نَبْضُ الأَزرق
——————
خيالٌ يتراقص أمام مخيّلة
الأديبة عبير حسن علّام …
———————————-
كتاب جديد للأديبة والشاعرة عبير حسن علاّم ..
كتب مقدّمته ، الباحث الأستاذ
الدكتور علي زيتون ، الذي رأى
أنّ عبير علاّم ، لاترى انفصالًا للأدب عن الحياة .. فالأدب ، كما تقول عن نفسها ” عَوّضَنا عن
المَيْتات الكثيرة التي مُتْناها في
حياةٍ واحدة “…
ويُكمل الدكتور زيتون :
لعلّ الخطأين الكبيرين اللذين
واجهتهما المؤلّفة ، هُما هذه ” المَيتات “
التي تتحدّث عنها عبير ،أو بعضها،
وإذا كان حديثها هذا صرخة ألم ،
تُطلقها ، فإنّه أنشودة شعريّة ذات
جماليةٍ آسِرة ..
وإذا كان ( أَبَوَا ) عبير حسن علّام ، وأستاذها المرحوم سُهيل
الطَّشم ، هُما علامة الضّوء في
حياتها ، فإنَّ فَقْدَ الأبِ الثاني
منهما ، قد أسلَمها إلى الألم
السّحيق الشّاهق ، الموغِل في
النّزف ، وهذا مادفعها إلى
شعريّة الألم …
وتقول عبير في صفحة الإهداء :
” تقتربُ الذكرى الأولى لانْكِسارٍ
روحي .. عامٌ مضى على غيابكَ..
عامٌ غارقٌ في الحُزن والكسرة
واللوعة والاغتراب حتى عن نفسي.. وتقصد معلّمها سُهَيل
الطشم “…
حيالَ هذا الاضطراب النّفسي ،
أراني ، وأنا أُتابع قراءة صفحات
كتابها الجديد ( نبض الأزرق ) أمام حالةٍ خاصّة ، مرّت
بها وأربكتها ، وجعلتها في حيْرةٍ
مُقلقة ، غلَبَ عليها الطابع
الإنساني ، فراحت تُكرّر ذاتها في
معظم صفحات الكتاب ، وكأنّها
تكتب (( لِتَفُشّ خُلقَها )) وتُرَوِح
عن نفسها ، أزاء مُصيبة كبرى ،
حلّت بواقعها ، ألا وهي رحيل من
كانت تعتبرُه أَبًا لها ثانيًّا…
وتقول عبير :
” أتذكّرُ يومَ اسْتَيقظّ شِعري في
حِضن كفّكّ .. وأنا ماعشقتُ في
حياتي. سوى ذاكَ الصّباح …”
لكأَنّها لم تكن ترى إلاّ مَن
تلبَّس ذاكرتها ، بحياتِه وبعد
رحيله …
والمعروف ، أنََ الرّكائز الأساسيّة
في الأدب والشّعرُ والفنّ عامّةً ،
هي العلم والموهبة والخبرة ،
والمرجع الأشدّ للتّدَرُّج .. وإنَّ
أشياء هذه المِنَح الإلٓهيّة ،
أشياء غالية ، يجب أن تبقى في
جِوار القلب وتستطيع وتنعم
بدفئه بعيدًا عن القلق والاضطراب ، وتلتذّ بِحِبْرِيَّتِه التي
منها وفيها هناءة الرّقاد الذي
يُنسي شقاوة اليقظة في دُنيا
النِّتاج الأدبي والشِّعري …
ولعلّ أكبر المشاكل تعقيدًا ،
وأكثرها جِنايةً على الإبداع
والمُبدعين ، الغُربة بين المبدع
وبين الحريّة التي هي مِلكٌ
وجدانيّ وطبيعيٌّ لكلّ إنسان
على وجه هذا الأرض …
والمناخ النّفسي هو ضرورة
مُلِحّة في حياة الشاعرة والأديبة،
والشّرط الأساس في عمليّة الخَلْق والإضافة ( الإبداع ) لضمان
الاستقرار وللاطمئنان إلى المصير
الخاصّ والعام … وعبير علّام هي
ابنة هذا المناخ الطيّب .. من مدينة الهرمل البقاعيّة ، الآمنة
المطمَئنّة بأرضها وناسِها ،
والمُستقرّة على كتِفِ النّهر
الخالد ( العاصي )، حيث السّهل
الفسيح المعطاء والخُضرة
الدّائمة والمُناخ الجيّد والرُّفقة
الطيّبة .. ذلك كلّه جعلها تعيش
حريّتها بين أهلها وأقرانها ،
وتُجَسِّد كلّ ماتشعر به من
حركات تلقائيّة ، وغير تلقائيّة ،خواطر وأدبيّات حكاي
عِشقها وصَبْوتها ، وترسمُ صُوَرها
بدقّةٍ مُتناهية ، تُجسّد معنى العطاء والتَّنَوُّع …
عبير علاّم ، تأثّرت بمحيطها ،
وهي التي تملك تُراثًا عظيمًا
وثقافة أصيلة ، بواقعٍَ ،هو أساس
الثقافات في العالم ، يدفعها
دائمًا إلى الأمام ، ويُحزّكُ فيها
شهوة الإبداع …
وأخيرًا ،. فإنَّ اجمل مزيّة لدى
الشاعرة والأديبة ، هي الإمكانيّة
التي لديْها ، و مُطابقة الوصف
للموصوف ، مُطابَقة سليمة خالية
من الغُلُوُ والتقليد ، وموافقة
ومُتّفقة ومُنسجمة مع التّشبيه
والاستعارات ، ووضع النّعوت
بمقامها الصّحيح ، بحيث يجب أنّ يكون الكلام صورةً تتكلّم ، لاكلامًا يُصَوّر…
متمنِّيًا لها دوام التّوفيق والنّجاح
والتقدُّم في مشوارها الطويل مع
الأدب والشِّعر ، والخيال الخصيب المبدع …