لَيتَني أعلَم …
تنهّدَت تنهيدَةً انبعَثَت من أعماقِ رئتيها ، تنهيدةٌ تحرِقُ بُرودَةَ الجَليد وتُدفيء قلوباً استعمَرَها الصّقيعُ وهي على قيدِ الحياة …
تنهيدةٌ عطشى لِنُقطَةِ ماء في وسطِ الصّحراء …
هي اليوم حزينةٌ . وكأنّها قرّرت وَأدَ ذاتِها . أراها قد أحضرَتِ الوُرودَ لتُزيِّنَ قبرَها . أراها كمَن تجَرَّعَ كلَّ هُموم الدُّنيا وأحزانها …
كيف يُمكن لي أن أعوِّض حِرمان وقَهر سِنينِها الطَّويلة ؟ هل أُحضرُ لها هديّة ، قارورة عِطرها المُفضَّل ؟ لا ، لم تعد الهدايا تعنيها . هل أدعوها إلى الغداء وأُدلِّلُ الطِّفلة فيها ؟ لا ، فالطَّعامُ أصبح آخَر هُمومِها …
سألتُها بجزعٍ : ما بكِ ؟ هل أصابكِ شيء ؟
أطرَقَت بِحُزنٍ وأسىً عظيمَين دونَ حراكٍ ، ثمَّ تنهَّدَت من جديدٍ قائلةً : لا عليكِ ، لا تأبهي لِأسايَ وحُزني .. كوني بِخَير ، فقَط …
تساءلتُ بَيني وبَيني إن كنتُ قد سبَّبت لها أذىً بسؤالٍ ، أو بتلميحٍ ، أو بملاحظةٍ ما …
وكأن الرؤيا انجَلَت أمامي ورأيت فيها ..
” الأنثى ” ..
ذاك المخلوق المُرهَف ذات الجسَدِ الجميل المليء بالأحاسيس …
ألم تلُمني يوماً لأنّني أنا من يَستحوِذُ على الشُّعور ؟ بالطّبع ! .. ربَّما !..
هل يكونُ هذا سبب حُزنِها ؟ وإلا لماذا كل هذا الإنطواء الذي تخطّى حُدودَ الأسى وصار اكتئاباً حادّاً ؟…
أعلم أنها لن تُجيبني إن سألتُها …
كانت ممدَّدة على السّرير .. عينان ساهِمتان بارِدتان كالزُّجاج ، يكاد جفنها لا يرِفّ وكأنّها في غيبوبةٍ منذُ زمنٍ طويل …
أسرعتُ نحوَها ، جلستُ قُربَها ، أمسكتُ يدَها ، قبّلتها على خدَّيها ، ثمّ ضغطّتُ برِفقٍ على ذِراعيها …
رفَعَتُ خِصلةً من شعرِها كانت تتدلّى على جبينِها . كانت رائحتُها جميلة بشكلٍ مدهِش وكأنّ جسدَها كان في فِردَوسٍ ما يغمُرُه عِطرُ الجنّة .
لكِنَّها لم تُحرِّك ساكِناً …
احتِرتُ في تفسيرِ ما يجري .. لم يكُنِ الأمرُ مألوفاً أو عادِيّاً ، لكنَّه لم يكن مُزعِجاً أيضاً . فقد بدأتُ أستَسيغُ عدَمَ وُجودِها ..
ولكن ، هل تقبّلَت هِيَ عدَمَ وُجودي ؟ …
هل أطلُبُ مُساعدة مختَّصٍّ ما ، ” طبيب ” ؟ … ماذا أقولُ له ؟ يائي مريضةٌ ؟ حَواسُها لا تستَجيب ؟
يا الله !!! … ماذا أفعل !!! …
ليتَني أعلم …
* جمانة السبلاني *
احببت ما قرأت
واصبحت متلهفة لقراءة الجزء ٢٠
روعة الكلام❤
عزيزتي رنا ناصر الدين . يسعدني جدا مرورك الراقي . من الأعماق ألف شكر لك ❤❤❤
لقلبك روحك السعادة الاطمئنينة كلام شجي بنظم جميل احسنت
كلامك ومرورك الغالية ليلى عباس لا يقل شجناً ولا روعةً أبداً ،
من أعماق الأعماق ، شكرا لكِ لزيارة الموقع وللقراءة الرائعة ❤❤❤
وردني هذا التعليق من الصديق حامد الشماميس من سوريا والذي كعادته يُغني أناي ويزيدها ثراء …
” الفصل الأجمل من خلافكما…
لكني أزعم بأنكما استعجلتما الوصول لهذا الفصل الدرامي يا صديقتاي…
حاولي إشعال جذوة الحياة في محركات قلبها… بطريقة ما وكلي ثقة بأن لديك مايجترح حلا” لذلك…
أعيدي محاولة استدراجها من خاصرة ما… من زاوية ما… من برعم نام في سويداء شبابها…. أنت الوحيدة التي تعلم كل خفاياها…
لربما هي أكثر شبابا” منك…!!!؟؟؟
لربما هي أكثر طفولة منك…!!!؟؟؟
دغدغي مراهقة ما في تلافيفها…
نهايتها هي نهايتك… تذكري ذلك جيدا”….
لاتسمحي لها بأن تشرد عن مفازات الحياة لأنها بعض ميادينك التي لانهاية لها…. آه…!!! لاتخذلي قلبها الذي هو قلبك…
كم جميل أن تعيدي حقنها بنسغ أنت فقط من تملكه… بإكسير من روحك….
لاتدعي اللامبالاة إذاء ما يعتريها لأنك ببساطة أنت التي ستكون الخاسر…
اغتنمي فصل الربيع.؟ فصل الحياة من جديد…
كي لانشهد تراجيديا مبكرة لكليكما…
مع تحياتي…
وهكذا جاء ردّي بما تيسّر لي من كلام ربما يضاهي رِفعة ذائقته الأدبية …
” حامد الشماميس
صديقي وكأنك تعلم الغيب ، وكأنك تسلك دهاليز أناي وأنت مُغمض العينين …
أنا بالفعل أعلم كل خفاياها لذلك ما زلت صابرة على ما يصدر منها من وقتٍ لآخر ، بالرغم من أنها تتعبني أحياناً ، لكن لا مفرّ من التّعاطي معها كنَفسي و ذاتي وإيجاد مخرجٍ ما لا يجعلنا نخسر بعضنا البعض …
من الأعماق صديقي ، أشكر لك حسن المتابعة ورِفعة ذائقتك الأدبية التي تسلِّط الضوء دائماً على التفاصيل الأهم …
تحياتي والورد 🌹🌹🌹
ياؤك هذه كم تتسع لأبجديات…ولضمائر مستترة…ياء جريئة تفتتح أبجدية في الفراغ…وتحرث البحر لتزرع لوتس الضوء…حرفك شهيّ جمانة..شهيّ
قراءتك صديقي الاأستاء زياد عقيقي تفتح آفاقاً وتُشَرِّعُ أبواباً تنتظرها أناي من قُرّائها وبشغف …
دخولك أناي ووضع بصمتك هنا لعَمري أمرٌ عظيمٌ وعظيمٌ جداً ..
من الأعماق تحياتي والورد 🌹🌹🌹
مخنوقة هي
رؤيتها مضطربة ، مشوشة
تقف على حد سيف
يشطرها
بين موت و حياة
بين ألم فظيع و أمل خافت
كوني بقربها
فكلماتك كف حانية
تزيل الغشاوة من على عينيها
تضغط على صدرها كي تستوي أنفاسها
كفك
تجذبها من عمق الألم لرحابة الأمل
واصلي .. ستصلي