باقة من قصائد
الشاعر العراقي عامر الطيب
-×-×-×-×-
ما الذي يريدهُ الرجلُ؟
هذا هو السؤال الذي لم يكلفْ
فرويد ثلاثين عاماً
في التحليل النفسي ليجيب عليه..
يريد الرجلُ
أن يحب دون أن يلتمعَ
و يرحل دون أن ينطفئ
أن تخبره امرأة
أن ساقيه مثيرتان
و صوته أجش
و حياته شفافة..
يريد أن يعانق هذه المرة
بالطريقة التي يضيعُ بها
ذراعيه
و للمرة الأخيرة بالطريقة التي يستردهما بها فحسب.
**
كثرة كلِّ شي تجعله
عاديا أو سيئا
لكن الحب ليس كذلك، كثيرون هم الذين يؤلفون عنه المراثي
وكتب الجيب
لكن العثور عليه مصاَدفة
كأسرع الأشياء
لمعاناً
فالظلام يدوم من أجل استعدادنا لموتنا
و البرق يخطف
ليبقينا على حذر.
**
سأحبك لأن بوسع
الموتى أن يلمسوا الزهور
و يصغون
للأناشيد الشعبية،
بوسع الدموع أن تتدفأ في عيون مغمضة
و المصابيح
المتراقصة أن تتوقف في الشلالات.
**
حلَّ الظلام مرة أخرى
و أنهيتُ واجباتي
فلتكن حياتك سلسة وقد علمت إني بانتظارها
ولتبدُ المعادلة
على هذا النحو الشعري السمج:
تقترب أمسيتك ما قبل الأخيرة
فيتأجل موتي.
**
أرى الزهرة
فتشدني كآبتي لاستحضار ذبولها
على الفور،
أرى البيوت
فأوحي إلى نفسي
بمصائر مصابيحها،
أتأمل الطيور وميتاتها
تخفق مع أجنحتها..
عبر تلك السوداوية أحب أن أهبك صباحاً جديداً
كلّ يوم،
و من تلك القصائد الصدئة
أستخرج لك كلمات لامعة
كالأقفال.
**
سعادتي نتاج يأس شديد
من أن هذا لن يحدث
وتلك لن تستمر طويلا
وهذه ليست من أجلي..
أما حياتي بالمجمل فهي نتاج
سعادات طفيفة كجراح
فإلى أي حد أبدو عاجزا حين يتوجب علي أن أقدم
تفسيراً لجراحي.
**
إعادة الجسور كما هي،
البيوت كما لم تكن في المخيلة،
الأشجار إلى سابق عهدها
ظلال أو رسوم شاخصة،
الوقوف مرة ثانية
مثل فاتحي البلدان
حياتنا ما تزال تصغي لوقع قدمينا ونحن ما نزال
على وشك أن نبدو
متطلعي غيوم عابرة..
فيما بعد سيسهل تعريفنا
حين تتوحش الحياة عبر الصيغة التي تتآلف بها الجثث.
**
لي رغبة بالضحك
و رغبتان بالبكاء الذي يتلف عيني المرء
فانظري ما الذي ستفعلينه؟
لي هلع من الحرب
و اطمئنان لزوالها
فانظري ما الذي
يمكنك
إدامته أولا..
لي موتان سعة الواحد
منهما مهولة
و يتوجب أن أحبك لتضيق المسافة بينهما
فقط.
**
في القصيدة بيت
لا يمكنني الاستراحة بين جدرانه،
غرف لا يمكنني إطفاء مصابيحها،
أطفال لا أستطيع
ممازحتهم،
شعب من الشمع
بحاجة رعايتي الدائمة
أعرف أنّي في النهاية
سأغمض عيني على كلمات
دافئة
فيذوب.
**
الشاعر العراقي عامر الطيب
رجل له أساتذة كثيرون و تلاميذ
أقل،
رفاق قليلون
و أحبة أقل منهم مصادفة،
له زوجة و حبيبة
كما للعالم
شمس و مصباح
عينان و نظرة وحيدة،
حيوان يستلطفه
في الشارع
و يستوحشه في البيت.
**
أتذكر كيف ضغطتِ بيدك
على رأسي فأمهلتني فرصة
لاختبار الرحمة
كيف سحبت
يدك
دون مواساة
فتوارت في كتفي.
**
كان أحد الرجال
يقف طوال حياته
لبضع ثوان
ثم لدقائق
ثم لأيام و أسابيع طوال
هذا ما كان يدرب عليه
نفسه
يظن أنه يتيح لظله
أن يبدو رفيقه
أما عندما أحب الرجل
الذي تحدثنا عنه فقد فكرَ
ألا يبقى مألوفا
و قرر أن يعدو.
**
عامر الطيب ( العراق )