سلسلة انعكاس – حلقة 12/ الأخيرة ( خاص ل ميزان الزمان )
بقلم : د. لارا ملّاك
هوس الفرار – Drapetomania
د. لارا ملاك
-×-×-×-×-
الهروب
جسدٌ تكوّر على جسد
هذا الشّعر فتًى أسمر
بل أنثى بثديين أسودين
والطّريقُ ثديٌ نهرٌ..
حرّرتُ ساقي الأولى ساقيةً ثانيةً
حين أرخيتُ ساقًا على المجهول..
حين أحسستُ بحاجبيّ
بعقدة التقائهما عند حافّة المعنى
مغلقَين على الأبد
مفتوحَين على وجهي
كأنّه جسدُك الآخر..
طفولة الأشياء أن نحميها من سقوطها الفجّ
أن نفرّ بها إلى البحر
هناك حيثُ السّقوط باطنيٌّ
حيث الملح ذكرٌ بالغٌ يشي بأنوثة الموجة
ببراءة السّمك من الهواء
بانفتاح اليد الحرّة من التّفاح
الماء هناك حرٌّ في رئتَي حوتٍ عتيقٍ
يجهل كيف نراه..
هناك لا زرعٌ
لا ركضٌ
لا خلاصٌ إلّا بالغرق القلقِ
هناك يفتح المرجان عينَه على رحيلنا
ولا يعلم أين كنّا
لا بنّ للمرجان
له صباحٌ خالصٌ
له نحن نعبر ليلًا على جلده..
والخدّ طريقٌ لملحٍ أكثر حريةً
وأقلّ شفقًا وحمرة..
والخدّ أثر الخطيئة
على ملحٍ جافّ..
أحبُّ فيّ ما أهدَرَه البقاءُ
ما شربتُه عبثًا
حتّى تلاشت عنّي القيود..
لي معصمان وديعان
لم أحرقهما فداءَ الصّوتِ الوعدِ..
كأن يسخر عجوزٌ من عمره كاملًا
كاملًا إلى رحيل الضوء حرًّا
من ثنايا الدّخان
من علاقة الرّماد بالبهتان
كاملًا من صراخ الولادة
حتّى ألم اللّحاق بآخر وردة..
كاملًا بالفرار
كاملًا بنظّارتين اثنتين
وعينين مغمضتين..
كاملًا بفاكهة البوح
ورغبة الانتظار
وتعب المضيّ أو الوقوف وما بينهما..
كاملًا بفرار الأيدي قبل الأقدام
وفرار الأمنية قبل الأرض
وفرار الأسود قبل الأبيض من الألوان..
كاملًا بنقطةٍ هجرت النّصّ إلى نصٍّ آخر..
نصِّ القائلين إنّ المدى حرٌّ
نصّ الحقيبة الحرّة
والأزرار الحرّة
والمنزلَق الحرّ..
كاملٌ هذا القول حين نمضي..
نكملُه بفرادة المستحيل
وشفيفِ النّارِ القبلةِ
بفداحة الوصول
بنباهة الغيابِ
بجسارةِ المعنى..
-×-×-×-×-
الكاتبة والشاعرة د. لارا ملاك.
نص بغاية الروعة والجمال والابداع