كتب الشاعر خضر حيدر قصيدتان هذا الاسبوع , هما من روائع ما كتبه الشاعر , لذلك اختار موقع ” ميزان الزمان ” نشرهما ..
الأولى حملت عنوان ” تتبعني الحياة ” وقال فيها :
… تتبعني الحياة
من قال إن البُعد يحجبُ ناظري
عن قِبلةٍ كالنور في وجهِ الصلاة؟
أرى كأنَّ لي ألفاً من العيونِ
أو بنى سربُ اليمامِ على غصونيَ الخضراءِ
كواكباً مأهولةً بالأمنيات…
من قال ألبستُ الخُطى ثوبَ الخطايا
ساهياً عن سدرةِ الولهِ المحلّقِ في سماكَ؟
ما أنتَ إلّا أنتَ
وما أنا إلّا خيَالٌ هائمٌ أعلو وأدنو كي أراكَ
أمشي وحيداً في مدائنِ غربتي
حتى إذا التقاني العابرون هلّلوا:
هذا الشقيُّ عاد من عتمِ الشتات…
قالوا…وقالوا عن ضَلالِ الأمكنة
عن تائهٍ كان هنا
على الحضيضِ المرِّ يمشي غافلاً
لم يعرفوا أنّي أنا عينُ المدى
أطوي المسافةَ في يدي كيما أرى
لم يوقنوا أنّي أسابقُ أزمنتي…وتتبعني الحياة.
أما القصيدة الثانية فحملت عنوان” إختصار ” وقال فيها :
اختصار
***
لن ترى في الكون عاشقةً
تُغويك في عزِّ الغياب… سوايَ
لملِم حروفك واختصر ما جاء في سِفر النساءِ
من أحاديث الليالي
وانتظر بزوغ الحبرِ
من ألِفِ الأنوثةِ حتى الياءِ في أقصى مدايَ…
اختصر كل البحور والدواوين القديمةِ
واختصرني مثل شعرٍ وامضٍ
كيما ترى في كل فاصلةٍ
وجهاً جديداً لي يباهي الشمس
يمنح الألوان ضوءاً من “أنايَ”…
قلتِ اختصرني
واختصر كل الكلام
وانتظر حتى تميل الريح كلما الآهات مالت؟
أيُّ اختصارٍ يمنح الوقت رُؤاهُ
والمدى قصصٌ لأوهامٍ
كانت هنا، بوح الندى، وزالت؟
أيُّ انتظارٍ والعبارات الجميلات دنت
كي تملأ الكفَّين وجداً…وتعالت؟
أيُّ تشبيهٍ بغصنِ بانٍ
أو بقطعةِ سكَّرٍ
إذا ما حوصرت كل اللغات بنقطتين
أو تاه السؤال بين:
من يبني للآه قصراً غير أشواقي.. وأين
بين كون يحتويني وحروف أنكرتني
حينما تبَّت يدايَ؟…
لن أختصر
لن أنتظر
سأملأ الكأس بماء الأمنياتِ
حتى يبلغ المعنى مداهُ
أحتسيه مثل عطشانٍ قديمٍ
ثم أمضي في تفاصيل الغواية!
( الشاعر خضر حيدر )
روعتين من روائع الشِّعر لكم صديقي الشاعر الباذخ خضر حيدر ، زيّنتا ميزاناً عامراً بالجمال …
أبهى التحايا لك صديقتي الشاعرة جومانة ولحرفك البليغ