” ثم أعودُ بلمحةٍ .. “
( خواطر ) بقلم الكاتب : غيث بسّام بلاّن*
-×-×-×-×-
حروف منسية
إلى واقعٍ من الخيال.. بين سطورٍ من الحروفِ المنسية..
في أواخر خريفنا المفضل..
تحت زخات المطر..
السماءُ سمائي.. والأرضُ أرضي وأرضكِ.. والقمر لنا، ونجومنا في بحرنا.. وانتِ وانا..
أهرب
من قسوة الأيام..
من ظلم الآباء..
من نارٍ لا ألف دمعة خوف تطفيها.. من شمس حزيران بأرضِ قفرٍ.. من دخان الحربِ في وطنٍ بلا جدران:
أهرب..
إلى حضنٍ دافئ.. إلى بحرٍ هادئ -كعاشق ظامئ-.. إلى عينيكِ اللتين تخبئان شمساً شتويةً تشقّ وحشة الضباب ودماسةَ سماءِ تشرين.. إلى يديكِ.. بين ذراعيكِ..
أهرب وأحتمِ.
……
كانت تشبه دمشق
أذكُرُها جيّداً..
وأذكرُ تفاصيلاً كُنتُ أخالُ أنّها رُميتْ في زاوية النِّسيان
أذكرُ عَينيها.. ونظرةً تستبيحُ قتلي بنظرة
كلماتُها والصَّمت..
وصرخةٌ تنكأُ جُرحي وتذيعُ النّزفَ
أذكرُ سِحرها ولونَ بحرها..
أذكرُ الجّبينَ ورائحة الياسمينْ
عِطرُها! وكيفَ للعطرِ ألّا يُذكرْ؟!
أذكْرها جيداً
كانت تُشبِهُ دِمَشقَ
والآن..
لستِ يا دمشقُ كما أعرفكِ!
وليسَ هواكِ كما ذي قبلِ قتّالُ
-×-×-×-×-
حرفيَّ الطائر
أرى في عينيها سماءً.. تتساقط نجومها بين أزقّةٍ لا تشرقُ شمسُ نهارها.. ولا قمرٌ ينيرُ لياليها.. أزقّةٌ هَجَرَت أرواحاً تعرَّت.. في دجًى أمستْ حروفاً مهملة..
أراها بعيدةً.. وفي بعدها سهرٌ.. عطشٌ.. وحشةٌ وضبابْ..
وفي روايةٍ أخرى.. ألّفتها بينَ شهيقٍ وزفيرْ.. بحروفٍ من حريرْ.. عنوانها وطني.. كتبتُ في فصلها الأوّلِ والأخير.. أنتِ الشّمسُ والقمرُ.. أنتِ الأزقّةُ وأرواحُها.. أنتِ حرفيَ الحائرُ وصمتيَ القتَّال..
-×-×-×-×-×-
حنين
في لمحةٍ من الذاكرةِ البعيدة.. الأقربِ إلى القلب
أرى وجوهاً.. وأرسمُ وجوهاً
أسمع همساً
يتلاشى
أراني طفلاً.. اعتادَ الخيال
أختلقُ بعض الكلمات.. تشعرني بالرّضا
تعودُ أحلامٌ راودت روحي..
وجه أمي في الصّباحِ
ودفء كلماتِها..
شهيق.. زفير
أشمُّ عطرَ أنفاسِ وطني
أشتاقُ لوطني
أحزن…
أختلق بعضَ الذّكريات.. وكلّ الكلمات
يتلاشى الحزنُ فأشعرُ بالرّضا
ثم أعودُ بلمحةٍ
أبحثُ عن الوجوه
عن وجهِ أمي..
عن الطّفل في الخيال، وعن الأحلامِ في روحي..
أجدُ وطني.. نائماً..
أناديه.. وطني.. لا يجيب!
أقتربُ قليلاً.. أمسكُ يدهُ.. أشعر بالبرودة
أقتربُ أكثر.. لا أسمع أنفاساً.. ولا دقّاتِ قلبٍ،
أكتبُ على جبينهِ..
هنا، ماتَ وطني..
ماتَ خنقاً.
-×-×’×-×-
من هنا غبنا
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق…
في صراعٍ بين بقاءٍ هالكٍ..
ورحيلٍ كان يصعب على أحدنا التفكير فيه لِلحظة..
ضحيّته قلبٌ..مزّقت شظايا الحنين شريانه الأبهر..أصابه سهم الحبّ في الصميم… ودمعةٌ في عينٍ حزينةٍ..أحيته وقتلته الف مرّة..
من هنا غِبنا
-لن أسمّيه فراقاً.. فرماد الذكريات ما زال أحمر-
من على أطلال مدينتنا.. في عناقٍ مع سمائنا والياسمين.. وقفنا..عشقنا..نمنا..حلُمنا..أفقنا..
وأفقنا ليت أنّا لا نفيق.
-×-×-×-×-
وجـد
أقفُ على ذكرى لقائنا الأولى..
أقفُ على أطلالِ الذكرى
وفي عيناي من الوَجْدِ خيال..
وبين شفتاي يحتارُ السؤال..
وفي سمائي يحترق القمر..
وفي أرضي لوعةٌ لقطرة مطر
وقبيل الصباح
سالَ دمي وساح..
فأغرقَ الطرقات.. وأسكت الصلوات
وقبيلَ الذكرى..
ذكرى وذكريات..
-×-×-×-×-×-×-×-×-
*الكاتب غيث بسّام بلّان
(سنة اولى في الجامعة بكلية الاعلام بالجامعة الامريكية بدبي )
الكاتب غيث بسّام بلّان
رائع جدا ما تبح به ايها الجميل