ميزان الزمان
  • الصفحة الرئيسية
  • امسيات
  • قصائد
  • شهرياد الكلام
  • ومضات وأدب وجيز
  • حكاية و قصة
  • مسرح
  • للمساهمة في النشر اتصل بنا
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
ميزان الزمان
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
 
د. قصيّ الحسين يقرأ كمال جنبلاط في كتاب المؤلفين شادي منصور وعبد الحليم حمود الصادر حديثا عن ” زمكان “ 2025/05/21
طارق آل ناصر الدين ديوانا : قصائد ضاحكة ( الجزء الثاني ) … قراءة للكاتب د. قصيّ الحسين 2025/05/19
” مرايا القمر ” نصوص نثرية للكاتبة الكويتية عالية شعيب 2025/05/15
التالى
سابق

أماكن خاصة ( الحلقة 1 ) : ” المحجارة ” قصة قصيرة للكاتب د. قصيّ الحسين

أماكن خاصة ( الحلقة 1 ) : ” المحجارة ” قصة قصيرة للكاتب د. قصيّ الحسين
منصة: قصة قصيرة
29/03/2023

أماكن خاصة( الحلقة 1 ):
المحجارة

كنت دون العاشرة، حين رأت عيناي صورة المحجارة لأول مرة، و لم تتكرر من بعد. كنت أسمع قبل ذلك عنها في البيت. كنت أتعشق للتعرف عليها. فهي بعيدة ولا تصل إليها أقدام طفل صغير. كنت أكبر، ويكبر معي شغفي لرؤيتها. كانت الأحاديث عنها في البيت، تجعلني أتشهى أن أطير إليها كالعصفور. وأحط على شخروب قبالتها. أحط على صخرة قبالتها. أحط على حجر من حجارتها. أليست هي المحجارة بعينها. مقلع الحجارة.

جاءت المناسبة، وأنا في غاية الشوق لرؤيتها. حملت زوادة عظيمة، للعمال، وذهبت إليها. كان من عاداتنا أن يكون غداء العمال علينا.
إمتطيت حماري. وتدلت قربة الماء. وتدلت علب الطعام معا على الجانبين. وشق الحمار طريقه إلى المحجارة، وهو أدرى به مني. تركته يأخذ طريقه نفسه بنفسه، بعدما خرجنا من محيط القرية، وأخذنا طرف الطريق السالكة إليها.
طريق متعرجة بين الحوائط الضيقة، وفوق عبارات قنوات الماء. خوضنا في النهر. ثم سلكنا بين الوديان، وعلى حوافي التلال. نحاذي كتف الجبل الغربي من القرية.
طريق متعرجة، شقها الطليان للوصول إلى مركز تجمعهم في تلكلخ.

عبرنا جسر الطليان. أدهشني الجسر. أدهشتني رؤيته لأول مرة فوق النهر القادم من قريتنا. أدهشتني شجرة الدلب العظيمة فوقه. وجدت راعيا يستظلها والهواء الغربي القادم من مصب النهر في النهر الكبير يداعبها. لا يفتأ يمشط غصونها، ويسرح أوراقها، بإستمرار. تمهلنا فوق الجسر: حماري الصغير، وأنا. حادثني الراعي. كان يعرفنا ويعرف المحجارة. كان يلاطفني، لأنني أحمل طعام الغداء للعمال في المحجارة.

عدت بعد تأن فإستأنفت الطريق. كانت مرصوفة بالحجارة. لم يتسن للطليان أن يفرشوها بالإسفلت، قبل أن يرحلوا عنها. هاجمتهم الحرب. نسوها. فخرجوا وتركوها وراءهم لنا.

كنت تحت الشنبوق الذي يطل على المحجارة، حين رأيت بساطا أبيض، على إمتداد نظري. دهشت حقا. صرخت في قلبي ما هذا. هل رمت عليها جميع عرائس الأرض شرشفها الأبيض، وإنسحبت قبل قدومي إليها، بقليل.

كانت المحجارة مغروسة بشجيرات القطن. لأول مرة أنظر إلى الأرض البيضاء، عروسا تسحب خلفها فستان عرسها. وأما الهضبات المحيطة بها، فقد سرحت فيها النعاج والماعز والأبقار. كان منها ما يستظل الشجيرات والشنابيق المهملة. وكان منها ما يتابع رعي القشرة الخضراء. وكان منها أيضا، ما يعب الماء، من الجدول الرقراق فوقها.

قطعة من الجنان حقا، وقعت في قلبي تلك الزيارة، التي فاجأت بهاالعمال، وهم يهتمون بشجيرات القطن. يجمعون منها أجراسها البيضاء المتفتحة. ويعبئونها بالسلال. يقطفون القطن، كأنهم رهبان وراهبات الحقل، حتى يحافظوا على البياض. على النصاعة.

هب الأهل من بيتنا لنجدة العمال في حقل القطن عندنا. أنجدتهم بجرة الماء العذب. وبسلة الطعام: خبز الذرة من التنور في دارنا. البيض المسلوق. والبيض المقلي. وكاسات اللبن. وعلبة الفاصوليا الحمراء والبيضاء، والأرز والبرغل. والتفاح الأخضر. وخصلات العنب والنعناع والزوباع وباقة البصل الأخضر. بالإضافة إلى إبريق الشاي الذي لا أنسى الفنجان منه. ذلك الذي قدمه أحدهم إلي. وظل لونه الأحمر الغامق في ذاكرتي. كما طعمه من السكر.

أخذوا مني حماري. أراحوه من أثقاله. وأطلقوه حرا على التلال المجاورة بين القطعان التي كان يألفها. أما أنا، فكنت أحصي شجيرات القطن. أعدها كطفل أمام الأستاذ في المدرسة، يخشى أن يخطئ في العد. غير أنني توقفت عن العد فجأة، لأن الشجيرات كانت مساكب مساكب، عظيمة للغاية. تحتاج إلى كل تلاميذ المدرسة. وربما قصروا جميعهم مثلي، عن العد.

مشهد المحجارة البيضاء، كان مثل عروس إتخذت ثوبها من شجيرات القطن، وحولها التلال الخضراء، تسرح فيها القطعان والرعيان. وفيها كوكبة من العمال: مايزتهم نفسي، رجالا ونساء… أما أنا فكنت في الصفحة البيضاء. في كتاب الطبيعة. في دفتر الحقل. كنقطة على السطر.

د. قصي الحسين
أستاذ في الجامعة اللبنانية.

( خاص لموقع ” ميزان الزمان ” / جميع الحقوق محفوظة )

د. قصيّ الحسين

المقال السابق

ميشلين مبارك تقرأ الشاعر المغربي عبد العزيز أبو شيار في ” نحت فوق السحاب ” : يرفع الشعر من الأرض نحو السماء ..

المقالة القادمة

” أثير ” و ” شغفُ أنثى ” قصيدتان للشاعرة ميادة نبيه عوض

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انضموا إلى أصدقاء الموقع على فيسبوك :

ميزان الزمان

محتوى إعلاني:

ADVERTISEMENT

ذات صلةمقالات

” هلوسات الروبوت ” قصة قصيرة للكاتب د. قاسم قاسم
قصة قصيرة

” هلوسات الروبوت ” قصة قصيرة للكاتب د. قاسم قاسم

09/04/2025
” وِحشة الزمان . . ” قصة قصيرة للكاتب د. قاسم قاسم
قصة قصيرة

” وِحشة الزمان . . ” قصة قصيرة للكاتب د. قاسم قاسم

18/04/2024
المحطة التالية(الجزء الثالث) من السلسلة القصصيّة للكاتبة نجاة الأغر
قصة قصيرة

المحطة التالية(الجزء الثالث) من السلسلة القصصيّة للكاتبة نجاة الأغر

15/06/2023
” المحطة التالية ” الجزء 2 من قصة سرديّة للكاتبة نجاة  الأغر
قصة قصيرة

” المحطة التالية ” الجزء 2 من قصة سرديّة للكاتبة نجاة الأغر

03/06/2023
” المحطة التالية .. ” الجزء الأول من قصة سردية للكاتبة نجاة الأغر
قصة قصيرة

” المحطة التالية .. ” الجزء الأول من قصة سردية للكاتبة نجاة الأغر

22/05/2023
أماكن عامة / الحلقة 3 / مع الكاتب الدكتور قصيّ الحسين : ( بمدرستي )
قصة قصيرة

أماكن عامة / الحلقة 3 / مع الكاتب الدكتور قصيّ الحسين : ( بمدرستي )

17/04/2023
المقالة القادمة
” أثير ” و ” شغفُ أنثى ” قصيدتان للشاعرة ميادة نبيه عوض

" أثير " و " شغفُ أنثى " قصيدتان للشاعرة ميادة نبيه عوض

لا نتيجة
عرض جميع النتائج
  • الصفحة الرئيسية
  • امسيات
  • قصائد
  • شهرياد الكلام
  • ومضات وأدب وجيز
  • حكاية و قصة
  • مسرح
  • للمساهمة في النشر اتصل بنا