..ننشر الجزء الجديد من حكاية ” أناي ” المشوقة للكاتبة جمانة السبلاني , و التي تنشر حصريا على موقع ” ميزان الزمان ” في كل يوم سبت من كل اسبوع ..هنا الجزء 36 :
أناي / الجزء 36
مونودراما ..
سيحلُّ الفجرُ قريباً ، سيسقط النّهار ومعه الشّمس في الليل ونلاحظ أن وقتاً طويلاً قد مرّ منذ صفَقتُ ذاكَ الباب ..
على الرّغم من تثاقل جسدي ، عدتُ إليها وأنا أشعرُ بكلِّ كلمةٍ قالتها . لقد حافظت على صدقها .
كانت تنبع منها قوة شديدة ، قوة إنسانٍ يصعد من هاويته وحيداً تماماً يكتشف عمقها بعد أن يخرج منها ، فيبتسم …
بادَرتني بالسؤال :” هل تعتقدين أنهُ يحتاج لي كما أحتاجُ له ؟ ” ،
” أعني ، امرأةً مثلي ، انعزلت تماماً وراءكِ ، امرأةٌ لم تخرج قطُّ إلى النّور ، لم تتعلّم سوى أن الأمر يستحقُّ البقاء على قيد الحياة ؟ “
وأسهبت :” تُخيفُني فكرة أن لا يكون أحدٌ بحاجةٍ لي .. “
لم أدرِ ما أقول . كنتُ أتجنّبُ التّفكير لأنني حين أبدأ ، يفيضُ رأسي بالأفكار ما بين المجتمع والأفراد ، الدِّين والعُرف ، الموروث والعَورَة …
كل تلك الأفكار كانت تضعُني في مهبِّ ريحٍ سوداء تُدنيني من أكبر شياطين الأرض …
فالخَلَلُ قد أصاب الجميع ، لكن الثّقل كلّه يقع على جسدِ المرأة لا على كاهِلِها …
سألتُها :” هل لديكِ أيّ خطط ؟
أجابت :”لا تهزئي بي ، أعلم أنك لن تدعينني أخرج إلى النّور . ماذا عنكِ أنتِ ؟
ذُهِلتُ من سؤالٍ لم يكُن أبداً في الحُسبان . أدركتُ حينها ضآلة روحي وقِلَّةَ حيلتي ..
رأيتُني أمشي سريعاً كمن يُحاولُ تسلُّقَ سلَّمٍ كهربائي متجهاً نٌزولاً ..
ثمّ توقّفتُ لوهلةٍ ، إذ تملّكَني شُعورٌ بالغرابة …
تردّدتُ قليلاً ، ثمّ مددتُ يدي نحوَها قائلةً :” هذه هي إجابتي عن سؤالك ، سنتحرّر تماماً “.
نظرنا إلى بعضنا بعضاً بلحظة سلام مرّت بكلّ هدوء . ثم جلسنا واتفقنا أن نلتَفَّ على الواقع بمساعدة الوهم وليس العكس ..
أدركتُ كم كنتُ إنطوائية ، حبيسة مجتمعي ، لا حياة لي إلا ما ارتبَطَ بِمن حَولي .. حتى إجازاتي الشّحيحة لم أنعم بها ..
كنتُ أحيا في الظلام لساعات ، لأيّام ، دون أن أمَلّ . كان أنيسي …
لم يُشعِرني يوماً بالخِزي من ضحكةٍ عاليةٍ أطلقتُها بلحظة تَخَلٍّ دون تخطيط مُسبق ، أو من دندنةٍ خرجت سهواً وسط نهاراتي الكالِحة …
لم يتأفَّف من انعزالي . كان الجُلوس معه والالتفاف على الواقع بمساعدة الوهم بمثابة التّنفُّس تحت الماء والذي كنتُ أتجاوزُه كلّ مرّة لسنواتٍ عديدة ..
حاولتُ استعادة رُشدي . جلبتُ كوب ماء ، أمسكتُهُ بإحدى يدَيّ وتشبَّثتُ بيدي الأُخرى بحافة الطاولة . لكن مفاصلي المُتعبة خانتني فوقع الكوب وانتشر الزجاج على أرض المطبخ …
لقد خرج الأمرُ عن السّيطرة …
هل سأشهد الفصل الأول من حكايتي ؟
أم سأقفُ على خشبة المسرح وحيدةً في مونودراما موحِشة ، الأضواء مسلطة على وجهي بينما أجلس في الصّفِّ الأخير ؟
أم ماذا ؟
# ( الكاتبة جمانة السبلاني / البقاع / لبنان )
هل سأشهد الفصل الأول من حكايتي ؟
أم سأقفُ على خشبة المسرح وحيدةً في مونودراما موحِشة ، الأضواء مسلطة على وجهي بينما أجلس في الصّفِّ الأخير ؟
أم ماذا ؟
كعادتك تتركيننا بسؤال وراءه ألف جواب ، المبدعة الجميلة أنتِ .
قراءتكم تغني حكايتي د. عرندس .
هل سنشهد او نشاهد ما سيجري على خشبة مسرح أناي ، أنتظر معكم صديقي/صديقتي، المجهول/المجهولة بفارغ الصبر ..
دمت ودام النبض 💐💐💐
روعة وإبداع وتعمق في خبايا النفس
لقد خرج الأمر عن السيطرة .. لا أعتقد سيدتي . أنت تتحكمين بخيوط اللعبة ، روحها في يدك وإطلاق سراحها هو شأنك أنت . كوني لها الحضن الدافىء ولا تدعي الخوف يتملكك ولا الحزن يغزو رياضك الخضراء .
أرشدني صديق لقراءة حكايتك وأقول الحق ، لقد أسرني أسلوبك السهل الممتنع الذي لا يشبهه أحد وسردك الصادق لما يدور في خلدك وسكب ما يفيض من وجدانك بقالب في منتهى الروعة .
العبارة المفتاح ” كان أنيسي ” ، جاء كل ما بعدها بوصفٍ شاعريٍ دقيق بجمال مختلف الطعم، مُر مرار أيامك
” كنتُ أحيا في الظلام لساعات ، لأيّام ، دون أن أمَلّ . كان أنيسي …
لم يُشعِرني يوماً بالخِزي من ضحكةٍ عاليةٍ أطلقتُها بلحظة تَخَلٍّ دون تخطيط مُسبق ، أو من دندنةٍ خرجت سهواً وسط نهاراتي الكالِحة …”
وهي إشارات تدل على مدى القمع والكبت الذي كان يجعلك تتسللين إلى الظلام وتأنسين سواده …
لقلبك السعادة صديقتي الأديبة الراقية ، نهاية هذا الجزء مُلفتة جداً . ننتظر ما سيأتي .
هاشم م. حريقي الصديق المجهول ، أشكرك من الأعماق للمتابعة 💐💐💐
جزء رائع جداً . الحوار محبوك بإبداع
كان يحلو لك المكوث في الظلام دون أن تملّي ، بالطبع فهو أنيسك ، صديقك الذي لم يتأفف منك يوماً . استمع الى شكواكِ دون أن تتكلمي ، لملم دموعك بكل صمت كيف لا وهو
” لم يُشعِركِ يوماً بالخِزي من ضحكةٍ عاليةٍ أطلقتِها بلحظة تَخَلٍّ دون تخطيط مُسبق ، أو من دندنةٍ خرجت سهواً وسط نهاراتكِ الكالِحة …”
هي المرة الأولى التي أترك فيها تعليقاً ، لكنني مثابر على متابعتك سيدتي الجميلة وأتمنى أن تكملي وأن تتكلل نهاية حكايتك ” أناي ” بإصدارها كرواية من حلقات ، فهي تستحق وأنتِ أيضاً تستحقين الخروج إلى الضوء .
احببت ذلك الانسياب الحار من النص.تشكيل يزاوج بين الوجدان والنبرة النابعة من احساس بممزاوجة ما بين الابيض والاسود من سنوات العبور ….
كل التقدير صديقتي وللغة انعكاس الضوء حتى اعماق المساحات …..
لا حياة لي إلا بما ارتبط بمن حولي ..عبارة التضحية الكبرى التي تقيدنا ، لكننا نعيش من أجلها ، إنه ذلك الصراع بين رغباتنا وبين ما يريده الآخرون لنا …لنرقب مشاهداتك من الصف الأخير ، ربما الرؤية تكون أوسع وأشمل من تناثر الزجاج في مطبخ حكايتك ..
جبران القدموسي ، ألف ألف شكر 💐
هاشم م. حريقي الصديق المجهول ، أشكرك من الأعماق للمتابعة 💐💐💐
طوني مسعد ، باقات شكر وود 💐💐💐
هاشم م. حريقي الصديق المجهول ، أشكرك من الأعماق للتفاعل والمتابعة .
قىاءتكم تعني لي الكثير 💐💐
أهنئك على مشهد الطاولة وكسر الزجاج وانتشاره على الأرض . لقد جعلت الأمور تخرج عن السيطرة . لا يهم ، المهم أن تُكملي . أما العنوان فهو بحد ذاته تحفة تشد القاريء كي يتفحص ما تحويه داخلها من ابداعات ..
أحيي فيك حنكتك وعمق تخطيطك ، تابعي
إنعكاس ملفت وحرارة مرتفعة وجمال في التعبير ، أجدتِ أديبتنا الجميلة .