برهة Chelles
كان طريقي أليها، من مطار أورلي. إنطلقت بنا السيارة، منتصف ليل 19/20، من شهر تشرين الأول2022. كانت الأضواء الكاشفة، تنير جنبات الطريق. تنير التقاطعات الجميلة. تنير الجسور. تنير الأشجار التي تزين الهضبات والمنبسطات، وترسل لجميع العابرين بها، تحيات الضواحي الشرقية الضاحكة ليلا، من باريس.
كانتChelles، على مرمى نصف ساعة من مطار أورلي. كانت السيارة تشق الطريق بكل أدب. بكل هدوء. إحتراما لقوانين السير. وإحتراما للمدينة التي طرقنا بابها بعد قليل.
عبرنا أقصر الطرق المؤدية إلى منزل العروسين: محمود وسيما. غرفة بسيطة، بسعة البسيطة، أوى إليها قلبان بسيطان من لبنان. رسالتهما الإنسانية وحدها. فقط الإنسانية. وأما غير ذلك فلا يعنيهما من الأمر في شيء.
كانت Chelles، تنتظرنا. وقفت الأشجار على الحوافي على العتبات. إنحنت على البوابات إحتراما لنا. كانت المداخل البسيطة، تفتح لنا بابها، حين يؤشر لها المفتاح الكهربائي، قبل متر أو مترين. تدخل بنا السيارة البسيطة،بكل ما فيها من سمات البساطة. من صفات البساطة. بكل من تقل من البسطاء. يدخلون بسعادة، ألى قلب Chelles، بعيد منتصف الليل، بوقار الساعة الأولى التي تطرق باب 20/10/2022، بكل أدب. بكل إستحياء، من زيارة مفاجئة.
مضت ساعتان، من الليل، في أول زيارة ل Chelles. تقاطعت الأحاديث. تقاطع المتحدثون. على برهة منتصف ليل Chelles. السكون يرين. والهدوء يثقل اللقاء. والرجاء، .يغازل العيون. عيون تطمئن، في Chelles، على أمل الرجاء.
صباح مدينتي الجديدة، تفاح التحيات من لبنان الحبيب. من الشبابيك القريبة والبعيدة. خاطبتنا الأنسام الخريفية بلغتها. رأيتها تبعث برسائلها، على ورق من ذهب الخريف. لغة الطبيعة أجمل اللغات. يفهمها كل من يدب فيها. يفهمها كل من يتشمم عبيرها. رأيت الرسائل، تأتي إلى شباكي. طبيعة تلقن غوغل، أدب الترسل. أدب الرسائل. أدب المترسلين، بين أشيائي، وأشياء الطبيعة الحاكية.
على طعام الصباح الفرنسي في Chelles: الجبنة الفرنسية وكوب الشاي، والزعتر والزيت، من بلدي. تقاسمنا الرغيف وشرائح الباغت. تناولنا القهوة العربية. وفي العاشرة صباحا، أنطلقنا، في جولة حول Chelles.
جدولان، من نهر السين، وجزيرة بسيطة بينهما. وبيوت تصطف بكل أدب، على جنبات الطريق. وتلة ترقب الجمالونات تحتها. البيوت الفرنسية الطراز. وحدائق يستريح فيها الزهر والورد، يعمل في وظيفة واحدة: يقدم التحيات للعابرين.
سكون يرين في الطرقات. وسير يعد السيارات العابرة. تعبر السيارة بكل هدوء بكل أدب. تتوقف عند الإشارة الحمراء، ولو خلت الطريق.
ليلا، كانت لنا جولة في وسط باريس: قوس النصر وبرج إيفيل ونهر السين، والشوارع المتفرعة منها. كانت وجوه الزائرين، تضيء لنا الطرقات العريضة. وكذلك الساحات الفسيحة. تتراقص الأضواء على الأشرطة، تراقص البرق و اللمع. تراقص الصواعق، بلا صاعقة. وحده السين ينساب بهدوء الكبار الخالدين. يتجدد ذكرهم على ألسنتنا. تماما كما يتجدد ماء السين الكبير. وتمتد الآفاق إلى البعيد البعيد. حيث تختفي الأنظار. حيث تختفي الآماد. حيث يختفي التاريخ الطويل. التاريخ العريض.
تضيق أرصفة باريس ليلا، بأقدام الساهرين. تنتشر مقاهي الرصيف، كما حقول الزرع على ضفاف الأنهر في الأرياف. على ضفاف الجداول. آه ما أعظم الشبه بين إنسياب جدول، تحف به البساتين. بين أنسياب طريق، تحف به مقاهي الرصيف. باريس بستان على جدول. باريس مقهى على رصيف.
بعد منتصف ليل20/21، من شهر تشرين الأول العام2022، نعود إلى شيل/Chelles. تنساب الطريق على خارطة اللوكيشن. نتبعها بكل أدب . بكل حذر. وبعد نصف ساعة، أو أكثر، أو أقل، نكون أمام البوابات الكهربائية. أمام الحدائق المرحبة بأضوائها. أمام النوافذ التي ترحب بالقادمين، بالأبواب. بالشبابيك. وبالأشجار التي تنحني للأرض. يحف بنا عشب الطريق.