“عذرية الرجل” في أذنه!
حديث الأذن..
بقلم:د.بسام بلان
-×-×-×-×-
منذ الصباح لم تتوقف أذني عن الطنين، ولم يتوقف لساني عن التمتمة: “خير اللّهم اجعله خيراً”.
منذ الصغر كان الكبار يقولون أمامنا، إذا “طنت” الأذن اليمين، فإن خبراً سارّاً بالطريق الى صاحبها، وبالعكس إذا ما طنت الأذن اليسار.
تشريحياً؛ الإذن هي اختصار للدلالة على أو للحديث عن جهاز السمع بكامله، وهو جهاز معقد للغاية لايقل تعقيداً في آلية عمله ووظائفه عن أي جهاز آخر في الجسم. تنقسم الى ثلاثة أقسام: الخارجية والوسطى والداخلية. وسأسمح لنفسي أن أضيف إليها تصنيفاً خاصاً، هو أنها تنتمي لأعضاء وأجهزة الجسم “الثنائية”. مثل العينين وفتحتي الأنف واليدين والرجلين، والكليتين، والرئتين والقلب والمخ..إلخ. ويستثنى من ذلك اللسان والعضو التناسلي.
وبالعودة الى طنين الأذن، الاعتقاد السائد عند طيف واسع من البشر فيما يتعلق بتأويل طنين الأذن ونوعية الخبر حسب جهة اليمين أو اليسار، يؤكد أن الناس أعطوا الأذن وظيفة الحدس أو التنبوء أيضاً، كما قدموها درجة على العين عندما قالوا: الأذن تعشق قبل العين أحياناً.
لفظة “أذن” باللغة العربية، توحي بلفظة “إذن” ولا أعتقد أنهما بعيدان عن بعضهما. لأن الاستمتاع بالكلام واستعذابه يحتاج الى “أُذن” و “إذن” بآن معاً، ولو كان الأمر غير ذلك، لما تجرأ أحد على ابتكار تعبير “التلوث السمعي”. رغم أننا نعيش في عصر يبلغ فيه هذا التلوث منتهاه، ما يضطرنا أحياناً الى سدّ آذاننا بأي وسيلة أو طريقة رأفة بأنفسنا.
الأذن أكثر حواس الإنسان إثارة للخيال، وعلى هذه الفلسفة تقوم تقنية الإذاعة وأدبياتها، والتي لاتزال صامدة لليوم وأعتقد أنها ستظل، رغم التطور الكبير الذي لحق بوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية الأخرى. وربما الموسيقي العالمي بيتهوفن هو الاستثناء الوحيد في هذا المجال، فقد كان أصمّاً ومع ذلك أبدع خياله أشهر السيمفونيات وأجملها. وهذا الاستثناء لايقلل أبداً من قيمة الأذن في هذا السياق، فلكل قاعدة استثناءاتها.
والأذن هي وسيلة التعلم الأهم. والأذن الوسطى هي المسؤولة عن توازن صاحبها. وفي ذلك حكمة بالغة، تتمثل بتلك العلاقة الطردية بين التعلم والتوازن. فكلما زاد الأول زاد الثاني، والعكس بالعكس.
والأذن أيضاً دليل الاستشعار الأول في رأس الانسان. حيث تعد الأولى في تلقي الحرارة أو البرودة وتخزينهما.
ألم الأذن لايُحتمل. واصابتها بضربة قوية قد تفضي الى الموت. وتلقيها نبأ صادم قد يقود الى الهستيريا أو الجنون. وتوصيلها للعقل ما يخافه ويخشاه، قد يؤدي للانتحار.
في الأذن، يصح ما يُقال في اللسان. مطلوب أن تكون قوية بما يلزم لسماع الحقيقة والحق. كما مطلوب من اللسان أن يكون قوياً بما يكفي لقول الحقيقة والنطق بالحق.
………
لم يكفِ الأذن ما تحمله من مهام وأعباء، فقد زادت عليها المُعالِجة الفيتنامية (فام ثي هونغ) عبئاً آخر ووظيفة جديدة، بعد أن اكتشفت أول طريقة من نوعها في التاريخ لمعرفة “عذرية الرجل”. فأكدت أن ثمة “نقطة حمراء صغيرة” تظهر داخل قمع الأذن اليمنى، يمكن رؤيتها بوضوح بالعين المجردة عند الاقتراب منها، وهذه النقطة بحسب الباحثة تختفي عند الشاب بعد أول ممارسة جنسية كاملة. وتوصلت الباحثة الفيتنامية لهذا الاكتشاف عند اتهام ثلاثة شبان باغتصاب فتاة، وتم التعرف على المجرم من بينهم بهذه الطريقة من قبل الباحثة نفسها بعد عدة تجارب.
ولكن الباحثة المشار إليها لم تقل إن كان هذا الأمر ينطبق على مغتصبي إرادة الشعوب والأوطان والسلطات، فلو كان الأمر كذلك لرأينا غالبية الحكام والمسؤولين الشرق أوسطيين وقد اختفت آذانهم كلها، من حجم ما ارتكبوه من إغتصابات وخطايا وموبقات، وليس فقط النقظة الحمراء الخاصة بعذريتهم.
…………
الأذن بكل الأحوال: فاضحة وساترة.. في الثقافة والمعرفة، والفهم.. وكذلك “عذرية الرجل”، بحسب الطريقة الفيتنامية.
ولا أعتقد أن العقاب القديم جداً المتمثل بشد الأذن أتى من فراغ؛ فلا شك أن مبتكره لم يكن يقصد به الإيلام الجسدي وحسب، وإنما الإيلام المعنوي أيضاً، تماماً مثل الصفعة على الوجه أو على الرقبة.
الكاتب د. بسام بلّان