أوراق الخريف تؤزُّ النهرَ الجارف
بقلم : الاعلامية والشاعرة هالة نهرا
-×-×-×-×-
في النظرة العجلى إلى عيونك الخضر
تراءت في مراياها انطباعية رينوار
وسريالية دالي
وتكعيبية بيكاسو
كان التاريخ يتسكّع خلفنا مثل صعلوكٍ يمجّ الظلال
والحاضر ينفض بساط الضوء
في ابتساماتٍ عَرَجِتِ الشمسُ فيها
وأوراق الخريف تؤزّ النهر الجارف
ثوران الشفق يومئ هناك منهوماً ثم يطفئ لهبه بأصابعه عمداً
بنطالَا جينز وعفويةُ مزاجٍ ابن زمانه
في الصدى استنبتنا لحظةً سنديانةً وأرزةً
لاح برق ثورة أوكتوبر في زاوية الغرفة
وتجمهرت شرارة الباستيل في ثانيتين
ثم خرج مارد الصمت إلى مرعى العشب والشجر
ليسلّم على سارتر ومجنون إلسا
تكلّمنا من دون أن ننبس ببنت شفة
كان الماضي جزءاً من زفيرنا في النايات
واقعنا نستنشق جحيمه وبراغماتيته في أحسن الأحوال
لم تنفطم حنكتنا عن رومانسية التمرّد والانتفاض وتصيّد الدهشة بصنارات الطفولة الهاربة
لم نكبر بعد رغم كرة ثلج العمر
ما زلنا نحب اللعب
ما زلنا نؤمن بالتغيير وفجرٍ جديد
ما زال مدّ البحار ينادينا ويغوينا بعد الجزر
نعرفنا أنا وأنت من دون أن نعرفنا ومن دون أن نسأل حتى
نعرفنا بحدسَيْنا وناصيتَيْنا الآن
يا صديقي منذ ألف عام
نعرف الحواجز التي كانت بيننا
وأنّ النوستالجيا والشغف مظلاتنا لنهبط معاً من الفضاء في الما بعد الغامض المثير
نعرف أنّ وسنَ القصائد جسرُنا إلى الأقمارِ الحُمر
وأراجيح المواعيد المعرّشة
بُنى اللغة العميقة والمشتقة تتراقص على فمك ببلاغة ولا بُنى تحتية في البلد..
“تعالَي الآن”، توشوشني هدبك، وينطق المكان الضيق بعكسها:
“ليؤجّلنا الزبد قليلاً؛ لنؤجّل الأبد”.
* قصيدة هالة نهرا من نسج الخيال