البعث قصيدة للشاعر لامع الحر
في أول سنوية لغياب د. باسل محمد علي الخطيب، ممثل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو- UNIDO) ورئيس مكتب اليونيدو الإقليمي للشرق الاوسط و شمال افريقيا،
د. باسل محمد علي الخطيب
رثاه الشاعر لامع الحُرّ في قصيدة ” البعث.”
.
البعث
إلى باسل محمد علي الخطيب
دمعٌ تناسل منه الضّوء فانسكبا جداوِلًا من ضياها الصّخرُ قد شربا
دمعٌ غزيرٌ يُغطّي الأرض مُنْبسِطًا كأنّه الرّوح تمضي للسّما قِبَبا
نأيتَ عنّا وفي أعماقنا كَدَرٌ يَربو على ناره كي يَمتَلي لَهَبا
موتٌ تناهى إلينا حُرقةً وجوىً يُصيِّرُ الغاب معْ أفنانِه حَطبا
من انت؟ يا رجلاً تصفو ملامحُهُ كأنّك البعثُ يدنو منك مُنجَذِبا
دمعٌ غزيرٌ تمادى في متاهَته فصيَّر العتمَ في آفاقنا شُهُبا
بحرُ الشّجا سفنٌ ترنو لخالقها على هُداها تناءى البدرُ واغتربا
وصوتُكَ الحرُّ أرواحٌ بها انصهرَتْ دنيا طوّى سهلُها قبل البُراق ربى
رحلْتَ عنّا ودربُ الحقِّ منقطعٌ كأنَّهُ النّور يمحو الحزن والكربا
أأنتَ مجدُ الثَّرى الآتي ملائكةً على ذُراهُ مسيحُ النُّورِ قد صلِبا؟
رزيَّةٌ طافتِ الأجرامَ قاطِبةً ومن مداها الشَّجا درسًا لنا كُتِبا
رزيّةٌ حضنت ماء النّوى غسقًا دانت لهُ الأرضُ فانشقَّ الضُّحى عَجبا
عُمْرٌ سَنِيٌّ تعرّى من بداهتِهِ وبدَّدَ العتم نورٌ ليس مُحتَسَبا
عُمْرٌ تناهى مع الأضواء ِ ساطعةً وأكمل َ الحلمَ ملتاعًا ومضطربا
منْ فيضِ حبِّكَ أمسى النَّجْمُ مؤتلقًا ومنْ عطائكَ ماءُ الأرض ما نضبا
فارقتنا وجعًا بالدّمع مُحتشدًا وصرْت كنزًا منَ التّاريخِ قد نُهِبا؟
هان الفراقُ.. وضاعَ العمرُ يا ولدي وبتُّ وحديَ شعرًا في جواكَ خَبا
تَرَكْتَنا قَبلَ ضَوءِ الشّمْسِ مُنْبَجِسًا والعطرُ منْكَ على تَرحالِكَ انتَحَبا
رزيَّةٌ ضمَّتِ الأجرامَ قاطبةً على عُلاها يحطُّ الكونُ مُنتصبا
بَعُدْتَ عنّا..فأمسى البدرُ مُنخَسِفًا وظِلُكَ الثّر يَسري في الحشا عصبا
أهواكَ يا عَلَمًا ضاقتْ بهِ كُرَةٌ فاختال نورًا إلى فِرْدوسِهِ اقتربا
فردوسُه الرِّيح في الما بعدِ كائنةٌ روحًا طوَت بثوانٍ عالمًا رحبا
طوى مداهُ زمانًا صِيغَ من دمِهِ وأفقُه اختصر الأزمان والحِقَبا
لباسلٍ ألفُ سِرٍّ طافحٍ ثمرًا أعطى..فمن ذا الذي يدري بما وهبا
أجودُكَ الثَّرُّ أمسى في المدى سبلاً وصارَ في أفقنا النّائي لنا نسبا
سافرتَ في الغيب لحنًا فَاتَه وَتَرٌ فكيفَ ضوء ُ الرّؤى للبُعْدِ قد شَجَبا؟
سافرتَ في الرّيحِ روحًا طاهِرًا أبدًا منْهُ استقينا مدىً كالنّورِ مُنشَعِبا
رحلْتَ روحًا تحدّى الكونَ زُخْرُفُهُ وطافَ في الأُفْقِ مسحورًا بما اصطَخَبا
والشّوقُ يفترشُ الأوقاتَ كاملةً كأنّ كرْمَهُ يَهدي أهله العنبا
والكرمُ مُحتَجَزٌ في سِرِّ مُبدعِهِ منه ابتدعنا القَريضَ الحُر والأدبا
ألفيْتُ وجهك في الآفاقِ مُبتكِرًا نصًّا تناسل من أمَّاتِه كُتُبا
ها قد فقدناك بحرًا زَانَهُ زَبَدٌ كأنَّ مَوجَكَ أفقٌ وَلَّدَ السُّحُبا
فكيف أمسى الفراق المرُّ مدمعَنا وصيَّر الأرض حزنًا يُتقِنُ العَتَبا؟
نمضي إليكَ وفي الأعماقِ بوحُ دمٍ قد صيَّرَ الوقتَ كالإعصارِ مُكتئبا
رحلْت عنّا شُعاعًا صار بيرقُهُ بدرًا..غفا في رؤىً لا تَعرِفُ التّعبا
رحلت عنّا على إيقاعِ ملحمةٍ تُزَيِّنُ الوقت تِرحالاً بهِ نُكِبا
ما ضرَّ لو عشْتَ عمرًا ثانيًا رَحِبًا فالعيشُ دونَكَ نهرٌ ماؤه سُلِبا
عد يا بنيّ مَجالاً شاسعًا رطِبًا فالدّهْرُ في أفْقِهِ النّائي لكِ انجذبا
أكُنْتَ مثلَ ضياءِ الحقِّ مُنْبَجِسًا وصِرِتَ من قِبلِ الرّحمن مُنْتَجبا؟
وكنْتَ ضوءَ الدُّجى المُمتدَّ ملتهبًا وصِرْتَ وحدك شمسًا نورُها انحجبا
وأنتَ كالرّوحِ من أوراقها انبثقتْ دنيا تُشِعُّ..فيُمسي نورُها ذهبا
دنيا على وَقعِها التّاريخ مُكتحِلٌ والحقلُ بالماءِ والتّقوى قد اخْتَضَبا
هُنا على مفرقِ البعثِ الجليِّ..هُنا سنلتقي باسلًا شقَّ المدى وأبا
حُبي إليكَ دموعٌ شَيَّدَت قِمَمًا من حُزْنِها صار وجهُ الأفقِ مُنْتَحِبا
فيك انزوى زمنٌ..قد راعَهُ كَمَدٌ يُعطيكَ من يَده كلَّ الذي اغتُصِبا
يُعطي..ويُعطي من الأحشاْء مَكرُمةً فكيف أمسى الّذي أكْدَى كَمَنْ وَهَبا؟
ودَّعْتُ قلبيَ مُنْسَلاًّ إلى قدرٍ يقبّل الأرض أضواءً بها رغِبا
ودَّعتُ حُلمِيَ حين الرّوح ودّعنا كأنّ بُعدَك عنَّا خَلَّف العطبا
كيف ارتحلتَ..ونبضُ القلبِ مشتعلٌ ووهْجُك الثَّرُّ معْ إشراقه انسحبا
باقٍ على الحبَّ حتّى يرتوي أمدٌ أو كي يصير المدى للبعثِ مرتقبا
باقٍ فؤادًا تداوينا به زمنًا وصرت بعثًا خطيرًا يخرقُ الحُجُبا
وعدْت تصنعُ تاريخًا لهُ ألقٌ يُشفي.. فتُمسي فيافي قحطِنا عُشُبا
وأنتْ في الغيبِ نارٌ أجّجت حُلُمًا يمضي مع الطّيف روحًا بدّد النُّوَبا
البعثُ آتٍ سماءً غيثُها قُبَلٌ كأنّها الرّيحُ تمضي في هواكَ صَبا
أنتَ الخلود الذي طالت منائِرُه والبعثُ نورٌ سماويٌّ لك انتسبا
وأنت باقٍ معي روحًا تنادمُني وأنتَ عيني التي ما فارقَتْ هُدُبا
غدًا تعودُ إلينا بسمةً وسَنا كي تُصلِحِ الأرضَ.. والكونَ الذي خربا
غدًا نراكَ مع الأمداءِ منطلقٍا والبعثُ في غيبهِ الدّاني لكم وَجَبا
وأنتَ عدتَ لنا.. والأرض باسمةٌ كأنْ أعدت لنا أحلامَنا النُجُبا
وأنتَ سِربٌ من الآياتِ ساطعة كأنّكَ الذّكرُ يُحيي العُجمْ والعَربا
******
لامع الحر
الشاعر لامع الحرّ
استاذ لا مع الحر انت كا بسمة على شفاف الصباح وندى على اغصان الازهار 🤍🤍🤍💯💯💯💯💚💚💚💚💚