رسالة إلى عائلة الصديق الراحل باسل الخطيب بمناسبة الذكرى السنويّة الأولى لوفاته
يصادف اليوم الموافق في السابع والعشرين من شهر حزيران 2023، الذكرى السنويّة الأولى لرحيل الصديق الدكتور باسل الخطيب. وفي هذه المناسبة الحزينة أكتب لعائلة باسل ومعارفه ومحبّيه، مستذكراً أعماله ومآثره، وقد وقع خبر وفاته علينا في فيينّا كالصاعقة.
لم يكن ليخطر ببالي بأنّ مكالمتي الهاتفيّة مع باسل الخطيب، قبل يوميْن من وفاته، ستكون الحديث الأخير بيننا. ففي صباح يوم الاثنين الموافق في 27 حزيران 2022، كنت أتابع اجتماعاً في مركز مكتب الأمم المتّحدة في فيينّا، عندما دخل إليّ زميلي في البعثة، وأمارات الصدمة على وجهه، وطلب أنْ يحدّثني بأمر طارئ خارج قاعة الإجتماعات. وما إنْ خرجنا من باب القاعة حتّى بادرني بخبر وفاة باسل الخطيب.
للوهلة الأولى، ظننتُ أنّ باسل تعرّض لحادث سير. ولم يخطر ببالي أنْ يكون تعرّض لأزمة قلبيّة، وهو الذي كان أكّد لي منذ أسابيع قليلة أنّه أجرى فحوصات طبيّة تكلّلتْ بالنجاح. ولم أكن لأستوعب خبر الوفاة المفاجئة لباسل، وكنت تحدّثت إليه قبل 48 ساعة فقط من وفاته. كيف يمكن للزمن أن يتوقّف مع شابٍّ بعمر 52 عاماً، يضجّ بالحياة والطموح، وعيناه شاخصتان دائماً نحو المستقبل؟ في آخر مكالمة بيننا، حدّثني باسل عن مشاريعه المستقبليّة، وشاورني في كيفيّة مساعدة إبنته للسفر إلى اليابان بغية استكمال دراستها الجامعيّة هناك، وأعلمني بأنّه سيرافقها إلى طوكيو لتدبير أمورها اللوجستيّة، كما اتفقنا على اللقاء في فيينّا عند عودته من القاهرة إلى النمسا.
عرفت باسل منذ قدومي إلى فيينّا أواخر العام 2017، حيث كان يشغل حينها منصب رئيس مكتب التنسيق الإقليمى العربي في منظّمة الأمم المتّحدة للتنمية الصناعيّة (اليونيدو). وقد أمضى في المنظّمة حوالي 20 سنة من حياته العمليّة، وتفانى في خدمتها ونشر رسالتها التنمويّة في الدول العربيّة. وكنت أشهد باستمرار على ثناء سفراء الدول العربيّة ومندوبيها الدائمين في فيينّا على أعمال باسل وتعاونه ومساعدته.
وكغيره من العديد من اللبنانيّين العاملين بنجاح في المنظّمات الدوليّة، لم يكن باسل يوفّر فرصة لتقديم كل مساعدة ممكنة لبلده لبنان، بما فيها هذه البعثة، والوفود اللبنانيّة الرسميّة التي كانتْ تأتي إلى فيينّا للمشاركة في اجتماعات منظّمة اليونيدو سواء المؤتمر العام أو مجلس التنمية الصناعيّة. وكنت أجد فيه خير سند، كلّما دعتْ الحاجة لتنسيق مطالب لبنان وحاجاته مع أجهزة المنظّمة.
وتقديراً لجهوده وعرفاناً بنجاحه، تمّ ترفيع باسل إلى رتبة مدير في المنظّمة الدوليّة، وتمّ تعيينه في القاهرة بمنصب الممثّل الإقليمي لليونيدو في جمهوريّة مصر العربيّة، حيث نسج علاقات جيّدة مع وزارة الخارجيّة والسلطات المصريّة المختصّة. وخلال هذه الفترة، عكف باسل على زيارتي في السفارة، كلّما عاد إلى النمسا لزيارة عائلته ومتابعة أعمال مكتبه في مركز المنظّمة في فيينّا، حيث كان يطلعني باستمرار على مشاريع المنظّمة في المنطقة العربيّة بما فيها لبنان. وفي كلّ مرّة، كنت أجد فيه، خصال الرجل الآدمي، صاحب القلب المحبّ، والمتأهّب لتلبية كلّ مساعدة.
اليوم، نشتاق إليك يا باسل، كما تفعل زوجتك وابنتك وإبنك وعائلتك الكبيرة. وستبقى ذكراك الطيّبة في قلوبنا، وبين أعضاء بعثة لبنان الدائمة لدى المنظّمة، كما وفي المنظّمة التي عملت فيها بشغف ومحبّة.
السفير ابراهيم عساف
مندوب لبنان الدائم لدى المنظّمات الدوليّة في فيينّا