أناي – الجزء الرابع عشر –
مِظَلَّة …
رفعَت وجهها نحوي مُخاطِبَةً إياي : هل يُمكِن أن أفلتَ منكِ أو تُفلِتي مِنّي ؟ هل لا بُدَّ لنا أنا وأنتِ أن نتلقّى هذا العذاب ؟ أيُّ امرأةٍ يُمكنُها أن تكونَ أعقلَ مِنّا إن جَدّ الجَدّ ؟
إنّي لَأَرثي لنا لأنّني أرى أنَّنا كِلتانا لسنا إلّا شبَحَين ، إلّا ظلالاً كاذِبة ..
هل تذكُرين ؟ كانت تُمطرُ بِغزارةٍ وكنّا نحتَمي تحتَ مِظلّةٍ صغيرة. شعرتُ ببرد خفيف ، لكنَّني افتعلتُ الإرتِجاف ..
ألم تعلمي لماذا ؟ كنتُ أرتدي مِعطفاً انتقيناهُ أنا وأنتِ ، أحمر اللّون ، جميلاً جداً . كان الدِّفء يغمُرُني لكنّني عُدتُ وادّعيت البرد …
ألم تسألي لماذا ؟ أردتُ أن أتغَلغَلَ فيكِ أكثر ، أن ألمُسَ روحَكِ ، أن أشعُرَ بِحنانِ قلبك وقَسوةِ ضُلوعكِ التي أعشقُها … أعشقُها … نعم …
ركضنا تحت تلك التّينةِ الكبيرةِ كغزالينِ يمرحان بكل خفة ورشاقة . تحاشينا التّخبُّطَ في برك ماء صغيرة ، لكننا في وسط مرحنا تعثّرت ضحكاتنا ووقعنا أرضا …
وجدت نفسي في حال سكتة قلبيّة ، أجمل سكتة ، من دون حياة ؟ لا ، بل كل الحياة …
وجدتُ نفسي في تلك اللحظة في نفق جميل جدًّا من نور أبيض، يملأني فرحاً وسلاماً . ما من كلمةٍ يمكنها أن تصف عظمة لحظة السعادة تلك. وكانت ذروة اللحظة هائلة….
عدت خاضعة لقانون الجاذبيّة بعدما كنت في حالةٍ من انعدام الوزن وكأنني معلقة بين الأرض والسماء …
ثم ، أشرقت شمس انبعث منها نور جميل . في لحظة الفراغ تلك ، في اللحظة نفسها، ضَمَمتُكِ ، احتضنتُكِ
وكأنّي أحتضن الناس كلّهم ،وكأنني أخبرهم كم نحن قريبتان من بعضنا البعض . أحسست أنّني سوف أستفيد من رؤية رائعة، نظرت إليكِ لكنني لم أراك ، بل أحسست بحزنك العميق …
كان شعور بالفرح الكبير يغمرني ، بكثير من السلام والسعادة. وإذ بي أنحدر على مهل نحو جسدنا حيث كنا نرقد من دون حياة . تمددت قربكِ محاولة إنعاشكِ لكنك لم تستجيبي …
هَمَستِ لي : دعيني لِحياتي الرّتيبة التي تملكني ، فقد اعتدتُ أن أُمعِن في الألم وليس لاستدراكي من سبيل ، دعيني في الظلمة التي أصبحت لي ضوءاً ، جحيماً جميلاً ، مُستقرّاً …
دَعيني ، لم أعد أهلاً لكِ …
دَعيني وامضِ بِسلام …
( جمانة السبلاني )