هل تنعكس صفات المؤلف على شخصياته؟
هذا ما نجد جوابه في حكاية صغيرة عند بريخت.
كان هو وزميل له في الصف ،من الطلاب الضعفاء في اللغتين الفرنسية واللاتينية ،ولكي يتجنبا السقوط آخر العام ،حاول زميله ان يحصل على علامة اعلى ،فمحا بعض الاسطر التي صححها المدرس ،وكتب بدلا منها ،ليحمله على تغيير علامته ،لم تمرالحيلة، وانتبه بريخت ،فعمد إلى حيلة ابرع وهي اضافة عبارات صحيحة وسطر تحتها بالقلم الاحمر على انها خطأ ،وتقدم إلى المدرس متسائلا: كيف تكون هذه العبارات خاطئة؟
نجح برشت في حين سقط زميله، فهل نجح في مسرحه؟
فيه نجد صفات شخصيته في مسرحية (غاليليو )شخصية تحتال للحصول على ما تريد ،في (الام شجاعة )تستعير بلاجيا فلاسوفا أقيسة خصمها، لتهدف إلى إثبات زيف تلك الأقيسة ، والى جانب مكره يبدو تعاطفه مع الفضيلة
في (غاليليو )يعني الإخلاص (الام شجاعة )الإقدام.
وحصلت ظروف اضطرّته للسفر إلى اميركا ،عاد منها حاملا نظرية جديدة في المسرح ،دوّنها في كتابه (فنون المسرح )وقال :ان وظيفة المسرح لاحدود لها ،من حيث هي متعة فنية ،مصحوبة بمخاوف تطور مستمر ، واتجه للعناية بالفن وفلسفته ،ومنذ عام ١٩٤٩ كان مسرح الإنسامبل يخرج له مسرحياته
المؤلف المسرحي الألماني برتولد بريخت
من صفاته في الإخراج انه لا يحترم النص وجراء ذلك نال النصيب الكبير من النقد ،ورأيه ان تقدم مشاهدات مسرحية لا تعتمد على النص وحده ،مثلا في مسرحية (الطباشير القوقازية )تنقذ عروشا طفلا من الموت اثناء الثورة ،وتسلك مسالك وعرة لتقف امام كوخ معزول ،فتبتاع حليبا من فلاح ،والمنظر يكشف المزاج الحاد للفتاةفي ضيقها بالطفل ،ويبدو الفلاح مجرد بخيل وحين اخرج بريخت المسرحية في الانسامبل عدل هذا المنظر معتمدا على إثارة شعور انسان معقد ،فيبدو الفلاح مذعورا بسبب الثورة ،عندما يرى الطفل وهو ابن حاكم الإقليم في ملابسه الأنيقة ،تثور في نفسه نوازع الطبقية ،ثم تختلف الصورة، فنرى الفلاح مرتاحا حين يشرب الطفل الحليب.
كان هدفه ان يجعل المتفرج يرى العالم الحقيقي، وكيف تدور الحياة في المجتمع سعيا وراء تغييره ،وأقام مسرحه على أساس عقلاني يكاد يخلو من العاطفةفي اداء الممثل ،وازال ما يسمى الجدار الرابع ،واوجد علاقة مباشرة بين خشبة المسرح والجمهور ،فلا يتوهم المشاهدالحقيقة ،لان لا يأتي إلى المسرح كي يلهو انما ليعيش معاناة المجتمع ،ولجأ إلى التغريب ،اي خلق حالة من الانفعال بين. الجمهور والمسرح لمنعه من التوحد بالمسرحية، في ديكور المسرح هدف إلى اعتماد الإيهام بحقيقة المكان ،مثلا بدلا من تصميم غرفة يختار منها جداراو او……
اعداد د قاسم قاسم
د. قاسم قاسم
مقالٌ مهمٌّ، ألسنا جميعًا أبطالًا على مسارحنا؟ أليس المخرج هو بالفعل من يُظهر من الشخصيّة ما يريد؟ ألسنا جميعًا مخرجين لما نريد تكوينه من شخصيتنا؟