حكاية ” أناي ” – الجزء 38
( زَوايا ) :
على الرَّغمِ من تثاقُلِ جَسَدِنا وترَهُّلِه ، تنبعُ عند الحاجةِ قُوَّةٌ شديدةٌ لا نعلَمُ كيفَ أو متى ، قُوًّةٌ تجعلُنا نشعُرُ كأنَّنا نصعدُ هاوِيةً لا نعلمُ مدى عُمقَها إلا بعدَ أن نخرُجَ منها ..
نظَلُّ كما نحن في تَرَهُّلِنا ، ولكن ..
أكثر سعادة ..
حمَلتُ ملامِحي وطِباعي واستَحضَرتُ كُلَّ النّوايا والعزائمَ في زوايا روحي الخاوِيَة . خرَجتُ كراقِصةِ باليه أمام معالِمَ لا يراها أحَدٌ سِواي . أُحاوِلُ في كُلِّ خُطوَةٍ أن أُرَسِّخَ قدَمَيّ بِقُوَّةٍ ، أن أحتوي المَشاهِدَ كُلّها ، أن أُعيدَ شَحنَ عافِيَتي في رقصَتي تِلك …
وكما عادتها ، حينَ تظُنُّ أنَّني قد تعافَيت ، تُحَرِّضُني على تَركِ أدوِيَتي والرُّجوعِ إلى عاداتي القَديمَة …
بالنِّسبَةِ لها ، كان الأمرُ سيِّئاً بكُلِّ تأكيد ، أن أتعافى كُلِّيّاً . فهي تشعُرُ ضِمنِيّاً أنّني أراها ” وَهمٌ ” يُرافِقُني لِمَرحلَةٍ ما ، ثُمَّ يختفي في نِهايَةِ الأمر …
كانَت خسارتها لِتًكونَ فادِحَةً ، لَو أنَّني تمكَّنتُ من التَّشَبُّثِ ” بي ” أكثر مِمّا فَعَلت …
فوجِئتُ بها تقول : ” ليتَكِ واصَلتِ الكِتابَةَ ، بدلاً من أن تَبتَلِعي كُلّ تِلكً الأدوِيًة … “
كانَتِ الجُملةُ تخرُجُ منها سريعاً . عيناها تٌحاوِلانِ الهُروب ، تنظُرُ بعيداً ، ثُمَّ تَستَكمِلُ حديثَها :
” لَيتَكِ كُنتِ قصيدَةً بِلا نِهاية … “
لَستُ أدري لماذا ، لكنَّني لَمَستُ اعتِذاراً جديداً في حَديثِها …
سَمِعتُهُ لأنَّني قًرَّرتُ سَماعَه ، بل بذَلتُ مَجهوداً مُضنِياً كَي أسمَع . فأنا مَدينَةٌ لَها بِحَقِّ الإصغاء ، على أن لا أفقِدَ هَيبَتي أمامَها …
دَعَوتُها للجُلوس ، هَوَّنتُ عليها الأمر …
لِمَ لا ؟ لرُبَّما نَفتَحُ صفحًةً جديدَةً مِلؤها الثِّقَةَ التّامَة ، الواحِدَةُ للأُخرى ، وهكذا ، يكونُ لِكُلٍّ مِنّا حَيِّزاً تَنعَمُ بِه …
يَوماً ما ، من يدري ؟ قد نلتَقي ونجلس معاً في كُلِّ الزًّوايا ..
نَجتَمِع ..
ونعلًمُ حينَها ، أنَّنا كُنّا دائماً معاً ..
# ( الكاتبة جمانة السبلاني / البقاع / لبنان )
🌹🌹🌹🌹
قرأنا قديما أنّ “أنا” ليس لها مثنى وإن أردنا جمعها فتجمع على “نحن” ولا تقع لا مضافة ولا نعتا .
وأناك المفردة هنا، برغم إفرادها بيد أنّها كانت معبرة عن نحن وأحيانا تشي بالتثنية وإن لم تُثّنى لفظا
وقد اعتدنا أنّ الكتابة عن الأنا تكون مستفزة غير أنّك تميزتِ بها
دمت راقية جمانة
ألم مكثّف في صيغة القول وفي معناه. أمل تبقينه نصب عينيك ، ينعش أرواحنا من حين إلى حين ، نعيش معك تفاصيلك بكل شفافيتك ..
رائعة 👍
أظن أن الأنثى فلسفة تستعصي على الإفهام
فهي جمال متدفق
عاطفة تثج حباً
لغز محير
إن ضحكت رقصت لها الأفئدة
وإن بكت أظلمت لها الألباب
هي هي الحياة فلا حياة بدون أنثى
في كتابه (قوة عقلك الباطن) يعتبر الدكتور جوزف ميرفي أن هذا العقل..هذا القابع في عمق الروح هو المسؤول عن تلبية كل ما نزرعه فيه من أمنيات…وها أنت جمانة..تلبسينه أنا وتعطينه ملامح تتمرين عليها بل تستمدين منها العزم والباعث على المضي قدما واستعادة الذات المحطمة…
لغة نقية..ثقافة غنية..مخيلة مجنحة وحبكة شيقة ..كل هذا يجعل من قلمك ذا شموس وظلال ..ويجعل من حبرك إكسير جمال ونشوة بال…
المزيد المزيد جمانة…فصامك الجميل مصالحة مع الذات ومع البوح الحميم ومع الحياة…