الأسطورة الّلبنانية المتجدّدة في مسرحية “٣٣ صلاة في جوف الحوت”
بقلم الكاتب والناقد : يوسف طراد
( نقلا عن صحيفة ” النهار ” الصادرة بتاريخ 19 / 7 / 2023 )
-×-×-×-×-×-
كتب يوسف طراد :
من شجن حناجر، انسكبت مسرحيّة “٣٣ صلاة في جوف الحوت”، للكاتب المسرحي يوسف رّقة على أرض الواقع، موصّفة المعاناة التي جعلت الوطن ينحدر إلى هاوية العتمة والمجهول.
غلاف مسرحية ” 33 صلاة في جوف الحوت ”
بالصمود؟ … إنّه زمن وطن محصور ب ٣٣ يوماً من الحرب وعناقيد الغضب. فهل أدركنا أو قال لنا رّقة أنّه مع كلّ شهقة وزفرة، وعند كلّ استشهاد، تشيخ نبضات قلوبنا، ونتيقّن أنّنا في بداية رحيل لم يتم، وانتظار عودة موهومة:
“… أحتاج إلى شهقة/ ليعود الحبّ إلى قلبي/ عودة الروح إلى الميت/ ..أحتاج إلى قلب ميت/ ليبقى بعيدًا عن الألم.” (صفحة ٢٨، المشهد الثامن).
لم تذهب كلمات يوسف رّقة هباءً، كرقص الذئاب مع الريح. بل حفظ العهد، لبارقة عشق وطن لاحت في ذلك الظلام الدامس. وترك حواسنا الحائرة أمانة في سطور المسرحيّة، ليرتقي عَلَم الوطن فوق سارية لا تنحني، ويتعالى على قلق المجتمع، وتنفرج أسارير القمر بعد رقص عاصفة:
“فلندع كلماتنا ترقص مع هبوب العاصفة أو… فلنصمت إلى الأبد…” (صفحة ٣٦، المشهد ١٤).
ألم تنضج طبخة الشّرق الأوسط الجديد؟ وهل هي بحاجة إلى هذا الكم الهائل من الدماء النازفة، في ساحات الثورات والمعارك؟ ألم يكن الشرق الأوسط القديم أرقى وأجمل؟:
“توقفوا… توقفوا… لماذا لا تصدّقون أنّ هذه الألغام تستطيع أن تحوّل الأرض إلى كرة مثقوبة؟ هذا ما يريدونه للشرق الأوسط الجديد…” (صفحة ٨٣، المشهد ٤٢).
يحسّ القارئ بحزن عميق، وهو يقرأ مسرحية قصّة وطن، اختزلها يوسف رّقة ب ٣٣ يوماً. قصة لم تُمثّل، لكنّها جرت على أرض الواقع الأليم، لذا فهي رائعته.
الناقد الأدبي يوسف طراد