“باب السما احمر”
للشاعر قزحيا ساسين،
مفاتيح للحب والحياة
عشر زهرات في بستانه، وها هو يزرع المزيد على عتبة باب السماء، شاعر لبناني بامتياز متمكن وعتيق، يجري الشعر بين انامله كسريان الدم في العروق، احمر ينسكب حباً على صفحات تنتظره. قصائده مفاتيح لأبواب القلب والعيد والحياة والالم. ولعمري بأنّ هذه المفاتيح كلها ستوصل القارئ الى الباب الأساسي الا وهو باب السماء.
ما نحن بصدده الديوان الحادي عشر للشاعر قزحيا ساسين “باب السما احمر” ديوان شعر لبناني انيق شكلا ومضمونا، ولعل اول ما يلفت القارئ منحوتة الفنان الياس البزعوني الناطقة لشدة روعتها، والتي تزين غلاف الديوان وهندسته الداخلية. إضافة الى الخط الرشيق البهي بريشة الرسام ادمون فخري.
امّا في المضمون، فيقسم الديوان الى ثلاثة أجزاء:
باب السما مفتوح،
باب السما مشقوق
وباب السما مسكر.
وبحسب قراءتي الشخصية، أراد الشاعر بداية ان يفتح الباب على مصراعيه للحب والغزل ثم تركه نصف مفتوح بقصائد الوجد والانتظار، واخيرا اقفله تماما بقصائد البعد والنسيان.
لنقرأ تباعا الأمثلة التالية، قصيدة “وجك حلا وجي” في الجزء الأول من الديوان:
“وجي تحلاّ …ليش سألوني
فايض حلا وجّك من عيوني”.
ثم قصيدة “لقمة اطيب من إختا”
“ببوسك بخدّك…وين؟
مش همي…زكيف
بي آخرو…بالنصّ…بالاول
لمّا بشوف رغيف…ما بسأل
عن لقمة لـ بتكون اطيب بالرغيف”
أمّا المثال الثالث فيتحلى في قصيدة “طقس اسود”:
“مطرح ما كنّا …شو أنا؟ خيمة تعب
والبرد قاسي…والضجر مئزي
والطير عم يبكي بـ حنجرتو الدّهب
والميّ بـ خيال القصب
تمشي ورا بعضا…عم بتعزّي”
لستُ أدري لماذا عند انتهائي من قراءة الديوان، اجتاحني شعور غريب، كأن الفرح في قصائد الشاعر ساسين تعانق الحزن، كأن الضحك يتنفس من البكاء، او كأن الولادة تسلم على الموت. ربما هذا الشعور اتى ليترجم تأثري (والحضور) في اثناء توقيع الشاعر لديوانه هذا المهدى لوالده، وذلك العناق الجميل بين الابن والأب الذي ما لبث ان طوى مشواره مع هذه الحياة، ليقرع باب حياة أخرى.
وبعد، أبواب أخرى سيصادفها الشاعر حتماً، ولن تكون عصيّة عليه لفتحها بإحساسه المرهف.
( ميشلين مبارك )