التجربة الشعرية للشاعر حكمت الحاج: تشابكات تصويرية من هنا الغربة إلى هناك الوطن
بقلم : الكاتب والشاعر المخرج حميد عقبي
-×-×-×-×
قليلة جداً ونادرة هي الدراسات النقدية التي تناولت التجربة الشعرية للشاعر العراقي حكمت الحاج، الذي غادر العراق منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، وتقاذفته البلدان إلى أن استقر في السويد. غادر حكمت الحاج بلده وهو شاعر وناقد وصحفي وصاحب إصدارات ومساهمات ثقافية ونقدية، أي أن تجربته الشعرية والنقدية قد تكونت واتضحت ملامحها ومنتجه الشعري قبل وبعد المهجر، يحتاج لدراسة مستقلة ومعمقة. وبالتأكيد فإن للمهجر والغربة تأثيرات كبيرة ومهمة في نتاج أي مبدع وفنان. هنا في هذه التأملات سوف أتناول بعض النماذج المأخوذة من ديوانه الأحدث “سفينة الحيارى”، الصادر أواخر العام 2022 عن سلسلة “كتاب كناية”، بالاشتراك مع دار “لازورد” ببغداد.
لنتأمل قصيدة “سفينة الحيارى” التي أعطت الديوان عنوانه:
“أخيراً،
اللون هو اللازود
والزبرجد سواد العيون
شاخصة نحو السماء
سوداء مثل شرارة ذهبية
لقد اخترت طريقي
وها أنا ذا أخطو
منذ البداية غارقا في التمارين
كاتبا كل الليالي
صامتا مثل منفى
واضحا مثل حيلة
كم كتب الصمت
كم هجرت الغابة
كم ركبت سفينة الحيارى
كم نشدت السعادة في الوضوح!
لكني الآن أعرف ما أريد
سأخطو فوق الأرض
سأمضي إليك
وليكن فرحي دائما
وليكن موتي انتصارا”.
لو تأملنا هذه القصيدة، قد نشعر بهذه التشابكات فيها وفي أغلب قصائده، وهذه التشابكات بين هنا المهجر والغربة والمنفى، وبين هناك الوطن والأصول والمنبع، يتغنى ويتغزل الشاعر بمعشوقته، وهي ربما أيضاً دلالة تعود إلى الأرض، وربما يتحاشى الشاعر أن يعطينا المفاتيح كلها للفهم وكأنه يميل إلى أن يحتفظ بعالمه الخاص ومكنوناته. تغلب الصبغة المسرحية على نصوص حكمت الحاج، وشخصياً أتخيل قصائد هذا الديوان كهذيان على الركح حيث تتوفر الكثير من الإشارات المسرحية. ولا ننسى إن الشاعر الحاج هو بالأساس مؤلف مسرحي.
الشاعر حكمت الحاج
لسنا مع تجربة شعرية جديدة ولا مبتدئة، نحن هنا مع تجربة شعرية أصيلة بدأت من نهاية السبعينات ونضجت في الثمانينات في زمن النشر الورقي والمجلات الأدبية الرصينة. وقدم حكمت الحاج، عبر مسيرته أحد عشر ديواناً، تقريباً أغلبها أصبح متاحاً للتصفح المجاني على الإنترنت، من ضمنها مثلاً ديوانه بعنوان “مع المجانين في مزرعة النثر.. شهادات نصوص وأشعار”، والصادر بالإشتراك بين دار مومنت للكتب والنشر، وقروب مجانين قصيدة النثر، الذي يشرف عليه الشاعر المصري محمد نصر.
إذن، توجد الكثير من المنافذ للإطلاع على هذه التجربة الشعرية وإعادة قراءتها وتأملها. وأعتقد أنها مادة خصبة للدراسة والبحث ليس فقطاً عن المنفى والمهجر والغربة. ويمكننا أن نلمس أن الشاعر حكمت الحاج من النوعية التي تبتعد عن الشكوى ومناداة الآخرين للتعاطف معه حتى وهو في أشد المحن، مترحلا من مدينة إلى مدينة، ومن بلد إلى بلد.
يبدو أن الشعر بالنسبة إلية ممارسة ونشاط فكري وروحي، متعة ذاتية خاصة ووجدانية ولغوية، لذلك لم يطلب عليها الشكر والنقد والتمجيد. وحتى عندما نسأله عن نفسه، فهو يرد بثقة وتواضع بأنها تجربته الشخصية، وإنه يحبها كما هي، ولا يسعى لحصد الجوائز والتكريمات ولا التزاحم في طابور طلبات الدعوات من المهرجانات، وهو يشارك برحابة صدر إذا كان مقتنعاً بأصالة المهرجان أو الفعالية. ويبدو أنه راض جداً عن تجربته والتي يغذيها دوما بدواين جديدة متحاشياً النشر الفايسبوكي اليومي أو حتى الأسبوعي أو الموسمي، وهذا خياره الشخصي، ولا يتدخل في خيارات الآخرين وطريقة نشرهم.
سنجد في النموذج اعلاه، أي قصيدة “سفينة الحيارى”، والكثير من النماذج الأخرى، أن الشاعر قد يبني رمزاً أو دلالة ثم يشوش عليها. ففي بداية القصيدة يرسم مجموعة من الألوان البراقة قد ترسمها مخيلتنا مثلا الأزرق السماوي اللازوردي والأخضر الساحر الزبرجدي والسماء بما تحتضنه من الأضواء والألوان، ثم يتمرد فتأتي (سوداء مثل شرارة ذهبية) فنتوقف وقد يحتار بعضنا ويسأل عن أسباب هذا التلاعب ومقاصد الشاعر، هل ثمة حذف؟ هل ثمة إخفاء؟ أهو الهدم المتعمد للانسيابات الصورية والتي بدأت تندلق في شكلٍ يتسم بالبهجة والسلاسة؟ ان الانسيابات المنطقية في أي نشاط فني وخاصة الشعر والسينما قد تؤدي لفسادها الفني حتى وإن كانت منطقية جميلة وتحوز التصفيق لآنها تفقد شعريتها، وهذا ما يراه جان كوكتو ويحذر منه، التصفيق وترضية المتلقي ليست من شروط الشعر ولا الفن ولا تعني الجمال العميق. ويظهر أن حكمت الحاج يتقارب في منهجية بنية القصيدة لديه من جان كوكتو.
لا يميل الحاج إلى البكاء والتباكي وتحديد موقعه الجغرافي. فقد يكون في لندن أو ستوكهولم أو في تونس، ولكنه يصور لنا مشاهد سفر وترحال ومشاهدات، وقد يذهب أبعد من ذلك ليصور مثلا مدينة “الموصل” بالعراق، بتفاصيل دقيقة، كما في قصيدته “يونس: أحد عشرّ عاماً لستَّ فيها”، حتى أننا في هذه القصيدة نلمس أماكن وشخصيات ذات قداسة خاصة لعدد كبير من الناس والأمم، وهو يسلم عليهم جميعاً، على مدينته وأبوابها، زقاقها وشوارعها وأنبيائها وما إلى ذلك من معالم ورموز وتشابكات واقعية وماضوية. وقد يقفز بنا إلى لقطة ليكسر الهدير الممتع ويوقفه ليتأمل لقطة قريبة جداً لبعض الأشياء البسيطة والغير مشهورة وقد لا تكون مرئية. فمثلاً يقول في هذه القصيدة:
“سلامّ على أحلامنا تمشي كما زالت
تراود الفتيات في شارع النجفي”..
نعلم أن شارع النجفي هو قلب مدينة الموصل النشيط، وخاصة بالكتب والقرطاسيات، كأن أحلاماً كثيرة في هذا المكان وهي تسعى للتحرر والمشي وقد سئمت المكوث والتخزين بين دفات الكتب والصدور. وهنا الفتيات ربما الصورة والمشهد فهمته أن الشاعر ورفاقه ربما أصبحوا لا يريدون أن يودعوا همسهم والأماني في صدر شعراء أو حتى شاعرات وهم يبحثون عن ما هو غير مرئي، خوفا من أن تُغتال أو تشوه هذه الأحلام، هنا مجرد فتيات عاديات وربما هن هنا للتنزه وليس لصيد الأحلام، تتفجر الدرامية واللامعقول بصورة بديعة في هذه التشابكات وتفي الأسطرة لما هو ليس أسطورياً، بظني أن القداسة هنا هي للإنسان بغض النظر إن كان مجرد شخصاً فقيراً من الزياتين أو نبياً. كانت هذه القصيدة في رثاء صديقه كاتب القصة القصيرة يونس أحمد بيرموس، وهنا الدهشة أن روح الصديق كأنها تُظل هذه الأمكنة برحابتها وضيق أزقتها وروائحها الإنسانية، تدفقات مشهدية مسرحية ديناميكية في ذهاب واياب، تشابكات الحياة والموت. ها خو يناديه قائلا:
“آه يا يونس
متى تعود من الجبهة
وفي جيبكَ قصّتكَ الأخيرة”..
يكتب حكمت الحاج قصيدته كإنسان وليس كحكمت الحاج الناقد والمترجم، وكأننا في كل مقطع وقصيدة نستكشف جزئية ما، ولكنه لا يتفاوض معنا لمزيد من الاستكشافات. مثلاً، وأنا أقرأ هذه القصيدة، تخيلته يحكي عن يونس النبي، ذلك الإنسان الذي وقع في محنة صعبة. بعد ذلك قرأت التنويه في الهامش، ولم يتبدل لدي الشعور ولم يتعارض مع ما أحسسته كمتذوق. فهذا الصديق يستحق كل القداسة وكذلك كل الأماكن حتى الأماكن البسيطة جداً فهي هنا روائح من محنة وأحلام ساكنيها وخاصة أن مدينة الموصل قد تعرضت إلى أصعب محنة إنسانية مرعبة كادت أن تمحيها من الوجود وتشوه روحها المتنوعة والمتسامحة مع الآخر، وكادت أن تودي بذلك التعايش الإنساني بسموه وروعته، بدهشته وسحره اللامحدود.
نهاية القصيدة تشبه الزفرة والزفير الداخلي. ثمة رعشة تصيبك كمتلقي، رجفة، ثم تتمنى ان لا تنتهي القصيدة. لنتأمل هذه المقطع:
“سلامٌ عليك يا يونسَ الكلمات
إن متًّ أو حتى كنتَ عشتَ
صوتكَ العابر دجلةَ بين ساحليه
يشبه الآذان ظهيرة الجمعةْ
يا قضيب البان رجّعْلي حبيبي
لنزع الفضة واعوف الزنكنة
فوا أسفي على إخوةٍ تساقينا معاً خـمرةَ
العيش الهنـيِّ فجرّدنا الزمانُ حمرةَ خدّه
فضعنا فصار الشقيق يبحث عن شقيق
فوق ذرى آشور بانيبال
عينٌ في دروب المنافي
وعينٌ مثل غريب
والقلبُ جنديٌّ خوافٌ
فلا تعجبنّ لـمَنْ ترك الأوطان
يرقد فيها يونس ولا يعمى
من الحزن عليه سلامٌ سلامْ”..
يونس هنا الحي الميت، المتكلم الصامت، المنفي المقيم، يونسَ الكلمات والقصيدة وكلمة من كلمات الله، الأخ ونديم الخمرة والذي جرده الزمان حمرة الخد، بكل أناقة وقداسة وحرقة كأننا مع جلجامش يرثي أنكيدو أو حكمت الحاج يعيد أنكيدو أو يعيد لك اللحظة، لحظة يرقد فيها أنكيدو، لحظة إنسانية نشعر بالضعف وتكثر الأسئلة في أذهاننا في لحظات الفراق وفقدان الأصدقاء والأمكنة والأوطان.
أعلم جيداً أن حكمت الحاج لا يميل للتصنيفات ولا المناسباتية لقول الشعر وربما يراها تتعارض مع جوهر الشعر وقد وردت وترد كلمة المنفى والبعد والغربة في عشرات القصائد وحتى تلك التي كتبها وهو في العراق وربما قد يرفض لو طلبنا منه أن يختار لنا نماذج من شعره عن المنفى وسيرفض لو سألناه تحليلاً لنص من نصوصه وكأنه يؤمن بأن الشاعر يرسم ويصور وتنتهي مهمته وربما قدم قراءة لبعض نصوصه ولكنه قد يتضايق من تحليلات نقدية عابرة ولا أعتقد أنه يكره أو يمانع في تناول قصائده ضمن دراسة نقدية أو حتى تأملات واعية أو إعادة قراءة منتجه بأسلوب فني مسرحي أو تشكيلي وقد يظل متفرجاً دون أن يقود أي تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على الناقد أو المتأمل لإبداعه وقد لا يصفق ولو تصفيقاً خافتاً.
غلاف ديوان للشاعر حكمت الحاج
تأسست تجربة حكمت الحاج على مضامين فكرية وفلسفية مستقلة دون التأثر بالمغريات والمتغيرات السياسية والثقافية العراقية والعربية ولم يمتطي الموجات المصلحية لكسب شهرة أو تكريم أو منصب ويحافظ على استقلاليته وكأنه يؤسس منهجه الشعري والنقدي الخاص والمستقل وكذلك المختلف عن المألوف. وهنا يمكن تلمس جماليات خاصة في قاموسه اللغوي الشعري حيث يبدي اهتمامات واضحة باللامرئي والأشياء الصغيرة المتناثرة في واقعنا ويجعل منها ادوات وجدانية ويضفي عليها الكثير من الجماليات وكأنه يصورها بعين فنان ومسرحي. ويمكننا أن نتأمل قصيدته (خذي ما تشائين) والتي تزخر بلقطات يمكن أن تكون من الذاكرة الطفولية ومن هناك البعيد ومن رحلات المنافي وكذلك من دواخل الشاعر ومن أحلامه وكوابيسه. إليكم بعض اللقطات من القصيدة:
“خذي ما تشائين مني
في أمسية العذاب هذه
كلَّ ما تشائينَ خذي
حبلَ الغسيلِ وما دونهُ
خذي شقفةَ الصابون
والماءَ الـمُـغَلَّى
والفناجينَ
وكأسَ الشرابِ
خذي الشرابَ نفسَهُ
تاريخَ صنعهِ
لونَ أطيافهِ
كَـرْمَهُ والدّاليةْ”.
هنا كل صورة هي فعل تجريبي، تتولد الدلالات والرموز بتجاور الصور وتقاربها وتشابكها، كما أن فصل وتأمل كل صورة أيضاً قد يعطينا دلالات مستقلة تثير تخيلنا (حبلَ الغسيلِ، شقفةَ الصابون، الماءَ الـمُـغَلَّى، الفناجينَ، كأسَ الشرابِ) ثم ينقلب إلى البعيد وإلى الذات والدواخل خذي (الشرابَ نفسَهُ/ تاريخَ صنعهِ/ لونَ أطيافهِ/ كَـرْمَهُ/ والدّاليةْ).
الدّاليةْ قد تكون الناعورة أو شجرة الكرم وقد تكون ذات وأعماق الشاعر، يتحاشى حكمت الحاج التأطيرات المحدودة وينفتح إلى البعيد اللأمحدود، وتترواح مستويات الصوت بين الهمس والهمس فلا يزعق ولا يصرخ، يخلق الألم الجماعي ولا يسخر القصيدة لتصوير ألمه الشخصي الخاص ليثير الانتباه إليه.
نكمل قراءة هذا النموذج البديع:
“خُذي أعماقَ الخابيةْ
خذي مرايا المكانِ
انعكاساتِ مَنْ مَرّوا بها
وضحكاتِ المحبينَ
خذي الدفاترَ والكتبْ
واللوحاتِ المعلقةِ
وألوانَ الضياعِ والتعبْ
وشهوةَ الباستيل والتربنتينَ
خذي العنبَ
خذي الثلاجةَ والبرادَ
وشايَ الكوجرات
وطعمَ الهيلِ
وأعشابَ المساءِ
ونباتاتِ الظلِّ
وعلبةَ الفلفلِ الأسودِ
والبهارِ العراقيِّ
والنظاراتِ
وصبغ الأحذية
والمزهرية
ودليلَ الحضاراتِ
وقاموس الموردِ
وصحاح الجوهري
خذي الليلَ
فلا ينفعُ
خذي كلَّ ما لا ينفعُ
خذي الدارَ من دارها
خذيها كلَّها
بساكنيها
من الأحبة والصحابِ
بالتفاصيل الصغيرة
مِن أكرةِ الباب
حتى مرسم العذاب
إلى ستارة القلقْ
خذي الشفقْ
فلا نفعَ فيهِ
مثلَ عينٍ في الضبابِ
مثلَ عاشقٍ أعمى
مثلَ أغنيتي
خذي أغنيتي
ميزانـَها والكلماتِ
إيقاعاتها
وضربَ طبولها
مثلَ رقصةٍ في وكرِ الذئابِ
خذي المساحاتِ
من أعلى الشبابيكِ
نحو الحديقةِ
إلى مخزن الحاويات
إلى البابِ
خذي كلّ ما تشائينَ مني
ولتكن أحاديثَ العابرين
من أيامِ الشباب
خذي كل ما تشائين مني
في أمسية العذاب هذه
واتركي لي
قهوتي وكتابي”.
يقرأ حكمت الحاج الألم الإنساني ويعيد أسطرته. يتقلب الشيء أو الأداة وكأنها قذائف من أحلام وذاكرة المنفيين في المنافي أو الباحثين عن منفى أو حتى اولئك الذين في أوطانهم المنفية من اهتمامات العدالة الإنسانية، ليس بالضرورة أن يصرح الشاعر ويكرر كلمة منفى أو مهجر أو حتى وطن لنشعر بألمه وتشظيه. هذه الأدوات تتشكل وتزخر بروح وجدانية من الأعماق ومرايا المكانية وانعكاساتها. يخوض الشاعر رحلته في الدهاليز الميتافيزيقية برعبها وكأنها يعود ولا يتذكر ما حدث، يرى الأشياء برؤية المسحور الحالم، يحاول أن يجمع شتات الذات والروح المرهقة ولعله في الأخير يطالب الحبيبة أن تبقي له ولو بعض الأشياء المنبهة: (واتركي لي قهوتي وكتابي).. تخلى عن الكأس والشرابَ نفسَهُ والكَـرْمَة بكل مذاقاتها والوانها وروائحها وحتى جغرافيتها أو ربما ليس التخلي بل يريدها أن تشاركه هذه العوالم بسحرها وقداستها والدعوة أيضاً موجهة إلينا لنعبر معه من المادي إلى الروحي، من الواقع السطحي المرئي إلى عوالم لا تحدها تضاريس ولا جغرافيا، عالم الدهشة والسحر.
الكاتب والمخرج حميد عقبي