” السبت الثقافي ” في ميزان الزمان مع الكاتبة والاعلامية دلال قنديل :
“معنى الحياة” آلان دو بوتون يرشدنا الى درب بيكاسو بتوليد المغزى من الفكرة .
-×-×-×-×-
معنى الحياة
يستلهم كتاب “معنى الحياة”من يومياتنا البسيطة قواعد لتحسين مغزى العيش،يسرد أمثلة يومية لتتبلور الافكار.كيف نخفق ، كيف نتواصل وكيف نعمل ، لنصل ألى النقطة الجوهرية:افكارنا عن كيفية التعامل مع تلك التفاصيل تمثل فلسفة الحياة.
غلاف أنيق ،تزينه لوحة بيكاسو لقرني الثور الشهيرة، كتاب عالم الاجتماع الكاتب الفرنسي العالمي آلان دي بوتون يضاف الى نظرياته المهمومة بتعميق معرفتنا بذواتنا لتحسين مستوى تواصلنا مع الآخر والمحيط.
“عام ١٩٤٢، فكك بيكاسو دراجة قديمة ،ثم جمع مقودهاومقعدها معاً كي ينتج ما يشبه رأس ثور.يصعب ألا يجد المرء نفسه مسحوراً بهذا.”
يطرق الكاتب كعادته أبواب مواضيع تبدو مسطحة وبسيطة لكنها شائكة كالحب والزواج وتكوين الأسرة والعلاقة بالأصدقاء وصولاً لتعميق التأمل والخروج بخلاصات.
“نستعين بالقلق الايجابي الضروري المنبثق من الإقرار بأن فرصاً كثيرة لا تزال أمامنا وبأن الوضع الراهن لا بد من تغييره.”
ويستنتج الكاتب ” كلماازددنا تفكيراً كلما صار أسهل علينا أن نعطي مخاوفنا وآمالنا وما يثير نفورنا أسماء واضحة.نصير أقل ذعراً من محتويات عقولنا.نحس قدراً أكبر من الهدؤ، يصير توجهنا أكثر وضوحاً وأقل غرابة.ندرك كم نحن معتمدون-ربما من غير أن نعرف هذا-على اللجؤ الى الفلسفة، أي على السعي الى المعرفة الدقيقة الواضحة القابلة لأن نتعامل معها.”
يقول في خلاصات الفصل الثاني:”ينبغي أن تكون لدينا جرأة على خلق بيئاتنا الاجتماعية المناسبة لنا كي نحرر أنفسنا مما لدى جيراننا من تصورات تخنقنا وتضع لنا حدوداً ضيقة.”
غلاف الكتاب
الكتاب الصادر ضمن مجموعة “مدرسة الحياة” بالشراكة مع “دار التنوير ” يندرج تحت فصلين:منابع الحياة وعقبات تعترض المعنى.
في الفصل الاول يستفيض الكاتب في تأمل اليوميات وتفكيكها لمنحها المغزى الابعد مما تبدو عليه.يتطرق للحب والأسرة والعمل والصداقة والثفافة والسياسة والطبيعة وأخيراً الفلسفة.
أما في الفصل الثاني فينطلق من غموض فهم الذات الى النزعة المحلية وإنكار الذات ومشكلة ” أخلاقية”وصولاً الى فن السرد.
“قدنكون مدركين أن لدينا تجارب ذات معنى حقيقي، لكننا نفتقر الى القدرة على التدقيق فيها تدقيقاً صارماً كي نحدد أصولها وطبائعها.”
وفي فصل آخر يحلل دوافع هذا الإحجام وكأننا نخشى كسر طوق الأحكام الاجتماعية.
“هناك سبب آخر لإحجامنا عن فعل الاشياء التي تعطي معنى ألا وهو أنها قد تبدو غريبة، نعرف أنها قيمة،لكننا نخشى أن نظهر كما لو أننا غريبو الأطوار إن فعلناها.”وبهذا المنحى يأخذنا الكاتب نحو تجذير مواقفنا من فهم الجماعة الى خلق مبادىء العيش وحرية الخيار حتى لو كان تحدياً للسائد .
في الشق الأخير هذا كأن النماذج الذي قدمها على مدى الصفحات السابقة في تأويل يومياتنا اصبحت ذات مغزى ، يُستلهم منه لبلورة الأنا المستقلة.”ليس لنا أن نبالغ كثيراً في هجران فكرة التلاؤم مع محيطنا،لكن علينا أن نفكر ملياً من اجل تحديد من نحب أن نتلاءم معهم”.
تلك اللغة الاستدلالية المبسطة لمغزى فلسفة الحياة ، على جري عادة آلان دو بوتون تهز البنيان الجامد، المغلق للفلسفة.
“إن الافتقار الى النوع الصحيح من الأنانية قادر على تحويلنا الى أشخاص منفّرين،وقادر على إنقاص فعاليتنا.”
لكن المتابع للكاتب لا يخفى عنه إلاستدراج المحكم لتلك الاستنتاجات كوصفة طبية تصلح لكل الأمراض. رغم معرفتنا بأن ذلك أشبه بالمعجزة ، نسير خلف تلك الاستنتاجات مشحونين بأمثلة مقنعة،مأخوذة من حيواتنا الحافلة بالاسئلة والغضب.بهذا المعنى هو أيضاً كتاب إستدلالي يبدأ من الخارج ويعيدنا الى الداخل ، الى تلك القوة الكامنة فينا للتغيير.
دلال قنديل
( إيطاليا )
الكاتبة والاعلامية دلال قنديل