# تَفاصِيلٌ #
تُنسَى كَآخِرِ رَشَفَةٍ فِي قَعْرِ الْفِنْجَانِ الَّذِي
سَقَطْت فِيه ذُبابَة
أَلْقَاهُمَا النَّادِلُ فِي حَوْضِ الْغَسِيلِ
كَعُشْبٍ
أَمَسَكَ بِالْأرْضِ خَشْيَة الْوُقُوعِ فِي الْأَسرِ
فِي الْكَسْرِ
وَالذَهَابِ فِي الْمَوْتِ مِنْ دُونِ دَليلِ
كَصُورَةِ غَزَالٍ قَدِيمَةٍ
تَتَكِئُ رُغْمَ التَعَبِ عَلَى الْجِدارِ
كَالضَّوْءِ
يَتَفَادَى مَا أَمْكَنَ مِنَ الْاِنْكِسارِ
وَيَتْلُو صَلاَتهُ عَلَى الْغَائِبِينَ الْحاضِرِينَ
فِي الْخَاطِرِ النَحِيلِ
كَأعْقَابِ السَّجائِرِ مُلْقاة عَلَى الْأرصفةِ الذّابِلَةِ
كَنُوَّارِ اللَّوْزِ
كَظِلِّ شَجَرَةِ الخَرُّوبِ فِي السَّاحَةِ المَائِلَة
كَمِصْبَاحٍ
نَامَ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ وَتُرِكُوهُ وَحِيدًا
يَحْرسُ المَاءَ فِي النِيلِ
كَالْتُرَابِ
كَالذَهَابِ
كَالمَوْتِ مِنْ غَيْر أَسْبَابٍ فِي الاِغتِرابِ
تُنسَى
كَالْوَطَنِ الَّذِي
صَارَ مَعَ الْوَقْتِ حَشِيشًا صالحًا للسُّكرِ
نتَعَاطَاهُ صَبَاحًا وَمَسَاءً
كَأَسْمائِنَا وَوُجُوهِنَا الَّتِي مَا عَادَت تُغْرِي
لِننْجُوَ قَلِيلًا مِنْ فِكْرَةِ الْمَوْتِ
أَوْ نَكُفَّ
عَنْ تَفَقُّدِ أجَسَادِنا بَحْثًا عَنْ الطَعْنَاتِ الجَدِيدَةِ
عن نعيٍّ في الجَريدَةِ
عَنْ تُهْمَةٍ طَازَجَةٍ نُلْقِي بِهَا عَلَى القَتِيلِ
يا آخِرَ المَوتَى وَأَوَّل القَتْلَى
تَدَلَّى
تَدَلَّى الْآنَ مِنْ جُرْحِكَ كَعُنْقُودِ العِنَبِ
كَالسَّبَبِ
هَلْ بَحَثْتَ مَرَّةً عَنْ سَبَبٍ لِلسَّبَبِ
هَلْ شَرِبتَ خَمْرَا لِتَصْحُو
وَدَمْعكَ كَالْمَطَرِ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ يَسِحُّ
سَنُكْتَبُ يا حَيْدِي
سَنَكْتُبُ جِرَاحَكَ فِي ضَمِيرِ الْقصائدِ
وَالْمَاءُ مِنْ حَوْلِنَا سَيَمْحُو
لَا فِطرَةَ فِي الْمَوْتِ أَوْ النِّسْيَان
لَا وَقْت لِتُبَادِل الْأغَانِي
سَنَنْسَاكَ عَمَّا قَرِيب فِي حَواشِي الكِتابةِ
ذَلِكَ أَنَّا
هَرِمنَا مِنَ البُكاءِ عَلَى جُدْرَانِ الكَآبَةِ
ومِنَ الإِصابةِ
فَاسْتَحَلْنَا إِلَى ظِلالٍ مِنْ دُون مَعَنّى
وَعَادَةُ الظِّلال
مَتَى كَانَت الظِّلالُ تَهْتَمُّ بِالتَّفَاصِيلِ
# ( الشاعر ناصر قواسمي ) #