حكايات ” سيف جدي وحماره”
(الجزء 4) : “بيع حمار جدي”
بقلم: د. بسّــــام بـلاّن
-×-×-×-×-
كنت صغيراً في السن عندما حضرت “صفقة” بيع جدي أبو خليل، رحمه الله، لحماره أجلّكم الله.
حمار جدي كان نزقاً و” نَقِزاً” جداً، فلم يركبه “الختيار” المسكين مرة الى كرم العنب إلاّ ورماه أرضاً مرة أو مرتين بحد أدنى على الطريق، ولولا أنه كان يمسك جيداً برسنه لتركه مع صناديق العنب أرضاً وهرب عائداً وحده الى البيت. وقد أخذت نصيبي من هذه الوقعات أكثر من مرة عندما كنت أركب مع جدي على الحمار.. وكان جدي يوسع حماره المتمرد ضرباً وشتماً ولكن دون جدوى.
المهم حضر لبيت جدي ثلاثة رجال يريد أحدهم شراء الحمار، بعد أن أعلن نيته بيعه. جدي كان مشهوداً له بالصدق، ولا يتحرك لسانه بغير الصدق حتى لو كلفه ذلك حياته، وكل من عرفه يعرف حجم الأثمان التي دفعها ثمناً لهذه الفضيلة دون أن يرف له جفن.
المهم، راح الرجل يساوم جدي على ثمن الحمار بعد أن أخرجه الى أرض الدار وتفحصه وطبطب على ظهره ورقبته وتفحص عينيه وأذنيه وأسنانه. طلب جدي وقتها ثلاث ليرات ثمناً له. وبتدخل الوسطاء وأهل الخير خفض نصف ليرة من سعره، ليقف عند الليرتين ونصف الليرة.
بعدها سأل الرجل جدي عن طباع حماره وان كانت لديه وصايا محددة للتعامل معه، فقال: يعلم الله إنه حمار قوي وخاصة في الحراثة والحمل، ولكنه نزق جداً ونقز على الطريق، وإن لم تحكم السيطرة عليه سيوقعك أرضاً وقد يكسر ظهرك أو رأسك. كما أن صوته عالٍ جداً، ولا يتذكر على النهيق إلاّ ليلاً، فيوقظنا من عز النوم. لذلك يجب أن تكون “الباكية-الاسطبل” بعيدة عن مكان نومكم. وأخيراً لا يقبل أبداً أن يشاركه أحد على معلف التبن، وإن حصل سيتحوّل الى ثور هائج يحطم كل شيء يقع في طريقه.
نظر اليه الرجل وقال: كل هذه الصفات بهذا الحمار.
رد جدي: إيه نعم. ولكن عالفلاحة والشيل يا نعمك منه.
…..
قد يسأل سائل عن الهدف من هذه القصة؟ وأقول: لأنني قررت البدء بممارسة الديموقراطية، اختر أيها القارئ العزيز أنت المناسبة والهدف، وأجزم بأنك ستجد اسقاطاً لها أو ما يشبهها في السياسة والاقتصاد، والحياة العامة وربما الخاصة، والعمل وفي الشارع، في صفوف الأنظمة وجحافل المعارضات..
أما من ناحيتي فأعرف جيداً لماذا أرويها وأكتبها
الكاتب د. بسّام بلّان
.