كتب يوسف رقة :
في ” ثلاثية عشق ” للشاعرة عبير عربيد ، قصائد تثير الجدل حول الحياة والبقاء بعد موت ، الولادة المتجددة ، الروح المضاءة خارج العتمة .. ولا تكترث لجدلية الوجود المادي ، بل لجدلية التوحّد الروحي مع المعشوق ، منه وله ، وفيه..وتعلن في ديوانها بأنّ دينها هو العشق وصلاتها لا تشبه كل الصلوات :
” علمني كيف أكون ملاكا
دربّني على الاعتكاف
لقِّنّي تعاليم التّصوف
اخلق منّي حلّاجاً
لا يعنيه من الدنيا
غير عشقك”
وتحاول الشاعرة أن تحلّق بروحها ، لتعانق الأزل في بحثها عن المحبة وتقول في قصيدة ” عناق ” :
“أسلمتك كلّ قمصاني
فها أنت تُرجع بياضها الناصع
تُرجعني
تُميتني وتُحييني
فتُحييني من جديد “
وتعلن الشاعرة استعادة حريتها المسلوبة يوم كسرت القمقم واتبعت نور الفجر ، وتقول في قصيدة ” ليلة وفجر ” :
الطبيعة ملجئي
والحرية مائي
وجدت نفسي متقوقعة
لكنني ملكت الدّنيا”
وتتابع :
” تخطّيت الزّمكان
تجاوزت حدودي
فاستقرّت
في داخلي
كل الأزمنة والأمكنة “
وفي بحثها عن الهدوء الأزلي تقول في ” محطات الروح ” :
أزاحت
عن شمسه الغمامة
فتجلّت رؤياه مهللة
بالتقاء روحه
مع من يعشق
حاملةً إيّاه مرفرفة
بالحب الحقيقي
بتوحده وخليله ،
وسادتهما
سحابةٌ باسمة
مرفوعة بين الأكوان
حالمة
بهدوء أزليّ طويل “
وفي مخاطبة لل أنا ، تكشف الشاعرة عن ذلك الصراع السرمدي بين الخير والشر ، بين التخبط البشري في الحسنات والسيئات ، والاختبارات وصولا إلى أناها الساعية إلى الخلود وإلى السمو الروحي حيث تقول :
أنا روح تحلّق في السموات
نخنار موطنا
تسكن فيه
للحظات
ثم تغادره
لتختار موطنا آخر
أنا كتلة اختبارات
أعيشها حيث أقطن
لأزره
في ذلك الزّمكان
الفرح والأمان ..
أنا ..
صراع خير وشر
أنا ..
تراتيل فرح وحزن
أنا ..
حيرةُ قلقٍ
راحة طمأنينة
أنا ..
محبة خالصة
(……)
تارة
تكون الطيبة عنواني
وأخرى
يصبح الخبث ميداني
أنا ..
خالدةٌ
أعيش كل حَيَواتي
في صعود وهبوط
لأصل إليك
يا أنايَ الأسمى …
الشاعرة عبير عربيد خلال توقيع ديوانها في حديقة الشويفات في لبنان
وتتجلى رؤى الشاعرة وفلسفتها الصوفية في قصيدة ” رحلة ” فتصف نفسها بطيف خفيف وفراشة تعبث بالخريف وحورية كحلم المخلوقات البرية وتقول :
قد تحملني نسمات
على أكفها
فأغدوا ريشة
تختال في هبوبها
هدوؤها
يجعلني أسقط من عَلُ
قد يطمرني
رطام نفوس محطّمة
أو أقع في يد شاعرٍ
يخطّ بجسدي المتهالك
كلمات وكلمات
عتبا لأزيل
.. أو لأجمع قلبين
قد أرسم حقائق كاذبة
.. وألون عتبا حقيقيا
قد تحملني غمامة
لأخطّ بحبر يلطّخني ،
ما أسموه عقيدة
فأغسل عقولا
بوحل فتاويهم
أو أسطو
بسلطة أبيهم
أو أقع على ذلك الجدار
فيبكونني
وأنا أضحك منهم
..ومن بعدها أبكيهم
أو ربما
أقع
بين أحضان زهرة لوتس
قبل أن تغفو
وأغفو فيها
بابتسامة
بغبطة اللقاء
بنشوة التلاقي …
( “ثلاثية عشق ” للشاعرة عبير عربيد ، صدر حديثا عن منشورات شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده في لبنان )
رئيسة منتدى شاعر الكوره الخضراء عبد الله شحاده ناشرة الديوان ، تقدم نسخة من ” ثلاثية عشق ” للكاتب يوسف رقة