نقلا عن جريدة اللواء / كتبت ضحى عبد الرؤوف المل :
الفنانة سونيا الرضي لـ«اللواء»: «رغم محاكاة الواقع بدقّة يظلُّ الفنان يعبّر عن رؤيته الشخصية»
فن الكولاج هو أحد الأساليب الفنية التي تحققت في القرن العشرين لتكشف عن قدرة الفن على تجاوز الحدود التقليدية للصور والمواد، لتصبح تجربة بصرية تعبيرية جديدة. يعتمد هذا الفن على تجميع مواد غير مألوفة ومختلفة على سطح واحد، وهو ما يعكس تفكيك المفاهيم المعروفة وإعادة تركيبها لإعطاء دلالات ومعانٍ جديدة. ظهر فن الكولاج لأول مرة مع حركة التكعيبية على يد بيكاسو وجورج براك، ومن ثم انتشر وتطوّر ليصبح أداة قوية في حركات فنية مثل السريالية والدادائية والبوب آرت، مما منحه دوراً محورياً في استكشاف الأبعاد الاجتماعية والثقافية في العصر الحديث.
![](https://mizanalzaman.com/wp-content/uploads/1000103158.jpg)
من خلال هذه التقنية استطاعت الفنانة سونيا الرضي التعبير عن أفكار معقّدة وتحدّي التصوّرات المعتادة للواقع، لتمنح المتلقّي تجربة فنية تتجاوز مجرد الرؤية البصرية إلى التأمّل والبحث الدائم. ومعها أجريت هذا الحوار:
{ ما هو فن الكولاج، وأين ظهر لأول مرة؟
– فن الكولاج هو أسلوب من أساليب التعبير الفني في التصوير المعاصر، الذي يعتمد على تجميع مواد متنوعة وغير مألوفة على سطح اللوحة. ظهر هذا الأسلوب لأول مرة في فترة الحداثة وما بعد الحداثة، حيث كان له دور بارز في القرن العشرين. بدأ ظهوره الفعلي مع حركة المدرسة التكعيبية، على يد الفنانين الشهيرين بيكاسو وبراك، ثم تطوّر ليشمل الحركات السريالية والدادائية، وفي الخمسينات شهد تطوراً ملحوظاً مع حركة البوب آرت.
![](https://mizanalzaman.com/wp-content/uploads/1000103167-768x1024.jpg)
{ كيف يمكن وصف التقنية المستخدمة في فن الكولاج؟
– يتمثل أسلوب الكولاج في قص ولصق مواد متنوعة على سطح اللوحة، ويجمع بين خامات وأشياء قد تكون غير متوافقة في طبيعتها. الفكرة الرئيسية هي خلق علاقة جديدة بين هذه المواد التي تأتي من مصادر مختلفة، بحيث يتم تفكيك المعنى التقليدي لكل مادة واكتساب أبعاد ودلالات جديدة عند تجميعها معاً.
{ هل هناك هدف محدد من استخدام فن الكولاج؟
– نعم، الهدف الرئيسي من استخدام فن الكولاج هو خلق تفاعل بين الأشياء المستعملة من خلال تجميعها بطرق مبتكرة.
![](https://mizanalzaman.com/wp-content/uploads/1000103173.jpg)
{ كيف يمكن أن يؤثر فن الكولاج في تجربة المتلقّي؟
– فن الكولاج يؤثر في المتلقّي من خلال جذب انتباهه أولاً عبر العناصر البصرية الغريبة والمختلفة التي تتواجد على سطح اللوحة. ثم يبدأ المتلقّي في عملية فك رموز العمل، مستمتعاً بتعقيداته وتشابكاته البصرية. هذه العملية تفتح أمام المتلقي آفاقاً جديدة للتأمّل والاكتشاف، ما يخلق تجربة حسّية ومعرفية عميقة. في النهاية، يصبح العمل الفني مصدراً للتفاعل والتأويل، حيث يخوض المتلقي تجربة فنية متكاملة على جميع المستويات الجمالية.
{ هل يمكن أن يكون الكولاج وسيلة للتعبير عن الأفكار الاجتماعية أو الثقافية؟
– نعم، ففن الكولاج ليس مجرد جمع عناصر مادية على سطح اللوحة، بل هو وسيلة للتعبير عن الأفكار الاجتماعية والثقافية. من خلال استخدام المواد التي تحمل دلالات تاريخية أو ثقافية، يعكس الفن بشكل غير مباشر الواقع الاجتماعي والتطورات التي تشهدها المجتمعات المعاصرة. وبالتالي، يساهم في خلق حوار بين الماضي والحاضر، ويثير تساؤلات حول التاريخ والذاكرة والمستقبل.
![](https://mizanalzaman.com/wp-content/uploads/1000103161-1024x1013.jpg)
{ ما الذي يجعل فن الكولاج ممتعاً للمتلقي؟
– ما يجعل فن الكولاج ممتعاً هو تنوّع المواد المستخدمة وطبيعتها الجمالية. الألوان، والملمس، وأشكال المواد المختلفة، كلها تجذب العين وتحثّ المتلقي على التأمّل والتفكير العميق. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعقيد العناصر وترابطها يعطي للعمل الفني بُعداً استكشافياً يحفّز الذهن ويثير الفضول. في كل مرة ينظر فيها المتلقي إلى العمل، قد يكتشف شيئاً جديداً، ما يجعله يتفاعل مع العمل بشكل مستمر.
{ كيف يمكن للفنان أن يتواصل مع المتلقي من خلال فن الكولاج؟
– يتواصل الفنان مع المتلقي من خلال ترتيب المواد بشكل مدروس على سطح اللوحة، بحيث يخلق مسارات بصرية تجذب نظر المشاهد وترشده نحو نقاط تركيز معينة. استخدام استراتيجيات معينة في موضعة المواد وكيفية مجاورتها يساعد في تنظيم حركة العين وخلق تسلسل بصري منطقي. من خلال هذه الطريقة، يصبح العمل الفني أكثر تفاعلاً، حيث يدعو المتلقي للاستكشاف والتأويل.
![](https://mizanalzaman.com/wp-content/uploads/1000103164-2-768x1024.jpg)
{ هل يمكن القول إن فن الكولاج يشجع على إعادة تفسير الأشياء اليومية؟
– نعم، فن الكولاج يشجع على إعادة تفسير الأشياء اليومية من خلال إدخالها في سياق غير مألوف. عندما يجمع الفنان بين عناصر قد تكون غير مرتبطة ببعضها البعض في الحياة اليومية، فإنه يعيد تشكيل هذه الأشياء، مما يدفع المتلقي للتفكير في المعاني الجديدة التي يمكن أن تحملها هذه المواد أو الأشياء عندما يتم دمجها بطريقة مبتكرة.
{ ما الفرق بين الفن الواقعي والتصوير الفوتوغرافي من حيث الوسائط والتقنيات المستخدمة؟
– يختلف الفن الواقعي عن التصوير الفوتوغرافي بشكل كبير في الوسائط والتقنيات. في الفن الواقعي، يستخدم الفنان مجموعة متنوعة من الوسائط مثل التلوين الزيتي، الفحم، والألوان المائية أو الأكرليك، مما يمنح الفنان حرية كبيرة في اختيار الخامات والأدوات التي يمكن أن تساهم في التعبير الشخصي. أما في التصوير الفوتوغرافي، فيعتمد المصور بشكل أساسي على الكاميرا لالتقاط الصورة، حيث يقتصر عمله على التحكم في الضوء والتركيب، بينما يبقى التدخّل الفردي محدوداً مقارنة بالفن الواقعي.
![](https://mizanalzaman.com/wp-content/uploads/1000103170-768x1024.jpg)
{ كيف يختلف التأويل والتعبير الفني بين الفن الواقعي والتصوير الفوتوغرافي؟
– في الفن الواقعي، رغم محاكاة الواقع بدقة، يظل الفنان يعبّر عن رؤيته الشخصية وتأويله الخاص للواقع، مما يجعل أعماله غنية بالعاطفة والتفسير الفردي. يعكس كل أسلوب فني في هذا النوع من الفن معانٍ عميقة وسرديات قد تتجاوز الصورة الظاهرة. أما في التصوير الفوتوغرافي، فتظل الصورة بشكل عام تمثل الواقع كما هو، حيث يعكس المصور اللحظة الملتقطة دون تدخّل عاطفي كبير، رغم أن التعديل التقني بعد التصوير يمكن أن يضيف بعض التأثيرات التأويلية.
{ ما الفرق بين الفن الواقعي والتصوير الفوتوغرافي في عملية الإبداع والزمن؟
– الفن الواقعي يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، حيث يمرُّ الفنان بمراحل متعددة من التخطيط والرسم، باستخدام تقنيات علمية وفنية مثل المنظور ونظريات الألوان. يلتزم بعملية إبداعية تستغرق وقتاً طويلاً لإتمام العمل الفني. بالمقابل، التصوير الفوتوغرافي هو لحظة فورية وسريعة، حيث يمكن أن يُلتقط تأثير فني في جزء من الثانية. ومع ذلك، قد يتطلب العمل على الصور الفوتوغرافية تعديلات لاحقة مثل المونتاج لإضافة تأثيرات أو تغييرات على الصورة بعد التقاطها..
الفنانة التشكيليّة سونيا الرّضي