كتب الدكتور أياد محمد علي الخطيب :
هل الصدفة كلمة؟
هل الصدفة امرٌ الله الذي لا تستطيع عقول البشر تفسيره؟
هل صدفة ان يقرر الكون ان يقابلنا شهر رمضان الكريم هذه السنة بالذات في يوم ميلاد فنان الخير والجمال الذي ذهب في رحلته الكونية منذ بضعة أشهر فقط؟!
ميلاد الفنان محمد علي الخطيب يتوافق ويترافق مع اول ايام رمضان الكريم ليقول لنا كلمة في وضعنا الصعب ويرسم لنا صورة المستقبل. وكأن الخير وشهره، رمضان، اشتاقا الى خليلهما الفنان فجاءا به ليُثَبتوا جميعاً رسالة الحق والصدق والصوم والصبر وليؤدوا الى تناغم النصر والسلام.
لا صدفة ولا من يصادفون… انه قرار سماوي كما كل اوامر الله التي يقول لها ان تكون، فتكون. وعلينا ان نقبل ونفسر ونتفكّر لنتعلم. فكما يُريد الرب تكون المصادفات ونكون. والله ذكرنا كثيراً في القرآن الكريم ان ما يرسله علامات لمن يعقلون ويتفكرون.
اهلاً محمد علي الخطيب، الفنان،
اهلاً رمضان…
مولد الفنان والشاعر هبة الله الى البشرية. وكم من هبةٍ كرّم بها الرب الحياة الدنيا ببعثه فنانين وشعراء واصحاب اقلامٍ وريَشٍ، تبقى اعمالهم وتحكي معنا وتحاكي وجودهم كما كلمونا وعلمونا دائماً. ومن تلك الريش والاقلام التي صاحبت النخبة من ابناء الارض ما صار خليل الخلود.
لا يحتاج المرء للتَفَكُرّ او التعمُّق ليشعر ويُدرك ان ام كلثوم حية معنا. ولا تحتاج الامة العربية للتمحيص في سبب ذكر الناس ليوم ميلاد المطرب عبد الحليم حافظ، ولا لذكر الاخوين رحباني في كل مكان وزمان وكذلك فريد الاطرش وسيد مكاوي وسيد درويش وغيرهم من عظماء الموسيقى العربية. كذلك يذكر العالم ويشعر بوجود الموسيقيين امثال موزارت، وبيتهوفن، وباخ، و كورساكوف و تشايكوفسكي، و ڤيڤالدي، و مئات الآخرين. الا يزال المتنبي حياً بشعره معنا؟ الا تغني الامة قصائد محمود درويش ونزار قباني؟ الا نرى حتى الآن لوحات ميكيل آنجيلو (Michelangelo)، و رافييلو، و ليوناردو دا ڤينشي، و بيكاسو، و ڤان جوخ، و غيرهم من عظماء الفنانين والنحاتين و الشعراء و الكتاب؟
الا يبق من الانسان اللا عمله؟ فما أحلى وما اقوى ان تكون اعماله فناً وشِعراً وموسيقى ورسماً ونحتاً وكلمات لأنها تبقى وتُبقيه معنا ومع من يأتون بعدنا.
محمد علي الخطيب لم يكن فناناً عادياً، بل شاعراً ورساماً، وأديباً، ومسرحياً، وكاتباً، وناقداً. تعددت المواهب والعُمرُ الواحد صار أعمارا. يبدو ان يوم ميلاده تشاجرت المواهب لتكون جزءاً من روحه فقرر الخالق ان يُنهي الشجار على خير ولذا امرها ان تذهب جميعها لتمتزج في صلب روح الفنان. فيا له من ميلاد منّان لروح فنان…
في يوم ميلادك نزيد من ذِكْرِ وتَذَكُّر فنك ولوحاتك، وكلماتك، وشعرك، وأدبك. وفي هذه الايام بالذات ما احوجنا لأمثالك ممن التزموا بقضايا الامة والإنسانية جمعاء. محمد علي، انت في بال كل الواعين في الارض، وفي عقل المُتفكرين، وفي فكر كل المثقفين الحقيقيين. كما يتذكرك كل يوم الفقراء والعامة، ويطمئنون عن عائلتك لحبهم لك، انت الانسان الفنان النقي. وكما كل عظماء الرسم والشعر سيعلم جمع الناس بلوحاتك وفنك وأدبك. وسيتعلم من فنك وكلماتك كل انسان محب للخير والجمال.
عدد كبير من لوحاتك وقصائدك تتكلم عن قضايانا المعاصرة كأنك رسمتها وكتبتها اليوم! وكذا الفنان الخالد يرسم ويكتب لكل يوم وحدث وهمٍ وقضية. فكأن يوم مولدك كان يوم هبة الله للبشرية لتُعبر عن كل مآسيها وقضاياها المعقدة، كل يوم.
فيها التصاق الام الحية المربية للأجيال بابنها الشهيد الذي تخرج
من ضريحه زهور شقائق النعمان الحمراء التي تُكمل الحياة وتعطي الجمال والخير.
هو يوم من ايام السنة التحمت فيه روح الفنان بجسد ارضي، فكان يوماً اعطى العالم الكثير. واقل ما نقول فيه أنك اعطيت بكرم كما الفانين العظماء. ايام ميلادكم تمُرُّ كل عامٍ وأنتم واعمالكم بخير، محميين بأمر الله عز وجل. بالرغم من ان ما نعيشه اليوم خاص وصعب جداً، بل هو من أصعب ما يمر على الامة من النواحي النفسية والذهنية والوجودية، اللا ان وجودك ووجود زملائك واصدقائك من الفنانين والكتاب والشعراء هو الذي سينتصر. وخلودك وخلودهم في كون الفنّ والادب والشعر سيجلب النصر، والسعادة، والمحبة، والسلام. وقبل ان يودعك قلمي بسلام، تتصارع معه كلمة تريد ان تتوجه اليك كما لكل الفانين والشعراء؛ انّهُ واجب علينا كأحرار ان نذكر يوم ميلادك ويوم ميلاد كل عظماء الفن والشعر والادب لان الذاكرة هي الوطن والامة، وأنتم اعمدة هيكل الامة. أنتم لوحة السلام الخالدة التي تقاوم الظلم الى الابد. أنتم البهجة، أنتم النصر، أنتم الروعة، أنتم احباب الله في نقائكم نقاء الاطفال. أنتم الوحدة، أنتم الحرية، أنتم الابداع، أنتم الكلمة… و أليست كلمة “الله” اللا كلمة؟ لكنها خلاقة، ووضعت فيكم من روحه الابداع. علمني الفنان محمد علي الخطيب ان الأبد الخالد فكرٌ ثم لوحة ونحت على الصخر او الورقة بكلمة
ويا للعجب، اذ يدق رمضان الباب ونحن ننوي الصيام والقيام بكلمة، لنرسم لوحة محبة لشهر الخير، ولننحت اجسادنا بصحة وبخير كما تصورها الفنان مثاليةً في كل لوحة وكلمة…
وما أجمل ان يُذكرنا ميلاد الخطيب الفنان في اول ايام رمضان بالكلمة من انجيل يوحنا، الإصحاح الاول: “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.” (يوحنا 1: 1).
شكراً لله على وهبه لنا رمضان الكريم ولوهبه الفن والفنانين. وكل حولٍ وقرنٍ والى ابد الكون ستكونون وفنكم وشعركم وكلماتكم بخير. فالفنان ورمضان باقيان بالذكر والإيمان.
محمد علي الخطيب، انت بخير وكل عام واعمالك بخير. والخير هذا هو النصر والحرية والجمال. رمضان شهر الخير جاءنا مع ذكرى ميلادك لأنها ذكرٌ للخير وتذكير بالفَلَاح.
جاء اول ايام رمضان بصحبة ميلاد الفنان ليقول للبنان وللأمة والإنسانية وما بقي في البشر من الانسان: رمضان فن الإيمان بالممكن للتغلب على المتعب والشيطان.
عشتم وعاشت لوحاتكم وكلماتكم يا فناني وشعراء الزمان…
د. إياد محمد علي الخطيب
11/3/2024
يوم ميلاد الفنان المتعدد المواهب، محمد علي الخطيب
2024 أول ايام رمضان