” لا تسأليني . . ”
قصيدة للشاعر المصري حسن عامر
-×-×-×-×-×-
لا تسأليني
عن شؤونِ الأمسِ
إني شربتُ من الأسى ما يُنْسِي
طفلًا سأولدُ مرةً أخرى
ومنحازًا إلى خطئي
سأشبهُ نفسي
لا كالسحابةِ
ماؤها من غيرِها،
كالشمسِ أطلعُ، فكرتي من رأسي
أجلو عن الأشياءِ
ليلَ غبارِها
وأعودُ مُلتبِسًا تمامَ اللَبسِ
من خطوةٍ في الشكِّ أخطوها دمًا
ليدِ اليقينِ
تشدُّني من حدسي
أتأمَّلُ الزمنَ الذي أشقى به
وأقايضُ النملَ الصبورَ
بيأسي
لكأنَّ قلبي
ريشةٌ منزوعةٌ من طائرٍ
أو وردةٌ في الكأسِ
لكأنني حدَّقتُ أكثرَ في الندى
فغرقتُ منتشيًا بخمرةِ حسِّي
لا تسأليني
كلُّ شيءٍ مُوجِعٌ
حتى الكلامُ،
وما خُلِقتِ لتَقْسِي
آتيكِ من مدنٍ عبرتُ دُخَانَهَا
جسدًا نحيلًا غارقًا في البؤسِ
لا أستطيعُ سوى الغناءِ مقلدًا شجرًا
يعاتبُ نفسَهُ في الفأسِ
لا أستطيعُ سوى الحنينِ
كأنني وترٌ يُعذِّبُهُ رحيلُ القوسِ
أنا صرخةُ الحجرِ الحبيسةُ ربما
ويَدُ الأزاميلِ القُساةِ الخُرسِ
في كلِّ شيءٍ كنتُ أبصرُ صورتي
في الريحِ
ما بين الصدى
والهمسِ
في النارِ
مشتعلًا بروحِ فراشةٍ
في الأرضِ
مغتسلًا بضوءِ الشمسِ
في بالِ أغنيةٍ تمهِّدُ شارعًا،
وترافقُ الأطفالَ
حتى الدرسِ
في وجهِ أمي في خطوطِ جبينها
في حلمِ كفيها بليلةِ عُرسِي
كنتُ الرسائلَ بينَ عشاقٍ مضوا
أو قيلَ ذابوا في الهوى والأنسِ
كنتُ الحقيقةَ في نهارٍ واضحٍ
لكنها الأشياءُ شاءتْ طمسي
فتعلَّمي أن تقرَئيني خارجَ الأشكالِ
فالأشكالُ ذروةُ حبسي
أنا شمعةٌ ذابتْ وظلَّ خيالُهَا
ينمو بعيدًا عن حدودِ اللمسِ
——
٢ نوفمبر ٢٠٢٢
الشاعر المصري حسن عامر