” رسالة إلى أميرة “
بقلم : الروائي عمر سعيد
-×-×-×-×-
يا أميرة
غدًا ذكرى زواجنا الثّلاثين.
كانت تجربة خضّبها الوجع والحزن والغضب والصّراخ والبكاء الهجران، والاشتعال والاحتراق والدّخان.
لم نكن زوجين يليق بهما الحبّ، فقد آذيناه أكثر ممّا يَحْتَمِل.
آذينا نفسينا وابنينا، وكلّ الّذين كانوا من حولنا.
سأخبرك هنا بما في خاطري..
رغم علمي بأنّ هذا سيغضبك، وقد يعرضني لمشكلة معك، لكنّي أراهن على آخر ما تبقّى في صدري من اشتعال..
لعلّه يعرف كيف يعيدك إلى سكينتك.
ثلاثون عبرناها.. ولم نكن معًا، كنّا نخرج معًا، وكان بيننا ألف مسمار دققناها في خطانا.
جلسنا نأكل معًا، ليس لأنّنا كنّا نسعى لخلع تلك المسامير! بل لأنّنا بقينا خائفين من المقعد الفارغ الّذي ظلّ يهدّدنا.
حين انفصلنا يا أميرة، بكيت كثيرًا.
كذلك أخبروني بأنّك قد فعلت أيضًا.
حتّى إن كنت ما بكيت، لا يهم..
المهم أنّي بكيت.
بكيت لأنّ صوت الأنفاس الّتي كنت أسمعها بجانبي خلال النّوم، أفجعني غيابه.
بكيت لأنّ تلك الأنثى الّتي كانت تغرز في صدري صراخها، ما عادت تفعل.
وآه ما أصعب الهدوء وقد حلّ فراغه بين عاشقين اثنين.
جلست أفكّر: لمَ أسع هذا العام تحديدًا لتذكّر هذه الذّكرى والاحتفال بها؟!
وما الّذي أنفقته عليك خلال تلك الثّلاثين كزوج فاشل؟
أيّ نعم أنا زوج فاشل، لكنّني أنفقت عليك لون شعري الأسود.
أنفقت عليك صوتي الّذي ما عاد يصلح للغناء، ولا للغضب.
أنفقت عليك ملامح وجهي الّتي لم تكن تبديني وسيمًا، لكنّها كانت تمدني بالأمل حين كنت أقابلها في المرآة صباحًا.
أنفقت عليك ساقيي اللّتين استهلكتُهما في مطارات العالم بحثًا عن الرّغيف الحلال.
أنفقت عليك بريق عيني الّتي زاد صغرها، وقد بدأت تميل الى اللّون الرّمادي.
انفقت عليك بالًا كانا طويلًا وجدًا أثناء أنتظاري ابتسامة أو كلمة حلوة.
كنت بخيلة معي في عاطفتك، وكنت مغداقًا، تزعجك تعابيره الجريئة.
ثلاثون يا أميرة شتمنا فيها بعضنا، خاصمنا فيها بعضنا، هجرنا فيها بعضنا، فجرّنا كراهيتنا وغضبنا في وجهينا.
غير أنّنا ما تمكنّا من قطيعة نهائيّة.
كنّا طفلين نعض بعضنا، ونشد شعرينا عند الخصام، ثمّ نكمل ما بدأناه معًا من براءة.
لا زلت أحبّك، وربما تكونين قد مللتني.
وهذا أمر طبيعي.. ولا يهم أيضًا.
لكن لمَ أحرص على هذه الذّكرى؟!
لأنّني أخاف عليك وعلى نفسي غدًا من المقعد الفارغ، وغياب الّذي كنت تشتمينه.
وأخاف ألاّ يتوفّر لنا المزيد من الوقت للشّجار والخصام ثمّ الصّلح.
أخاف أن يفتش كلان على الآخر، ولا يجده إلّا في صورة.
شكراً لك على الثّلاثين سنة.. على كلّ الّذي ظننته مزّقني، وأطاح بي، وظلّت بقاياه تدلّني عليك.
شكرًا على غدي وعلى داني.
على كلّ تلك اللّحظات التي لعنّا فيها ساعة تلاقينا، ثمّ برّرنا ذلك لأنفسنا.
شكرًا لأنّك بقيت معي على المركب نفسه، تحاولين وأحاول إغراقه مرّة، ونحاول التّجذيف مرّات ومرّات.
كلّ يوم وأنت بخير.
وأحبّك.
الروائي عمر سعيد شبلي
ربما قالت أميرة و قال عمر
لست أنساك وقـد أغريتنـي
بفمٍ عـذب المنـاداة رقيـق
ويـدٍ تمتـد نحـوي
كـيـدٍ من خلال الموج مدّت لغريق
وبريقٍ يظمـأ السـاري لـه
أين في عينيك ذيّاك البـريق
ومشينا فـي طريـق مقمـر
تثـب الفرحـة فيـه قبلنـا
وضحكنا ضحك طفلين معـاً
وعدونـا فسبقـنـا ظلـنـا
يا حبيبي كل شيء بقضـاء
مـا بأيدينـا خلقنـا تعسـاء
ربمـا تجمعـنـا أقـدارنـا
ذات يوم بعد ما عز اللقـاء
فـإذا أنكـر خــل خـلـه
وتلاقينـا لقـاء الغـربـاء
ومضى كـل إلـى غايتـه
لا تقل شئنا فـإن الحظ شاء
فإن الحظ شاء، فإن الحظ شاء
**** أحبكما****