العدد الخامس من مجلَّة “علم المبدأ “:
“حقَّانيَّة المعنى من حقيقة الوجود”
-×-×-×
— كتب الاعلامي خضر حيدر ;
صدر العدد الخامس من مجلَّة ” علم المبدأ “، وهي فصليَّة علميَّة محكَّمة تُعنى بمعارف الميتافيزيقا والحكمة الإلهيَّة، وكان محوره تحت عنوان ” حقَّانيَّة المعنى من حقيقة الوجود”.
هذا العدد تضمَّن مجموعة من الأبحاث والدراسات جاءت وفق ترتيب الأبواب الآتية:
في “المفتتح”، كتب رئيس التحرير محمود حيدر عن ” المعنى في دنوِّه وتعاليه”، فرأى أن لا وجود بلا معنى، ولا معنى لوجود بلا نطق ولغة، فما يطويه اصطلاح المعنى هو كل ما يتأتَّى ويُفهم من ظاهر اللفظ، فلا يحتاج فهمه إلى وساطة. ولفت إلى أنَّ ثمَّة نوعين من إدراك المعاني، هما: الإدراك الحقيقيُّ والإدراك الاعتباريُّ، معتبرًا أن المعنى الممتدَّ من فضاء الغيب هو الأصل الذي تغتذي منه سائر معاني الموجودات.
في باب “المحور”، وتحت عنوان “معنى بلا نظرية- حين تكون معاني الأشياء غي تغيُّر دائم”، كتب ستيفن تيرنر، الباحث في الفلسفة الاجتماعية في جامعة فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية، بحثُا اعتبر فيه أنَّ ثمة صراعًا بين الأفكار التقليدية حول المعنى، وبين ظاهرة تغيُّر المعنى ومعنى التغيُّر في التاريخ.
وثمة بحث وضعه أكبر أقوام كرباسي الأستاذ المساعد في مركز دراسات العلوم والثقافة الإسلامية في قم- إيران، ومحمد تقي سبحاني الباحث في الفكر الإسلامي والأستاذ المساعد في المركز عينه، كتبا فيه عن ” نظرية المعنى في أفعال الله- توضيح هشام ابن الحكم لماهيَّة الإرادة الإلهيَّة”، فأكدا أنَّ نظريَّة المعنى هي اتجاه وجودي في تحليل وتبيين فعل الله وصفاته الفعليَّة، وأنَّ الإرادة من وجهة نظر المتكلِّم الإماميِّ الكبير تختلف عن باقي مخلوقات وأشياء العلم الأخرى الناشئة من القدرة والاختيار.
من جانبه، تطرَّق عباس أمير معارز، الباحث وأستاذ الدراسات العليا في النصّيَّة القرآنيَّة بجامعة القادسيَّة في العراق، في بحثه إلى “سؤال المعنى في القول الإلهيّ – من شرفات النصِّ إلى شرفات القرآن”، فرأى أن البحث في المعنى مرتكز رئيس من المرتكزات التي تنهض عليها المعرفة القرآنيَّة، وسؤال المعنى في هذا المجال هو منظومة فهم وطريقة في النظر تنتمي إلى بيئتها الخاصَّة وفعلها الثقافي والاجتماعي.
وتضمن ” المحور” أيضًا، بحثًا بعنوان “تنظير المعنى- دراسة مقارنة بين تشارلز بيرس والعلَّامة الطبطبائي”، كتبه آرزو نيكوليان طالب الماجستير، فرع التبليغ والإعلام في جامعة “باقر العلوم”، وحميد بارسانيا الأستاذ المساعد في جامعة في كليَة العلوم الاجتماعية بجامعة طهران، وحسين شرف الدين الأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع بمؤسسة الإمام الخميني، وحسين بركان طالب الدكتوراه في التخطيط الثقافي بجامعة “باقر العلوم”، فلفتوا إلى أنَّ الدلالة عند بيرس تعتمد على أركان ثلاثة هي : الإشارة، والتعبير(التفسير)، والشيء، فيما يعتقد العلَّامة الطبطبائي أن النظام الإنساني الاعتباري وكذلك المعنى قائمان على أساس نظام حقيقي وطبيعي.
أستاذ فلسفة اللغة في الجامعة اللبنانية حبيب فياض، قدَّم بحثًا بعنوان ” معنى المعنى والفلسفات الثلاث- محاكاة فلسفيَّة في اللغة والعلم والدين”، رأى فيه أنَّ الإنسان في مسيره الوجوديِّ يتمحور بين المبدأ والمنتهى، وليس المعنى سو انبثاق لقول “كن” الحاصل بإرادة الحقّ. واعتبر أن المعنى هو النفخة الإلهيَّة التي يبدأ بها الإنسان وجوده ليرتقي بها من منزلة البشريَّة إلى منزلة الإنسانية، ومن محدوديَّة الطين غلى رحابة الروح.
من جهته، كتب محمد أحمد علي، الحقوقي والباحث في الإلهيَّات والدراسات العرفانيَّة- سوريا، عن “معنى الأسماء وإسم الجلالة- أسماء الله أفعال دالة على الأحديَّة من دون تقييد”، في دراسة تمضي إلى تبيين حقائق اسم الله ومعناه في صفاته وأفعاله بكونها منزَّهة عن التعيُّن في المكان والزمان، وبأنها مختصَّة بذاته القدسيَّة وليس لها دلالة على سواه.
وتطرَّق حمادة أحمد علي، أستاذ الفلسفة في جامعة جنوب الوادي- مصر، في بحثه إلى “إشكاليَّات المعنى الكلّيّ بما يثيره- إسميَّة العصر الوسيط بين أفلاطون وأرسطو”، فاعتبر أنه يمكن مناقشة المعنى الكلّي عند أوكام من حيث ماهيَّته وصياغة مفهومه بالاتجاه الإسمي أو المعنوي، وبكونه محورًا أبستمولوجيًّا – معرفيًّا ينقسم إلى قسمين: الأول يتضمن أنواع العلم، والثاني يتضمن أنواع المعرفة وعلاقتها بالمعنى الكلّي.
في “المحور” أيضًا، بحث لأورخان مير كازيموف، الباحث والأستاذ المحاضر في المدرسة التطبيقيَّة للعلوم العليا في باريس – فرنسا، عن ” حفظ السرِّ ومعناه- تقنيَّاته وتأويله في البحث الروحيِّ الإسلاميِّ”، أوضح فيه أنَّ أجزاء السرِّ “المساري” و”السياسي” تلقي نظرة خاطفة على أسباب وتقنيات حفظه عند المسلمين. وهذا التحليل تعقبه توليفة للنظريَّة والتطبيقات المتعلقة به في النصوص الحروفيَّة.
وكتب الفيلسوف واللغوي البريطاني س.ك.أوغدن، والفيلسوف وأستاذ اللغة في جامعة كامبردج أ.آ.ريتشاردز، عن “قوة الكلمات في معنى المعنى-استكشاف الصلة الغامضة بين اللغة والفكر”، سَعَيا فيه للبحث عن فلسفة المعنى في حقل شغل الكثيرين من علماء ومفكّري الغرب في النصف الأول القرن العشرين المنصرم، وهو حقل اللسانيات وفلسفة اللغة. وسعى الكاتبان أيضًا لاستكشاف العلاقة السريَّة بين اللغة والفكر، من هنا يعدُّ كتاب ” معنى المعنى” من أهم الكلاسيكيَّات الحديثة التي صدرت في أوروبا في مجال اللغويات.
المفكِّر والباحث المغربي في الفلسفة إدريس هاني قدَّم بحثًا عن ” في المعنى المتعالي للحركة الجوهريَّة – العلم بوصفه صيرورة نحو الأتمّ عند الحكيم ملَّا صدرا”، اعتبر فيه أن الحكمة المتعالية آبية للانحصار في تظهير مبانيها، فما خفي من ذوقها المبنائيِّ كثير، وهو يظهر عند كلِّ انحشار فلسفيٍّ، وعند كلِّ إقماس عميق لدِلاء الاستنباط، معتبرًا أنَّ أيَّ محاولة للنقد هي مغامرة، وكذلك فإنَّ محاولة تقويض هذه المباني بأدوات فلسفيَّة يفرض بعض الصعوبات.
أمَّا ليزا سعيد أبو زيد، الباحثة في الفلسفة الحديثة بجامعة القاهرة- مصر، فكتبت عن ” ما وراء المعنى- اللغة بما هي خبرة وجوديَّة”، فقالت إنَّ اللغة السليمة هي التي تتبع منطق الكلمات، وبإتقانها نتجه نحو متانة الجملة، متسائلة: ما هي اللغة التي تكون بداخلنا في فترة الصمت التي تسبق الكلام؟ إنها خبرتنا الحقيقيَّة بها، هي التي تتحدَّث ونحن نصمت لنترجم ما قالته لنا في كلمات.
تضمَّن باب “حقول التنظير” بحثًا لمحمد أبو هاشم محجوب، المفكِّر وأستاذ الفلسفة في جامعة تونس المنار- تونس، عن “الفلسفة الثانية في امتحان “اليوم” و “اليومي”، أكد فيه أنَّه لا يمكن أن يمر مصطلح “الفلسفة الثانية” من دون تعليق، فهو بكل بساطة مصطلح لفلسفة تأتي بعد “الفلسفة الأولى”، وما أن ننطق به يقفز إلى الذهن ما اعتدنا تسميته “ما بعد الطبيعة” أو “الميتافيزيقا”.
وثمَّة بحث لبكري علاء الدين، الباحث والمحقق في مناهج دراسات وبحوث التصوُّف-سوريا، عن ” مناهج الحث العملي في دراسة التصوُّف- المنجز العربي – الإسلامي مثالًا”، والهدف من ذلك إثبات أصالة العرب في ابتكار منهجيَّة خاصة بالموضوع المدروس.
كذلك قدَّم أحمد عبد الحليم عطيَّة، المفكِّر وأستاذ الفلسفة في كليَّة الآداب بجامعة القاهرة في مصر، بحثًا عن ” أبستمولوجيا النصِّ الصوفيِّ- أبو الوفا التفتازاني كمثال معاصر”، مشيرًا إلى أنَّ التفتازاني وجد في القرآن وحياة الرسول وسنَّته والصحابة والتابعين والزهَّاد والصوفيَّة الأوائل، البداية الحقيقيَّة للتصوُّف الإسلامي.
في باب ” مكنز الكتب”، قراءة لديانا حدَّارة، الباحثة والأستاذة في قسم الفلسفة – الجامعة اللبنانية، في كتاب “في سبيل منطق للمعنى” للّغوي الفرنسي روبير مارتان، أشارت فيها إلى أن الكاتب يمنطق اللغة في مشتغلاتها الدلاليَّة، وأنَّ أهمية الكتاب تكمن في أنَه استطاع أن يكون مرجعًا لجمهور المتخصصين والباحثين الشباب في علم اللغة.
_______________
غلاف العدد 5 من مجلة عالم المبدأ