” إلهٌ سرياليّ”
قصيدة للشاعرة سليمى السرايري
-×-×-×-×-
تمدد كخيوط فجر في وجه الصمت
كموعد يتهاوى
كلما أينعت حواسي بالهذيان
ها أنا أتهاطل على بقايا العبير
فراشة عاشقة ً للرحيق
حيث يرتعش اللون على رفات الوتر
متفاوتَ الزرقة
متموّجَ البياض
كان وهج اللمعان صادماً
حين امتدت من الإطار أصابعُ
ثائرةً على جمود اللوحة…
شاخصةً كمرآة تسربت منها طلاسم السحرة
أستنشق رائحة بخور أعلن تمرّدَه في الأرجاء
وأجلس في شغف الانتظار
مع غائب كلما طالع خارطتي… تاه عني
الآن، لي رغبة البكاء في يتمي
أنا أغنية من نزْف الضياع
لي شيء يشبه ستارة أعيتها لعبة الريح
حيث طاعة التسبيح في محراب حبيبي
نصف قمر يباغتني عند احتضار الضوء
حتماً ستعبث الساعة بموعدنا
حتماً سيتوقف الوقت عند اللقاء
كل صمتٍ
كل سرابٍ
أجيء زَنبقة َ عابقة بالورد
أجيء، براءة بلّلت عرائسها ثم رقصت وحدها
هناك… في طرف الطفولة.
ها أنا أخون كل “بروفــيلاتي”
أسترق نظرات إلى صوتك
أحتضن لهفتي، وأغرق في مشهد لعناقٍ خياليّ
أكوّنك رجلاً من كرتون ملون
كان يوماً علبة فاخرةً ضاع محتواها في غمرة نسيان
لن يعود ذلك الشارع عابساً حين نلتقي
الشمس حاضرة تتقن تركيبة الالوان
هناك أفق …
هناك تشكيلاتٌ غرائبية تكبر
بيوتٌ تطير نحو السماء
غزلانٌ بيضاءُ ترعى حشائش السحاب
أيقوناتٌ تلبس أزرارها
هذياناتٌ أخرى تنتمي إلى مكعبات وتجريد
و “بيكاسو” يسلذّ ايقاعات فرشاة عاشقة
ما زال الموعد يرتب هندامه للقائنا
أكاد ألحق نبضه ذاك المتسارع
مثلي تماماً،
حين أخلــُقُ لوناً…
وأختلس نظرة على امرأةٍ قابعة في لوحة آخر الرِّواق
أصير “موناليزا” جديدة لحبيب زجاجيٍّ
يرسم ضفائري على الماء
فتفيض هالاتٍ وقصائد .
غريب أنت أيها الزجاجيّ
حين يهوي المساء
وتجيء عذراواتُ الليل بأغاني الدهشة
تتجلى شعاعاً “كمسيح”
على تراتيل نشيد “فرجيني” لصبايا
بين أصابعهن كتاب العاشقين المقدس
هناك تبدو كإله “آمون”
توزّع بركاتــِك على البؤساء
تقيهم رياح العواصف الراكضة نحو أكواخهم
ثم تعتكف في قلعتــك داخل الإطار
أكوابك مترعةٌ،
ألوانُك تسكرُ ،
وشهوتك، أبديّةُ الجنون…
هل لي الآن، أن أغنّي مثل ساحرة في وثنية قديمة؟
هل لي أن آعود من آخر الأسطورة،
تسبـِقني النشوة قبل الاحتراق ؟
ها أنت هنا قبل الموعد بعمرٍ ودمعتين،
تفتح صدرك حدّ الامتلاء
تستعجل الخطى
تهرَع نحوك آلاف الجنيات
آلاف العصافير
وتحت قدميك في أسفل اللوحة، مراتعٌ للغزلان
بحيرات للبجع..
غابات لذئاب حلّت عليها لعنة الرعاة
يا سيّد العطور القديمة
يا طيفك
يا “أنا لك”،
خضّب “القماش” بالجنون
اضف تركيبة مباغتة للماء.. للشفق
وأنا
أعدك بالوصول من الجهة المقابلة
للموعد/ للون
لننصهر معا في نقطة فراغ…
سليمى السرايري
تونس
الشاعرة سليمى السرايري
شكرا لموقع “ميزان الزمان” بيروت/لبنان وعلى رأسه الكاتب والاعلامي الأستاذ يوسف رقة على توثيق قصيدتي بالنشر على أعمدة هذا الموقع الهام…تحياتي سيّدي الكريم
شكرا لموقع “ميزان الزمان” بيروت/لبنان وعلى رأسه الكاتب والاعلامي الأستاذ يوسف رقة على توثيق قصيدتي بالنشر على أعمدة هذا الموقع الهام…تحياتي سيّدي الكريم