السَّفَر الأخير
الجزء الثّالث ..
بقلم : الكاتبة والشاعرة جمانة السبلاني
-×-×-×-×-
الموتُ رؤيا ومفهومٌ وقصدٌ قد يختلف حوله الكثيرون الّذين يحاولون خداع القُلوب الضّعيفة ، إمّا سمعيّاً أو بصَرياً أو من خلال أحاديثَ تتناولُ القصاص أوّلاً ..
حينَ صَحَوتُ من غَفوَتي على رصيفِ الحَياة، شعرتُ باختِراقٍ كَونِيٍّ تزامَنَ مع اختراقي وخُروجي وتحَوُّلي من جُثَّةٍ على الرَّصيف إلى نسمةٍ في مَهَبِّ الرّيح ..
رأيتُ بوُضوحٍ غريبٍ، كأنّني وراءَ مُكبِّرٍ أظهر لي كيف يُسحَبُ البساط من تحت أقدامنا نحنُ الضُّعَفاء وكيف نتحرّر من كلِّ القَوانين …
نأتي للحياة بصرخةٍ مُدَوِيّة تُسعِدُ من كان سبباً لِقُدومنا ومن هناك، نندفِعُ فَوراً برحلةٍ غير مدفوعة التّكاليف إلى الهاوية، المستنقع، الموت الذي هو مسألة صدفة، لكنّها مُحَتَّمةٌ، واقِعةٌ .. واقِعة ..
وجدتُني على ذاك الرّصيف، رصيف الحياة .. بِلا عَزاء .. بِلا سَلوى .. بِلا حياة … غريبةٌ بَعضي عن بعضي، بِلا رقابةٍ ككاتِبٍ مُتَمرِّدٍ لا يخشى شيئا وغير قادِرٍ على النُّطقِ بأبسطِ الحُروف ..
لم أعلم كيف انبَثَقَ طَيفي بشكلٍ مُباغِتٍ شأن كل ما كان يُفاجِئني فيه خيالي من قبل …
هل سأعود .. ؟ وإن عُدت .. ! ماذا سأفعل .. ؟
يأتي الإنسانُ إلى العالم، عالم الفَوضى لفترةٍ جدّ قصيرة، تُوهبُ لهُ الحياة لأسبابٍ لا يعلمها إلا الله .. ويأتي الموت فيُنهيها على نَحوٍ مأساوِيٍّ وكأنّهُ جاء صدفة …
ذاك الرّصيف هو ارتِباطٌ وثيقٌ بين الحياةِ والموت . هو محطُّ رِحالِ ذاكرتنا وذِكرانا في قُلوبِ وعُقولِ من يُكِنّونَ لنا مشاعِرَ صادِقة من حُبّ .. ، عِشق .. ، صداقة .. ، أُمومة .. ، أُخُوَّة .. ، كراهِيَةً حتّى ..
أفقتُ على العالم الذي شهِدَ منذ رحيلي تغيُّراتٍ كثيرة.. أفقتُ بِعِظامِيَ النَّخِرة وجُمجُمَتي الصّغيرة، الفارغة كما رُفاتِ من سبَقوني ..
هل سأبُثُّ الرُّعبَ بعظامي وجُثّتي في مُخيّلةِ الأحياء .. ؟ هل سأدخل عالم أحلامِهِم .. ؟ هل سأتمكّن من مخاطبتِهِم وإسداءِ النُّصح بِأنِ:”احذَروا … ” ؟
حياتُهُم ليست حياتي وزمانهم ليس زمَني، والذي قد أراهُ دماراً ، سوف يبدو لهُم رائعاً وسعيداً وأُسطورياً ..
وكان اتِّصال ..
رائعة
رائع🌹❤
ما قرأت لك ايتها البديعة ادب رفيع المستوى
رؤية وجدانية بحتة موضوع فيه من الكثير الكثير فكر ونورانية وواقعية .
ابدعت طاب فكرك الاديبة الراقية تحياتي