أناي – الجزء الثّامِن
ألكَنز …
قالَت : إمنحيني شَعرَكِ ولَونَهُ الجميل بِسَوادِه الذي يُشبِه ليالي ألفَ ليلةٍ وليلة …
قلتُ لها : منذ سنوات أعطيتُكِ كل شَعري كي تفرُشيه وِسادةً تحلُمين بها وأنا لم أحصل إلا على بضع خُصَيلاتٍ خجولة لم تتمكن من جعلي أراني أنا ثانِيَةً …
أجابتني بقسوة : أنظري إليكِ في المرآة . إنك تكبرين وستَهرَمين ، فما حاجتُكِ بِه …
غامت نظراتي وراء كلماتها ، أسمع ولا أسمع . أفهم شيئاً وتغيب عني أشياء . تركتها تتحدث كأنني أُصغي فقط لأنني كنت بحاجة لرِفقة تؤنِسُني …
كانت تتكلم وكنت أنسج من خيوط المساء بساطاً أفرش عليه أنغام حب تولد مع كل خطوة ، كلمة ، وهمسة …
لكنني ما أردت لشعوري أن يتمكن مني لأنني كنت ما زلت أخشى النور …
تركتُني ، ابتعدتُ عني فابتلعني الظلام …
وبكيت …
بكيت قهري وفشلي وخوفي مني . كانت كُلّ دمعة كالنّار ، تختارُ جرحاً وتطهِّرُه ، ثمّ تصُبُّ في بِحاري المالِحة وتدفعُني إلى القاع…
أين سأجد الرّيح والهواء النظيف ؟ متى سأفهمُني وأتصالح معي ؟ متى سأقرأُني في الواحات ، في فيافي النور ؟
لقد قَسوتُ كثيراً على نفسي. لُمتُها وانتقدتُها لِأتفَهِ الأسباب حتى تعدّى الأمر حدود القسوة ليصلَ إلى كُرهِ ذاتي وعدم تقديري لها ، فلَم ألتَمِس لها الأعذار …
لم أُحبّها أبداً ، بل لم أتمكّن من الإعجاب بها . علماً أنني بيني وبيني كنت أعرف مواطن تميُّزِها وجمالها، مع ذلك لم أمنحها المعاملة التي تستحقها كي تبدأ علاقة جديدة مع ذاتها ومن ثم مع العالم ….
لا ضير في إعطائها شَعري ولون عينَيّ . فالجمال الخارجي عرضة للتغيير، ومن السّهل الوصول إليه ، وهو أمرٌ نسبِيٌّ لطالما أختلفنا أنا وأنا في تذَوُّقِهِ وتقديره …
تجلّى أمامي الكنز الحقيقيّ ، كَنزِيَ الدّاخلي الذي لا يزيدني تقدم السِّنِّ فيه إلا حُسناً و نَضارةً …
منَحتُها شَعري ، لَوني ، وأجنِحَتي وعُدنا أصدقاء من جديد …
أعانَني الله عليكِ يا أنا …
( جمانة السبلاني 4/ 2/ 2020 )
الكنز الحقيقي
أن تحبي نفسك
رغم ادراكك مساوئها
تسريحة الشعر
اللون
التجاعيد
الكره المتبادل
كل ذلك كان تحت انظارك
الوصول لهذا العمق بالتفكير
هو الانتصار الحقيقي
ان تعرفين ذاتك كما يجب
ان تتقبليها بشتى تناقضاتها
أهنئك #جمانة
على كنزك الحقيقي