اكتمال العصفور في نصّه الأرجواني
(إلى الراحل الشاعر إلياس لحود)
بقلم: د. فاروق شويخ
في منعطفٍ من الذاكرةِ المسفوحة،
انبثق شاعرٌ يشبه الغمام حين يتعلّق بشرفةِ الرماد،
يمحو بأصابعه خرائطَ الجغرافيا،
ويزرع في قلب اللغة شجرةً تثمرُ صمتًا.
“سيناريو الأرجوان” ليس ديوانًا،
إنه فيلمٌ وثائقيّ عن العدم،
يُعرضُ كلّ مساءٍ على شاشةِ القصيدة،
بطلهُ: طفلٌ يركضُ في حقلِ مجازٍ
تحرسهُ عيونُ موتى يضحكون بلا صوت.
و”برنار”، ذاك الصياد الساخر
والوجهُ المكسورُ في المرآة،
ليس اسمًا بل لعنةً تتجوّل في خطوطِ اليد،
كلّما قُرِئَت، استيقظَ المعنى متأخّرًا
ومشى على عكّازِ الأسى.
الشاعر الياس لحود
في عوالمه، الحبرُ بخور،
والكلماتُ طلاسم،
والقصيدةُ مائدةٌ للموتى،
تُقدَّم عليها أنخابٌ من وجعٍ معتّق
بحروفِ التوابل والريحان الجنوبي.
بيروت عنده لا تلبسُ جغرافيا،
بل تعرجُ كعذراءَ مسحورة
في عرسٍ لا يعرف الفرح.
والشاعر؟
كائنٌ لا يتكلّم،
بل يُطفئ نجمةً كلّما تنفّس،
ويخبّئ في جيب معطفه رائحةَ أمّه،
وقنّينةَ عطرٍ تعِدُ الغائبين بالرجوع.
إلياس لحود؛
ما الذي تفعله الآن؟
تكتب؟
أم تُحدّقُ في بياض الورق
منتظرًا أن يعترف لك الربّ
بأنه يقرأك كلّ ليلة…
ليتذكّر كيف كان يخلق!
د. فاروق شويخ
كتابة مدهشة، شاعر كبير يستحق، والكاتب شويخ مبدع
🙏