كتب يوسف رقة :
لم يتغير كثيرا علي مطر منذ عرفته زميلا محررا في الصحافة الفنية عام 1990 , الشاب الهادئ , المبتسم دائما والشاعري الذي حصد في اول ديوان له جائزة ” يوسف الخال الثقافية ” في تلك الفترة من مقتبل عمره ..
حضر الى المقهى في الحمراء وانضم الى طاولتنا حيث بادره الشاعر عباس بيضون بالقول ” سيصبح اسمك علي سين ” لم اعرف ماذا يقصد حيث غاب اسمه عن حديقة أصدقائي على فيسبوك الى أن سأله الشاعر نعيم تلحوق : هل سين هي من الواقع او من خيال شاعر ؟
وبعد مداخلات الأصدقاء في المقهى علمت بأنّ ” سين ” هي صديقته المميزة التي تعيش في هافانا وستحضر قريبا الى بيروت ..
الشاعر والمبدع علي مطر
على صفحة الشاعر علي مطر سلسلة من القصائد التي سينشرها قريبا في ديوانه الجديد …وقد اخترنا باقة منها :
_1_
إلى سين ( آية الشوق ) من هافانا الى بيروت :
A Scene of Caramel night
انتظرت سين أربعين عاما. إلى أن أتت أخيرا
مثلما ينتظر جبل كي يتحول الى بركان.
كتبت لها قصائد ودحرجدتها كالحمم
من القمة إلى مجرى النهر.
عضضت على نواجذي واشتهيت أن تكون اسناني
حفارة للزمن.
تأملت في وجهها طويلا طويلا قبل أن تأتي
تخيلته قبل أن تولد ولما حضرت قلت لها:
اليوم عيد زواجنا الأربعين.
البارحة تحولت إلى نادل في العشرينات
كي أخدم عشاءها.
كنت الشيف والنادل والزوج.
سكبت لها الشوربة بمسكب الحب
قطعت هي الستيك بسكين العشق
ومضغت بعينين مغمضتين،
قالت: أعطي عمري لهذا المذاق.
أنا شيف الحب يا حبيبتي
وهذه ال yummy التي حملتها أنفاسك
هي سعر اطباقي.
الحلوى كاراميل. تغمض سين عينيها مجددا.
اسكبه لسين فوق بسكويتة ذهبية
تضيف هي فوقه رشة ملح من مخيلتها،
أو من إصبع النادل كما قالت.
قالت أيضا: “كيف يكون المذاق
حلوا ومالحا وشهيا معا؟
إنه لعب بأعصاب حاسة الذوق
كأن نأكل الكاراميل وتاكلني وآكلك.”
Salted Caramel : تنهدت
ياله من عنوان لقصيدة كتبتها لي سين
في حفل زواجنا الأربعين.
الشاعر علي مطر
_2_
هذا الفستان الذي سترتدينه سين،
سيدرك ذاته.
يستعيد أصابع الخياطين
وتحديق المطرزين بشبابيكه.
لغة الماء
حفيف الشجر
رنين المعدن في جوف الأرض
ليس فستانا بلا أنت.
الخرز المعدني،
بوابة النصر التي تصل أعلى الفخذ.
الفستان المجروح كي يبرز شيئا من نهدك الأيسر،
المنصول كوشاح كي يطل كتفك عاريا منتصبا،
حين يحف بجسمك وأنت تتهادين بالكعب العالي،
سيكتب موسيقي ما في مكان ما نغمة جديدة.
انظر إليه كيف ينسدل عليك باستمرار
كشلال من فضة.
كيف يطرق قلبي لفستان؟
لاني أعرف جسدك.
وأعرف أن الفستان يدرك ذاته
حين يرتديه.
أنا هواء بالكاد بين جلدك ورنينه.
وأنا حبيبك، الرجل الذي يمسك بيدك
كي تسمعي طرق قلبه في الممر نحو القلعة.
الشاعر علي مطر
_3_
يمكن أن أروي عن شوارع هافانا الصاخبة بالحياة
عن ليلها عن قلبه النابض،
حيث تسهرين سين مع قصة حبي لك
وتمشين كقطة من شارع إلى آخر.
أنا الشاعر الذي تلتهم نار الحب روحه في بيروت
أريد أن يكون لرغبتي سفينة جامحة
كي تقطع المحيطات
أمد حبلا من الحبر والآيات
كي أصل إلى شعرك الأسود الفاحم،
وعيناك تتبعان الفصول
سين، لغز أم عباءة صوفية مطرزة؟
ألمس حليا على بشرتك الحنطية أظنها الغموض
حيثما تحضرين تحضر العاطفة وتبدأ الرقص.
تجولين كالحلم جامحة وضالة،
في ثنايا هافانا العتيقة
حيث تتراقص الظلال
كل خطوة لك تهمس بحكاية
تروى مرة واحدة
آملة أن تتكشف بحضورك سمفونية الأسرار.
أنا الشاعر الذي يتجول بالأحلام
لا أقدر أن أخفي حبي لك
قلبي كتاب مفتوح في امتحان الحب
أرسم آيات وأقول، هذا جسر إليك.
أنا الشاعر الذي تشهد بيروت على ألمه النافر
أحلم أن المسك كزخة مطر في الصيف
أحيك قصة حبي لك في أبيات
يقول الأصدقاء إنها مؤثرة وعميقة
يقولون، يستحيل أن أكتب هذا بلا ملهمة،
كل بيت يبدو كأنه اعتراف مكتوم
وقلبي يجرؤ على إيوائه.
المسافة والصمت ربان يختبرانني كل يوم
مع ذلك يخرج لحن حبي من علبة الموسيقى
ويعزف سين
هل يعيننا شاطئا هافانا وبيروت على نقل همساتنا؟
شوقنا، وشغفنا الأبدي؟
آه سين، ترسلين الهواء الليلي من هافانا لتلهمي روحي
هل تعلمين كم أنا مفتون بذوقك ؟
بالحبر والورق، بتشابك روحينا
سيتجاوز حبنا الزمن
كحكاية محض إلهية.
هل هذا شفق هافانا الذي اراه
حيث سيبيت حبي، وشوقي وسري الموثوق؟
بين شاطئ بيروت البعيد عن حضن كوبا،
سيبقى حبنا،
إلى الأبد في صحة ممتازة.
علي مطر
_4_
الحب في هافانا( إلى سين)
الرقص في شوارع هافانا
ألغاز وأرواح وقصص مروية بالاجساد.
إيقاع الليل الكاريبي الدافئ
والنجوم تشارك ك crazy lights
سين، ها أنت ترقصين كغجرية
تعلقين في كتفك جعبة الإلهام
التي عبأتها من غموض الأعماق
وفي عنقك عقد يحفظ قصائدك
هذا أنا، عقد يحفظ قصائدك.
أنظر إلى ضحكتك الرقيقة
فيما ليالي هافانا الحارة تعكس جاذبيتك
أنا حبك الحقيقي الذي يجوب في بيروت
يتحدث عنك: حبيبتي تنسج في قصائدها
حكايات الزمان والمكان.
نحن مفصولان _ مقيدان برغبة الالتحام
حبنا موقد والشوق زيت
أنت تعرفين قصائدي عن كثب
أرسم فيها روحك كآية
استعيد سوناتات العشق
لارسم روحي قرب روحك .
لنرقص معا رغم آلاف الأميال
لم يعد في بيروت مرفأ
بيروت الآن ليست قديمة ولا حديثة
مع ذلك أكتب لك قصائد الحب
وارقص.
تناقش أصابعي بعضها
من سيلمس حضورك أولا
يداي متفقتان على حملك في لحظة واحدة
لساني وحيدا سيلحس ما علق على جسمك
من ملح هافانا .
يلعب القدر ما يشبه الرثاء الحلو والمر
أقول له: لا دخل لك بين الهواء وجسم سين.
ثم، دع القصائد وشأنها
تشكل أرواحنا كي تعبر الحدود
في شوارع هافانا ترقصين حولي
تمنحين النعمة لوردة الرقص
نزت الكيمياء من أحلامنا وقصائدنا
نزت أحلامنا وقصائدنا من الكيمياء
ليست المحيطات سوى برك صغيرة
إذ يقرر حبنا الأبدي السباحة
يا ألباب ليالي هافانا
افصحي عن شغفنا بأبيات واغنيات
كي يسكر القدر ويغدو صديقا.
الشاعر علي مطر