.. ينقل موقع ” ميزان الزمان ” وقائع اللقاء المباشر مع الشاعر اللبناني حبيب يونس الذي ردّ على كمٍّ من أسئلة نخبة من الشعراء والكتاب والإعلاميين في إطار مجموعة ” ملتقى حبر أبيض ” الذي يترأسه الشاعر السوري مردوك الشامي في لبنان ..وهنا الحوار الذي نعتبره كتابا ومرجعا للباحثين في شؤون وشجوون الشعر العربي عامة واللبناني خصوصا :
أستهل اللقاء الشاعر مردوك الشامي الذي قال :
النبيلُ كنهرٍ لا يتوقّف عن البذل والموسيقى، كجمهورية مصابيح توّحدتْ شعلة ونورا في غياب طاقة المنطق والضوء..
الشاعر كثيرا، والموسيقي والمسرحي والإعلامي والإنسان، والمنتمي إلى حيث تكمن بذور الحق والجمال في رحلة البحث عن الخير ..
الحبيب يونس ، ضيفنا استثنائيا مساء الأحد غدا، بدءا من السابعة في لقاء مباشر على حبر أبيض ..
كل المحبة له، وأرحب به باسمي وباسم الشعراء في إدارة الملتقى وباسم أعضائه ومريده ,,
كل الترحيب بضيفنا الحبيب .
الرحلة بدأت :
اخي وصديقي الشاعر الجميل حبيب يونس ،
هل الغموض في القصيدة يؤدي إلى ابتعاد القراء عنه ؟
صديقي الشاعر الذي أحب علي دهيني: ببساطة، حين يفسر لي من يتعمد الغموض، غموضه، فأفهم قصده، أتفهمه، وأقترب من قصيدته. ولكن أظن أن ثمة من يلجأ إلى الغموض، ليكذب على القراء بشاعرية زائفة. أقبل الرمزية والإيحاء والتلميح، أما الغموض فمثل من يدعوك إلى البحث عن حبة ملح في محيط
الغالي حبيب
متى تكتب بالفصحى ومتى تكتب بالمحكيه؟
وأين تجد نفسك أكثر؟
الشحرور الشاعري الجناح: لمن لا يعرف، بدأت كتابة الشعر بالفرنسية التي كنت أتقنها أكثر من أي لغة أخرى. وكنت وددت لو تعلمت لغات الأرض جميعًا لأكتب بها. وبما أن عالمي الشعري اقتصر على الفصحى والمحكية، وجدتني أقبض على مفتاح، ما همني من صنعه. مفتاح هو عبارة عن كلمة أو صورة أو ومضة، يجعل أبواب الكون، بما فيها أبواب الجحيم، ترضخ لمشيئته. أجد نفسي حيث يدور المفتاح
الشعر يتقدّم في لبنان وكل الفنون الأخرى تتراجع …
برأي الحبيب ما سبب هذه المفارقة؟؟؟
المارون… السيد الصغير والشاعر الكبير: أظن الفنون جميعًا تشبه فرقة موسيقية تعزف لحنًا واحدًا، هو الجمال. وكما هي حال عمل الفرقة، يتقدم أحيانًا دور آلة على أخرى. هكذا كانت الحال مذ نشأت الفنون، وتبقى وتستمر. يتقدم الشعر، صحيح. ولكن من قال إن الموسيقى أو الغناء ليسا في المصفّ نفسه؟ وكذلك النحت والرسم… منصات التعبير الشعرية متنوعة، بين الكتاب والصحيفة والمجلة، على الرغم من تراجعها، وكذلك وسائل التواصل على كثرتها. تنشر نصًّا وكفى. ولكن هل يمكن إقامة معرض رسم أو نحت، إلا في مكان عام؟ أو تقديم مقطوعة موسيقية إلا في مسرح أو في مساحة هواء طلق؟ إذا كان الشعر يتقدم اليوم، فحين يصفو الجو العام، سنرى الفنون الأخرى قربه في الصف الأمامي. الإبداع مهما تأخر… جايي
أستاذ حبيب.. ما الجديد الذي أضافته القصيدة الفصحى في هذه الألفيّة، وما هي الرّؤيا التي تسعى إليها؟ بكلام آخر، بعد مرحلة الستّينات والسّبعينات ما هي طروحات الشّعر العربي الحدي
لم يتغير، لأن طباعه لا تتغير، وبئس تطبعه الذي تفضحه إما لحظة
غضب، وإما نوبة حزن، وإما هستيريا ضحك. وأما طروحات الشعر العربي الحديث، فباستثناء قلة نادرة من الشعراء والباحثين، فليست إلا نسخًا أو مسخًا لطروحات غربية أو شرقية، لا أظن إسقاطها على واقعنا صحيحًا.
الأديب الممعن في انعتاقه العزيز سامي: لا زمن للقصيدة. رزنامتها لا علاقة لها بالزمن. زمنها عمقها ولغتها وكلماتها وصورها وقوافيها وأسلوبها. لا أظن أن عنترة ابن هذه الألفية ليكتب قبل ألف وخمسمئة عام، أجمل بيت غزل: “فوددت تقبيل السيوف”… الشعر لا يكتب زمنه، يكتب ما بعده، أو يعتق ما مضى. أما الرؤية فيجب أن يكون الإنسان محورها، والإنسان هو نفسه
لم يستخدم سعاده (أنطون سعاده) كلمة حديث بل ألحّ على الجديد. لكون معيار الجديد، بحسب قول ادونيس ، يكمن في الابداع والتجاوز وفي كونه مليئاً لا يستنفذ. ودلالة التجديد الاولى في الشعر هي طاقة التغيير التي يمارسها بالنسبة إلى ما قبله وما بعده، أي طاقة الخروج على الماضي من جهة، وطاقة احتضان المستقبل من جهة ثانية. فالجديد هو آخر ما استجدّ زمانياً ، وليس في ما أتى قبله ما يماثله وهو يتضمن معياراً فنّياً لا يتناوله الحديث الذي هو كل ما لم يصبح عتيقاً “( “مقدمة الشعر العربي”).
فسعاده، في رؤيته التجديدية، المظهّرة في كتاب ” الصراع الفكري في الأدب السوري” ، أراد أن يصهر الشعر بالثقافات ويستوحي الفكر الفلسفي، فلا يستند الى الفطرة وحدها أو إلى الشعور وحده. وميّز بين طريق الشعر وطريق النظم، فالنظم صناعة والشعر ابداع. وميّز الشاعر من المؤرخ والعالم فليس المطلوب من الشاعرتمثيل عصره أو جماعته. وربط الشعر بالحياة وحرارتها. وحذّر من كلّ تجديد شكلي لا يحمل تجديداً في الأساس أي في النظرة الجديدة إلى الحياة وقيمها. وشدد على اهميّة الأساطير السورية في نشوء أبدع الشعر الكلاسيكي واسمى التفكير الفلسفي وحثّ على استثمار فلسفات الأساطير القديمة. وطلب الخروج على الجمود والوتيرة الواحدة وتجاوز الانهزامية في الشعر والعويل والانتحاب على الطلول وبلادة التقليد. وشدد على ألاّ يكون الموضوع غريباً عن تراثنا الحيّ وروحيته. أراد سعاده في نظرته التجديدية بعث نهضة وبدء مرحلة حيّة محيية. أين يتفق الحبيب مع سعاده في نظرته التجديدية وأين يختلف؟ وهل تعتبر ما سميّ حداثة وما بعدها وما بعد بعدها جديداً؟
العزيز مكرم الرمزي الوجودي حتى في حضوره وابتسامته: ومن أنا لأتفق مع الزعيم أو أختلف؟ أحب في أنطون سعادة نصيحته لزكي ناصيف وأنطلق منها لأجيبك. قال سعادة لزكي: غنِّ الإنسان والأرض والطبيعة والتراث. وهكذا فعل، فكانت أغنيته الصدق بعينه، والبساطة بجمالها، وما أحد كرهها. حين نتخطى معتقدات راسخة فينا، وننظر إلى الجمال كجمال، يصطلح الكون برمته.
ثم إن ليس كل ما سمي حداثة جديدًا، لأن ثمة عتيقًا في عمق أشعار الأساطير، مثلًا، لم نبلغ إليه بعد، ولن نبلغ. الأفكار هي نفسها، مذ عقل الإنسان، يبقى الأسلوب الذي يظهرها في قالب جديد.
أستاذ حبيب تحياتي
في ظل الأزمات التي تعيشها بلادنا
هل هناك موضوع أوّل وأولى على الشاعر طرحه وما هو برأيك ؟
وشكرًا
العزيز عماد، وتحياتي لك مضاعفة: ليست بلادنا من يعيش أزمات، العالم كله في أزمة أخلاق، ويشهد انحدارًا قيميًّا خطرًا، لأن صناع القرار، كما يسمون، استبدلوا الإله الأخضر بالله. وليس دور الشاعر إلا أن يكتب، في أي مجال أو موضوع. لا أظنني كتبت قصيدة غزل، ومن أحب أمامي أو في حضني. الأجمل كتبتها في ملجأ، تحت خطر الموت. قصيدة الشاعر ممحاة لنص شيطاني يكتبه عبدة الإله الأخضر. فلنكثر من المماحي، ونعد صوغ العالم بأجنحة خيالنا.
في كل الحروب، حمل المثقفون والشعراء السلاح ودافعوا عن اوطانهم، منهم من جُرح أمثال همنغواي وجيد وابولينير وسوندرار
ومنهم من مات دفاعا عن أرضه أمثال شارل peguy ،
ادباء كثر ذاقوا الاعتقال والسجن والنفي والشنق، أو على الأقل شاركوا في الثورات مثل سارتر وسيمون دي بوفوار وآخرين.
في رأيك ، هل المثقف اللبناني يقتصر حضوره في المقاهي والصالونات والمنتديات وعلى المنابر بكل مظاهر الأناقة ، ام يجب أن يحدو حدو أبطال الكلمة الفعليين ويضحي تضحية حقيقية حتى لو عرض حياته للخطر؟!
العزيزة أماني، نزل علي غيث سؤالك بردًا وسلامًا… لا تعرفين، ربما، أنني ممن دفعوا ثمن كلمتهم، دفاعًا عالي الصوت، عن قضية يؤمنون بها، سجنًا مرتين. لا بل ممن سدت في وجههم سبل العيش، لأنني لست حيوانًا وحشيًّا لأروَّض، أو رَخوَ الدِّكة لأُغرى، أو حرباءَ حفافٍ لأتلون. ليس عيبًا أن يكون المثقف أنيقًا، أو بوهيميًّا، ولا عيب إن ارتاد مقهى أو لبى دعوة صالون، العيب هو حين يناقض حرفه… فيكون مدعي ثقافة، وقد كتبت قصيدة في هذا الإطار، سميت أمثاله فيها “مسكَّفين”، لأن ما ظننته نخاعًا في رؤوسهم، تبين لي أنه تبن، “وحتى التبن بيعوز نص نعلي”….
بعد التحية …
الشاعر – كرسول خير وحقّ وجمال ، وكمبشّرٍ بالحريّة الكاملة والإنسانية الشاملة – ينبغي أن يكون قائداً فكرياً، لا منقاداً وتابعاً ومتقوقعاً ضمن إطار ضيّق . فأين تقفون أنتم بين مفهومي الحريّة والالتزام ؟ وبالتالي ، ماذا سيكون موقفكم في حال حصل تعارضٌ بين مبادئكم الإنسانية والتزامكم السياسي ؟
شكرًا لسؤالك أيها الصخرتان، وبينهما السيف: أعتنق مبدأ، أظنه للكاردينال ريشليو، يقول: الالتزام قرار حر لأناس أحرار. لم يضربني أحد على يدي، أو يضع فوهة المسدس في صدغي، ليجبرني على اعتناق خط سياسي أو فكري أو عقائدي. أنا اخترت، وألتزم. وحين أرى خروجًا عن مبدأ إنساني أؤمن به، أعلي الصوت ضمن الأطر التنظيمية، فأصحح المسار، أو أترك الزمن يظهر صحة قولي… وكم أعيد الاعتبار إلى ما طرحت. يبقى أن للشاعر الذي فيَّ، المكانة الأولى.
بمن تأثرت وأنت في ريعان الشعر ؟
الشاعر الحقيقي هو من يحمل هم العالم على كتفيه فهل هناك برأيك من يحمل هم الشاعر وهل يلقى التقدير ممن حوله كما يستحق ؟ ولماذا تتفوق الرواية على الشعر في مجال التسويق حاليا ؟
قوافل عطر لك شاعرنا
العزيزة نغم… وقلبي ميدان قوافلك: تأثرت، طبعًا، في صغري بأبي الشاعر أنطون يونس، الذي كان رئيس جوقة زجل “جوقة صنين”. وعيت على قصائده وصوته الجميل، ولم أرث عنه سوى حب القصيدة ولون عينيه العسلي. فتح لي هذا المناخ، في منزلنا، الأبواب على المعرفة والثقافة والتذوق، فتعرفت فيه إلى الكبير سعيد عقل، فأثر في فكرًا وشعرًا وسعيًا إلى المطلق والأكمل. وقيض لي أن أحتك وأعرف وأصادق كبار الشعراء: ميشال طراد، موريس عواد، جوزف حرب، أسعد جوان، سمير خليفة، أنطوان السبعلاني، أنطوان رعد، غسان مطر، عمر أبو ريشة، أنسي الحاج… وآخرين طبعًا. تأثرت بهم جميعًا، ولم أتأثر بأحد. قرأتهم، أحببتهم، وحين بدأت بالكتابة، نسيتهم جميعًا. فيَّ منهم كلهم، وليس فيَّ منهم شيء. أظنني صرت نفسي
الأستاذ الحبيب تحياتي و إحترامي و محبتي
بتنا نرى القصيدة المحكية تتفوق على القصيدة الفصحى من حيث البلاغة في الطرح و من حيث الدهشة ، إلا ما ندر
هل توافق على هذه الرؤية ؟ …. و إن كنت توافق فما هي الأسباب برأيك ؟
العزيز أيمن الساكن ما بين الحدقة والحدقة: قد يكون الطاغي في المناخ الفصيح، قصائد تقليدية، تجعل الناظر إلى طبيعة هذا الشعر يجمل كل إبداع في ذاك الإطار التقليدي. ثمة قصائد بالفصحى تفوق بجماليتها، اليوم، كل الشعر العربي. وهذه “العدوى” انتقلت إلى القصيدة المحكية، بلا شك، فمن زجل المنابر، إلى القصيدة التي تقرأ في ديوان، إلى زوال اعتبارات عقائدية أو فكرية كانت تمنع شاعرًا من الإفصاح عن هوية محكية يخفيها. جبران كتب المحكية، خليل حاوي، غسان مطر، جوزف حرب… وآخرون كثر. جبران لم ينشر، وحاوي كذلك. حرب ومطر نشرا لاحقًا. لا تفوق للمحكية على الفصحى، والعكس صحيح. التفوق في القصيدتين، يكمن في أساليبهما، وصورهما الجديدة، والرمزية والإيحاء والدلالة، فضلًا عن الحبكة والقرب من محاكاة القلب والشعور، بعيدًا من المباشرة
أستاذنا المعلّم الحبيب
هل برأيك الفايسبوك، في عصرنا الحالي، يُؤثّر في “القصيدة” سلبيًّا أم إيجابيًّا؟ هل يرفع القصيدة قيمةً أم يُقوِّضها؟
العزيز أنطوان، أيها الباب الجديد، على ما سميتك: الفايسبوك ووسائل التواصل، مثل الديناميت الذي اخترعه نوبل. كان هدفه إعماريًّا، فتحول أداة قتل وإبادة أحيانًا. فلنبق مع إيجابية نوبل، من اختراعه، ولنغربل ما نقرأ، ولينشر كل من يرغب ما يريد، فهذه حريته. المهم ألَّا تطغى على تعاملنا مع ما ينشر على وسائل التواصل، نفسية المجاملة والمسايرة، كمقايضة بين من نعلق عندهم، كي نجلب تعليقًا أو إعجابًا إلى ما نكتب نحن. ومثلما هو الزمن غربال الشعر، هو نفسه غربال للفايسبوك ولغيره من وسائل التواصل. وغربل يا غربال.
بين الشعر والمسرح والموسيقى والإعلام والعمل السياسي , أين تجد حضورك وراحة قلبك ؟ وهل تحدثنا عن تجربتك مع الشعر الممسرح ؟
الصديق يوسف مخرج الجمال:
كل هذه الفنون هي أنا. أجزاء مني لا تنفصل. وأرتاح ويرتاح قلبي حين تظهر إلى العلن. أما تجربتي المسرحية فاقتصرت على ثلاث مسرحيات: واحدة للأطفال، أضعت نصها، وقد كتبتها لأن وحيدتي كانت تشارك فيها في المدرسة، وأغرتني بالكتابة لاحقًا لما لاقته من تجاوب حين عرضت. أما المسرحيتان الأخريان، فقد تولى إخراجهما المخرج ميلاد هاشم، وبطولتهما الممثل ميشال غانم. ركزتا على شباب اليوم وهمومه ولغته، كتبت القصتين وحوارهما، وتوليت نظم أغانيهما وتلحينها. لم يكن النص شعرًا ممسرحًا، وإن كان حلم كل شاعر حقيقي أن يخوض تجربة الملحمة أو المسرح الشعري. قد يأتي يوم، من يدري؟
مساء الشِعر والحرف الجميل…
استاذ حبيب برأيك كيف يمكن للقصيدة أن تخدم الوطن؟بمعنى هل يجب على الشاعر أن يكون محايد سياسيا بالقضايا التي يعيشها وطنه وابناء وطنه ؟
إضافة لسؤالين: مَنْ المسوؤل عن هذا الإنحدار الشعري الذي يواجهه لبنان اليوم؟وما هي الطرق التي يجب أن تعتمد لكي ننقذ الشعر من أصابع الإنحدار؟
العزيزة لودي شمس الحرف: الشاعر حر في خياراته، لكنه ليس حرًّا في أن يحيد عن الجمال. الحيادية هنا قاتلة، وتصرعه بدمدم القافية. ثم إنني لا أرى انحدارًا شعريًّا، في أي عصر، حتى في عصر الانحطاط، كما يسمى. يكفي أن تبقى من أي عصر قصيدة عالية، لأقول إن الشعر ما زال يتابع مسيرة “بألف خير”. كثر يظنون أنهم شعراء، سيغربلهم الشعر لاحقًا. لا تخافي.
لو عاد الأمر لي لكنتُ أدرتُ حلقةً كاملة من الأسئلة مع الضيف العزيز استاذ حبيب يونس للإستفادة من خبراته المتعددة وثقافته الواسعة.. ولكن ساترك مجالًا لغيري من الأصدقاء وأكتفي بسؤالين..
١_قلتُ لكَ مرة:” القافية تقيِّد” ، أجبتَني:” بالعكس القافية تحرِّر”.
أَقْنِعْني.
٢_لديكَ دَفْقٌ شعريّ مُلْفت وإنتاجُ غزير تخطّى ١٨ ديوان(مندقّ عالخشب).. ما هو سرّك؟؟
- العزيزة أرليت الحاضرة بين فيء وشمس: أنت لا تديرين حلقات، أنت تديرين رؤوسًا حين ينسم حضورك. لا ضرورة لإقناعك في أمر القافية والوزن. هما لا يقيدان الشاعر إذا كان ابن اللغة حقًّا، فتتحول، مهما عصت، عجينة في يده، ومهما طال أمد العجين والخمير، لا بد يطلع رغيف الخبز، كأنه مخبوز في آلة. هنا يكمن السر. القافية الصعبة تجعلك تجهدين ليكتمل المعنى. بمعنى أنك تبتعدين عن الكلام المعلب، وعما يسمى الإرصاد. أما الدفق الشعري اللافت والإنتاج الغزير، فما نشرته إلى اليوم، أي 19 كتابًا، هو نزر يسير مما كتبت طوال عمري. دقي على الخشب، يا ريحانية غانمة، عل الله يفيض علي من نعمه أكثر. أنا أشهق وأزفر شعرًا ونثرًا. ولا أحتاج إلى تنفس اصطناعي.
ماهو سرّ نأي الشعراء الشعراء بأنفسهم عن السياسة العامة ؟؟ ألا تعتقد معي بأنهم يخافون من المزاج الأخر عند بعض جمهورهم
وهذا ماأراه أنا خيانةً لواقعه ومبادئه أينما كان.
الجنتلمان رفيق، رفيق الذوق وأناقة الحضور: لا أود التعميم. أما في ما يتعلق بي، فلست ممن يخشون إعلان انتمائهم علنًا. غيري… ليصطفل. حر هو في رأيه وفي سلوكه. ما يهمني أن أقرأ لديه شعرًا جميلًا، ولو كان خصمًا لي في السياسة أو في العقيدة. المقياس هو الجمال. وثمة شعراء، شعرهم أجمل منهم. يكفيني منهم شعرهم.
هل ما يزال الشعر لديك شغل محابيس ؟ ام انه يتجدد واحيانا يصير مدنتلا وينتحل الفن لاجل الفن؟
العزيزة مي… الخفرة خفر بنفسجة حقل في عظة جبل: شغل محابيس عنوان ديواني الأول، وقد كتبته في السجن، طوال سنة وثلاثة أشهر، أي خلال 459 يومًا، وهو يقع في 1258 قصيدة، وفي 544 صفحة. وإذا أردت أن تعرفي معنى الحرية اقرإيه. كان جناحاي، وأنا في الأسر، في أعلى سماء. أعلى من جبين السلطة والسجان. لا شيء يأسرني، ولعل هذا نعمتي ونقمتي.
شاعرنا القدير
أين تجد نفسك أكثر في الشعر أم في الصحافة والإعلام؟
العزيزة فاطمة من ساحل إلى قمة: من قال إني لم أحاول جعل رسالتي – مهنتي، أي الصحافة، عالمًا شعريًّا، لأنقيها من شوائب المصادر المطلعة والعليمة، والأوساط الخفية، والغرف السود الخبيثة، والأنفس المرتهنة. حاولت، وحين غلبني شيطان المال، ابتعدت. الشعر هو الأساس. الشعر هو الضمير. من يحيَ بلا ضمير، ميت يمشي على خطيئتين.
مساء الخير للجميع ، اسئلتي إلى الأستاذ حبيب :
1 – يقول الشاعر الأستاذ ” سعيد عقل ” في مقدمته المكتوبة عام 1951 لديوان – جلنار – للشاعر ” ميشيل طراد ” :
… بيكون جاهل ألفْبا الفَنّ البيقول انّو بتطلع معو الفكرة وهي بعدها بلا تعبير . كل تعبير عن فكرة جاهزي تغيير لهَ الفكرا. ومامنقدر نقول صارت مَعْنا الفكرا نهائيَّن إلا بعد ماتجي بعبارتها . ومن هَون تفريق ارسطو ( ماوراء الطبيعة 5،1 ) بين الشاعر والنظري .)
عبر تجربتك الطويلة في الكتابة هل لديك تعليق على هذا الرأي عن الكتابة الشعرية ؟ اذا امكن بعض الأمثلة من قصائدك .
2 – حضرتك شاعر ولديك قصائد بالمحكية والفصحى ، إضافةٍ الى اهتمامك المتواصل بالشأن الشعري العام كتابة وندوات ، في الوضع الراهن وبعد سهولة النشر عبر الفيسبوك ، وانحسار ديوك التحرير عن منابرهم ، هل لفتت نظرك تجارب شعرية نسائية باللغة المحكية ؟ واستطرادا – ومن وجهة نظرك – كيف يمكن لإمرأة ان تكتب ذاتها بلغة تراكَمَ فيها الذكور والذكورية منذ مديات بعيدة ؟
3 – في الأغلب الأعم ، هل لديك مواعيد وأوقات للكتابة ؟ صباحاً ؟ مساءً ؟ هل لديك مواقيت منتظمة ؟
4 – لاحظت اهتمامك وعلاقتك بالشأن السياسي ، حد كتابتك ديوان اهداء الى السيد رئيس الجمهورية اللبنانية ” ميشيل عون ” ، وعليه : كيف يمكن لشاعر أن يتعاطف أو يميل لسياسي يعمل في مهنة – مهنة السياسة – نعرف مسبقا أن في بنيتها تسكن انتهازية لاتتناسب مع الشعر والشاعر ؟ هل واجهتَ مثلاً انكسارات شخصية او روحية او شعرية عقابيل هذه المَيل أو التعاطف ؟ توضيح بسيط : سؤالي يأتي مباشرة عن لبنان الراهن ، لكني صغته بطريقتي كي أبحث عن جواب الشاعر وليس السياسي .
5 – اتعتقد أنه من الممكن كتابة قصيدة نثر بالمحكية ؟ الديك تجربة في هذا السياق ؟ اتعرف تجارب او كتابات ( قصائد نثر بالمحكية ) بلا قواف ورتم ورنين ؟
سلامات والشكر موصول إلى ” مردوك ” الشاعر والإنسان .
العزيز جبران وقد أسعدني فيض أسئلتك، وسأجيب بما يقارب محبتك:
1- أحفظ من مقدمة معلمي سعيد عقل أن الشعر هو ابن اللاوعي، حين يختمر في ذهنك، ولكن حين تكتبه لا بد من أن تكون في قمة وعيك، وحين تقرأه قبل نشره، يجب أن يستنفر فيك الوعي كل حواسه. وحين تنشره، يجب أن تكون جلاد نفسك، فلا ترضى أن تكون ما تحت الإبداع. أما الأمثلة عن شعري، فقد خصصت “حبر أبيض” مجموعة قصائد، يمكنك الركون إليها.
2- الشعر لا يعرف هوية أو جنسًا أو عرقًا. لفتتني تجارب شعرية كثيرة، ذكورية وأنثوية. ما يعنيني هو جمال القصيدة. أما ديوك التحرير، فوا صحافتاه.
3- لا مواقيت عندي للكتابة. قبلًا كنت أنتظر حلول الليل لأكتب. اليوم أحول كل ليل ورقة، لأكتب عليها بحبر أبيض، أو كل نهار ورقة لأكتب عليها بحبر الشمس.
4- أهديت إلى رئيس جمهوريتنا، قبل اعتلائه سدتها، ديوانين. لأنه بالنسبة إلي رمز لقضية ناضلت من أجلها. يمكنك قراءة الكتابين، ويمكن أيًّا كان قراءتهما… ومن يرد أن يحكم، يحكم على الشاعرية. أنا لا أمدح، ولا أساير، ولا أستعطف. لست شاعر بلاط، كما يحاول البعض أن يلصق بي نعوتًا. ولمن لا يدري، خصصت ريع الكتابين للقضية. ومن له علي أي شيء، فليوقف عني كيس الطحين. أنا غيريٌّ، أبذل نفسي من أجل من أحب، فكيف إذا كان من أحب هو وطني وقضيته، بمن وبما ترمز.
5- أعارض التسمية. ليس هناك قصيدة نثر أو قصيدة بالنثر. هناك شعر جميل ونثر جميل. والنثر عندي في مصف الشعر. لا فرق. وإذا أردت اقرأ نثر موريس عواد أو سمير خليفة… وقارنه بشعرهما، تلقَ الجواب.
مسالخير
حبيب يونس شاعر وكاتب واستاذ ومعد وإعلامي ومسرحي وموسيقي نفتخر بك وأجملها لنا إنك صديقنا.
حبيب يونس الحائز على جائزة حقوق الإنسان
هذه الجائزة هل ذادت مسؤوليتك كشاعر ام ك كاتب سياسي أكثر ؟
يا إكمال العطر بقمر الدين، لا بسيفه: نلت تلك الجائزة من مؤسسة “الإنسان والحق الإنساني”، على أثر خروجي من السجن عام 2003. أعتز بها، واعتززت كثيرًا لاحقًا. لكنني أراها اليوم أجمل ما نلته في حياتي، عندما أرى ما تفعله هذه المسماة الولايات المتحدة الأميركية، أمبراطورية الشر، بالإنسان. من وهبني تلك الجائزة، كان إنسانًا، وهبها لإنسان. لم يكن وحشًا، كما أميركا، تلطى بالإنسانية. أنا أعد أميركا السياسة، منذ العام 1972، أسوأ ما حل بالكرة الأرضية والبشرية، منذ فجر التاريخ
الحبيب الاستاذ … شاعرا إعلاميا ووطنيا … وصاحب تجربة نادرة بديوان ” شغل محابيس “
١- بماذا تتميز قصيدة ” السجن ” ؟
٢- كنت من أكثر المتحدثين ” المُفضِّلين ” في تواقيع الكتب … ماذا أضافت لك هذه التجربة ؟
٣- ما هو سرُّ تواضعك أيها العالي جدااااا
وألف شكر لصفحة حبر ابيض ولجميع الشعراء القيّمين عليها … لعطرهم الثقافي الدائم
أيها الإبراهيمي المقدود من نبض محبة ورفعة:
1- لا تختلف قصيدة السجن عن أي قصيدة، إلا في ما تجسده من جمال قبح. تصور أنني كتبت قصيدة عن البرغشة التي كانت تمص دمنا ونحن نيام “راس كعب” في ذاك السجن. قد يكون لكاتبها الفضل في إخراجها إلى النور، لأنه يعمل أكثر من غيره على تمزيق ستارات العتمة، وما أصعبها.
2- إطلالاتي وكلماتي في مناسبات تواقيع كتب الأصدقاء، من أجمل ما وفرته لي الحياة الثقافية. هناك أعلن على الملأ محبتي لكل حرف يكتب. وحين لا يعجبني الحرف كثيرًا، وإن كنت أحب صاحبه، أراني منحازًا إلى قلبه لا إلى حبره، فأعطيه رأيي بصدق، من دون تجريح، وبمحبة غير منتقصة نبضة، وبصراحة من دون مواربة. لست الحجاج لأعمل سيفي، ولا يهوذا لأبيع سيدي. بل أشبهني أحيانًا بيوحنا الحبيب، أرقب تحت الصليب، إذ لا بد من قيامة.
3- أما سر تواضعي، على ما قلت، فليس في الأمر سر. التواضع تربية وسلوك. زهرة حقل أنا أجمل من ثوب ملك.
الحبيب… الف مودة ومودة…
هل المحكية اللبنانية لهجة ام لغة؟ ولماذا ؟
أيها المارون الكثيف في مضمونه وطوله: المحكية اللبنانية، لهجة من لهجات تفرعت من لغة أم اصطلح على تسميتها السامية، ومنها العربية والكنعانية والآرامية السريانية والعبرية والأمهرية. عملت كثيرًا على هذا الموضوع، إلى أن خرجت من إحراج التسميات والتفاسير. اللغة هي اللسان. ثمة لغات لها قواعد، ولغات لم تتقعد بعد. المحكية لغة لوفرة ما فيها من إنتاج في الشعر والنثر والمسرح والأغنية. وحبذا لو تبقى بلا قواعد لئلا تموت.
صديقي العزيز. ماذا تقول في البعض الذين يتصدرون الساحتين الأدبية والافتراضية ويتخذون من القصيدة سلعة أو تجارة في اسواق الرقيق.؟؟؟ وما هو رأيك ببعض الغاوين الذين يتصدرون قائمة “الانتقاد” للشعراء؟
أيها المحمدي المتغندر على بيدر قلبي: هؤلاء “المتصدرون” ينطبق عليهم القول في أغنية شريفة فاضل “ما تروحش تبيع الميه، بحارة السقايين”. هؤلاء تجارتهم خائبة، وعسى ماؤهم لا “تتخمخم” في أكوابهم. يفضحهم ذات يوم ماؤهم. أما ماء الشعراء الشعراء فيمكن تحويله خمر جمال، ما إن يقترب من أي شفة. أما غاوو الانتقاد فأشبههم بمعمر القذافي، وبخالف تعرف. كسروا مزراب عين، وتطاولوا على من لا يصلون إلى خصر قافيته، ليس إلا. ولن يصلوا.
أيها الحبيب الحبيب. ولكن الكثير الكثير من الغاوين اليوم يمشون في الصف الأول في جنازة القصيدة. ويتم فسح المجال لهم في تصدر المنابر والأبواق. اما التجار اليوم يراودون الغاوين عما اصطادوه من بنات القصيدة. محبتي
يمشون في جنازة “قصيدتهم”…
١ – ما هو تقييمك للساحة الثقافية في لبنان..
٢- إلا تظن أن غياب النقد ، يسمح للمتسللين تصدر المنابر
العزيز محمد، يا أنانا الحاضرة في كل مكان وزمان: ليس أنا من يقوم الساح الثقافية. المهم أن أعرف مكاني فيها. هي مساحة حرية، فيها من الـ”هيلا هو”، إلى “إني أتهم”. ولك أن تختار موقعك فيها. أما النقد، فحين يحيد عن الأسس والقواعد والأصول والمنهجية، يصبح ضربًا من ضروب العلاقات العامة، أو العلاقات المشبوهة. يبقى أن ليس أحد بعد استطاع إقناع غراب بألا “يغني”. العزيز محمد، يا أنانا الحاضرة في كل مكان وزمان: ليس أنا من يقوم الساح الثقافية. المهم أن أعرف مكاني فيها. هي مساحة حرية، فيها من الـ”هيلا هو”، إلى “إني أتهم”. ولك أن تختار موقعك فيها. أما النقد، فحين يحيد عن الأسس والقواعد والأصول والمنهجية، يصبح ضربًا من ضروب العلاقات العامة، أو العلاقات المشبوهة. يبقى أن ليس أحد بعد استطاع إقناع غراب بألا “يغني”
أستاذ حبيب، قبل الإجتياح الكوروني شهدت الساحة الثقافية ولادات يومية للمنتديات والتجمعات واللقاءات على مختلف تسمياتها وأنواعها وكان منها الجيد ومنها ما هو أكثر من سيء.. هل برأيك الشلل الذي حدث في الساحات الثقافية اليوم أعاد دوزنة وتصفية ذلك الحراك الثقافي أم حوّل مساره نحو العالم الافتراضي؟ وهل تعتقد أن الأمسيات الإلكترونية المبرمجة تستطيع أن تخدم الثقافة وأن تضيف لها وهل سيشهد هذا العالم انفلات كما حصل بالساحات الثقافية ما قبل كورونا؟
العزيزة ناريمان من أول خصلة شعر، إلى آخر نبضة، يا قلبًا يكرج على عينين: ليس المكان ما يهم. سواء كان مكانًا نطأه بالأرجل، أم بالعيون. المهم الغاية من عنوان هذا المكان. حين تكون غاية أي منتدى نبيلة، أقصده زحفًا على قلمي، وحين تكون خبيثة، تهرب منه محبرتي من تلقائها. يكفي أن “يتمردك” المكان، كما هي حالنا الآن، أو “يتنريم”، كما هي حالنا معك، وكذا في منتديات أخرى إليها أنتمي وأحب وأقصد، لترسو سفينتنا على شاطئ الأدب، متجاوزة كل عتمة، بقنديل عطاء ومحبة وحكي، و…
ما هي الثقافة الحقيقية في نظرتك؟ وهل ما يعيشه الوسط الثقافي اللبناني منذ عامين الى الان يعكس مفهوم الثقافة؟ وما هو رايك بكثرة الملقبين بالشعراء والتوزيع العشوائي لهذا اللقب من المسؤول عنه؟
العزيزة الفاتنة من إمارة حضورها إلى حسينية ألمها: الثقافة الحقيقة هي المعرفة العميقة العمودية قبل الأفقية بكل شيء، وما هدفها إلا أن تسعى إلى أن يكون الإنسان على مثال خالقه. ليست الثقافية عرض عضلات معرفية أو لغوية، وليست تنظيرًا وشعرًا أشعث ولحية هجاها ابن الرومي. أما الألقاب، فعلى ما أشار زياد رحباني، في مسرحيتيه الأخيرتين “بخصوص الكرامه والشعب العنيد” و”لولا فسحة الأمل”، كلهن “سيدة الرقص الشرقي”. أما الشعر، فمن يستأهل لقب شاعر، لا يحتاج إلى “هز وسط”. يجب أن تهز كلمته الكون. أليس الشعر “كف ربك إذ طنّت على الزمن”؟ على ما قال سعيد عقل؟
الحبيب حقا ، اجدد الترحيب بك بيننا وأسأل منطلقا من رباعية لك:
مَسْكون بِحالِةْ شِعِرْ…خيفان موت مْن الشِّعِرْ/ويموت مِنْ قَهْرو الْحِبِرْ
ويفوتْ عَ الْكِلْمي… قَبِرْ!
– صديقي إلى أي مدى هذا الخوف أعطاك الحياة ، والطفولة التي فيك هل هي السبب الفعلي أنك كثيرون في واحد ؟
– على من تراهن لكي تستقيم الحياة : الفن أم المتلقي ؟
– القصيدة الأنثى هل تحتاج المساحيق والغواية لتسطع ؟
المردوك من أسطورة إلى قصيدة، الأبيض حبرًا وصنينًا: لم أخف يومًا يا صديقي إلا من ألا أكون على قدر ما هو منتظر مني. تلك الرباعية التي بها استشهدت، كتبتها ذات ليلة من ليالي العام 1993، بعد دفق شعري، جعلني أخاف. سألت نفسي: ما سر هذا الدفق، هل أنام الليلة، فلا أصحو غدًا؟ كانت لحظة تسآل عابرة، لا خوف. أما طفولتي فهي التي تمشط لحيتي كل يوم، وترأف بغضون وجهي، وتبقي جبيني ناصع العلو.
في حياتي، يا صديقي، حذفت كلمة رهان. أكره السباق، وحتى لعب الورق. أنا من أهل الخيار، فأتحمله بشوكه قبل ورده. أراهن على الفن، بما هو جمال، وعلى المتلقي بما هو جميل. من خياراتي القليلة في الحياة، نوعية الناس والأشياء، لا كميتها. أؤمن بشجرة بورفيروس. أعشق الصعب إلى حد المستحيل.
تبقى القصيدة. هي الأنثى، سواء كتبها الله، أو كتبها شاعر. وإذا قصدت، في سؤالك، بعض من يكتبن بتنانيرهن أو بالديكولتيه… فهن حال اجتماعية لا تنحصر بالشعر فحسب. أنى تتلفت ترهُنَّ. في السياسة والإعلام والسينما والمسرح والتلفزيون… وفي “المعاملتين” أيضًا، ولا يتطلب منك الأمر سوى معاملة واحدة… إذا “فتحت نفسك” على أي منهن.
أحييك صديقي حبيب وأهلا بك في الملتقى الأبيض
مسيرة طويلة مع الحبر والوتر ، في العتمة والنور، في الحزن والفرح ، متى برأيك يضع الشاعر نقطة آخر السطر؟
كتبت الكثير من النقد في الآخرين وغالبا ما كان إيجابيا ومحباً ، هل شغرت مرة بغضب من نقدٍ وُجّهَ إليك؟
يا شاطئ المحبة قبل الأدب… يا عصمة نبي من حبر وكرم: لا نقطة على آخر السطر، كما كتب جوزف حرب نقلًا عن حكيم صيني، بل فاصلة، لأن لا انتهاء لشيء، وكلما أنهيت بكلمة انفتحت الشبابيك على كلمات. أو كما قلت شخصيًّا، ذات مقالة، الكلمة الأولى هي حواء الكلمات، والخليقة بعد مستمرة.
ثم إن أي عمل نأتي به منطلقًا من محبة، لا بد يغني ويفيد. فإذا انتقدت فلأنيي أحب، لا بهدف التجريح أو الإساءة. أتقبل النقد ممن يعرف، ولست معصومًا من خطأ. لكنني أرفضه من جاهل، فيغلبني… رحم الله الإمام الشافعي.
١-عمر سؤالي الأول عشر سنوات، يمتدُّ إلى يوم إلتقينا بك في إذاعة صوت المدى برفقة الأستاذة رندلى جبور ضمن زيارة جامعيّة. أذكر تفاصيل اللقاء لحظة منحتنا من وقتك وسألت كل طالب فينا عمّا يحبّه أكثر في الإعلام فأجبتك: “بأنّي أفضّل الصحافة المكتوبة”، لتطلب منّي إسماعك شعرًا من كتابتي، فأجبتك بأنّي لا أكتب الشعر، وتابعت الإستماع إلى بقيّة زملائي. لحظتها تردّدتُ في سؤالك: “هل من شروط الصحافة المكتوبة أن يُجيد الصحافي كتابة الشعر؟” ومضت السنون ورغبة طرح السؤال عليك تتملّكني، ورغم تواصلي معك سابقا عبر الفيسبوك، لكنّي إحتفظتُ به وكنت دائما أقول سيأتي وقت طرحه في سياقه الطبيعي، وحين قرأتُ أنّك ضيف الأسبوع فرحت وقلت جاء وقت طرح السؤال، واليوم أنتظر الإجابة بشغف..
٢-سؤالي الثاني أيضا من وحي تعليق لحضرتك على أحد منشوراتي. يومها ضربتُ بكلمة قاعدة لغويّة بعرض الحائط تتعلّق بالهمزة. طبعا لا مبرّر للأخطاء اللغويّة مطلقًا، وثمّة بديهيات على كل من يكتب ولو من باب الهواية إتقانها حتمًا، ولكن للأسف مدارسنا كانت تتعاطى مع اللغة وقواعدها كترف. وأمّا السؤال: هل من الأفضل أن لا يكتب من لا يتقن قواعد اللغة حتّى لا يطيح بها؟ أم تباعًا مع النقد والتوجيه يتحسّن وأهميّة تعاطيه مع الملاحظات كدروس؟ وهل من الضروري أن يدرس الفرد إختصاص اللغة العربية سواء كان يخطّط لمشاريع كتابة مستقبلية أم لمهن تتطلّب مراعاة قواعد اللغة كما كليات الإعلام التي غالبا لا تمنح أيام الدراسة مواد مركّزة على قواعد اللغة؟
٣- قرأتُ لك قصيدة “تياب وسنين” وأسأل من وحيها وتحديدًا من تعبيرك: “في تياب من عمر الطفولي بعدن نضاف وع بالن يلعبوا وبالبال مطويين…. وتياب مشلوحين… ومِنسيين….”، ما هو أكثر شيء تشتاقه في طفولتك ويسكن بالك ويتملكك وله تأثيره في مسار حياتك دائما؟ في مقابل شيء نسيته أو وددت لو تنساه وأن “تشلحه الذاكرة”؟
٤-عنوان ديوانك: “يمكن عبال الغيم شربة مَي”، في الواقع لم أطلع عليه ولكن مجرّد قراءة العنوان إستوقفتني وأبصرتُ فيه غيمة عطاء. فأي رمزية للعطاء تتجلّى هنا لحاجة الجهة المانحة إلى تقدير عطائها بنفس النوع الذي تُقدِّم منه؟ أي دعوة يحملها لنا كبشر للوقوف عند إنسانيّتنا في التفكير بالآخر وحاجاته الذي نراه منبع عطاء ولا نقدّر حاجته لتقدير ما يُقدّم وهو يعتصر نفسه لأجلنا؟
٥- في إحدى اللقاءات معك تقول:”السياسة أخطر علم لأنّ مادّتها الإنسان، والشعر أرقُ علم لأنّه إنساني قبل أي أمر آخر”، كما تصف الشعر بنظرك بالضمير. حضرتك كتبت السياسة وكتبت الشعر أي كتبت الخطر والرقّة، وهما غالبا نقيضان والجمع بينهما يحتاج لوعي وحكمة وحذر. فكيف لضميرك الشعري أم شكّل حصنًا لضميرك السياسي علما أنّك دفعت ثمن تسييس الشعر في ظروف كثيرة سابقًا والآن؟ وبماذا تتوجّه بعبارة إلى ضمير من يسيّس الشعر والفكر؟
٦- لا أفكّر في أي لغة أكتب حين أريد كتابة قصيدة ثمّة كلمة مفتاح، أو صورة أو فكرة، هي تأخذني إلى العاميّة أو إلى الفصحى..” عبارة لك فماذا كانت أول كلمة مفتاح في كتابة قصيدتك الأولى؟ وحتّى اليوم ما هي الكلمة التي تعتبرها نقطة فاصلة بتأثيرها في مسيرتك
ميار العزيزة التي أعادتني عشرة أعوام إلى الوراء، وطرحت أسئلة تتطلب ساعات للإجابة، سأختصر:
1- الشعر في نظري، روحه على الأقل، أساس كل شيء، لأنه التكثيف والتلميح والجمال. فما بالك في الصحافة التي نشأنا على أقلام أدبائها وتعلمنا وتثقفنا، لأنهم أتوا بالينابيع إلى شفاهنا.
2- من لا يتقن قواعد اللغة، يعاب عليه ذلك. ولكن يعاب عليه أكثر إذا لم يتقنها، ولو رويدًا رويدًا، ونصيحتي له ألا ينشر قبل أن يتأكد له خلو لغته من الأخطاء. إلا من يظن نفسه أبا سيبويه… أو أستاذه، علمًا أن سيبيويه ليس إلا تلميذ ابني: يونس بن حبيب…
3- لا أشتاق إلى طفولتي، لأنها كبرت معي، وما زالت طفلة. ولكن أفتقد رائحة أمي، ونظرة أبي المهيبة الحنونة.
4- سبق أن أجبت الأصدقاء والأحبة عن أهمية نظرتي إلى الإنسان. لكن عنوان الديوان “يمكن ع بال الغيم شربة مي”، نابع من صورة مرت ببالي وأنا أرقب الغيم الكثيف. سألت ذات مرة، لعله يحتاج إلى جرعة ماء، هو الذي يهدي إلينا ماءه لنبقى على قيد الحياة. عددت الغيم أرقى إنسان.
5- حين تخوضين غمار السياسة بروح شعري، تتذكرين قول طاغور: ويل لأمة لا يحكمها شاعر. وعليه، لا تناقض بين السياسة كما أفهمها والشعر كما أكتبه.
6- سبق أن أجبت الشاعر الدكتور ابراهيم شحرور عن هذا السؤال.
ألف تحية
خلقت حضرتك وربيت ببيت الكلمة في ملكة، لأيّ مدى تأثّرت بوالدك على الصعيد الشعري و لأيّ مدى قادر تأثر ببنتك خاصة وبجيل الشباب عامة …كامل محبتّي
فهدة المطرانة التي تعمد المكان بقلبها وتثبت المعمد بطيبتها: والدي، بلون عينيه العسلي، وبشاعريته، وبقلبه وجبينه الأيقونيتن، هو كلي غير منتقص إلا غيابه… وقد غاب انسلاخًا عني، وووري وأنا عنه بعيد في سابع سجن. ولعل تلك اللحظة هي جرحي الوحيد الذي لا يندمل. أثر والدي في أنه رباني على الوزن والإيقاع والجمال واللقية الجميلة التي قال فيها سعيد عقل حين قدم لديوان أبي “كلن يومين”: “إذا كان الشعر لقيات، فأنطون يونس شاعر يُعلَّم عليه الشعر”. فضلًا عن أن والدي سلمني مفاتيح الحياة، وقال لي: خذ الحياة بقوة، ليس الكتاب فحسب.
أما الشعر فلا يلقن، لأن الإنسان يولد شاعرًا، أو يكون فيه شاعر خفي يكتشف لاحقًا. وقد تقع مهمة الاكتشاف على شاعر أو على مصادفة.
الحبيب شعرا وانسانا
لقد صنعت طبيعة لبنان الجميلة شعر الزجل ؛ وشكل الريف سهلا فسيحا له؛ هذا ما تجلى عند شعراء الزجل عامة كروكز ونخلة ومبارك وجوزف حرب وغانم وكثر. فمن هو برأيك صانع الشعر المحكي اللبناني مقابل الجبل في الزجل في السنوات الأخيرة ؟
يقول الشيخ العلايلي:ان الإنسان غنى قبل أن تكلم أو لغا؟ فهل برأيك كونك تكتب الشعر في الفصحى والمحكي أن ثمة بدايات للشعر المحكي قبل الفصيح ؟ وما رأيك في قصيدة النثر كونها لا تغنى بسهولة كما يغنى الموزون والمقفى؟
يقول الصديق الشاعر مارون ابو شقرا :ان الشعر يشركك في ابداع القصيدة من خلال ما يترك لك من آفاق مفتوحة؛فيما يغلق الزجل عليك كل أفق الخيال لكثرة السرد والعادية واللادهشة؟فما رأيك من موقفه؟وهل ثمة زجل حاليا فيه من الدهشة؟
لقد شُبه الشاعر رشيد نخلة بالشاعر الفرنسي فريدريك ميستراك. فبمن يشبه الشاعر حبيب يونس نفسه وان كان لكل شاعر فرادته وتميزه ؟
عرف الشعر المحكي بأنه لغة الشعب ويحاكي هموم الناس ولذا رفض كثر من شعراء المحكي اصدار دواوين مكتوبة فيه .في حين ميزه حبيب يونس بثلاث مفاصل: اجتماعية ولغوية وعقائدية. فالى اي مدى يستطيع الشعر المحكي الوصول في مضمونه ورؤياه وفلسفته؟
يقول الشاعر الراحل عصام العبدالله:أنا مقيم في المقهى لأني مقيم في حريتي. فبأي مكان تقيم حرية حبيب يونس؟وأين يجد نفسه كما يتمناها؟
شكرا لحبر أبيض لهذا العبق الدائم
العزيزة رنو التي تحيا في بالي صورة نقاء ومعرفة:
1- صانع الشعر المحكي مثلما وصل إلينا، سعيد عقل. لكنه لم ينشر شعره المحكي في ديوان إلا متأخرًا، لأنه كان يرغب في أن تكتمل تجربته تلك بحرف خاص. لذا سبقه إلى النشر ميشال طراد، في جلنار، عام 1951، وقد وضع سعيد عقل مقدمته. لذا يعد طراد الرائد.
2- في دراستي عن الزجل التي نشرتها في كتاب مشترك والشاعر مارون أبو شقرا “الشاعر والزجال والشعر بينهما”، استشهدت بالعلامة العلايلي الذي كتب في دراسة له أن الشعر المحكي واكب وعاصر الشعر الفصيح مذ كانت العرب. وكذا هي حال الشعر المحكي اللبناني.
3- أحب كل كتابة جميلة، وإن كنت لا أوافق على تسمية “قصيدة النثر” أو حتى “القصيدة بالنثر”. النثر لا يقل جمالًا عن الشعر.
4- لم يظلم صديقي مارون شعر الزجل حين أفصح عن رأيه، لأن ثمة قصائد زجلية ما زالت تفتح النوافذ على آفاق لا حدود لها ولآمادها. لكنه عبر عن هذا الموقف بتناوله طقوسية الزجل، والحماسة التي تثيرها في المتلقي، والارتجال الذي يطغى عليها، أو الاستعجال الذي يفرض نفسه على الزجال، خصوصًا حين يقدم عشرات الحفلات ويلبي عشرات المناسبات.
5- أحب أن أتشبه بشاعر لم يولد بعد، لأنني، كما سبق أن أسلفت، جميع الشعراء وفي الوقت نفسه ولا أي واحد منهم. لعلني أتمنى الآن أن أبقى أشبه نفسي.
6- أظن أن الشعر المحكي فرض نفسه في مساره الجمالي والعقائدي والفلسفي والاجتماعي واللغوي. وإذا وضعت سعيد عقل خارج التصنيف، أستطيع أن أحدد المسار المتصاعد بالشعراء: ميشال طراد، موريس عواد، جوزف حرب. وجميعنا ما زلنا ندور في فلك تجاربهم الرائدة.
7- أنا كعصام… أقيم على سطر نمل، وفي شفة فنجان قهوة مرة. وأقمت، ذات شباب، في تدلي شعره على كتفيه، كما شال على كتف حبيبة
المعرفة والنقاء سمات للكاتب الحقيقي فشكرا على ترحيبك هذا وانت مثال ذلك
وددت في سؤالي الاول ان اشير الى ان موضوعات الزجل انحصرت غالبا في التغني بعناصر الطبيعة والوطن والارض و… فما هي برأيك موضوعات الشعر المحكي (العنصر الصانع له) التي تفرض نفسها او ربما التي ولد لأجلها؟
في الإجابة السابعة تثبت مجددا ان اقامة الشعراء ربما واحدة وهذا ما يجمعنا ويميز الشعر عن باقي الفنون.. اضفت باجوبتك على مدار اللقاء حقل بنّ مليئا بالشعر
قد تكون العناصر التي ذكرتها في الزجل هي نفسها في المحكية، علمًا أن الزجل تطرق الى قضايا فلسفية وجودية تصدى لها شعراء المحكية اكثر
سؤالي..لماذا الى الآن برغم كثرة المنتديات
ومع احترامي لجميع الشعراء لا يتم العمل على انشاء هيئة تحمي الشعراء وحقوقهم من سرقة النصوص..واين اصبح مشروع تم الحديث عنه حول وجود نقابة تختص بهذه الامور..
العزيز الشاعر العلي: لا يمكن حماية أي شاعر من أي سرقة. وليس هذا الأمر من اختصاص هيئة. يجب قوننة الأمر، من ضمن ما يحمي الملكية الفكرية، وتكون العقوبة على السارق موجعة، تردعه وتردع أي سارق آخر. ولكن في هذا الفضاء الافتراضي يصعب ذلك، وإن كان من المفترض ألا يجبن أو يتلكأ أي منا عن الإقدام في ملاحقة “الحرامية”، وما أكثرهم، أقله لفضحهم. لعلهم يرعوون.
أما موضوع النقابة فلا علم لي به.
شفيق حبيب:
بإختصار وبعد التحية للكبير الحبيب يونس، كيف توازن بين ميدانك السياسي والذي يمكن له أن يقيم حواجزاً بينك وبين جمهورك في الميدان الشعري؟
الشفيق الحبيب، كما أحب أن أصفك: سبق لي أن أجبت عن هذا السؤال. من يريد الخلط بين موقفي السياسي وشاعريتي، حر، إما افرنقاعًا عني، وإما رفضًا، وإما حتى معاداة. كنت في الجامعة، اليمينية الهوى، خلال الحرب، أجمع الطلاب زملائي على أغنيات زياد رحباني ومارسيل خليفة اليسارية، لأنني كنت وما زلت أحب الجمال، من حيث أتى
.
طوني خزامي:
الحبيب الأستاذ: معروف عنك غزارة الانتاج التي تترافق مع الاتقان الشديد. هل برأيك يجب ان يطبع الأديب الشاعر كل ما كتبه ليكون هذا الكلّ بمثابة سيرة ذاتية كاملة؟ أم انه يجب أن يقوم باختيار ما يمكن ان يتشاركه مع القارىء؟
يا عطر الخزامى، وأخضر الزيتون وزيته الشهي، صديقي طوني: أحب أن أنشر كل ما أكتبه، بعد غربلة ذاتية. قد لا تكون غربلة نقدية. عدَّها غربلة عاطفية. لأنني أريد أن أنشر وأنا على قيد الحياة، ولا أحب أن ينشر بعد موتي، ما يقال إنه وجد في درج أو في ذاكرة كومبيوتر. لذا أستبق هذا الأمر، بتحديد ما ينبغي نشره لي، إذا ما توفاني الله فجأة، لأنني واع بما أريد
.
وراد خضر:
مساء الورد والشعر
مساء الأدب الجميل
أسرتنا أسرة حبر أبيض وللضيف الكريم تحية محبة وترحيب
الأستاذ الكريم سؤالي عن المؤثر الأول ولا أقصد الملهم هنا ولكن المبصر الأول للتجربة الإبداعية وقد يكون شاعراً وأديباً وقد يكون المدرس في المدرسة أو الأب والأم والذي من خلال بصيرته يرى الشاعر شاعريته الأولى ككائن من حرف وحبر
مامدى تأثيره في مسيرة الكتابة لدى الكتاب في بداياتهم وكيف نستطيع من خلال تجربتنا أن ندعم ونقوي هذا التأثير بطريقة إيجابية ليكون البوصلة نحو الأدب بصفته الإبداعية ؟
مسا خضرة حقولك وورد نبعك: على الرغم مما أخبرته سابقًا عمن تأثرت بهم وأثروا في، لكن ثمة شخصًا وعاملًا أثرا في أكثر من غيرهما: أمي التي لم تكن شاعرة، بل امرأة بسيطة تحب أولادها. هي من تلوت عليها أول قصيدة كتبتها، لا أبي. قالت لي بعفويتها وفطريتها وحدسها: أود أن تحظى يومًا ما بمكانة جبران خليل جبران. أما العامل فهو المبدأ الفكري الذي أؤمن به، إيماني بربي، خلِّ عينك على أول نقطة داخل المستحيل، وإلَّا بقيت تافهًا وأسكنت وطنك والكون في التفاهة
.
زياد عقيقي:
مسا الخير…
نعرف عنك موسوعية الثقافة والفنية إلى جانب الشعرية…هل تجد في كل هذا توزيعًا لقدرة القصيدة على البلوغ أم هو جناح لها يدفعها إلى مداها؟
صديقي زياد المنبثق ضوءًا من قنديل، والمشع محبة تمحو عتمة وجراحًا: كلما أوغل الشاعر في الثقافة والمعرفة والفنون، أضاف جناحًا إلى قصيدته، فتمعن في التحليق به إلى ما فوق السماء السابعة. تبقى القصيدة هي السفينة والأشرعة، وربانها والبحر، واتجاهها والرياح
…
جومانا نجار:
صديقي الرائع جبيب دائما عند كل شاعر امرأة في القصيدة وأخرى أو اخريات في الحياة ، ماذا تقول في هذا القول؟
يا جمان المساء والحبر: قصيدتي هي امرأتي الأولى والأخيرة، في القصيدة والحياة… لأنها من جميع النساء خصلة شعر وغرة ولفتة وابتسامة وخصر وقوام ومشية ودلع وغنج وإغواء وحضن ومتكأ وكتف… وقداس جسد أقيمه على مذبح الروح كل لحظة
.
يسرى بيطار:
الأستاذ المحب والحبيب،
المثقف والإعلامي والشاعر والمتواضع،
أخبرنا عن الشعر والأدب اليوم، أنت الذي عاصرت كبار أيام العز وكنت منهم
العزيزة يسرى، بنت منطقتي، بنت أرض القديسين، معك يتحول القسم، فنحلف بيسرانا لا باليمين: ما دام في الساح الأدبية من هم مثلك، ومثل كثار نعرفهم، وقد شاركنا معظمهم في هذه الأمسية، يكون الأدب بخير تام. لكل عصر أدباؤه وأفكاره وعدته، المهم أن نحافظ على جوهر مثلث: الجمال، المعرفة، التطوير من ضمن الأصول
.
محمد العياش:
الاستاذ حبيب يونس تحيّة طيّبة وبعد..
ربّما ابتعد الشعر -ولو قليلاً- عن القضايا الواقعيّة الاجتماعية والسياسيّة التي تمسّ الإنسان المعاصر بالدرجة الأولى، واكتفى بتصوير الخيال والإبحار فيه والتغنّي بالمرأة؟!
هل كان شعرك حاضراً في هذه القضايا أم لا.. ؟
وإن كان حاضراً هل وظّفت حضوره من باب النقد أم فقط التصوير لهذا الواقع؟!
وشكراً
العزيز محمد العياش، أشكر لك سؤالك، واعذرني أنني لم أعرفك قبل: أتكلم على نفسي. الشعر عندي لم يدع موضوعًا لم يتطرق إليه، لا وصفًا فحسب، بل وإعمالًا للقلم في الضمائر والوجدان. وانطلقت، مذ تفتح وعيي على الشعر، من مقولة لسعيد عقل: لو يحكم الجمال العالم. وليس أجمل من الشعر ليحكمه
.
مي رعد:
يقول طاغور ويل لامة لا يحكمها شاعر ..
برأيك من توصف من الشعراء لهذه المهمة .. مع وافر الشكر ….
العزيزة مي والبرق قد سبق مطر كلماتها: استشهدت قبلًا بقول طاغور هذا. أما من أقترح لهذه المهمة؟ فأقترح رئيس جمعية تجاوز الأستاذ الجامعي البروفسور ديزيره سقال.
مردوك الشامي
اللقاء بك امتلاء وثراء يا الحبيب ، أعرف أننا أتعبناك على مدى 4 ساعات، لكنك منحتنا زوادة لأربعين من السنوات ، فيها الشفافية والشعر والمحبة ، كل الشكر لك والتقدير باسمي وباسم إدارة وأعضاء ملتقى حبر أبيض، أضفت الليلة الكثير من البياض، وتكون بذلك محوت عتمة بلا حدود.. محبتي
حبيب يونس:
ختامًا أيها الأحبة، إخوتي من رحم الكلمة، وقد ولدنا جميعًا مقمطين بالحبر… أشكر لكم أسئلتكم جميعًا، عسى أجوبتي كانت كافية. وأخص بالشكر بياض الثلج على قمة هذا الجبل الشاهق بالشعر والنثر، العزيز مردوك، ومجموعة حبر أبيض. لكم مني مودتي ومحبتي، ودعائي أن تجمعنا لقاءات وأمسيات في قابل الأيام.
28 – 6 – 2020 / ملتقى حبر أبيض