فؤاد أبو عساف الحزن الجميل
بقلم : جهينة العوام
-×-×-×-×-×-×
أنا الزارع وليحصد من يشاء ،حاولت اقتلاع البؤس الذي كان يحرم أشجاري خضرتها ، جربتُ طعن الخذلان بين عينيه واشهرت شوقي لقمح عينيك .
أغافل موتي كل مساء وأتسلل الى مشغلي ، لن يلاحقني أحد
فأنا خالي الذمة نحو هذا الكوكب ، على غير المتوقع من فنان مثلي ،أتلف كبده مبددا إياه بحثا عن الشغف.
اطمئنوا لم أترك خلفي دَيناً ولا حِملاً ولن أُتعب أحدا ،ليحصر إرثي الملقى على الطرقات .
حتى جسدي تبرعت به قبل حين للحرائق ، ونمت مرتاح البال.
فقد كنت أسلي نفسي بحياة لا أحتاجها ، وعمر استعمله قلبي ثلاثة رجال على الأرجح.
نهبوا كل شيء واستراحوا .
حاولت أن أنصب نولاً من شرايين القلب ،وأنسج لي وقتاً، وأصدقاء ووطناً على مقاسي لا أقل ولا أكثر ،
كان البكاء يباغتني كلما أتممت شهراً ، خائن هذا الجسد ويريد أن يستريح .
مع انني استثنيته من الإصغاء والتأمل وأجزت له الخمر والسجائر ،إلا أنه تابط حنيناً لئيما غافلني و مضى.
ترك لي بين شراييني تماثيل بجلود من بازلت تتبرج بالمستحيل ، تتملص من قبضة القهر ، تغتاب ضعفي المهلهل ،وأنا أستر وجهي بابتسامة قبالتها.
تماثيل تصر أن البازلت حجر مشع ،فأنصحها بالتريث، بالتمهل، بالتواضع،لكنها تكرر أقوالها وتشير صوب الشمس :
يوماً ما وبعد أن تموت وتختفي ،لن يعلم بذلك أحد الا بعد مرور 8 دقائق ، 8 دقائق ننعم بنورها ودفئها مع انها غادرت الى غير رجعة، لكنك جعلت النحت تركيبا ضوئيا يا فؤاد .
تدمع عيني و أنا ألوذ بالغياب:
كان في بالي لنا شيئ آخر تماما، أن أبذرك قمحاً في البيادر ، ويسيل زيتك ،فيقصدك العشاق والمجانين والعارفين واليتامى والجياع والعذارى وتضحكين ،وتهمس لك حبيبتي :
على سبيل التبرج ،سأستعير الليلة ضحكتك.
الفنان الراحل فؤاد أبو عساف مع منحوتة من اعماله
جميل لقد ترك ابتسامات وأحزان وأحلام حائرة