حوار…

للكاتبة والشاعرة ساندي عبد النور

-×-×-×-×-

همس لها بجرآة: كتبتِ ذات مرة نصاً عنونته على متن الإبحار… فيه قلتِ أنكِ و حزنَكِ واحدٌ…. ألا زلتِ حزناً؟ ألا زال الحزنُ أنتِ؟ ألم يتغيّر مذ ذلك الوقت شيئاً؟

ردّتْ بقوّتها مستغرّبة: لماذا تسأل يا من تملك ذاكرة الفيل؟ هل يهمّكَ لهذه الدرجة ما طرأ عليّ من متغيّرات؟ أنثى أدارت ظهر قلبها للحبّ.. و ركلت وراء أحاسيسها باب العشق… و انتقت عيش المشاعر الغرامية على الورق حتّى استحالت دواوينَ… لماذا تكابد عناء السؤال؟

أجابها مغتاظاً من فظاظتها: من يقرؤكِ يُفتن بٱنثى رقيقة… رهيفة.. تخزّن من الوداعة أطناناُ و من الدفء شموساً… يا شاعرة حتّى الرمق الأخير في زمن اللاشعور.. كيف طاوعك هذا القلب الردّ بكلّ هذا الصدّ؟ رومنسية على ناصية الورق و رومنسية على أرض الواقع.. لماذا تتوارين حين تنفصلين عن عالم الخيال؟ أنتِ من تقدّسين الشعور.. كيف تتنكرين له في لحظة و تلوذين بالفتور؟

صمتت لبرهة كأنّها دهر و قالت: لم ألقَ بعد إجابة عن سؤالي فتكلّمْ…

يا قصيدة القصائد كُفّي تعطين الأوامر… كُفي تتمنطقين بالصلابة و تتزنرين بومضات رجولة.. كفّي تتبرجين بالخشونة و تتكحلين بروح القيادة…أنوثتكِ مكشوفة لو ارتديت زيّ شمشوم.. تقطر من أصابعِكِ كلّما أنجبتِ قصيدة… و من شفتيكِ كلّما تلوتها….أجابها متأرجحاً بين غضبٍ فيه إباء و حنان لامحدود..

تزيّن وجهها الملائكي رغم ادّعاءاتها بأنّها تمتلك الكثير من مزايا الرجولة بابتسامة لمعت على ثغرها.. ربما لأنّ كلامه يكشف الستار عن وصالٍ بدأ فيه كبيراً ونما فصار بحجم البحر.. و قالت مرّة أخرى أنتظر إجابة…

لا عناء أكابده… هل يشعر البحر بثقل موجه؟ .. هل تتعب السماء من نجومها؟ .. هل يتأفّف النهر من سيوله؟..هل يتذمّر الشجر من ثمره و الجبل من وديانه؟ هل تتنصّل القصيدة من حرفها؟ و اللغة من شطرها؟ و الأبجدية من ألفها حتّى يائها؟ أحبّكِ مذ رفضتِ الحبّ على حساب الطموح و الحرية و معايير تأصّلت فيكِ فصرتِ ما أنتِ عليه اليوم… أحبّكِ مذ ركلتِ باب الغرام و سرتِ على دروب المعارف… أحبّكِ مذ تركتني في منتصف الطريق كصخرة أتخبّطُ في نعرة الرحيل المعانق المجهول… أحبّكِ يا ملكة الشعر.. يا ٱول صرخة وجع تجرعتها و ما استطعتُ ٱن أُشفى..

سأُجيبكَ… بينما أخلعُ عني حزني يا بهجتي الأزلية… و فرحي المؤجّل…. أنا صرتُ أنتَ و أنتَ صرتَ أنا و ما بين الأنتَ و الأنا ذابت المسافة و انبثق ذلك الضوء..

د. ساندي عبد النور