…ككل يوم سبت , ينشر موقع ” ميزان الزمان ” حلقة جديدة من سلسلة حكاية ” أناي ” للكاتبة اللبنانية والشاعرة جمانة السبلاني ( حصريا على الموقع ) وهنا الجزء 37 :
” أناي ” / الجزء 37
# هُروب ..#
حاولت ، لكنّني لم أجِد نفسي في ذاك المكان ، فمسرحُ الحياة قد أخذ مني كل الأدوار ، ولم يُبقِ لي إلا نَفسي ، أناي ..
وهي الدّور الأصعب …
كنت في كلّ مرّةٍ ألتَفُّ حَولي ، أحملُ قلمي ، أُهيّءُ نفسي للكتابة وأبدأ …
فهل أُواصِلُ الكِتابَة ؟
لقد كانتِ الكلِماتُ في أحلكِ اللّيالي ، حَصىً مُتَوَهِّجَةً ، تجمعُ لي ضَوءَ القَمر والنُّجوم ، ثُمَّ تُعيدُ لهُمُ الإشعاعَ مرَّةً أُخرى ..
كتبتُ ، وأكتُبُ لِكَلِمةٍ واحِدَةٍ كانت تسطَعُ في سمائي ، ولَم تَزَل ، ” الحُبّ ” …
مارَستُ دائماً هذه الكلِمة ، مع كل ما كان يحيط بي : ” معي ” ، مع
” يائي ” .
رأيتُني أوَدُّ أن أقتربَ منها بخُطوَةٍ صغيرة ، أن أتفَحَصَّها جَيِّداً ، أن أجِدَ وجهَ الشَّبَهِ بينَنا ،أن أتخطّى أوجُهَ الاختِلاف ، أن أمُدَّ لها يدي ، أكثر وأكثر …
وجدتُني أرى وَهجاً ينبَعُ من داخِلِها . ودَدتُ لو أُخبِرها عن مدى اشتياقي لِجُلوسِنا على طاولَةٍ واحِدَةٍ وَجهاً لوَجه ، لِحَديثِنا عن أشياء يصمُتُ النّاسُ عنها ، لِيَدِها التي لم تبخَل يوماً بالدِّفء ..
للشّايِ الأحمرِ الذي كُنّا نشرَبُه ، للوقتِ الذي كان يمُرُّ من دون أن ندري …
احترتُ في أمري …
ألومُها ؟ أم ألومُ نَفسي ؟
كيف ؟ ونحنُ توأمان ، ننظُرُ بعضِنا إلى بعض ، نأخذُ رشفةً من ذاك الشّاي ونقولُ معاً :
” إشتقتُ إليك … “
ثُمًّ نمسَحُ عنّا تعب أيام البعاد …
كيفَ لا ؟
ونحنُ في احتوائنا ، نفصِلُ الأسلاكَ الّتي تربُطُنا بالواقع ، نَنصِرِفُ عن العالَم و جَلَبَةِ احتمالاتِه ، نرى الفَرقَ بين النّورِ والعَتمَة ، نبدأُ ارتِحالَنا بِدافِعٍ غير مُبَرَّر ، بِهاجِسٍ يُتاخِمُ المَرَض ، نُمارِسُ طُقوسَنا بانتظام، كي نستمِرّ بالشُّعورِ بإنسانيَّتِنا ، فيُصبِحُ همسُنا جوعاً بِدائيّاً لا يُبَدِّدُ إحساسنا بالذّنب عمّا في الفعل نفسه من إحساسٍ بالتَّخَلّي …
فعندما نكونُ معاً ، نتخلّى عنِ الكثيرِ من الأشياءِ الّتي كُنّا نُمارسُها من قبل ، ويصعُبُ عِندَها التَّخلُّص من الإحساسِ الخانِقِ بأنّ الانسحاب إلى ذاك الفضاء ، هُروب ..
لِذا …
وضعتُ يَدي على الطاولةِ باسِطَةً إياها ، كَي تستَطيعَ رؤيةَ صِدقي . بادَلَتني قائلةً : ” الأمرُ يستَحِقُّ البقاءَ على قيدِ الحياة .. “
عِندَها ، أيقَنتُ أنَّني قد عَثَرتُ عليها لِلتَّوِّ مُجَدَّداً …
# الكاتبة جمانة السبلاني / البقاع / لبنان #
دمت مبدعة ..
دام الإبداع والألق سيدة الحرف الاستاذة جمانة سبلاني ..
دام حضورك صديقي الراقي قاسم شعيوط ، ألف ألف شكر 💐💐💐
…ويستمر السرد في تصاعد درامي مفر بانتظار شيء ما.. وبلغة حية ، رشيقة، وسلسة
…ربما خطوة جديدة بدأت تظهر عوالمها في هذا الجزء من “أناك ” وهو محاولة ” الهروب ” من الإحساس الخانق إلى فضاء جديد ، ربما يحمل عنوان ” الحب ” الذي كتبت وتكتبين من أجله ، الكلمة التي تسطع في فضائك بعد أن كانت كلماتك تلك الحصى المتوهجة التي تعكس ذلك الأشعاع القمري ..
في هذا الجزء ، بدأنا نتلمس الطريق إلى كوكب جديد يحلق في سماء الأنا والأنا التانية ليتوهج في ” الأنا ” الأهم وهي كلمة ” الحب ” التي جعلتك تعثرين عليها مجددا ..
لنا أمل أن يظهر ذلك الذي يستحق هذا الحب في الأجزاء التي ننتظرها بشغف وشوق ..
Goobran Kadmoussy
نعم ، إنه الحب الذي أكتب وأحيا من أجله ، الهاجس الأجمل الذي يتوهج كلما خرج جزء من أجزاء أناي إلى النور ، الحصى التي تلمع تحت ضوء القمر فتنير دربي وترشدني إلى هنا ، إليكُم …
لم أخطىء أبداً في تقديري لأناي ، أحببتُها وأحبُها كثيراً ، لأنها ” نحن ” ” كلُّنا ” معاً في قالب إنفصامِيٍّ لذيذ الطّعم حار النكهة ، لاذِع …
صديقي الجميل ، أشكرك وبعُمق لقراءتك التي أثرت أناي كما دأبك دائماً …
تحياتي والياسمين 💐💐
كلمات تشع باعمق المعاني ليست كتوهج الحصى وفقط ولكن كبحيرة تنشر دوائر الاحاسيس بكل عمقها وتمايز جماليتها كلما بدأت مسيرة جملة وانتهت . كل التوفيق للمبدعة
كل الشكر والود والورد لقراءتك الرائعة غاليتي Marina Saomlloum …
الأجمل أنتِ ❤❤❤
يستمر بكم وبمتابعتكم صديقي العزيز خضر حيدر ، ألف ألف شكر من الأعماق 💐💐💐
تقتربين أكثر وأكثر من النهاية ويزيد حزننا أكثر لفراق أناكِ التي شغلتنا بجمال الأسلوب ودقة ورقة الوصف والسرد …
هذا تماماً هو إحساسي ، أشعر بشوقٍ ل أناي قبل أن تنتهي ، ربما …
باقات شكر وود لحضورك الجميل الصديق صلاح
غربب هذا الفصام السيامي بين الذات والأنا..هذا الدوار المبعثر في بحث عن الذات بل وإعادة تركيب بازل الأنا المبعثرة والتي تستعيد خريطة ذاكرتها من كأس شاي أحمر… بل ها هي اليد تمتد جسرًا للربط ورتق التمزقات…
قلمك جمانة لا يكتب على الورق…هو ينمّل على شغاف القلب…قلمك تتمرّى على سطوره الذات..كل ذات…أليست هذه أولى مزايا الأدب ؟!
صديقي ، أيها العلم ، أيها القلم ، أيها الشاعرُ الشاعر زياد عقيقي …
لست أدري لماذا لحضورك هذا الوقع على أناي ، هل أنتما تُكِنّانِ الشغف نفسه ؟ هل أحجية النفس والروح هي الهاجس الذي يجمعكما للبحث ولِسَبرِ أغوار الذّات ؟ وما أكثرها …
تستعمل تعابير تشنّف لها آذان القلب ، حين تقول ،
” قلمك جمانة لا يكتب على الورق…هو ينمّل على شغاف القلب…قلمك تتمرّى على سطوره الذات..كل ذات…
ما أروعك صديقي ،
أشكرك جزيل الشكر من الأعماق
تحياتي والياسمين 💐💐💐