الاعلامية كلود صوما تستضيف الناشطة الثقافية والشاعرة حليمة تلي في ” ورد الكلام ” على موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي في بيروت
-×-×-×-×-×-
كتبت كلود صوما :
تعمل ليلًا نهارًا ، لا تمّل ، تقصد مكتبها في الصباح الباكر ثم تسطع كنجمة مضيئة في إدارتها المسائية للأمسيات والندوات الثقافية في المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث التاريخية والفلسفية في باريس ..
تتمتع بباعٍ طويلٍ فتحسن متابعة عملها بحنكة مميزة وهدوءٍ ملفتٍ ، مما يساعدها على معالجة الصعوبات والعثرات التي تواجهها في إدارة المركز والتعاطي مع الضيوف والمتتبعين للأمسيات والندوات التي تقام عبر البث المباشر ..
ناشطة خلف الكواليس ، تتمتع بثقافة عالية وبقدرةٍ هائلةٍ للتواصل والتعاطي مع الجميع من أي بلدٍ كانوا ولأي حضارةٍ وثقافةٍ انتموا ..
الكل يعرفها ولم يلتقِِ بها يومًا ! الكل يحبّها وهي تبادلهم المحبة والموّدة ..
هي الناشطة الثقافية ومديرة العلاقات الخارجية في مركز الدراسات العربية والبحوث التاريخية في باريس الشاعرة المغربية حليمة تلي التي استضفناها في حديقة ” ورد الكلام ” وبادرناها إلى السؤال :
1_ حليمه تلي .. كيف تعرّفين القراء بكِ ؟
-مرحبا عزيزتي كلود قبل التعريف بي، أود أن أشكرك على هذا الكلام الجميل في حقي لتقريبي من جمهورك الرائع.
وهذا ليس بجديد عليك، فأنت سيدة الإعلام والتقديم معا. تجدين الكلمات وتطرزين الجمل بكل صدق ومحبة للتعريف بضيوفك.
باختصار حليمة تلّي مغربية الجنسية من مواليد قرية قنفودة ناحية وجدة عاصمة المغرب الشرقي..
صاحبة تكوين قانوني متخصصة في القانون الدولي الخاص.
استهوتني المحاسبة لتصبح فيما بعد مهنتي في مكتب لإدارة العقارات بباريس… صعب جدا أن أتحدث عن نفسي وأنا التي تعودت دائما الحديث عن غيري، لكن مع العزيزة كلود سأخوض التجربة بكل ارتياح.
2_ أنتِ شاعرة وأديبة ، تملكين حسًا مرهفًا وقلمًا رقيقًا ، كيف تم اللقاء بينك وبين المركز العالمي بباريس وصرتِ الفراشة الملكة التي تدور في فضائه ؟
الله يكرمك يا كلود ..
لا أرى نفسي شاعرة أو أديبة بقدر ما أنا متذّوقة للشعر الرفيع و الإبداع الحامل للهّم العربي والقضايا المصيرية.
فكم من قصيدة إستفزتني بصورها وبمضمونها، فجازفت بالقلم البسيط من أجل قراءتها والغوص في معانيها.
3_ لا شك ان مَهّمتك ِ في المركز صعبة وتتطلب الصبر والجهد والسهر الطويل ، كيف يتّم التحضير لكل النشاطات وما هي الصعوبات التي تواجهك ؟
_ أعرف المركز منذ وقت طويل وهذا ما لا يعرفه الكثير.
خلال أيام دراستي الجامعية بباريس عرفت المركز.
أحببت الفكرة وأقصد بها المركز، لأنها في الأصل فكرة جريئة ونادرة ، ولدتْ من رحم موسوعة كبيرة إسمها يحيى الشيخ.
تأسيس المركز أعتبره حدثًا كبيرًا لأنه جاء في زمن لم يكن في باريس غير مكتبة واحدة للكتب العربية ولم يكن هناك ما يعرف بالأنشطة الثقافية العربية.
فالحقيقة التي يجهلها عامة الناس أن هذا الشاب المغربي بن قرية لمعيريجة التي هاجر مرغمًا إلى فرنسا هو الذي كان المحّرك الأول لكل ما تعّج به الساحة حاليًا من أعمال وأنشطة ولكنها لا ترقى إلى مستوى ما يقدّمه هذا الصرح.
فبين الإعجاب بالفكرة والذهول أمام قدرة هذا الإنسان الغزير الابتكار، تبنّيت المركز بكل ما يحمله من مبادئ سامية كالمحبة والتسامح والسلام ومعرفة نافعة لي ولغيري.
فصرت أتابعه وأوّثق أنشطته.
ولي تغطيات كثيرة لمجموعة من الأنشطة الثقافية موثّقة على صفحتي وصفحة المركز.
لهذا قررت إدارة المركز تعييني مديرة للعلاقات الخارجية.
منصبٌ أتعامل معه بنفس الطريقة التي أعمل بها في مكتبي ، الإنضباط والصدق والحرص على تقديم الأحسن والأجمل رغم الكثير من الإكراهات..
4_ تكتبين باللغتين العربية والفرنسية وأنتِ مغربية الأصل -تعّددت اللغات والقلب واحدٌ – أية لغة تفضلين وهي الأقرب الى قلبك ؟
_ أكتب باللغتين العربية والفرنسية ومجموعة من نصوصي مترجمة إلى الإنكليزية من قبل صديقي العزيز نجيب العلوي الذي أوّجه له التحية بهذه المناسبة.
أكيد اللغة العربية هي الأقرب إلى قلبي لأني أولا مدافعة شرسة عن لغة الضاد وأغار عليها وأحس بحسرة كبيرة عندما أراها تُهمش وتُستبعد دون دليل أو سند.
و أجد راحةً كبيرة في الكتابة باللغتين والتحدث بهما بطلاقة , فالعربية تمنحني مساحة كبيرة للتجول في جمالياتها التي تتفرد بها.
والفرنسية تمكنني من مخاطبة من يتابعني ولا يفهم ما أكتبه بالعربية.
( هنا قصيدة بالفرنسية للشاعرة حليمة تلي ) :
5_ كيف يواجه المثقّف المغترب أوجاع المنفى ومتاعبه ؟
_ المنفى كلمة قوية فيها إكراه وإجبار ووجع كبير… في حالتي أسمي هجرتي بالاغتراب او البعد عن مراتع الصبا والأهل والأحباب.
وهذا الاغتراب قد يكون إجباريا أو اختياريا.
بالنسبة لي إقامتي في فرنسا تجمع بين الاختيار والصدفة ولم تكن أبدا هدفًا ينبغي الوصول إليه.
ابتعدت عن أهلي ولكن لم تواجهني المشاكل التي قد تواجه غيري ، لأني رغم غربتي كنت وسط أهلي وإخوتي ،فوجدت الاحتواء الذي فقدته عندما غادرت والدتي لدى أخواتي اللواتي يكبرنني.
جعلتني الغربة أكبر بسرعة وأعيش معاناة غيري، أدوّنها في دفاتري.
تذكرني من أين أتيت وإلى أين أتجه وعند أي نقطة ينبغي أن أقف
حتى أخلق لنفسي توازنًا في عملي وفي بيتي كأمٍ ومع أصدقائي أيضا.
أتعامل معها بشكل إيجابي، مرات كثيرة أقف وقفة متفرج في مسرح تعدّدت مشاهده في بلاد المهجر ، فتجدني أكتب عن آفات الزواج المختلط
وعن مذكرات مغتربة ، ومواضيع أخرى تحفظها جوارير مكتبي ورفوف مكتبتي الصغيرة.
قررت التأقلم معها حتى لا تعاكسني، ثم آخد منها ما ينسابني.
هنا قصيدة مختارة من قصائد الشاعرة المغربية حليمة تلي :
وهنا قصيدة بالمحكية المغربية مختارة من قصائد للشاعرة حليمة تلي :
مال الزين مالو؟
مَالْ الزِّينْ مَالُو…
مْعَذَّبْنَا وَمْعَذَّبْ حَالُو…
الْفَرْحْ وْالْهْنَا…
مَا شِ دْيَالُو…
مَالْ الزِّينْ مَالُو؟
مَاحَاسْ بَالدَّنْيَا…
مَا شَايَفْ لِّي قْبَالُو…
تَابَعْ السْرَابْ…
وْمْخَلِّي غْزَالُو…
مَالُو، وْمَالُو…
مَا قْانع بالموجود
مْزاحَمْ اللِّيلْ…
عْلَى هْلاَلُو…
مَالْ الزِّينْ مَالُو؟
يْسَهَّرْ النْجُومْ مْعاهْ…
بَحْكايَة وْحَجَّايَة…
يَمْحِيهَا النْهَارْ بَفْعَالُو…
مَالُو مَسْكينْ مَالُو؟
شَاقِي ثْقِيلْ بَحْمَالُو…
النَّاسْ والزْمَانْ عْليهْ…
وْزَادْ حَتَّى خْيالُو…
نَصْحُوهْ
لَحْبَابْ وْلَصْحَابْ…
باشْ تَزْيانْ اعْمَالُو…
يْقُولْ إيهْ…
وْيْدِيرْ لِّي فْ بَالُو…
هاذْ الزِّينْ مَالُو؟
زَادْ فَ هْوَاهْ
وْفَ هْبالُو…
مْعَذَّبْنَا ومْعَذَّبْ حَالُو…
6_ من خلال أمسيات بلاد الأرز من لبنان ، تعرّفتِ بوجوه وقامات ثقافية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت لديك صداقات عديدة من خلالها .. ماذا تقولين للمبدعين اللبنانيين ؟
_ تعّرفت من خلال تلك الأمسيات على خيرة مبدعي هذا البلد الجميل ، أحملهم في قلبي الذي يسع الكون ، وأرفع لهم ولكِ القبعة على الصمود وإعطاء الصورة الإيجابية التي تليق بلبنان رغم كل المعاناة.
هذا على المستوى الثقافي، أما على المستوى الإنساني فهناك من توطدت بهم علاقتي وأصبحنا في تواصل مستمر عقبه لقاء في باريس كما أن هناك من سيزورني قريبا بإذن الله ومن بينهم أنت كلود الغالية وجوهرة لبنان العزيزة وآخرون.
والحديث في هذا الباب لا أريد حصره فقط على أمسيات بلاد الأرز وإنما أصبح لي أصدقاء وأحّبة في الوطن العربي بأكمله وإفريقيا السمراء والهند والصين ..
وهذا من حسنات المركز ووسائل التواصل الإجتماعي التي قرّبت البعيد وكسرت الحواجز.
7_ هل من كلمةٍ أخيرة للقراء او أمرٍ تحبين التطرق اليه ولم أذكره ؟
_ باسمي واسم المركز أود أن أوّجه أطيب التحيات للمبدعين اللبنانين والشعب اللبناني على صدق المحبة والتعامل الراقي.
أريد أيضا أن أنوّه بالعمل الجبار الذي تقومين به لتحضير أمسياتك وتقديم ضيوفك في أبهى الحلل بلغةٍ شاعريةٍ متينةٍ وابتسامة لا تغادر وجهك البشوش.
فأنتِ فعلا تستحقين لقب أميرة الإبداع وسفيرة الديبلوماسبة الموازية بامتياز بلبنان.
أشكركِ من الأعماق على هذا الحوار الذي فتح نفسي للحديث معك ومع الصديق العزيز يوسف رقة ولو عن بعد.
نواصل معا من أجل ثقافة تكسر جليد القلوب، وتوّحد الأمة على موائد شهية ومتنوعة من تحضير المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس ورئيسه د.يحي الشيخ .
بالتأكيد.. هي أديبتنا الرائعة حليمة تلى.. شعلة من نشاط دائم فى هذا المركز الذى يشع دفئ الشرق فى سماء الغرب. كل التحية لها، وللدكتور يحيى الشيخ (مدير المركز)، ولكل العاملين به.