لي حنيني يرتديني
نعيم علي ميّا
ما بها..
تنفجر الرّيحُ بخطوي؟
يا سوادَ الحزن لمْلِمْ عتمةَ الدّربِ
ونَوّمْ دمعةً
نابتةً خلفَ المآقي
رُدَّ لي بسملةَ الفجرِ
ووجهَ الأُمسياتِ
عبرتْ أيّامُنا جامحةَ الحلمِ
فطارتْ كفُّ أشعاري
إلى بيدرها القمحيّ
واستمطرتِ الحبَّ في بيتِ القصيدِ
**
عاتبتْني نهدةُ الشَّوق وقالتْ :
عجنوا بالوَحْل نزفي
ورموني بالسّبابْ
أوقفوا نبضي
ونادوها توابيتَ الفجيعةْ
نَسَجوا حولي الأكاذيبَ
تَمَادَوا في اتَّهامي
أَوْدَعُوني خيمةَ مَنْفى
حَجَروا صوتيَ في حنجرتي
فاحترق الفجرُ ولم تغفُ جُفوني
فاحتضنّي ..
مثل نهرٍ داخلاً في بحرهِ
شرَّدني هجرُكَ دهراً
أيـُّها الواقفُ قدَّامَ وجيببي
بي أسىً يَشْربُني
والجرحُ يمتدُّ إلى آخرِ عمري
**
أَيُّ حزنٍ يحتويني؟
تعبر النَّهدةُ ما بين شهيقي وزفيري
هي روحي
كنتُ فيما قد مضى أَعْرفُها
تعشقُ الوثبةَ في ليلِ المنايا
صَمْتُها يمضي جليلاً ومهيباً
وإذا ما نطقتْ ..؟
صاغتْ لنا من كبرياء الحرفِ
صاغتْ وطناً
**
لا تُخرجي ظلَّكِ من ظلّي
فشبَّاكي على الأيامِ مفتوحٌ
عرايا نحن
كنّا نحتمي بالشَّمس عند الهاجرةْ
فتعالي كي أَرى ما لا يُرى
لو كان قلبي معي
لارْتحلتْ دقَّاتُهُ
تسعى إليكِ
طال ظلُّ الّليل حتَّى
أتعَبَ الصَّخرَ انتعالي
واستغاثَ الدَّربُ من لطْم الخُطا
**
وتَظلّينَ تمرّينَ بقلبي قمراً
يفرشُ أهدابَهُ فوقَ عيوني
أنتِ ..
بَدْءُ البَدْءِ..
عيناكِ ..
ربيعٌ دائمُ الخضْرةِ فيهِ
يشرئبُّ العمرُ ريـَّان الصّبا
لا لم تشيخي
أنتِ مفتاحُ الصّباحاتِ
قناديلُ النّهار
أَنتِ ..
منديلٌ من الضّوءِ
وميعادُ المطرْ
**
بي حنيني يرتديني
قد خبرتُ العشقَ يوماً
بعضُه..
استرخى بقلبي
وبعضٌ ..
كالّلهيبِ
فحَذارِ ..
إنّني أعرفُ مَكرَ الغانياتِ
**
بعثري ما ملكَتْ كفَّاكِ
من أصغر شيءٍ
حيثُ تنداحُ الوصايا
وإلى أكبر شيءٍ
حيثُ تنداحُ الأماني
كلُّ أمرٍ ينتهي في أمرهِ
والعمرُ ..
مسنودٌ على عكَّازهِ
يحمل أحلاماً توارتْ
خلف جدران النّحيبِ
فافتحي نافذةً للضّوءِ قولي :
أنا أهواكَ فلا ترحلْ
كما طيرُ الوراوير الحزينةْ
يا فؤادي ..
خبّئْني بين كفيَّـْكَ
ودعني أُسرجِ الصّبحَ حِصاناً أعْتليه
ودَعي وجهكِ يطفو فوق وجهي
نحنُ وجهٌ واحدٌ
نحنُ فتيلُ العمرِ
وعدٌ دافئٌ
يرنو إلى فجرٍ جديدْ
***
الشاعر نعيم علي ميّا