العزلة الاجتماعية
سوف يأتي يوم تذوب فيه ارواحنا في الآلة التي اخترعناها او في العملة النقدية التي ابتكرناها. فتسيطر على حياتنا المادة ان عبر هواتفنا الذكية، او عبر المال او من خلال شهواتنا حتى نصبح غير قادرين على الإمساك بزمام امورنا، غير قادرين على العيش من دون الولوج الى مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال.
سوف يأتي يوم، تنقلب فيه الآيات والحكم، تتبدل فيه الاحلام وتتحول الأيام الى أوهام. نعم يستعبدنا الوهم وتأكلنا العزلة.
نبني عوالم خاصة بنا ويصير لكل فرد من العائلة عالمه المنعزل عن اخيه او عن أي انسان من البيت نفسه او المحيط نفسه. فيعيش كلّ منا في عزلة اجتماعية، في علاقات واهية مع الآخرين، لا رابط فيها سوى جدار هشّ.
ولربما الفايسبوك كان خدعة بصرية نختبئ خلف جداره من وحدتنا واوجاعنا، نعبرُ الى عالم التمدن في انعزالية التخلف، انما ننتصر على وحدتنا بالكتابة والتفاعل، علّنا يوما ما نحفرُ في الذاكرة الالكترونية.
الحقيقة، اكتشفتُ اننا نذهب ونعود في مشهديات مختلفة لكننا في الغالب خاليات الوفاض الاّ من المحبة، حافيات الاقدام الاّ من رمال الكتابة العالق في ارواحنا.
هذه الروح لا ولن نكتشفها خلف ذاك الجدار، هذه الروح لن تعرفنا ولن نعرفها ان لم ننصت اليها.
نعم سوف يأتي يوم يختل فيه ميزان الحياة، ان لم نعطي الى الحياة روحها.
أمّا بعد، فما أجمل من العودة الى الطبيعة، نصغي الى ألحانها، نكحل اعيننا بمفاتنها، نستلهم سماءها. وما أجمل صلاتها في روحنا وجمال هيكلها في اجفاننا.
الطبيعة أيها الأصدقاء هي بعضا من ذاكرتنا وذكرياتنا المسكونة بالترحال.
( ميشلين مبارك)