وجهت رئيسة صالون السرايا للأدب والفنون والتراث الشاعرة ىسليمى السرايري رسالة الى الفنانه التشكيلية والكاتبة التونسية وفاء غربال خلال أمسية للصالون في مركز بئر الأحجار الثقافي في تونس المدينة , قالت فيها :
ا………………ا
اليَاسَمِينُ الأَسْوَدُ
ا………………ا
حِينَ أسْمَعُ صَوْتَك القَويَّ العَذْبَ وَأنت تنشدين القصائد ، أشْعُرُ أَنَّ عَلَى الأَرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ البَقاءَ . .
،أنت الفَنّانَةُ اَلَّتِي تَمْتَلِكُ ناصيَةَ الصَّوْتِ وَتَأْخُذُنا إِلَى تِلْكَ السَّماءِ البَعيدَةِ وَذَلِكَ الأُفُق الجَميل وَتِلْكَ الرُّؤَى وَذَلِكَ الفَرَح المَنْشود . . . الكاتِبَة اَلَّتِي أَوْجَعَتْهَا سِيَاطُ الحَياةِ والْحُبّ والْغُرْبَة والظُّلْمِ والظَّلامِ والتَّقاليدِ فَنَبْتَ اليَاسَمِينُِ الأَسْوَدُ فِي حَدائِقِها وَاعْشُوشِبَ اَلْزَعْتَرِ البَرّيِّ عَلَى شُرُفاتِها وَاتَّسَعَتْ مَسافاتُ الفَقْدِ العاطِفيِّ فِي ذَاتِهَا وَنَمَتْ مَسافاتٌ أُخْرَى فِي نَفْسِ الذّاتِ ، التَّناقُضُ ، الصِّراعُ ، المُعاناةُ ، الفَرَحُ اَلْهُروبُ إِلَى المُوسِيقَى ، الدِّراسَةُ الرَّقْصُ بَعِيدًا جَدااا فِي تِلْكَ الفَضَاءَاتِ اَلَّتِي خَلَقَتْهَا لِقَلَمِها فَشَارَكُتْهُ رَقْصَةُ الوَجَعِ ، تَمايُلُتْ مَعَهُ ، عَانَقتُهُ ، ضَمَّتْهُ عَمِيقًا إِلَى صَدْرِها . .
أنتِ الطِّفْلَةُ اَلَّتِي مَازَالَتْ تَحْمِلُ بَيْنَ يَدَيهَا قِطْعَةَ الشُّكُولَاطَة ، وَتَجْلِسُ مَعَ صَديقِها الطِّفْل عَلَى حَافَّةِ البَحْرِ . . .
كم انت صافية ودافئة وأنيقة…
الكاتبة وفاء غربال
لَمَحْتُك اليَوْمَ بَيْنَ دَفاتِرِي وَفِي كِتَابَاتِي وَفِي صَمْتِي وَفِي وَجَعِي وَفِي دُمُوعِي وَفِي مُعَانَاتِي وَفِي أَلَمِي وَفِي أَفْراحِي القَلِيلَةِ . . وَجَدْتُك عاريَةً فِي كِتابِك فَشَارَكَتْك ذَلِكَ العُرْي الجَميل ، تَعْريَتُ مِنْ كُلِّ هُمُومِي وَلَمْ أَعُدْ أَخْجَلُ مِنْ دُمُوعِي بَكَيُتْ عَالِيًا ، صَرَخُتُ ، كَسَرُتُ كُلَّ الأَشْياء اَلَّتِي تُؤَرِّقَنِي وَتَحَطُّمُ أَعْصَابِي ، الأَشْياءَ اَلَّتِي أَسْقَطهَا مِنْ ذَاكِرَتِي اَلْمُرَهَّقَةِ وَكَمْ حاوَلُتُ أَنْ أَكونَ مِثْلَك ، مُتَحَرِّرَةً مِنْ القُيودِ الدّاميَةِ وَمِن اَلْخَفافيشِ اَلَّتِي تَمْلَأُ الشَّوارِعَ والْعَقارِبُ اَلَّتِي تَتَرَبَّعُ عَلَى الأَفْواهِ وَتَبْتَسِمُ . . .
وَفاء، أيّها الطَّيْفُ اَلَّذِي لَمْ أَلْتَقيه ، وَلَمْ أُصافِحْهُ ، غَيْرَ أَنَّنِي عَرَفَتُهُ تَمَامًا وَحَفِظتُ مِنْ بَعيدِ طُقوسَهُ وَجُنونهُ وَطَيِّبَتهُ وَتَسامُحهُ وَعِنادهُ وَحَتَّى صَمْتهُ وَمَا أَخْفى فِي كُلِّ دَمْعَةٍ مِنْ دُموعِهِ ، وَكُلُّ آهٍ مِنْ آهَاتِهِ وَكُلُّ تَنْهيدَةٍ مِنْ تَنْهِيدَاتِهِ . . .
فأنت يا وَفاء ، الإِتْساعُ رَغْمَ ضِيقِ الحَياةِ ، التَّسامُح رَغْمَ الحِقْدِ ، الغِناء فِي زَمَنِ الغربانِ ، الجِمال فِي كَمّيَّةِ القُبْحِ اَلَّتِي تُصادِفُنا . . . حِينَ تَكْتُبين، تَرْقُصُ الكَائِنَاتُ ، وَحِينَ تُغْنين يُزْهَرُ القُرُنْفُلُ وَتَنْبُتُ سَنَابِلُ القَمْحِ بَيْنَ الصُّخورِ وَعَلَى قِمَمِ الجِبالِ . . .
هَا انِي هُنَا ، أُعانِقُ شُخوصَك فِي رِوايَتِك, “اليَاسَمِين الأَسْوَد” , وَمازِلْتْ أَغوَصُ فِي كُلِّ مَا يُشْبَهَنِي وَوَجَدْتُني فِيه . . .
يَاااه يَا وَفاء ، كَمْ أَحْتـــاجُ أَنْ أَبْكـــــي ……..
الشاعرة سليمى السرايري
الشاعرة سليمى السرايري