نقطةٌ… وخصر!!!
(في ديوان “نقطة على الخصر” للشاعرة جومانة شحّود نجّار).
كتب د. عماد يونس فغالي :
“نقطة على الخصر”، عنوانٌ يتمايل، هكذا، أتخايل. شاعرةً تتمايلُ بين النقطةِ ونقطة، برؤوسِ أصابعَ من جُمان… “نقطة على الخصر”، بين النقاطِ الجُمان، يمتشقُ الخصرُ جُمانةً شاعرةً، من قامةِ امرأة، في كلّها…
وأتخايلُ أيضًا وأيضًا عالمَ جومانةَ خصرَها، قلْ خصورًا، خصيّةً لا تقاربُ خصرَها طالما لا تدركُ فيها المرأةَ، في ذاتها.
الخصرُ الرجلُ، شبهَ رجلٍ في واقعه
“أبكي ويشعر بانتصارٍ عارمٍ…
إن قالت الأنثى أريد كرامتي
قالَ الرجالُ بأنّ فعلكِ زندقة”.
أيّ رجلٍ يدّعي رجولةً يبغي امرأةً مكسورةً… حاشا أن يكون لها…
والخصرُ مجتمعٌ واهٍ في مفاهيمه
“لكنّ مجتمعَ الرجالِ ملوّثٌ…”
“وحكايتي مثل الزمان جميعه،
أكذوبةٌ…
حكاية الأنثى…
في المهد أمّي أرضعتني سرّها…”
هذي الخصورُ أينَها في مفهومها المرأةُ الحقّة، خصرًا ماشقًا، حافيَ الأنثى، مالئَ الأنوثةِ. هو الشاعرة على امتداد القصيدةِ في الكتاب. امرأةٌ، “أنا امرأةٌ… أكثرَ منكَ رجولةً… نصنع عمرًا لتعلو البيوتَ… ننجب نشءًا ونبني عقولهْ…”
وهي الحبيبةُ تهب، حدّ ذاتها، بذلاً على مذبحِ العطاء اكتمالَ المرأةِ فيها:
“ألقمتُه ثغري…
أشربتُه شفتيّ خمرةَ عاشقٍ…
وجلستُ بين يديه مثلَ فراشةٍ…”
” إنّي قبلتُ بأن أحبّكَ…
قبلتُكَ في الغرام معرّفي…”
لكنّها في تلظّي اصطداماتها استوحشت، استشرست، فرُحتَ تقرأها مجونَ غضبٍ تقدّس، في وجه ماجنِ إذلالٍ تلقّته. أتُلامُ إذا اشتدّتْ كبرياءُ الأنثى على احتواء خاذل معشرها… هي انتفضتْ في تمكّناتها وانتصرتْ، في عُرفي طوباها، سجّلتْ نقطةً من خفيّ درّها الواهج إحراقًا!!!
“واليومَ تأتيني بدمعةِ نادمٍ…
تبقى صغيرًا إذا ترضى بتصغيري…”
وتبانُ في مركبِ العشقِ “الممنوع” تمسكُ الدفّةَ وتطلق العنان، قبطانَ شخصها والمشيطِنين:
“كتبتُ بالشعر عشّاقًا وخلّانا…
أحببتُ ألفًا ووقتُ الحبّ ما حانا…
نصفي ملاكٌ أنا الشيطانُ يسكنني
نصفي عناقٌ ولو جُمعتُ… إنسانا”
جومانة شحّود نجّار، كتابكِ جرأةٌ كما أنتِ. لكنّه في خبايا شعركِ تجلّي سيّدةٍ تمورُ بالإنسانيّة. عارفةٌ زمامَ الأمورِ، من أين تؤكلُ الكتف. تبكين رجلاً مشرقيًّا، في ضالّتكِ هو لا يعيش. “أبكي عليكَ أنا ولا أبكي عليّ”. ترثين لحالِ مجتمعٍ وُلدَ من رحم المرأةِ ليجهضها… فقويتِ فيه عليه… “لي قصري أنا ولكَ المزابلُ مملكةْ”.
“نقطة على الخصر”، تحوّلٌ في الشعرِ، في عري بوحِ المرأةِ واقعًا وقيامةً. لكنّه في اعتماد شاعرته القصيدةَ العموديّة الفصيحة، يمكّن الحالة الشعريّة الأنثويّة في ثباتِ حالٍ وقضيّة…
في رأيي، هذا شعرٌ يتطلّب قارئًا من نخبةِ الإنسانِ أدبًا وفكرًا، يروحُ في سموّه ارتفاعات. ومتذوّقًا من راقي الناقدِ المملوء قيَمًا تفوقُ الموروثات وتقي عثرات…
أخالكِ شاعرتي تدعين، تهتفين: تعالوا إليّ يا مضلّلين، شعرًا ومجتمعًا، في هويّتي امرأة. تعالوا أهديكم جمالات!!!