تجلّي الوطن/ الحب والسعادة الحقيقيّة
وجيت وقِفِت بِ عيد التجلّي…
عا مذبحو !! تا آخُذ الحَلْة
شفتِك بقربي واقفة ب فستان
عطرِو زوايا المذبح ممَّلِْي
سمعتو ل الله ، كتر ما فرحان
بعنقود سحرِك ، ل بالحلا مليان
:مشغول بالو عالكَرِم…..قلّي
حلو لبنان !! بعدو متل ما كان
سواقي عسل ، عالصبح بتْشَلّي
بذكر انا , وقت ل كنت ضجران
قبل ما فِلْ ، طلِعِت ، عا تلّة
وحتى معي آخُذ عن الإنسان
فكرة وذكرى ، وحِدتي تشِلّي
سمَحْت يكون بين البشر خلقان
متلي إلاهة !! عايشة بلبنان
وجايي ع عيدي اليوم تا تصلّي
٥ آب ٢٠٢٣
كابي القاعي
الشاعر العميد كابي القاعي
أتيت رأيت وانتصرت. أفعال تختصر قصيدة الشاعر
كابي القاعي.
الزمان عيد التجلّي. ولكن أهو تجلّي الرب، في السادس من ٱب، أم تجلّي الحبيبة، في فستانها المضمّخ بالعطر، المعتّق بالجمال الذي سحر اللهَ، جلّ جلاله؟
المكان معبد للصلاة، أمام المذبح.
أما الأشخاص فثلاثة: الشاعر والمرأة الساحرة والله. ثالوث حب محوره المرأة التي سحرت الله والشاعر في ٱن. سحر دفع الرب إلی الاعتراف بألوهيّة المرأة، التي سمح بخلقها مساوية له، في الألوهيّة، كي تزيل وحدته والوحشة:
متلي إلهة، عايشة بلبنان
وجايي ع عيدي اليوم تا تصلّي
إنه الحنين يراود الشاعر القاعي عن ذاته، في الذات الكبری، الوطن.
من هي تلك الإلهة ال”عايشة بلبنان”؟
وما علاقتها بالشاعر المغترب بالروح عن أرض الٱباء والأجداد؟
امرأة تصلّي، وفي عيد التجلّي.
هي المرأة الحبيبة/ الأرض/ القصيدة. في حبّها ووجودها صلاة، بل صلة وصل بين الضفّتين. ضفّة الوطن وغربة المهجر النفسيّ. ولسان حال الشاعر يقول، مردّداً قصيدة الشاعر المهجريّ، رياض المعلوف:
هل يا تری نعود
إليك يا لبنان
إنّها الأرض المقدّسة التي عبدها الشاعر، في غربته، وتاق إليها توقَه إلی أمه والذكريات.
تجلّي الرب هو تجلّي الحبّ، في قلب الشاعر وفي ضميره.
صلاة المرأة هي صلاة الأم التي رحل عنها أبناؤها، في غياب طويل.
يكفي أن يعيش الإنسان في وطنه حتی يكتسب صفة القداسة والألوهة.
والأرض المقدّسة رمز لحوّاء التي خلقها الله كي تؤنس وحدته وٱدم، فتركت جنّته كي تعيش في قطعة السماء علی الأرض، لبنان.
وقطعة السماء هذه لا تزال في ذكريات الشاعر رمزاً للجمال. لم تؤثّر فيها الصراعات والفتن والأحقاد. يقول الشاعر القاعي:
حلو لبنان !! بعدو متل ما كان
سواقي عسل ، عالصبح بتْشَلّي
إنّه عسل الحبّ الذي ينساب نهرين، في جنّة الوطن، ولا يزال طعمه في خيال الشاعر المغترب عن مٱسي الٱلام.
تبدأ القصيدة بمجيء الشاعر للصلاة، وتنتهي بصلاة، في هيكل الوطن.
في المجيء الأول عودة للشاعر مرتقبة إلی أرض الوطن الحقيقيّ، لبنان الحقيقي الجايي، كما يقول الرحابنة. أماّ في المجيء الثاني فتأتي الحبيبة الأرض إليه، في عمليّة تذكّر وتأمّل، بعدما بَعُد به المزار، وذاب شوقاً إلی الأرض نزار.
كابي القاعي، أيّها الشاعر الحامل حبّ الوطن في قلبه وعقله والضمير، بوركت محبّتك والأمل. لقد أيقظت في قلوبنا شعلة الوطنيّة والتفاؤل، بأنّ الوطن ، مهما عصفت به الأعاصير، سيبقی معبداً للخير والحبّ والصلاة، يتجلّی فيه النور الإلهيّ بفضل الإيمان والشعر ورجاء القيامة.
أتيت بالإيمان إلی أرض الوطن الحلم، ورأيت ببصيرتك، لا بالبصر، الخلاص المنتظر، فانتصرت علی ظلمات اليأس والموت.
فطوبی لمن ٱمن بالوطن القائم من بين الرماد، من خلف حجاب الغربة، فكانت له السعادة الحقيقيّة!
د. جوزاف ياغي الجميل
د. جوزاف الجميل