أناي الجزء 33

حاجَة …

كم هو مُتعِبٌ أن نكون ” نحن ” .. أن نحيا بِشَوقٍ دائمٍ وحاجَةٍ لشيءٍ ما ، لا نعرِفُه ، وربّما ندركُهُ جيِّداً لكنّنا نُقنِعُ أنفُسَنا بأنّهُ ليس مُهِمّاً لدرجةِ أن ننظُرَ إليهِ وكأنَّهُ هو الاكتفاء …
نجعلُهُ حُلُماً و كفى …

أمّا ” أنا ” ..
هل سأصِلُ إلى خاتِمَةِ حُلُمي ؟ هل انْتَهَت قِصَّتي أَم هِيَ كقَصيدَةٍ عَشوائية بِلا علاماتِ وَقف ؟

أنتَظِر ، وتنتَظِر …
لا شيء سوى الانتِظار ، مغمضة عينَيّ ، محاوِلة الشُّعورَ بالرّياحِ الّتي تضرِبُ كُلَّ ما يُحيطُ بي ، كُلَّ شيءٍ من حَولي ، كُلَّ كُلّي .. و لا أشعُرُ بها !

أين أنتَ مِنّي أيُّها النَّوم ؟
هل ستزورني بعد الآن ؟

قُصاصاتي ، كلِماتي ، حتّى أفكاري صارَت تتهرَّبُ مِنّي ، تنظرُ إلَيَّ من بينِ أصابِعي الّتي أعياها الأَرَق ، ثم تتسَلَّلُ مُبتعدة..

أتُراها تَعِبَت مِنّي؟

أراني قَدِ انحصَرَت أُمنِياتي بما قَد يراهُ البَعضُ ، أبسَط أُمنيات …

أجِدُني لا أوَدُّ سِوى الجُلوسَ أمامَ مَنظَرٍ هادىءٍ.. أتَأَمّل ، و ربما أُغلِقُ عينَيَّ قليلاً لِأَستَريح ..

ألفَيتُني لأولِ مرَّةٍ في حَياتي لا أشعُرُ بالرّغبَةِ في تَزيينِ الكلِمات . فكُلُّ الحقائق و المُلابَساتِ الّتي أنهكَتني ، صارَت تَقتاتُ مِنّي .أسمعُها تصرُخ .. تَوَدُّ لَو تَخرُجَ عارِيةً ، كَما روحي …

صِرتُ مُتَيَقِّنَةً الآنَ كم هُوَ شَيءٌ مُتعِبٌ أن أكونَ أنا ، كم هو شَيء مُرهِقٌ أن أحيا بهذا الشَّغَف الّذي لا أجِدُ ما أُوَجِّهُهُ نَحوَهُ سِوى الانتظار !

و بعد كُلِّ هذا ، ماذا الآن ؟

لا أريدُ سِوى أن أشعُرَ بالاكتفاء الذي كان يملأُني في وقتٍ ماضٍ ، لِبَعضِ الرّاحةِ ، لِطَريقٍ لا أدري إلى أين يقودُني ، لِنَسائم تحمِلُني حيثُ أُريد ، دونَ أن أفرِدَ أجنِحَتي ، فأنا عصفورٌ صغيرٌ ، لا يُغَطّي جَناحَيهِ إلا الزَّغَب …

هل ضاعَ مِنّي نَهَمي واندِفاعي لتِلكَ الحربِ الّتي كانت تدورُ بينَنا ؟ هل ملَلتُ الهُدوء ؟؟؟

أم هو سكونُ ما قبل العاصِفة ؟

وحده الله يعلمُ الآتي …

( جمانة السبلاني / البقاع / لبنان )