيفة ، وهكذا نشأت أساطيل اعلامية وصحفية في بلادنا يملكها مجموعة من الديكة ، والديكة تحتاج الى دجاج ، وكل ديك على مزبلته صياح ، لهذا لا نرى في عموم صحافتنا ميثاق شرف يوحد الفكر الصحفي أو ينظم العمل الإعلامي الذي يفترض أنه من أسمى المهن في العالم ، مهنة البحث عن الحقيقة .
إعلام اليوم مهمته البحث عمن يتم ابتزازه ليدفع أكثر ، وعمن يتم تلميعه ليبذخ أكثر .
ومع ذلك أنصح شبابنا أن يدرسوا ويتخصصوا ، لعلنا في زمن ما نقوم الى الصحو ونكتشف أن كل ما قدمناه لغاية اليوم تاريخ من التلفيق والالتفاف على الحقيقة .
مع الاشارة الى أن هناك منابر صحفية وإعلامية تحترم نفسها وتعمل بجد وتعتبر الصحافة رسالة وسلطة وجدت للإنصاف وليس لتكريس الباطل ؟.
حين يعمل في الإعلام المتخصصون، وحين يتحرر الإعلام من كونه مأجورا عند مافيات المال والدول التي تشتري الذمم والكلمة والموقف ، سنحظى بإعلام حقيقي وفاعل في بناء الحياة والإنسان.
السؤال السادس:صديقتي ميار الزمن برشني في كثير من مراحل العمر، كما الأسئلة التي تبرشني اليوم في ظل انقطاع الكهرباء المتواصل، إذا استعملنا البرش كحالة سلبية ، فأنا خسرت بلدي، خسرت الكثير من سنوات العمر أعطيها لأشخاص لا يستحقون، لكن في الوقت ذاته، حصدت الكثير من الإيجابيات ، ثلاثة أبناء ولا اروع، وصناديق من الذكريات التي كانت جميلة قبل أن تصير في عداد الذكرى.
السؤال السابع: يا صديقتي ، أنا أقصد المبدع الحقيقي الصادق، الذي يحمل رسالة تعادل وجوده، والذي لا ينحني ولا يستزلم ، ولا يمشي على أربع من أجل جوقة المطبلين.
نحتاج إلى صحوة ، لا إلى ثورة إبداعية، صحوة يشعر خلالها كل مبدع وفي أي سبيل كان أن نتاجه ليس ملكا شخصيا له، بل هو قمح للناس، ورغيف لهم، وجرس ينبههم إن وهنوا أو شعروا بالضعف..
في هذا الوقت نصادف قلة من هؤلاء المبدعين الشهداء، إذا لا مزيد من القبور ولا مزيد من البطولات.
السؤال الثامن: وهل صدقت أنني أغفو في كتاب، أنا أحاول أحيانا أن أنجو من كوابيس اليقظة ولا أستطيع، فكيف أسلمها روحي وأغفو.
السؤال التاسع: أسئلة ساذجة كتابي الأول، وأسئلة الغريب كتابي الحديث والذي صدر السنة الماضية ، الأكيد أن أسئلتي في الأول لا تقترب نهائيا من السذاجة ، هي أسئلة مفصلية وحادة بمثابة صرخات وصفعات، لكن الحقيقة في زمن الترهات سذاجة، كما القابض على جمر القصيدة في زمن لا يقرأ يكون ساذجا بعرف الآخرين.
في أسئلة الغريب ، شعر ثورة وإنسان، وكثير من الألم ، والأسئلة عموما طريق للبحث عن قنديل ضائع.
السؤال العاشر: أنا ولدت في يوم الأرض، نحتفل معا بعيدنا ونطفىء الشموع، لهذا أعشقها، ولهذا أريده دائما خضراء ، خلال كل فترات الحجر زرعت كل أنواع الزهور والورود، كل أنواع الخضار ، تشاركت والأرض فرحتها باللون والعطر والارتواء.
أما عن حديقة القيم التي أدعو إليها :فأنا أولا أدعو للصدق مع الذات، للتضحية ، للمحبة بلا حدود وبلا مقابل، للثورة على كل فساد ، وأخيرا أدعو لإحترام آخر مخلوق نبيل على ظهر هذا الكوكب ، اقصد الشعر.
Tandyar Jaصديقي مردوك – هل تعتقد أن هناك أزمة في الشعر العربي اليوم؟ وهل لا يزال الشعر برأيك ديوان العرب؟
الغالية والرائعة تنديار برأيي ليست هناك أزمة في الشعر العربي !
الأزمة في العقل العربي , العقل المأزوم والمهزوم والذي أدى بالتالي الى تراجع كل القيم الجمالية والابداعية .
والأزمة في الشاعر العربي ذاته الذي التبس عليه الأمر فما عاد يميز بين الشعر ونقيضه , وبين القصيدة وأشباهها !
الأزمة الشكلية ليست هي المهمة ، مع أنها أخذت الكثير من الوقت وأثارت معارك طاحنة لا تزال رحاها دائرة وان بشكل أقل حدة من السابق ، ثمة أزمة انتماء ويقين :
انتماء الشاعر الى شعره لم يعد واردا ، كما من قبل .
ويقين الشاعر بجدوى القصيدة أيضا تلاشى ، فما عاد الشاعر يوظف شعره في صناعة الحياة والحب والأمل .
أنا أؤمن بالشعر في أي شكل يكون : نثريا او مموسقا ومقفى وتفعيلة وحرا وبلا قيود ، لكن هل في ما نكتب وما نقرأ شعر ؟.
كلنا نشتغل على مفردات واحدة وثابتة / 28 / حرفا ، منذ القصيدة الأولى وحتى قيام الساعة ، وكل منا يحاول التأكيد انه السبّاق الى الكشف والفرادة !
وكلنا نفشل .. في مجموع كل القصائد التي يكتبها أشعرنا ، اذا حظينا ببيت واحد من الشعر المصفى ، نكون أضفنا الى الشعر والمستقبل الكثير من الألق .
هل في شعرنا حقا هذه الجمرة ؟.
لا أظن . الأزمة أننا لانزال نستعمل اللغة الخام ، الأدوات ذاتها ، حين نخرج من هذا الصندوق ، الى فضاء الكلمات التي تتجاوز الأبجدية والمطروق من المعاني، نكون خرجنا من الأزمة .
أما السؤال هل ما يزال الشعر ديوان العرب فأقول: لم يعد الشعر ديوان العرب ، بأسف وخجل وحرقة أقول إن الشعر جرجروه اليوم الى الهوامش !
الفيديو كليب هو ديوان العرب !
مقابل خمسين راقصة تغني تكرسهن وسائل الاعلام ، قد نجد شاعرا أو اثنين يحلون ضيوفا على شاشاتنا ، وحتى اذا تكرمت احدى الفضائيات و استضافت شاعرا فهي تجعله ثانويا أمام ضيف رئيسي اما يكون مغنيا خنثى ، أو مغنية نسيت كل ثيابها في غرفة نوم مالك المحطة !
Nehmat Ahmadأستاذنا الكبير.. هل وجدتَ وطناً بديلاً تلملم فيه أحلامك وأحزانك أم أنك صديق المنافي والغربة؟
وإن خيرت بذاك الوطن فماذا سيكون؟ المرأة؟ القصيدة؟ أم ذاتك الحائرة..
وهل استطاع الحب أن يملأ ثقوب روحك أم أنه هو من ابتدعها وأودعها في صدرك؟
صديقتي الشاعرة والطبيبة نعمت أحمد ، بعد كل هذا الترحال في الجغرفيا ، والانكسارات والخراب العظيم ،والمنافي الوطنية والعامة ، أدركت أن الوطن الوحيد لكائن مثلي هو القصيدة .
ففي القصيدة حقول بلا حدود، أكواخ، وأقمار وشموس، فيها فراشات وأنهار لا يختلسون ماءها، وفيها حبيبات لا يعرفن الخيانات المدمرة ، ولا يصوبن إلى القلب سهام الخيبات المدوية، ,ايضا فيها بشر لا يكذبون، وأطفال لا يكبرون.
الحب والوطن، حوّلا روحي إلى ناي عتيق، ناي إذا امتلأت ثقوبه لن يكون قادرا على متابعة البكاء ولا الصهيل.
May Raadزرعت فيها كل شيء الا التفاح اريد فردوسي بلا أفاع وشياطين ..
سؤالي : كيف تحصن نفسك وشفافية قصائدك باغلبها كوشاح نسائي بعطر وغواية امراة هاربة من بحر النساء ومن جنات التقاح ..الى جنى حروفك ؟ …
سؤالي الثاني ؛
بيادر القمح في القامشلي ما زالت تحصد مناجل غيابك عنها وحملت لقلب بيروت بقلبك بذور الحب حتى اثمرت عطاء على مساحات الحرف من الشمال الى الجنوب حتى البقاع
ماذا اعطتك الساحرة الجميلة بيروت بالمقابل ؟؟..
شكرا لوجودك وللقيمين على هذا الصرح الجميل بوجودك ..جزيل الشكر
صديقتي مي رعد ، كنت عاشق فراديس، وسارق تفاح أصيل، لكن كل أفاعي الكون نهشتني فأقلعت عن الحب والحلم.
والقامشلي تركتها مكلومة ، قبل أن يحزّ منجل ما أعمى عنقي، أما بيروت فقد قلت عنها الكثير .. هي أعطتني كل هذا الصبر الجميل.
Amena Nasserتحية عارمة بالشعر والنبل والاحترام والتقدير لهالة فريدة للحرف وسبك المعاني.
كنت قد وضعت اسئلتي على المنشور السابق. وهي
سؤالي الأول:أين هي المرأة في حياتك.
وهل تعتبر ان تجربتك الزوجية التي ربما لم تنجح قد أثرت عليك لعدم القيام بخطوة ثانية مماثلة؟
سؤالي الثاني: هل تعتبر ان الشاعر مردوك الشامي هو من أضاف رصيدا للحركة الادبية والثقافية في لبنان أم لبنان من أضاف له بيئة ثقافية حاضنة؟
ثالثا: في ظل الوحدة التي يعاني منها الكثيرون من الشعراء والتي هي واضحة في شعرك والتي تعبر عنها بكل وضوح.
هل الوحدة هي بسبب غربتك عن وطنك او بسبب عدم وجود نظيرك العاطفي والفكري. ؟
صديقتي أمنة ناصر لك التقدير ، كانت المرأة كل حياتي ، وأولمت لي خيبات بلا حصر، فهربت لأحتفظ بما تبقى لي من حياة .
أما بالنسبة للحركة الثقافية وبيروت، أنا لم أضف شيئا، بيروت منذ ولد البحر ، ومنذ ارتفع الأرز وتعتق النبيذ والسنديان كانت ينبوع ثقافة وعطاء، أنا أشكر بيروت أنها أفسحت لي مقعدا لأكون من بين مريديها وعشاقها الصادقين.
أما بالنسبة للوحدة يا صديقتي ، فأنا لست وحيدا على الإطلاق طالما أستطيع متابعة الكتابة والتدخين والقراءة والتغزل بفناجين القهوة ليل نهار.
Jomana Najjarصديقي مردوك – أي دور للمرأة في حياتك وشعرك؟
أول امرأة تعرفت عليها , كانت أمي . لهذا كبرت أبحث عن ملامحها الداخلية في كل النساء اللواتي عرفت .
كبرت وأنا اثق أن ثمة امرأة لم ألتق بها بعد ، لعلها امرأة الأقاصي ، المرأة التي تختصر كل نساء المجرة في عينيها وصوتها ودفئها الخبيء .
كبرت والتصقت بنساء لا حصر لهن ، أحببت كثيرات وأحببنني ، ومع ذلك عشت أياما من الوحدة ولا أراها قاتلة !
اكتشفت أن أمي لا تشبهها امرأة أخرى ، وأنني كنت ابحث في الوهم عن وهم آخر !
في مراهقة الحياة والقصيدة ، كانت المرأة المحرض على البوح والكتابة , وكذلك المحرض على الطيش ، في سنوات النضج ، مع انني وقد تجاوزت الستين اليوم لا أرى أنني نضجت كما يجب ، الشعراء ينضجون في الكتابة فقط ، يبقون على ما اختبرتُ مجرد أطفال ، واذا كبروا قليلا مجرد مراهقين في قلوبهم، يبذلون كثيرا من الجهد لكي لا يكتشف شبق أرواحهم الدائم أحد !
Reno Yehyaمردوك الأزمنة وحفار الشفق❤️:
1.يقول ادونيس أن النقد الفرنسي يدل على حداثة النقد عند الجرجاني.فالحداثة لا تعني القطيعة مع الموروث العربي والعكس صحيح. فما رأيك في من يسير رحلته في درب الشعر العربي دون أن يحمل زادا من الشعر والأدب الغربي؟ وما هو موقفك من النقد بصفتك مؤسسا لمجموعة حبر أبيض التي أثبتت وبجدارة أن النقد له تعريفا آخر وروادا مختلفين ورسالة اسمى من القيود التي وضعها له الأكاديميون؟
2.إن قراءتي لبودلير وبليك ورامبو ورايت وهيجو وماسون وكثر غيرت نظرتي بالشعر العربي وفتحت لي نوافذه الجميلة. فما الذي قرأه مردوك الأزمنة عربيا أو أجنبيا وغير معرفته بالشعر وحدد له مسارا آخر فيه؟
3.شارك الشاعر مردوك في العديد من لجان التحكيم في مسابقات أدبية وشعرية وفنية. فما رأيك في عنصر الإرتجال كمعيار لبراعة الشاعر وأنت حفار الشفق ما مرت ساعة في زمنك إلا وحفرت فيها بيتا وولدت منها قصيدة؟
وما رأيك في احتكار بعض الأسكاء لمهمة التحكيم في المسابقات والذي يفقد التحكيم رسالته في التنوع والتجديد والتجاوز؟
4.القصيدة هي المسرح الزمني لأفكار الشاعر وربما تكون المكان الذي يمكن ارتياده في حالة الرغبة. وهذا يتجلى بقوة في شعر مردوك الأزمنة. فمن هو السباق على ورقك المسرحي أم الشاعر أم الغريب؟
5.يعد الكاتب المسرحي الفرنسي اوجين يونسكو أن المسرح لعبة عظيمة يجب على المرء ان يجد فيه لغة حية تعتمد على العالم الخرافي الرائع الذي يتسم بالواقعية أكثر مما يسمونه العالم الواقعي؟
فما دور الواقع والخرافة في حياة مردوك الفنية والأدبية؟
6.برايي أن المسرح الشعري ليس وليد حالة لغوية وإيقاعية بل وليد حالة شعورية او فلسفية تأخذ من النشوة مكونا أساسيا لفهمها. فما هي النشوة هنا عند مردوك الأزمنة ومتى يقفل الستارة؟
7.الشاعر والناقد والإعلامي ثالوث متكامل.فكيف تفسر لنا أهمية هذا الثالوث واثره في حياة مردوك الشخصية ؟
8.يلعب كل من احمر الشفاه والعنق المائل وبطاقة الانتماء الحزبي ودفتر الشيكات الدور الأساسي ربما في الظهور الاعلامي للشعراء المستشعرين غالبا فيغيب اسماء لها ثقلها الحقيقي عن العناوين العريضة. فما رأيك في هذا الظلم والانحطاط ؟
9.متى اخذتك القصيدة الى محرابها؟ومتى يخونك حرفك؟
لأنك الحفار الذي ينبش المناجم الثمينة كان لا بد من أن أسالك القليل من الكثير الذي اتمنى سؤاله.
كيف لا وأنت شاعر السؤال بامتياز♥️♥️
صديقتي الرائعة والمثقفة الدكتورة رنه يحيى ، دائما أسئلتك تحملنا إلى أبعاد مختلفة ، سأحاول أن أجيب عنها، واعترف أنني مرهق فعلا، واليوم قدّرت كم يتعب ضيوف السبت وكم يعانون ليقدموا لنا خلاصات التجربة
في السؤال الأول: 1. صديقتي قلت في بدايات اللقاء ما يشبه ذلك ، وأن الحداثة إن لم تكن وليدة تطور طبيعي ومستند للأصالة فهي حداثة هجينة سطحية لا أكثر، المعضلة أن كثيرين ممن كتبوا النص الحديث النثري في البدايات قاموا باستنساخ الترجمات للنص الشعري الغربي، فجاءت معظم القصائد بلا روح، وكذلك فعل النقاد ولا يزالون ، حين تحولت مرجعيتهم الوحيدة النقد الغربي ، ومناهجه التي كانت ولادة طبيعية في مجتمعاتها، وأصبحت في بلادنا ولادات قيصرية .
أنا مع أن يكون الشاعر والناقد مطلعا، قارئا لكل ما كتب في الأدب الانساني، لأن الأدب لغة كونية ، لكن لا أعتبر الأمر شرطا واجب الوقوع، كثيرون لم يرجعوا حتى للتراث العربي وفيه شعر عظيم ونقد لا يمكن الاستهانة به.
نحن في حبر أبيض وأنت عضو فاعل فيه منذ تأسيسه ، أولينا الجانب النقدي أهمية ملحة وأكيدة ، لثقتنا أن المشهد الأدبي في بلادنا يفتقد لهذا الجانب، وأنا وكل الزملاء في إدارة الملتقى أكيدون أن النقد ضرورة لكي يستقيم مسار النص الشعري، ولكي نساهم جميعا في بناء ثقافة نقدية وحراك حقيقي يكون للنقد فيه دور التقويم والتقييم .
في السؤال الثاني: صديقتي ، قراءة الآخر أمر كثير الأهمية ، شرط أن نقرأ تراثنا الشعري أولا، ففي الشعراء العرب قامات سامقة منذ الجاهلية ولغاية اللحظة، هم قدموا نتاجا أظنه يفوق ما قدمه شعراء العالم الآخر ، اقصد أوربا وامريكا وسواها ، أنا قرأت الأدب الروسي رواية وشعرا ، أمثال ألكسندر بوشكين، وقرأت الأدب العالمي أمثال رامبو ، وأراغون، وإليوت، وبودلير، وكثيرين غيرهم ، لكن قراءاتي تلك أعتبرها قاصرة لأنها لم تكن بلغات القصائد الأم ، الترجمة في حالات كثيرة خيانو للنص الأصلي.
في السؤال الثالث: بالمناسبة أحببت كثيرا هذا التوصيف حفار الشفق، الارتجال يا صديقتي ليس معيار أهمية ، وجوده في المسابقات نوع من اختبار ، وصدقيني كثيرون من المشاركين حين يقدمون قصيدة مرتجلة يكونوا قد حضروها سابقا.
هناك احتكار ومحسوبيات في لجان التحكيم ، وحتى في النتائج ، مثل تلك المسابقات التلفزيونية التي يخضع فيها اللقب للتصويت ، لا تعطي الشاعر المستحق حقه.
في السؤال الرابع: القصيدة مسرح للفكرة ومسرح للعبة الكلام واللغة ، أنا كتبت المسرح الشعري، وأظنني لم أغادر القصيدة ، جعلتها تركض وترقص، وتنشد وتبكي على الحشبة ، اظن في القصيدة والمسرح ووق الورق يكون الغريب أكثر حضورا.
في السؤال الخامس :الخرافة لا دور لها، أنا واقعي أكثر ، لدرجة أنني لا أؤمن بما لا أراه وأتحسسه ، في المسرح ذهبت إلى الأسطورة عبر أدونيس وأوزيس وصيدون واورنينا ، استعدت بطولة الماضي وأوقفتها على خشبة المعاصرة لأستنطقها.
في السؤال السادس: برايي أن المسرح الشعري ليس وليد حالة لغوية وإيقاعية بل وليد حالة شعورية او فلسفية تأخذ من النشوة مكونا أساسيا لفهمها. فما هي النشوة هنا عند مردوك الأزمنة ومتى يقفل الستارة؟
حياتي كلها منذ الصرخة الأولى ، وحتى الشهقة الأخيرة لعبة مسرحية ، الستارة لا أظنها ستتأخر طويلا في الاقفال ، نجن محكومون بالرحيل يا صديقتي ، المهم أن نترك على منصات الحياة صدى لأصواتنا.
في السؤال السابع :هذا الثالوث بأقطابه يستند على الشاعر، في ماكتبت من نقد، وما قدمته للإعلام لم يغادرني الشعر، أما تأثيره على الشخصي فهو قدم لي المزيد من الغربة والعزلة والإنمحاء في حياة في معظمها لم تكن كما أريد ، يمكن القول أنني عابر السبيل ، الذي يترك في كل مطرح وردة ودمعتين.
في السؤال الثامن: هذا حدث في الماضي ويحدث الآن ، وسيبقى ، طالما هناك فساد ولصوص ومنحرفون .
في السؤال التاسع:أنا دائما في محرابها ، وحرفي لم يخني يوما، كما أجبت العزيزة ناريمان ، أنا خنته كثيرا.
Ibrahim JAأستاذنا الكبير :الشعر سياسي ثوري أدبي. بالعودة لمراحل حياتك لعبت السياسة دور مهم بأبداعتك الشعرية ما أهمية الشعر في السياسة والسياسة بالشعر؟
يا ابراهيم الغالي ، السياسة تحضر في كل شيء، لكنني أقصيتها بمعناها الواقعي عن شعري، قصيدتي مسيسية للوطن والناس والشجرة والسنبلة ، غير ذلك تكون تابعة ، وأنا في الشعر لا أتبع سوى حدسي وحتفي.
ديمة قاسم مردوك العزيز والنبيل تحية محبة.. وأنت تنتقل بين عدة عواصم ثم تستقر في بيروت، ماهو الوطن بالنسبة لمردوك وأين تجد الشام في هذه الرحلة محبات و ود
الغالية والشاعرة الجميلة ديما، أجبت في سؤال سابق، قلت أنني بعد كل هذا الترحال لم أجد وطنا حقيقيا لي سوى القصيدة ، أقله ليس في القصيدة مخافر وحدود وزنانين .
أما الشام ، فهي بكل ما تمثل من تاريخ وقيمة حضارية فهي العروس المنتظرة لنشيد الروح.
Ebaa Alkateebمردوك المعروف بحيويته ونشاطه ودأبه الدائم في تنشيط الحراك الثقافي ماالذي يغذي الجدوى.. الرغبة.. الاصرار فيك؟
الغالية والشاعرة المشرقة إباء الخطيب، اصراري على المتابعة رغم الظروف القاحلة والطريق الوعرة ، يغذيه حبر أبيض وقلب طفل لا يشيخ.
Youssef Rkainأعلم يا صديقي أنك ما أبحرت لتصل ، إنما لتربي دهشتك وأنت تختصر الموانئ في الطريق إليك وأنك ككل البحارة عزاؤك السفر …
لن أثقل عليك بالمزيد هنا لقد قال الأحبة الكثير وننتظر معهم هذا المساء جرعة مكثفة من الشفافية والصدق والجرأة مزيدا من بياض حبرك وقلبك
محبتي دائماً
يوسف ركين صديقي المدهش ، أي سفر ولو كان متعبا وطويلا، يكون في نهاياته على شواطىء اللقاء محبون أمثالك ، يكون سفرأ أكيدا إلى الذات والغبطة.
فاطمة الساحلي أسمى التحايا شاعرنا القدير:
تشهد الساحة الشعرية اليوم قصائد متميزة من الممكن أن تسبق شعراء مخضرمين.. لماذا لا تسلطون الضوء عليهم… لأعطائهم الفرصة في إبراز قصائدهم وطاقاتهم الشعرية؟
صديقتي الشاعرة فاطمة الساحلي ، نبذل جهدنا قدر الإمكان في التقاط النص الشعري المتميز، وقد نكون مؤخرا نرفع سقف ما نريد من نصوص ، لأن الهدف ليس النشر بقدر ما هو ماذا ننشر وكيف يتم التعامل النقدي معه .. لك تقديري
Namy Nasrallahالصديق والشاعر مردوك الشامي:
لماذا “حبر ابيض” ؟؟
هل تعتقد ان النقد في ايامنا هذه له نتيجة؟؟؟ بمعنى آخر هل هناك من يتقبل النقد البناء؟؟؟؟؟
في الشعر: كيف يرسم مردوك قصيدته؟ هل ما يكتبه مردوك هو حالة يعيشها ف تكتب بلحظتها؟ ام فكرة تخطر فتكتب…
لماذا نقرأ الحزن دائما لدى مردوك الانسان والصديق؟ اين الفرح في قصائدك
صديقي الغالي نامي ، حبر ابيض بات موجودا لحاجة إليه، ألا نحتاج قنديلا حين يسقط عتم المساء .
والنقد سيكون له نتيجة ، إن لم تظهر اليوم فغدا او بعد غد، هناك وبحسب ما خبرنا في الملتقى كثيرون هم يسعون للنقد ، ويتقبلونه كما هو، وثمة من لا يتقبل، وهذا طبيعي، لكننا لن نتوقف، ندرك أن ما نسعى إليه سيتحقق فعلا.
أنت تعرفني عن قرب، أنا أعيش لأكتب ، لأني في حالة دائمة من الغرق في الحبر والناس ، في الحب، في الحزن، في وجع المتعبين.
أما عن الفرح ، ففي الحزن يا صديقي قمة الفرح ، فقط حدق فيما وراء السطور.
Reem Kabaمساء النور والورد الأديب الشاعر Mardouk Alshamii أود أن أسألك مارأيك بالقصيدة المعاصرة ؟! وتحديدا” قصيدة النثر أو القصيدة الحرة أو الشعر الحديث بل هناك مصطلح أيضا” هو “مابعد قصيدة النثر” ! على اختلاف هذه التسميات والعناوين ! .. أرجو ألا يكون الجواب انا مع القصيدة الحقيقية أو الشاعر الحقيقي بغض النظر عن القالب الذي تقدم به القصيدة .. فأنا بحاجة فعلا” أن أعرف رأيك بهذا النوع من القصيد .
صديقتي ريم ، أنا مع الشعر ، والشعر ليس في الشكل ولا في الايقاع ، الشعرية خارج القماشة ، هي العطر وليست الوردة ، وهي الضوء وليست القنديل، لكن أية لغة قادرة على كتابة العطر والضوء .. في بدايات اللقاء تحدثت مطولا عن هذا الموضوع .. لك تقديري
Khalil Assiلا شك ان الاستاذ العزيز مردوك الشامي يشكل اليوم حالة على مستوى الساحة الثقافية لحركيته ونشاطه وحرصه على الشعر والادب. نعرف في مردوك الشامي أنه يعاقر الشعر والنقد معا، وسؤالي البسيط هو إيهما تميل هل الى الشعر أم النقد ثم ما هي مقومات النقد؟ هل يكفي التحصيل الاكاديمي لممارسة النقد ؟ أخيرا ألا تعتقد أن الناقد يجب أن يكون شاعرا وقد يكون شاعرا أبكما يعتمل الشعر فيه دون أن ينطق به لذا فهو قادر على تلقيه وتفكيكه وتذوق جماليته والتخير فيه بين الغث والسمين؟
الشاعر الغالي والصديق النقي خليل عاصي، أنا أولا وأخيرا أعاقر الشعر وأثمل به، النقد ليس تخصصي ، وأنا لا أؤمن كثيرا بضرورة التخصص الأكاديمي لكي يكون نتاج الكاتب نقدا عظيما..
وأنا أرى أن الناقد حين يكون شاعرا في الوقت ذاته يكون أقرب إلى ملامسة القصيدة ، من ناقد تجرّع المناهج ولم يشارك في عصر عناقيدها، وحملَ المصباح، دون أن يساهم في تعبئته بالزيت، ودون أن يلسع أصابعه اللهب.
المقدرة على فهم اللغة ، على إدراك الايقاع، على التوغل فيما وراء الصورة، على امتلاك لغة ورؤية قادرة على التفكيك والقراءة الجوانية ، والمقدرة على أن يعيد النص المنقود مختلفا ومضيئا ، أظن هذه ابسط مقومات النقد.
لك المحبة ، وحبر أبيض يحتاج أمثالك يا صديقي ممن يمتلكون الرؤيا والمقدرة على التفكيك والتذوق وبناء نص فيه جمال ومعرفة.
Rima Fadel Mahfoudأهلاً بمن هو أهل لحمل راية الحبر الأبيض بصدق ووفاء ليستمر الشعر بالصعود نحو الآلهة والوصول إلي القداسة التي يستحق …
أستاذ مردوك معروف عن حضرتك دعمك للنقد البناء في الساحة الثقافية وهناك الكثير من المرات التي كتبت بها بكل صدق وصراحة بعض الآراء السلبية بعيدا عن العلاقات الشخصية ..إلى أي مدى وجدت ذلك ناجحاً في الوسط الثقافي اللبناني ؟ وهل هناك من تقييمات أو تصريحات ندمت على الإدلاء بها نظرا لردود أفعال أصحابها ؟
وماهي قصيدتك الأحب والأقرب إلى قلبك ؟
الغالية والحبيبة ريما ، استغربت غيابك عن اللقاء ، لكن لحقت بنا في الختام، صديقتي بصدق لم أندم يوما ، ولم أتراجع عن نص كتبته، ووجدت فيه الصدق في الموقف وقراءة الحدث، ربما أغضبت البعض ، فالغالبية لم تكن معتادة على من يحمل الكارت الأحمر ، ومع ذلك تغير الوضع، والذين غضبوا بداية شعروا بقيمة الملاحظات التي دونتها عن نتاجهم ، أما عن قصيدتي الأحب إلي فهي الطين .
حنان فرفور: مردوك الشامي كان لقاء من زهر وشعر وضوء وصدق كثير لا يخلو من جنون ثقفه عقل وقاد وقلب متخم بالحب
شكرا لك لانك جعلت هذا البياض أكثر اتساعا ونقاء❤️❤️❤️
الشكر لكل من مر وعلق وسأل وشاركنا هذه الغرفة من الأوكسجين.
Maroun Abouchacraلقاءٌ رائع ، سُفرةٌ للعقل والقلب ، شكرًا لجميع الأصدقاء الذين تفاعلوا سائلين قارئين متابعين ،
شكرًا أخي مردوك ، أثريتنا فكرًا ومعرفة وثقافة وحنينًا وشعورًا ، إليك كل الحب والتقدير …
Mohammad Shaaraniحوارعالي المستوى وأجوبة تحتاج لإعادة القراءات بهدوء ..سهرة مميزة ومفيدة جداً ..شكراً لكل الأساتذة .. في حبر ابيض..وشكراً بحجم السماء للمردوك الإستثناء.
Elias Zgheibالأخوة في حبر أبيض أعتذر لعدم تمكني من متابعة اللقاء مباشرة، بيد أنّي عدت وقرأت إجابات صديقي المردوك الذي أوجّه له كلّ تقدير على جرأته وصراحته وعمقه. مع العلم يا صديقي أنني وجدتك قاسيًا في الحكم على نفسك في بعض الأحيان وربما كانت هذه القسوة سببًا في توهّج نصّك… محبّتي وتقديري لك وللأصدقاء والصديقات في هذه المجموعة الرائعة!
Mardouk Alshamiiالأحبة حنان والمارونين وتاندي وعصمت، الأحبة الذين شاركوا اللقاء وأثروه بأسئلة دفعتني للبوح بكل مصداقية ، كل الشكر لكم، وحبر ابيض منصة لكل الذين يشعرون بقيمة الحبر والضوء.
السبت 1 آب 2020